صور خاصة للتراضي

Site: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
Cours: -الالتزامات -مصادر الالتزام
Livre: صور خاصة للتراضي
Imprimé par: Visiteur anonyme
Date: Monday 6 May 2024, 14:40

1. أولا-التعاقد بطريق العربون

-تعريف العربون:

العربون مبلغ من المال يدفعه أحد المتعاقدين للمتعاقد الآخر وقت التعاقد للدلالة على أحد الامرين:

ü     الأمر الأول: يدفع العربون للدلالة على توكيد العقد وفي هذه الحالة لا يجوز لأي منهما أن يعدل، ويعتبر دفع العربون تنفيذا جزئيا للعقد، ويجري عليه حكم القواعد العامة، فإذا فسخ العقد وترتب على الفسخ ضرر، فحتما لن يكون التعويض بقدر العربون، فقد يكون أكثر أو أقل بحسب مقدار الضرر ، وبالتالي يكون الهدف من دفع العربون عند التعاقد هو تأكيد وصول الطرفين إلى الإتفاق على العقد وإبرامه، فهو يعبر على الرغبة في إتمامه.

ü     الأمر الثاني: قد يدفع العربون للدلالة على حفظ الحق لكل من المتعاقدين في العدول عن العقد بارادته المنفردة مقابل خسارة قيمة مبلغ العربون

فاذا كانت دلالة العربون دلالة توكيد انعقد العقد باتا ونهائيا، وما دفع العربون الا تنفيذا جزئيا له ، أما إذا كانت دلالة العربون دلالة الحق في العدول انعقد العقد غير لازما حيث يمكن لكل متعاقد العدول عن العقد بارادته المنفردة إلى غاية تاريخ البدء في تنفيذه حيث ببدء التنفيذ يصبح العقد لازما لا رجوع فيه، فاذا عدل عن العقد دافع العربون خسره مقابل استعماله لحقه في العدول، واذا عدل عن العقد من تلقى العربون التزم مقابل هذا العدول بدفع ضعف العربون الذي تلقاه .

والعربون في عقد واحد لا يمكن أن يحمل الدلالتين ، فاما أن تكون دلالته دلالة توكيد أو دلالة حق مقابل العدول، لكن ما هو المرجح في تحديد دلالة العربون في عقد من العقود؟

لما كان القانون الأول الذي يحكم العقد هو الإرادة المشتركة للمتعاقدين طبقا للمادة 106 ق م فانه لتحديد دلالة العربون يجب الرجوع أولا إلى نية المتعاقدين الصريحة أو الضمنية، فان وجد اتفاق على اعطاء العربون دلالة معينة وجب الأخذ بها ، فيجب على القاضي المعروض عليه النزاع بعد التأكد من توفر شروط إنعقاد العقد وصحته القانونية، البحث في معرفة مضمون العقد، وهذا وفقا لقواعد التفسير ، وأيضا للظروف الخارجية سواء كانت سابقة أو معاصرة أو لاحقة على التعاقد .

وفي حالة غياب اتفاق صريح بين الطرفين حول دلالة العربون، فإنّ قاضي الموضوع يستند إلى نصّ المادّة 72 مكرر من القانون المدني ويكيف دلالة العربون على إمكانية العدول عن العقد وهذا ما يستشف من نص المادّة 72 مكرر من القانون 05-10 المؤرخ في 20 جوان 2005، المعدل والمتمّم للقانون المدني التي تنص على أنّه « يمنح دفع العربون وقت إبرام العقد، لكل من المتعاقدين الحق في العدول عنه خلال المدّة المتفق عليها، إلاّ إذا قضى الإتفاق بخلاف ذلك، فإذا عدل من دفع العربون فقده، وإذا عدل من قبضه رده ومثله، ولو لم يترتب على العدول أي ضرر » 

2-حكم العربون

إذا كانت دلالة العربون دلالة توكيد للعقد، لا يطرح أي اشكال حيث يعتبر دفعه تنفيذا جزئيا للعقد، فيتم الانقاص من قيمة التزامات دافع العربون بحسب قيمة العربون .

إذا كان العربون مقابل العدول عن تنفيذ العقد، فإن عدل من دفعه عن التنفيذ، يكون بذلك استخدم حقاً له، ولكن إذا تعسف في استعمال هذا الحق، يكون مرتبكا لخطأ تقصيري، يرتب مسؤولية تقصيرية، بالإضافة إلى فقدان قيمة العربون. فالعربون ليس مقابل خطأ تقصيري، بل مقابل العدول وعدم التنفيذ، وهو حق مشروع طالما خلى من التعسف ونيّة الإضرار بالمتعاقد الآخر.

