موضوع هذه المحاضرة يتعلق بحركة انتشار الإسلام في بلاد السودان والفاعلين الحقيقيين الذين كان لهم الدور البارز في نشر الإسلام في المنطقة وما نتج عنه من مؤثرات حضارية على بلاد السودان ساهمت فيما بعد في تأسيس أقوى مملك إسلامية بالمنطقة.
لقد كان للطرق الصوفية دور كبير في نشر الإسلام في إفريقيا جنوب الصحراء لاسيما في السودان الغربي ووسطه، حيث اعتنقت أعداد كبيرة من الأفارقة الإسلام وانخرطوا في هذه المؤسسسات الدينية بشكل منقطع النظير، حتى أعداء الإسلام أنفسهم يشهدون بذلك، فنجد الرحالة جوزيف توسون عند حديثه عن انتشار الإسلام في إفريقيا قال: " إذا بلغنا السودان الغربي والأوسط نجد الإسلام كجسم قوي فيه روح الحياة والنشاط وتتحرك فيه عوامل الحماسة والإقدام، كما كان في أيامه الأولى، فترى الناس تدخل فيه أفواجا وتقبل عليه إقبالا عجيبا، نرى فيه أشعة نوره منبعثة من شوارع سيراليون وآخذة في إنارة بصائر القبائل المنحطة في الجهالة الآكلة لحم البشر عند منبع النيجر".
ومن أهم الطرق الصوفية انتشارا في السودان الغربي نذكر القادرية و التيجانية، و ما انبثق منهما طرق فرعية. بالإضافة إلى هذه الطرق ،كانت هناك طريقة ثالثة وهي الطريقة السنوسية، لكن نفوذها كان اقل من نفوذ الطريقتين السابقتين.
[1] .التكية: بمعنى المأوى، وتعد التكية من المنشأت الدينية التي ظهرت في العصر العثماني، وهي امتداداً لفكرة "الخنقاواه" التي بدأت مع العصر الأيوبي وازدهرت في العصر المملوكي، وإن كان ثمة اختلاف بينهما، في العمارة والدور الذي كانا يؤديانه في المجتمع. وانشآت خاصة لأقامة المنقطعين للعبادة من المتصوفة ومساعدة عابري السبيل، كانت التكايا تُشيّد في أول الأمر بالجهود التطوعية ومساعدة بعض الممولين الأغنياء، وذلك قبل أن تتبنى الدولة العناية بها وإنشائها، وكانت في أول الأمر مبانيَ متواضعة ليست لها عمارة خاصة يشار إليها. ويطلق على التكايا الضخمة اسم "أستانة".