2. المبحث2
2.2. المطلب2
. ثانيا:الأسباب العقلية لرفض الفلسفة اليونانية:
1- الفلسفة اليونانية تجريدية، لا صلة لها بالواقع، فهي تبحث في عالم الكليـات، وهـذا العالم ليس له وجود في الخارج، بل وجوده في الذهن، فالفلسفة تتجاهـل البحـث فـي الجزئيات والأعيان المشخصة .
2- أننا نرى كثيرا من العلوم - كالهندسة والطب والفلك - تتقدم تقـ دماً كبيـرا دون أن يكون كبار الباحثين فيها ممن تخرجوا على الفلسفة اليونانية، يقول ابن تيمية :" إننا لا نجد أحداً من أهل الأرض حقق علماً من العلوم وصار إماما فيه بفضل الفلسفة، لا مـن العلوم الدينية ولا غيرها، فالأطباء والمهندسون وغيرهم يحققون ما يحققون من علـومهم بغير صناعة الفلسفة، وقد صنف في الإسلام علوم النحو والعروض والفقه وأصوله وغير ذلك، وليس في أئمة هذه الفنون من كان يلتفت إلى الفلسـفة، بل عامتهم كانـوا قبـل أن تُعرَف الفلسفة اليونانية. وإخفاق الفلسفة راجع لجهلهم بالدين والوحي الإلهي الـذي يمدنا بحقائق عالم الغيب التي تريح العقل عنت ومؤنة تكلف البحث فيها، وتبعـده عـن الخرافات والأساطير.
3- إنّ هذه الفلسفة كان لها أكبر الأثر في تخلف اليونان عن ركب المدنية، حيث انزوت بالفكر والجهود العلمية نحو عالم الميتافيزيقا-عالم ما وراء الطبيعة -معرضةً عن الحياة المدنية، والعلوم التطبيقية الواقعية. يقول الأستاذ علي أبو لبن:"يكاد يتفق مؤرخو الفلسفة على أن العلم لم ينهض في مطلع العصر الأوربي الحديث إلا بعد الثورة المزدوجة على السلطة العلميـة ممثلـة في المنطق الأرسطي، والسلطة الدينية ممثلة في رجال الكنيسة".
4- طرق هؤلاء الفلاسفة فيها فسـاد كثير من جهة المقاصد والوسائل:أمّا المقاصد:فإنّ الحاصل منها بعد التعب والمشقة خير قليل، فهي "كلحم جمل غث على رأس جبل وعر، لا سهل فيرتقى، ولا سمين فينتقل". "وأما الوسائل: فطريقها كثير المقـدمات، طويلـة المسالك، يتكلفون فيها العبارات البعيدة والطرق الوعرة، وليس فيها مـن فائـدة سـوى تضييع الأزمان وإتعاب الأذهان، وكثرة الهذيان، ودعوى التحقيق بالكذب والبهتان