6. نظرية المشاركة الديمقراطية
نظرية المشاركة الديمقراطية
تعد هذه النظرية أحدث إضافة لنظريات الصحافة وأضعفها تحديداً، فهي تفتقر حتى الآن إلى وجود حقيقي في الممارسات المختلفة للمؤسسات الإعلامية فضلاً عن أن بعض سياساتها تتضمنها نظريات الصحافة الأخرى،ورغم أن وجود هذه النظرية بشكل مستقل عن النظريات الأخرى مازال محل خلاف وشك، إلا أنها تستحق الحديث عنها بشكل مستقل نظراً لما تمثله من تحديات للنظريات السائدة.
وقد برزت هذه النظرية من واقع الخبرة العملية كاتجاه إيجابي نحو ضرورة وجود أشكال جديدة في تنظيم وسائل الإعلام، كما نشأت كذلك كرد فعل مضاد للطابع التجاري والاحتكاري لوسائل الإعلام المملوكة ملكية خاصة ومضادة لمركزية وبيروقراطية مؤسسات الإعلام العامة التي قامت على معيار المسئولية الاجتماعية،وتوجد هذه النظرية فى المجتمعات الليبرالية المتقدمة رغم ارتباطها ببعض العناصر التي تطرحها النظرية التنموية، خاصة ما يتعلق منها بالتأكيد على احترام أسس المجتمع والاهتمام بالاتصال الأفقى بدلا من الاتصال الرأسي من أعلى إلى أسفل،والذي يعنى سلبية مشاركة المتلقي في عملية الاتصال وهو اتجاه واضح تماما فى
الدول الأوروبية خاصة دول إسكندنافيا وبعض الدول الأوربية الأخرى.
ويعبر مصطلح المشاركة الديمقراطية عن معنى التحرر من الأحزاب السياسية القائمة والنظام البرلماني الديمقراطي والذي بدا وكأنه انفصل عن جذوره وأنه يعوق المشاركة في الحياة الاجتماعية والسياسية بدلا من أن يدعمها.
وتنطوي هذه النظرية على آراء معادية لنظرية المجتمع الجماهيري الذي يتسم بالتنظيم المعقد والمركزية الشديدة والذي فشل في أن يوفر فرصا حقيقية للأفراد والأقليات في التعبير عن اهتماماتها ومشكلاتها.
وترى هذه النظرية أن الصحافة الحرة فاشلة بسبب خضوعها لاعتبارات السوق التي تفرغها من محتواها وترى أن نظرية المسئولية الاجتماعية غير ملائمة بسبب ارتباطها ببيروقراطية الدولة.
كما ترى أن التنظيم الذاتي لوسائل الإعلام لم يمنع نمو مؤسسات إعلامية تمارس سيطرتها باعتبارها مراكز قوة فى المجتمع مما أدى إلى فشل وسائل الإعلام في مهمتها وهى تلبية الاحتياجات الناشئة عن الحياة اليومية للمواطن.
وهكذا فإن الفكرة الأساسية في نظرية المشاركة الديمقراطية تكمن في الاحتياجات والمصالح والآمال لجمهور متلق نشط في مجتمع سياسي، وهى تهتم بالمعلومات الملائمة وحق المواطن في استخدام وسائل الاتصال من أجل التفاعل والمشاركة على نطاق صغير في مجتمعه، وترفض هذه النظرية ضرورة التوحد أو المركزية أو الحياد أو السيطرة الحكومية على وسائل الإعلام، وهى تشجع التعددية والمحلية والتفاعل بين المرسل والمستقبل والاتصال الأفقي الذي يشمل كل مستويات المجتمع.
ويعتقد مؤيدوها أن وسائل الإعلام التي تنشأ في ظل هذه النظرية سوف تعنى أكثر بالحياة الاجتماعية وتخضع لسيطرة مباشرة من جمهورها وتقدم فرصا للمشاركة على أسس يحددها مستخدموها بدلا من المسيطرين عليها.
وتتلخص المبادئ الأساسية لهذه النظرية في الأمور التالية:
- أن للمواطن الفرد ولجماعات الأقليات حق الوصول إلى وسائل الإعلام واستخدامها، ولهم كذلك الحق في أن تخدمهم وسائل الإعلام طبقا للاحتياجات التي يحددونها هم.
- أن تنظيم وسائل الإعلام ومحتواها لا ينبغي أن يكون خاضعا لسيطرة
بيروقراطية حكومية أو سياسية مركزية.
- ينبغي أن توجد وسائل الإعلام أصلا لخدمة جمهورها وليس من أجل المنظمات التي تصدر هذه الوسائل أو المهنيين العاملين بها أو عملائها أو جمهورها.
- أن الجماعات والمنظمات والتجمعات المحلية ينبغى أن يكون لها وسائلها الإعلامية.
- أن وسائل الإعلام صغيرة الحجم والتي تتسم بالتفاعل والمشاركة أفضل من وسائل الإعلام المهنية الضخمة التي ينساب محتواها في اتجاه واحد.
- أن الاتصال أهم من أن يترك للمهنيين.
ويتمثل الوجود الفعلي لهذه النظرية في الصحافة السرية، وما أطلق عليه محطات راديو القراصنة والتليفزيون اللاسلكي في التجمعات المحلية ووسائل الإعلام في التجمعات الريفية ومنشورات الشوارع والملصقات السياسية.
ويتوقع البعض أن التطورات التكنولوجية سوف تفتح أفاقا أرحب أمام هذه النظرية من خلال إتاحة أجهزة النسخ بأسعار منخفضة والوصول إلى مزيد من قنوات الاتصال الإلكترونية، ويتوقع أن يظل تأثير هذه القنوات الجديدة على أوضاع وسائل الإعلام القائمة الآن هامشيا خلال المستقبل المنظور.