مقدمة :
السلوك البشري ومرجعياته القيمية : عدم خلو سلوك الإنسان مهما كانت انتماءاته الحضارية ومستواه الفكري من وجود مرجعية أو منطلق يكون بمثابة دافع يدفعه إلى الفعل أو الامتناع ، قبول أمر أو رفضه ، مرجعية من خلالها يزن الأشياء و ألأفعال ويحدد لها قيمة معينة . لقد أثبتت الدراسات الانثروبولوجية أن الإنسان كائن أخلاقي بامتياز عبر مختلف العصور لكن كذلك أكدت اختلافها وتعددها وتنوعها .
تعريفات :ما هو مفهوم القيمة وعلى أي أساس تبنى منظومة القيم؟
القيمة لغةً : في اللغة العربية يختلف معناها باختلاف الزاوية التي ننظر من خلالها إلى هذا المصطلح ، في كل الأحوال لا يوجد تعارض جوهري في المدلول كون كل المعاني تصب في مضمون واحد ،وهو التحلي بصفات معنوية وسلوكية على مستوى حياة الفرد أو الجماعة وفق مرجعية قيمية معينة أي وفق مجوعة من القواعد والضوابط .
لهذا نجد مصطلح القيمة في اللغة العربية :
مشتق من القيام والعزم وكذلك الوقوف والثبات،أ, من القوام وهو العدل وهي خصائص ممدوحة أمّا فعل التقويم فيعني جعل الشيء يستقيم حتّى يصبح قويماً .
أمّا في اللغة الأجنبية في تعني ما هو ثمين أو جدير بالثقة.
اصطلاحاً : القيم هي جملة من القواعد والمبادئ التي نعتمدها للحكم على أمر ما سلبا أو إيجابا أي هي جملة من المعايير بواسطتها نزن الأشياء ونحكم عليها .
-1:أنواع القيم : كون القيم جملة من المبادئ أو القواعد التي نرجع إليها للحكم على الأشياء وكانت حياة الإنسان متعددة الابعاد والمستويات فذلك يؤدي إلى وجود تعدد وتنوع على مستوى تلك القواعد أو القيم .
القيم
الصحيح والخطأ الجميل والقبيح الخير والشر
المنطـــــق الفن والجمال القيــــــــــم
- على ماذا يدل هذا التعدد والتنوع في القيم ؟
1 -الانسان كائن أخلاقي :يبيّن أنّ القيم لصيقة بالحياة والوجود البشري وتاريخ الإنسانية في مختلف الحقب الزمنية والمكانية حيث نجد شواهد مادية( آثار مثل التحف والأواني ، العمران ،رموز للعدل والشرف والشجاعة ...) وهي تؤكد الرجوع الدائم للإنسان إلى قيم معينة في اتخاذ مواقفه و أفعاله كون القيم عبارة عن جملة من القواعد التي تقوم عليها الحياة الإنسانية وتختلف بها عن الحياة الحيوانية كما تختلف الحضارات بحسب تصورها لها .
2-:حركية القيم :كون القيم ذات طابع مجرّد لا يعني انها نهائية بل تتبدل وتتعرض إلى الإضافة والإثراء وكذلك التجاوز والإلغاء ، والأمر يرتبط بالواقع النظري والمادي للإنسان فرداً كان أو جماعة . هذا التطور والتنوع وليد تفاعل بين الفرد والجماعة وكذلك بين الحياة الفكرية والمادية للمجتمع ، فالحياة المادية هي ميدان تجسيد القيم والحياة الفكرية هي ميدان تحليل ونقد وتطوير القيم (( الأخلاق قيم تفكير حي متطور لأنه دائب الاتصال بنشاطي الفكر والنظر والعمل ، القول والفعل ))(1) فالقول بأن الأخلاق ظاهرة إنسانية حاضرة في كل محطات تاريخ البشرية لا يتعارض مع الإقرار بتعددها وطورها وإن شبهنا القيم بذلك الغربال الذي بواسطته يغربل الإنسان سلوكا ته ويصنفها فإن هذا الغربال بحاجة ماسة ودائمة إلى الصيانة والإصلاح والتعديل ، الأمر الذي أدى إلى ظهور علم الأخلاق وفلسفة القيم.
نتيجة :تعدد القيم والجوهر واحد : رغم تعدد وتنوع المفاهيم حول القيم لكنها تلتقي في نقطة أساسية لها علاقة بجوهر القيم والمتمثل في كونها بمثابة مستوى أو مقياس أو معيار نحكم بمقتضاه ونقيس به نحدد على أساسه المرغوب فيه أو المرغوب عنه ، هذا المقياس الذي تفرع ويحضر في كل جوانب الحياة العلمية والعملية والفنية والروحية وهي تحمل صفة الانتقائية .