2. صياغة الإشكاليّة
مشروع الإنطلاق سؤال :
إنّ اختيار موضوع البحث يبدأ أولا من الشعور بالمشكلة، فما هي مشكلة البحث ؟ وكيف تنشأ ؟ وكيف يتم تحديدها ؟
لذلك على الباحث أن يعبر عن مشروع بحثه في شكل سؤال رئيسي مركزي إنطلاقي، ويجب أن نشير هنا أن أشهر الباحثين لا يترددون في التعبير عن مشاريعهم في شكل أسئلة بسيطة وواضحة ، والمثال على ذلك السؤال التالي :
" لاشك في أن المراكز القانونية التي نشأت وإنقضت ورتبت آثارها في ظل القانون القديم تبقى خاضعة إليه ،ولاشك في أن المراكز القانونية التي تنشأفي ظل القانون الجديد وترتب آثارها في ظله تبقى خاضعة إليه ؟ لكن السؤال يطرح بالنسبة للمراكز القانونية التي نشأت في ظل القانون القديم ، لكنها لم ترتب آثارها إلافي ظل القانون الجديد هنا يطرح التساؤل : أي القانونين أولى بالتطبيق في مثل هذه الحالة في ضوء النظرية العامة للقانون ؟ ثم في ضوء القانون الجزائري ؟ فيكون عنوان البحث المعبر عن هذه الإشكالية هو :" تنازع القوانين من حيث الزمان" ، وإذا أردنا أن نخصص أكثر نختار مثلا : " تنازع قوانين الإجراءات المدنية من حيث الزمان في الجزائر " .
صفات السؤال الحسن :
إن تقديم مشروع بحث في شكل سؤال الانطلاق لا يمكن أن يكون مفيدا إلا إذا كان هذا السؤال مصاغ بطريقة حسنة، ولذلك يجب القطيعة مع الأحكام المسبقة والإعتقادات الشائعة وغير المؤكدة و يمكن حصر الصفات المنتظرة من السؤال فيمايلي :
أ- صفة الوضوح: تتمثل صفة الوضوح في التحديد والدقة، وأن لا يكون مبهما وأن يكون عملي
وسنقدم مثالا عن سؤال غير واضح:" ما هي آثار الإصلاحات على حياة المواطن الجزائري؟ فهذا السؤال يبدو غامضا وواسعا جدا في الحقيقة : عن أي آثار نتحدث هل هي آثار إقتصادية أم إجتماعية أم سياسية أم ثقافية أم غير ذلك...؟وعن حياة المواطن :هل هي حياته المهنية أو العائلية أم الثقافية أم غير ذلك...؟ ويمكن لنا أن نمد قائمة التأويلات الممكنة لهذا السؤال الذي لا يوضح لنا النوايا الحقيقية لصاحبه ولذا نفهم ضرورة صياغة السؤال بكيفية دقيقة ومحددة بحيث لا يكون معناه غامضا .وهناك وسيلة بسيطة للتأكد من أن السؤال واضح، وذلك بعرضه على بعض الأشخاص مع الإمتناع عن أي تعليق أو تقديم المعنى، حتى يفصح كل شخص عن فهمه الخاص للسؤال. فيصبح هذا الأخير واضحا ومحددا إذا كانت كل التفسيرات تصب في إتجاه واحد ومطابقته لنية صاحبه وأن تركيزنا هذا على ضرورة دقـة ووضوح السؤال لا يعني بأنه يجب أن يكون ضيقا جدا ، ولكن يشترط فيه أن يكون محددا، دقيقا، واضحا . بمعنى آخر؛ أنّه في مرحلة إختيار الموضوع وتحديد عنوان البحث ، على الباحث : [ " تجنب : فخ المواضيع التي تمتاز بالعمومية، وإختيار موضوع محدد" ] على سبيل المثال:
- موضوع شديد العمومية مثل : المدخل إلى العلوم القانونية، القانون الدستوري...
- موضوع عام مثل : نظرية القانون ، أو نظرية الحق ، النظرية العامة للدساتير....
- موضوع أدنى عمومية مثل :مصادر القانون ، أو مصادر الحق ...
- موضوع محدود العمومية : التشريع كمصدر للقانون ،التصرفات القانونية كمصدر للحق...
- موضوع محدد و جذاب مثل : مكانة القوانين العضوية في التشريع الجزائري ، التشريع عن طريق الأوامر ، دور التشريع الفرعي في الحفاظ على عناصر النظام العام ، عقد البيع الإلكتروني ،...