3: المدخل الفلسفي : تعد مسألة القيم مبحثا أساسياً من مباحث الفلسفة وهذا يؤكد أهمية الموضوع ألقيمي بالنسبة للدراسة الفلسفية بمختلف اتجاهاتها المذهبية المختلفة ، لذلك توجه الاهتمام الفلسفي بالموضوع إلى تحديد طبيعة المصر الذي منه يؤسس الإنسان للقيم من حيثاتصاله بالذات الإنسانية أو مفارقته لها ، هذا التوجه الذي من شأنه التأثير على في نظرة الإنسان إلى القيم من حيث المفهوم والطبيعة والوظيفة والأهمية وكذلك إلى مكانة الإنسان ككائن عاقل في عالم القيم ، ومن دون شك لا يمكن تجاهل دور المدخل الفلسفي في اختلاف نظرة الإنسان إلى القيم من حيث مدى كونها مجرد وسيلة لتحقيق غايات بشرية تاريخا نية أم هي غاية في حد ذاتها مطلقة وثابة ملزمة للإنسان حتّى يرتقي بوجوده إلى الكمال .
هام : الطرح الفلسفي يربط القيم بالانسان وقوته العقلية والشعورية مما يجعل القيم ؟؟؟؟
-1-3السوفسطائية:الحديث عن هذه الفرقة يستدعي حضور مسلمتهم الفكرية وهي أنّ الإنسان هو مقياس كل شيء وهي مقولة تنسب إلى (بروتاغوراس) الذي أراد أن يعيد الاعتبار للإنسان ويؤكد على أنه قادر علة امتلاك الحقيقة وإدراك القيم وصناعتها. تولد عن هذا الطرح تعدد وتنوع الحقيقة والقيم وفرديتها .
-2-3: ثورة سقراط :رفض سقراط تعدد واختلاف الحقيقة وكذلك القيم فالخير واحد والحق واحد لا يتغيّر ونسبة إدراك الإنسان لهذ القيم هو المتغير لذلك يجب اعتماد طريق التأمل لامتلاك المطلق ،تأمل الوجود البشري والوجود الخارجي مع تجاوز المظاهر الخادعة .
3-3: ميثالية أفلاطون: القيم بالنسبة لأفلاطون ثابتة مطلقة مصدرها مفارق للوجود الطبيعي لها علاقة الذات الإنسانية يمكن أن يطّلع عليها عند التحرّر من ظلال العالم المادي عن طريق التأمل للوصول إلى ادراك عالم المثل حينها سيتذكر القيم ويحاكيها في هذا الوجود المتغير ومنه تكون القيم مطلقة في ذاتها ونسبية في الذات البشرية ولا يمتلكها كاملة إلاّ الحكماء
الذين عرفوا حقيقة الخير والعدل ويملكون القدرة على إسقاطه على ارض الواقع .
4-3: أرسطو: يرى أنّ القيم ليست طبيعية بل هي وليدة العادة والشيم ، فالإنسان يملك الاستعداد الطبيعي لحمل هذه القيم فقط ، لكنه يكتسبها عن طريق الممارسات الحياتية عبر الزمن أو مراحل الحياة (التجربة والزمن ) وفي هذا الصدد يقول : (( فالفضائل ليست فينا بفعل الطبع وحده ، وليست فينا كذلك ضد إرادة الطبع ، ولكن الطبع قد جعلنا قابلين لها و أن العادةلتنمّيها وتتمّها فينا))(1) من هذا النص الأرسطي ندرك أهمية التربية عنده كون الفضيلة لا يولد بها الفرد جاهزة كاملة و لا يستقبلها من عالم ما ورائي دفعة واحدة وإنما يكتسبها عن طريق التربية فالفضيلة تتعلّم مثلما يتعلّم أي فن تكتسب (( بإتيان افعال مطابقة لكمال ذلك الفن ، وتفقد باتيان افعال مضادة ، والأفعال المطابقة تخلق ملكات أو قوى فعلية تجعلنا أقدر على إتيانها ))(2)فاكتساب الفضائل لا يتم إلاّ بالممارسة العملية لها على أرض الواقع وهي وسط بين طرفين كلاهما رذيلة وهو وسط اعتباري يتغير بتغيّر الأفراد والظروف التي تحيط بهم والعقل وحده هو الذي يعيّن هذا الوسط والفضيلة ليست غاية لسلوك الإنسان وإنما هي وسيلة لغاية هي السعادة ومنه تكون الفضائل إرادية . الانسان هو الذي يقرر ويدرك القيم المرتبطة بالوجود .
الرواقية : تقر كذلك بارتباط القيم بالوجود الإنساني وهي تتحقق بواسطة التناغم مع الطبيعة ( الوفاق مع الطبيعة ).
الأبيقورية : كذلك تقر بارتباط القيم والوجود البشري وأنها مرتبطة بمتطلباته الفطرية التي تحدد الخير والشر .
القيم بين المطلقية والنسبية الميتافيزيقية والموضوعية
2-4 : الفلسفة الحديثة : عرفت الفلسفة الحديثة اتجاهين متعارضين ( العقلانية ، التجريبية ) لكن القاسم المشترك بين هاتين النزعتين ومختلف الاتجاهات الفلسفية هو ربط القيم بالإنسان وتطلعاته وهي بين الإلزام والأمل ، في تطور دائم مبدع مرتبطة بحياة الفرد روحيا عند برغسون وعقلانية المصدر عند كانت .
3-4 : الفلسفة المعاصرة :هذه الفلسفة التي جاءت لرد الاعتبار للحياة الوجودية الشعورية للإنسان جعلت من الإنسان صانع القيم متمردا على القيم السابقة ورافضا أن تكون هناك جهة خارجية وصية على تعليمه الخير والشر(*).هناك نزعات فلسفية معاصرة تفكر في أخلاق العصر التي يجب أن تساير التطور العلمي والتقني ، أخلاق وقيم يمكن أن توظف في جميع مناحي الحياة ( البيئة ، البيولوجيا ، السياسة ....) وذلك يقتضي ضرورة وجود مصدر كلي كوني قادر على أن يلهم الإنسان لما يحتاجه من قيم ويخرجه من العدمية والتيه والعزلة.
(1) المرجع السابق ، ص 142.
(2) المرجع نفسه ،ص142.
تنبيه *سنعود الى هذا في القسم الخاص بالرؤية الفلسفيةللقيم .