لكن قد يعارض من تسلم العربون على هذا العدول، كونه جاء بعد فوات المدّة المحدّدة له، وأنّ العقد أصبح باتاً بانقضائها، وأنّ العربون جزء من الثمن، وثم يطالب بتنفيذ العقد عيناً، أو اللجوء إلى القضاء للحكم بفسخ العقد، وتعويضه عن الضرر الذي أصابه من عدم تنفيذ العقد، وبالتالي له الحق في تقاضي تعويض يجاوز قيمة العربون إذا كان الضرر أكبر من ذلك، ويرتب العدول آثاره القانونية الواردة في المادة 72 مكرر من القانون المدن فإذا تم خلال المدّة المحدّدة له، انقضى التعاقد وفقد من دفع العربون قيمته، وأصبح من حق من تسلمه دون ربط ذلك بالضرر الذي قد يحدث له أو لا يحدث.

أمّا في حالة عدول القابض للعربون، فالأمر مختلف، لأنّ ردّ العربون فقط يعني أنّه لم يخسر شيئاً، وعاد إلى الحالة التي كان عليها قبل التعاقد على أنّه هو الرافض لإبرام العقد، ومن ثمّ أوجبت الفقرة الأخيرة من المادّة 72 مكرر للقانون المدني رد العربون ومثله. وإذا كنا بصدّد عقد وعد بالبيع من جانب واحد ومصحوب بعربون من جانب المشتري، فإنّ الإلتزام يقع على البائع الواعد بالبيع، إذ أعلن المشتري (دافع العربون) عن رغبته في الشراء، فإذا لم يعلن المشتري عن هذه الرغبة وانقضت المدّة المحدّد للوعد، سقط العقد، وسقط بالتالي حقه في استرداد العربون، لأنّ الواعد كان على وعده، والموعود له هو الذي لم يعبر عن إرادته ولم يستغل المدّة المتاحة له، فلا تقصير من البائع. أمّا إذا كان التقصير من البائع، بمعنى أنّ الموعود له (المشتري) عبر عن رغبته في المدّة المحدّدة لإبرام العقد النهائي، ولكن البائع نكل عن وعده، فإنه ملزم بردّ العربون وردّ مثله أيضا، حتى ولو لم يلحق المشتري ضرر من ذلك.

وبصفة عامّة، سواء كان العدول ممن دفع العربون أو ممن قبضه، فإنّه يجب أن يكون خلال المدّة المتفق عليها، ومردّ ذلك أن مرور المدّة يعني ثبات العقد وصيرورته نهائياً، ويصبح العربون جزء من الثمن، لكن ما هي المدّة المحدّدة للعدول؟ 

إذا كان دفع العربون من أجل منح الحق لكلا طرفي العقد في العدول، فإنّه يجب أن يتضمن العقد مدّة محدّدة لإبداء الرغبة فيه، فقد نصّت المادّة 72 مكرر من القانون المدني على أنّه « ... لكل من المتعاقدين الحق في العدول عنه خلال المدّة المتفق عليها ... »

وهذا حتى يعرف المتعاقد مصير  العقد عند انتهاء المدّة المحدّدة للعدول، والتي بلا شك هي تأكيد التعاقد، وجعل الإلتزام به نهائيا، فإذا  لم يحدد الطرفان أجلاً، فإنّ خيار العدول يبقى إلى حين تنفيذ العقد، فإذا تمّ تنفيذ العقد من الطرفين، دلّ هذا على نيّتهما في التنازل على هذا الخيار، وإذا تمّ تنفيذ العقد من طرف واحد، سقط خيار هذا الطرف، وتعيّن على الطرف الآخر إمّا تنفيذ العقد أو العدول عنه، وفقد العربون إذا كان دفعه أو ردّ ضعفه إذا كان قد قبضه، وإذا اختلف الطرفان في هذه المدّة، فإنه يمكن الإحتكام للقضاء الذي يضع المدّة المعقولة المناسبة للعدول.

ولكن إذا ثبت حسن نيّة الطرفين المشتركة أنّ العربون إنّما دفع لتأكيد تنفيذ العقد لا للعدول عنه، فإنّه يجب وفقا للقواعد العامّة السير في العقد بتنفيذه كاملاً، فإذا كان بيعاً سدد المشتري باقي الثمن، والتزم البائع بتسليم المبيع والتقيّد بالضمان، وعند الإخلال تقع المسؤولية العقدية كما سبق بيانه.

يثور التساؤل في هذا الصدّد حول جواز المطالبة بأكثر من العربون في حالة تجاوز الضرر لقدره، فإذا نقض أحد الطرفين العقد، فإنّه يخسر العربون أو يرّد ضعفه، ولا يرتبط ذلك بالضرر، فسواء تحقق الضرّر أم لم يتحقق فالطرف الآخر هو صاحب الحق فيه، وعليه، لا يجوز في حالة العدول أن يطالب المتعاقد بأكثر من العربون، حتى ولو تجاوز الضرر مقدار العربون المدفوع طالما ليس هناك تعسف في استعمال الحق، فالبائع مثلاً لا يستطيع أن يحتفظ بالعربون ويطالب بزيادته لجبر الضرر إذا عدل المشتري مختاراً عن إتمام الصفقة، ذلك أنّ الطرفين اتفقا على العربون مقدماً مقابل العدول، ويعلم كل منهما أنّ هذا العقد معرض في أي لحظة خلال مدة متفق عليها للإلغاء.

والقول بزيادة العربون أو إنقاصه ليتناسب مع حجم الضرر جائز فقط عند ثبات العقد، فإذا انقضت المدّة المتفق عليها دون عدول، فّإنه يتعيّن تنفيذ العقد، فإذا رفض أي من المتعاقدين التنفيذ، كان للطرف الآخر المطالبة بتنفيذ العقد أو فسخه مع التعويض، والتعويض عندئذ قد يكون في حجم الضرر وقد يزيد عن العربون ليتناسب مع الضرر، فهذا ما تقضي به القواعد العامّة  للمسؤولية العقدية.

وكنتيجة لما سبق، فإنّه إذا كان العربون مقابل العدول عن تنفيذ العقد، فإنّ من عدل عن إتمام العقد يكون بذلك قد استعمل حقاً له، ولكن إذا تعسف في استعمال هذا الحق يكون مرتكباً لخطأ تقصيري يرتب مسؤولية تقصيرية بالإضافة إلى فقدان قيمة العربون.

فالعربون ليس مقابل خطأ تقصيري، بل مقابل العدول وعدم التنفيذ، وهو حق مشروع طالما خلا من التعسف ونيّة الإضرار بالمتعاقد الآخر، وبالتالي فإنّ العربون يستحق ولو كان العدول لم يرتب أي ضرر، أو رتب ضرراً أقل، كذلك إذا كان الضرر الذي رتبه العدول أكبر من قيمة العربون، فهذا العربون هو مقابل لاستعمال حق العدول أيّاً كان وضع الضرر تحقق أو لم يتحقق، سواء كان أقل أو أكبر من قيمة الضرر.

2. ثانيا-الوعد بالتعاقد

تنصّ المادة 71 من القانون المدني على ما يلي : « الإتفاق الذي يعدّ له كلا المتعاقدين أو أحدهما بإبرام عقد معين في المستقبل لا يكون له أثر إلاّ إذا عُينت جميع المسائل الجوهرية للعقد المراد إبرامه، والمدّة التي يجب إبرامه فيها، وإذا اشترط القانون لتمام العقد استيفاء شكل معين، فهذا الشكل يطبقّ أيضا على الإتفاق المتضمن الوعد بالتعاقد »

أ-مفهوم الوعد بالتعاقد

الوعد بالتعاقد عقد بمقتضاه يلتزم شخص يسمى الواعد بابرام عقد معين في المستقبل إذا أبدى شخص آخر يسمى الموعود له رغبته في ذلك خلال مدة معينة.

من هذا يتبين لنا أن الوعد بالتعاقد عقد يتم بايجاب الواعد وقبول الموعود له وبهذا القبول ( قبول الوعد فقط) يتميز الوعد بالتعاقد عن الايجاب الملزم، ومحل هذا العقد هو ابرام عقد أخر في المستقبل ( العقد الموعود به)، إذا ما أبدى شخص الموعود له خلال مدة الوعد رغبته في ذلك . وعليه نلحظ أن الموعود له يعبر أولا عن قبوله للوعد فينعقد عقد الوعد ثم له أن يعلن ثانيا عن قبوله ابرام العقد الموعود به فينعقد هذا العقد وذلك كما يلي:

الوعد ( ايجاب)         ثم            قبول الوعد            ثم                 قبول التعاقد

-تعبير بات ونهائي               - انعقاد عقد الوعد                   - انعقاد العقد الموعود به

                                  -قبول نهائي للوعد فقط              -قبول نهائي للعقد الموعود به

                                  - وقبول غير بات للتعاقد            -قبول بات ونهائي 

وتتمثل أركان عقد الوعد: - التراضي ( ايجاب و قبول)

                 -المحل ( العقد الموعود به)

                 -السبب.

ب-شروط الوعد بالتعاقد:

- يكون الوعد إمّا من جانب واحد و إمّا من جانبين. ويشترط في الوعد من جانب واحد أن يكون الواعد أهلا للتعاقد، ويكون وعده حينئذ صحيحا ولو فقد الأهلية عند إبرام العقد النهائي، بشرط أن لا تزيد التزاماته عما كانت عند الوعد. كما يشترط أن تخلو إرادة الواعد من عيوب الرضا عند صدور الوعد منه.

أمّا إذا الوعد من الجانبين فيلزم أن تتوافر في كلّ منهما أهلية التعاقد عند صدور الوعد وأن يخلو رضاؤهما من العيوب في هذا الوقت، ومثاله أن يعد " أ " ببيع منزله إلى " ب " و يعد "ب" بشراء هذا المنزل.

- وفي كلا النوعين من الوعد لا يكون الوعد صحيحا إلاّ إذا توافرت فيه جميع عناصر العقد الموعد بإبرامه، فإن كان عقد بيع مثلا وجب أن تتوافر في الوعد عناصره الجوهرية، وهي الشيء المبيع والثمن، فيجب أن يكون الشيء المبيع معيّنا، وأن يكون الثمن محدّداً في الوعد.

- كذلك يشترط لقيام الوعد بالعقد تحديد مدّة معينة لإبرام العقد الموعود به، وهذا التعيين قد يقع صراحة على مدّة محدّدة أو قابلة للتحديد، فهذا الوقت هو المدّة التي يجب في خلالها إبرام هذا العقد.

- وإذا كان العقد الموعود به عقدا شكليا، كالهبة والرهن الرسمي فإن الشكل الذي يعتبر ركنا فيه يعتبر أيضا ركنا في الوعد بالتعاقد. وهذا ما تقضي به صراحة الفقرة الثانية من المادّة 71 من القانون المدني، فهي تنصّ على أنه « إذا اشترط القانون لتمام العقد استيفاء شكل معيّن، فهذا الشكل يطبق أيضا على الإتفاق المتضمن الوعد بالتعاقد » فإذا لم يستوف الوعد بالتعاقد الشكل المطلوب وقع باطلا.

جـ -الآثار المترتبة على الوعد بالتعاقد

إذا انعقد الوعد صحيحا على النحو الذي قدمناه، فإن الأثر الذي يترتب عليه يجب أن نميز فيه بين مرحلتين، فإذا كان الوعد ملزما للجانبين، فإن حلول الميعاد المضروب لإبرام العقد النهائي هو الذي يفصل بين هاتين المرحلتين، أما إذا كان الوعد ملزما لجانب واحد، فإن الذي يفصل بينهما هو ظهور رغبة الموعود له في التعاقد النهائي.

فإذا كان الوعد من جانب واحد، إلتزم الواعد بالبقاء على وعده حتى يظهر الطرف الآخر رغبته في إبرام العقد خلال المدّة المحدّدة في الوعد، ومتى أظهر الطرف الآخر رغبته في إبرام العقد خلال هذه المدّة، تمّ العقد دون الحاجة إلى أي إجراء جديد، لأن الوعد كان مشتملا على جميع العناصر الجوهرية للعقد، ولا ينعقد إلاّ من وقتإعلان الرغبة دون أثر رجعي، 

أمّا في الوعد الملزم للجانبين، فبحلول الأجل المحدّد لإبرام العقد النهائي، يلتزم الطرفان بإبرامه، ويترتب عن ذلك أنه في الوعد الملزم لجانب واحد وقبل إعلان رغبة الموعود له، وفي الوعد الملزم للجانبين وقبل حلول الأجل المحدّد، يكون الواعد ملزما بالتزام شخصي فقط نحو الموعود له، فتكون ملكية الشيء الموعود به له، وله أن يتصرف فيه إلى غير الموعود إليه، ولا تكون لهذا الأخير إلا أن يطالبه بتعويض ما أصابه من ضرر، وإذا هلك الشيء في هذه الفترة، كانت تبعة الهلاك على الواعد(3)، أمّا عند إظهار رغبة الموعود له في الوعد الملزم لجانب واحد أو عند حلول الأجل في الوعد الملزم للجانبين، فيجب على الطرفين إبرام العقد النهائي.

وإذا تقاعس أحدهما على إبرام العقد، فللطرف الآخر إجباره على ذلك عن طريق دعوى صحة التعاقد، ومتى صدر الحكم بصحة التعاقد، قام مقام العقد النهائي، فقد نصّت المادة 72 من القانون المدني على ذلك بقولها « إذا وعد شخص بإبرام عقد ثمّ نكل وقاضاه المتعاقد الآخر طالباً تنفيذ الوعد، وكانت الشروط اللاّزمة لإتمام العقد وخاصّة ما يتعلّق منها بالشكل متوافرة، قام الحكم مقام