محاضرة تشريح وفزيولوجية الجهاز العصبي
تمهيد:
إن كل كائن حي هو حساس للتغيرات التي تطرأ سواء في وسطه الخارجي أم الداخلي، وهو يستجيب ويتفاعل مع هذه المنبهات بطرائق مختلفة، من أبسط صور التفاعل في الأميبا وحيدة الخلية إلى أعقد صورة لدى الإنسان. ولإحداث استجابات لدى هذه الكائنات فإن معظم الحيوانات لها أعضاء حسية وجهاز عصبي. هذا الجهاز بالاشتراك مع الغدد الصماء يعمل على تآزر وتكامل وظائف الخلايا والأنسجة والأجهزة العضوية لإحداث ما نراه من سلوك أو نشاط. أي أن أي تغيير فيزيائي أو كيميائي قادر على إثارة كائن أو أحد أجزائه هو "منبه". والمنبهات الخارجية الشائعة تنشأ من الحرارة، الرطوبة، الضوء، الضغط، إمداد الأكسجين.. إلخ، أما المنبهات الداخلية فتنتج من التعب، الجوع، الألم، المرض.. وبعض المنبهات تؤثر مباشرة على الخلايا أو الأنسجة، وتحدث استجابة مباشرة (مثل حرقة الشمس)، حيث تستلم المستقبلات الخارجية (والمستقبل هو خلية أو عضو له حساسية خاصة لمثيرات معينة) المنبهات من الوسط الخارجي، وتستلم المستقبلات الداخلية المنبهات من الوسط الداخلي. والمنبه يجعل المستقبل يولد نبضات عصبية تنتقل إلى الجهاز العصبي المركزي.
وظيفة وخصائص الجهاز العصبي:
يتكون الجهاز العصبي لدى الإنسان من بلايين الخلايا المتنوعة التي تعمل بشكل متناسق ومتكامل ومستمر. فهو بمثابة الهيئة الإدارية العليا التي تدير الجسم وتتولى مسؤولية عمليات التخطيط والتنفيذ والمتابعة والرقابة وإصدار الأوامر فيه. إذ يعتبر الجهاز العصبي الجهة المسئولة عن استقبال المنبهات (المثيرات) المتنوعة التي ترد إليه من مصادر مختلفة وتحليلها وفك رموزها وتحديد نوعية الاستجابة المناسبة.
- أقسام الجهاز العصبي Système nerveux:
ينقسم الجهاز العصبي إلى قسمين رئيسيين، هما:
- المجموعة الرئيسية أي المركزية:
وتتكون من المخ الذي يوجد داخل الجمجمة والنخاع الشوكي الذي يوجد داخل القناة الفقرية.
- المجموعة الفرعية:
وهي المتفرعة من المجموعة الأولى، وتشمل الألياف العصبية العديدة وعقدها المختلفة، وهي: الأعصاب الدماغية وعددها 12 زوج على كل جانب. الأعصاب الشوكية وعددها 31 زوج على كل ناحية. الأعصاب الذاتية أو اللاإرادية أو المستقلة، وتنحصر في الجهاز السمبثاوي (الودي) والجهاز الباراسمبثاوي (نظير الودي).
1. :تشريح وفسيولوجية الجهاز العصبي
1.4. الدماغ الأوسط
تشريح وفزيولوجية الدماغ الأوسط:
هو أصغر أجزاء الدماغ مقدمته عند المهاد وينتهي عند القنطرة ، سقفه أو سطحه محدب لوجود مرتفعين (الحدبة العليا والحدبة السفلى)، أما نصفه الثاني فهو دون السطح حيث توجد مجموعة ضخمة من أوتار القشرة، ونويات مستقرة فيما يسمى قاعدة المخيخ العليا، ما بين مجموعة من الأوتار الضخمة والقاعدة، توجد نويات "المادة السوداء" التي تغطي وسط الدماغ من أوله لآخره.
- النواة الحمراء:
في الدماغ الأوسط مجموعة مهمة من الخلايا تسمى النواة الحمراء. حيث تمر في قاعدة المخيخ العليا أعصاب من المهاد والمخيخ وتنزل إليها أعصاب من المخ محزومة في الممرات الهرمية. قريبا من القاعدة تقع النواة الحمراء التي تتسلم أعصابا من المخيخ، فتضبط بعض الحركات العضلية. وأوتار من قاعدة المخيخ العليا تخترق النواة الحمراء وتحيط بها.
تحت النواة الحمراء تقع كتلة المادة السوداء، أما قاعدة المخيخ الوسطى حيث القنطرة، فمن هنا تتوجه أوتار القنطرة من المخيخ.
- كتلة المادة السوداء:
أضخم الكتل في الدماغ الأوسط، تمتد على طول الدماغ الأوسط في الإنسان، تصنع وتفرز مادة سوداء (ميلانين) كتلك التي تصبغ الجلد، مشتقة من الدوبامين وتنصب في عقد المخ الأساسية.
اضطراب التفاعلات الكيماوية المصنعة لهذه المادة أو تقرح كتلة المادة السوداء تسبب أنواعا من الاضطرابات الحركية كمرض باركنسون. (إبراهيم الدر، (1994)، إعرف دماغك: الدليل المصور إلى الجهاز العصبي البشري، (ط01)، بيروت، الدار العربية للعلوم: ص128).
بالإضافة إلى ذلك يشتمل الدماغ الأوسط إلى تكوين مهم، يدعى التكوين الشبكي.
- التكوين الشبكي:
هو عبارة عن نظام متكامل من الخلايا العصبية التي تكون مؤهلة للتعامل مع التنبيهات الصاعدة إلى نصفي المخ، ففي هذا التكوين شبكة من المسارات الصاعدة والهابطة من وإلى المخ، ويمكن إجمال أهم الأعمال التي تقع ضمن نطاق التكوين الشبكي.
- يعمل التكوين الشبكي على توجيه انتباه مراكز العليا إلى المنبهات (المثيرات) الحسية القادمة من الحواس المختلفة.
- ينظم معدل الاستثارة لتلك المثيرات بمعنى أنه قد يزيد أو ينقص من معدل استثارتها أو يحول دون وصولها المخ.
- يعتبر مسئولا بشكل جزئي عن حالات اليقظة والانتباه والأعداد للنشاط التي عادة ما تصاحب الاستثارة الانفعالية.
- يعمل مع أجزاء أخرى من المخ للسيطرة على الوظائف الحسية وتوجيهها.
في حالة إصابته بتلف ما (تلف فسيولوجي كالأورام أو تجلطات الدم) فإن الإنسان لا يستطيع اليقظة فيكون في حالة نوم متواصلة. (علي أحمد وادي، إخلاص أحمد الجنابي، (2005)، أساسيات علم النفس الفسيولوجي، (ط01)، عمان، دار جرير: ص 70- 71 علي أحمد وادي، إخلاص أحمد الجنابي، (2005)، أساسيات علم النفس الفسيولوجي، (ط01)، عمان، دار جرير: ص 70- 71).
والرسم التالي يوضح الدماغ الأوسط ومكوناته: