2. ثانيا-الوعد بالتعاقد
تنصّ المادة 71 من القانون المدني على ما يلي : « الإتفاق الذي يعدّ له كلا المتعاقدين أو أحدهما بإبرام عقد معين في المستقبل لا يكون له أثر إلاّ إذا عُينت جميع المسائل الجوهرية للعقد المراد إبرامه، والمدّة التي يجب إبرامه فيها، وإذا اشترط القانون لتمام العقد استيفاء شكل معين، فهذا الشكل يطبقّ أيضا على الإتفاق المتضمن الوعد بالتعاقد »
أ-مفهوم الوعد بالتعاقد
الوعد بالتعاقد عقد بمقتضاه يلتزم شخص يسمى الواعد بابرام عقد معين في المستقبل إذا أبدى شخص آخر يسمى الموعود له رغبته في ذلك خلال مدة معينة.
من هذا يتبين لنا أن الوعد بالتعاقد عقد يتم بايجاب الواعد وقبول الموعود له وبهذا القبول ( قبول الوعد فقط) يتميز الوعد بالتعاقد عن الايجاب الملزم، ومحل هذا العقد هو ابرام عقد أخر في المستقبل ( العقد الموعود به)، إذا ما أبدى شخص الموعود له خلال مدة الوعد رغبته في ذلك . وعليه نلحظ أن الموعود له يعبر أولا عن قبوله للوعد فينعقد عقد الوعد ثم له أن يعلن ثانيا عن قبوله ابرام العقد الموعود به فينعقد هذا العقد وذلك كما يلي:
الوعد ( ايجاب) ثم قبول الوعد ثم قبول التعاقد
-تعبير بات ونهائي - انعقاد عقد الوعد - انعقاد العقد الموعود به
-قبول نهائي للوعد فقط -قبول نهائي للعقد الموعود به
- وقبول غير بات للتعاقد -قبول بات ونهائي
وتتمثل أركان عقد الوعد: - التراضي ( ايجاب و قبول)
-المحل ( العقد الموعود به)
-السبب.
ب-شروط الوعد بالتعاقد:
- يكون الوعد إمّا من جانب واحد و إمّا من جانبين. ويشترط في الوعد من جانب واحد أن يكون الواعد أهلا للتعاقد، ويكون وعده حينئذ صحيحا ولو فقد الأهلية عند إبرام العقد النهائي، بشرط أن لا تزيد التزاماته عما كانت عند الوعد. كما يشترط أن تخلو إرادة الواعد من عيوب الرضا عند صدور الوعد منه.
أمّا إذا الوعد من الجانبين فيلزم أن تتوافر في كلّ منهما أهلية التعاقد عند صدور الوعد وأن يخلو رضاؤهما من العيوب في هذا الوقت، ومثاله أن يعد " أ " ببيع منزله إلى " ب " و يعد "ب" بشراء هذا المنزل.
- وفي كلا النوعين من الوعد لا يكون الوعد صحيحا إلاّ إذا توافرت فيه جميع عناصر العقد الموعد بإبرامه، فإن كان عقد بيع مثلا وجب أن تتوافر في الوعد عناصره الجوهرية، وهي الشيء المبيع والثمن، فيجب أن يكون الشيء المبيع معيّنا، وأن يكون الثمن محدّداً في الوعد.
- كذلك يشترط لقيام الوعد بالعقد تحديد مدّة معينة لإبرام العقد الموعود به، وهذا التعيين قد يقع صراحة على مدّة محدّدة أو قابلة للتحديد، فهذا الوقت هو المدّة التي يجب في خلالها إبرام هذا العقد.
- وإذا كان العقد الموعود به عقدا شكليا، كالهبة والرهن الرسمي فإن الشكل الذي يعتبر ركنا فيه يعتبر أيضا ركنا في الوعد بالتعاقد. وهذا ما تقضي به صراحة الفقرة الثانية من المادّة 71 من القانون المدني، فهي تنصّ على أنه « إذا اشترط القانون لتمام العقد استيفاء شكل معيّن، فهذا الشكل يطبق أيضا على الإتفاق المتضمن الوعد بالتعاقد » فإذا لم يستوف الوعد بالتعاقد الشكل المطلوب وقع باطلا.
جـ -الآثار المترتبة على الوعد بالتعاقد
إذا انعقد الوعد صحيحا على النحو الذي قدمناه، فإن الأثر الذي يترتب عليه يجب أن نميز فيه بين مرحلتين، فإذا كان الوعد ملزما للجانبين، فإن حلول الميعاد المضروب لإبرام العقد النهائي هو الذي يفصل بين هاتين المرحلتين، أما إذا كان الوعد ملزما لجانب واحد، فإن الذي يفصل بينهما هو ظهور رغبة الموعود له في التعاقد النهائي.
فإذا كان الوعد من جانب واحد، إلتزم الواعد بالبقاء على وعده حتى يظهر الطرف الآخر رغبته في إبرام العقد خلال المدّة المحدّدة في الوعد، ومتى أظهر الطرف الآخر رغبته في إبرام العقد خلال هذه المدّة، تمّ العقد دون الحاجة إلى أي إجراء جديد، لأن الوعد كان مشتملا على جميع العناصر الجوهرية للعقد، ولا ينعقد إلاّ من وقتإعلان الرغبة دون أثر رجعي،
أمّا في الوعد الملزم للجانبين، فبحلول الأجل المحدّد لإبرام العقد النهائي، يلتزم الطرفان بإبرامه، ويترتب عن ذلك أنه في الوعد الملزم لجانب واحد وقبل إعلان رغبة الموعود له، وفي الوعد الملزم للجانبين وقبل حلول الأجل المحدّد، يكون الواعد ملزما بالتزام شخصي فقط نحو الموعود له، فتكون ملكية الشيء الموعود به له، وله أن يتصرف فيه إلى غير الموعود إليه، ولا تكون لهذا الأخير إلا أن يطالبه بتعويض ما أصابه من ضرر، وإذا هلك الشيء في هذه الفترة، كانت تبعة الهلاك على الواعد(3)، أمّا عند إظهار رغبة الموعود له في الوعد الملزم لجانب واحد أو عند حلول الأجل في الوعد الملزم للجانبين، فيجب على الطرفين إبرام العقد النهائي.
وإذا تقاعس أحدهما على إبرام العقد، فللطرف الآخر إجباره على ذلك عن طريق دعوى صحة التعاقد، ومتى صدر الحكم بصحة التعاقد، قام مقام العقد النهائي، فقد نصّت المادة 72 من القانون المدني على ذلك بقولها « إذا وعد شخص بإبرام عقد ثمّ نكل وقاضاه المتعاقد الآخر طالباً تنفيذ الوعد، وكانت الشروط اللاّزمة لإتمام العقد وخاصّة ما يتعلّق منها بالشكل متوافرة، قام الحكم مقام