7. نظرية الانتخاب الثقافي
من النظريات الحديثة التي تتناول الثقافة نظرية الانتخاب الثقافي وهي مرتبطة بالانتخاب الطبيعي من حيث التسمية بل تم استلهام هذه التسمية من نظرية الانتخاب الطبيعي إلا أنها تختلف عنها اختلافا جذريا فأنصارها لا يطابقون بين الانتخاب الثقافي والانتخاب الطبيعي للصفات كما جاء في النظرية الداروينية.
فنظرية الانتخاب الثقافي هي نظرية عن ظواهر يمكن أن تنتشر داخل مجتمع ما مثل الشعيرة الدينية أو أسلوب في الفن أو طريقة في الصيد وتشتمل النظرية على ثلاثة عمليات أساسية:
أولا : تنشأ الظاهرة وهذا ما يسمى التجديد أو الإبداع ثانيا : يمكن أن تنتشر الظاهرة من إنسان إلى آخر أ و من جماعة من البشر إلى أخرى وهذا يسمى التكاثر أو النقل أو المحاكاة أو الانتشار وثالث العمليات الأساسية في النظرية هي الانتخاب ونعني بالانتخاب أي آلية أو عامل يؤثر في مدى انتشار الظاهرة من حيث الكثرة أو القلة وأوضح أنواع الاختيار ، الاختيار الواعي من جانب البشر.
مثال على ذلك الزراعة مثلا : لكي تبدأ مرحلة الزراعة كان لا بد وأن يظهر شخص على حظ من النباهة والذكاء ليخترع طريقة لاستنبات الحبوب أو أي محاصيل أخرى) الابتكار (يمكن لهذه الممارسة أن تنتشر بعد ذلك إذا ما قدم المخترع فكرته لآخرين لكي يحاكوا طريقته) تكاثر( ويتعين توفير ظروف عديدة لكي تنتشر هذه الممارسة بشكل نشط وفعال وهذه الظروف والعوامل من بينها يجب أن يكون المزارعين راغبين في تقديم معارفهم للآخرين ،أن يكون كذلك غير العاملين بالزراعة على اتصال بالمزارعين وأن يكونوا راغبين في تغيير أسلوب حياتهم ، وأخيرا يجب أن يكون المزارعين قادرين على توفير الغداء والتنشئة لعدد كاف من الأطفال، وتؤلف هذه العوامل كلها عملية الانتخاب وهي عملية حاسمة لانتشار الزراعة بين تجمع سكان . (أجنر فوج، الانتخاب الثقافي، ص 79.)
و سميت العملية بالانتخاب لأنها تنتشر عندما تلقى القبول لدى الأفراد وعندما تقدم حلولا عملية لمشكلات الأفراد والجماعات، وتعطي بدائل وظيفية داخل النسق العام للثقافة فيقبل عليها الناس ويتركوا العناصر الثقافية السابقة نظرا لعدم فعاليتها وعدم مواكبتها للتحولات الحاصلة في المجتمع. ولهذه النظرية مجموعة المفاهيم الخاصة بها كمفهوم الابتكار، والتكاثر والانتخاب ووحدة الانتخاب والأساس الميمي للثقافة الذي يقابل الأساس الجيني للصفات الطبيعية لدى المخلوقات.