3. اللغة الإعلامية وعناصر الاتصال
إن اللغة تحتل موضعا رئيسيا في العملية الاتصالية التي تسري في كيان المجتمع على مستويات مختلفة من حيث استخدام اللغة والرموز، على اعتبار أن الرسالة الإعلامية هي من أهم عناصر عملية الاتصال بأبعادها النفسية والاجتماعية والثقافية، ولهذا كانت العبارة التقليدية تحدد عملية الاتصال في نموذج "لاسويل" المشتمل على الأسئلة الستة "من؟، ماذا يقول؟، لمن؟، وكيف؟، وبأي تأثير؟".
وتبقى أهم عناصر الاتصال يتمثل في اللغة أو الرسالة الإعلامية التي يتصل من خلالها فرد بآخر أو جهة بأخرى (عبد العزيز شرف، اللغة الإعلامية، دار الجيل، بيروت، ص 79)، وبحكم أن اللغة تعد شرطا ضروريا لتماسك المجتمع، فإن الفرد الواحد من أفراد المجتمع سواء كان مرسلا أو مستقبلا يضطر إلى الالتزام بوجهة نظر سائر الأفراد الآخرين والنظر إلى الأمور والبحث عنها بما لا يقتصر على فرديته الذاتية وحدها، بل تكون العملية مشتركة بينه بين الآخرين باعتبارهم شركاء في هذه العملية، أو أطرافاً متعاقدين، فهي مشروع مشترك، فوسيلة التفاهم بين المرسل والمستقبل تقيم شيئا مشتركا، ومن ثم بمقدار ما يكون للغة حظ من هذا الاشتراك فإن العملية تصبح عامة وموضوعية وعليه فالتفاهم اللغوي السليم الذي يتم عبر الرسالة هو الذي يحقق النجاح للعملية الاتصالية (السيد محمد نادر، لغة الخطاب الإعلامي، دار الفكر العربي، القاهرة، ص ص 17-18).
يرى بعض الباحثين أن الاتصال هو أساس كل تفاعل إعلامي ثقافي حيث يتيح نقل المعارف والمعلومات، وييسر التفاهم بين الأفراد والجماعات، ومن هنا كان الاتصال في مفهومهم نشاطا يستهدف تحقيق انتشار أو ذيوع معلومات أو أفكار أو أراء بين أفراد أو جماعات، باستخدام رموز ذات معنى موحد ومفهوم بنفس الدرجة لدى كل من الطرفين، ولا يتحقق الانتشار المطلوب إلا إذا تم الاتصال عن طريق بث رسائل واقعية أو خيالية موحدة ومفهومة من قبل جميع المشتركين في العملية الاتصالية (السيد محمد نادر، المرجع نفسه، ص 19)، فعملية الاتصال لا تتحقق بطريقة مبسطة، لأنها تتطلب العديد من الخطوات العقلية مثل "التفكير والتذكر والتخيل واختيار الطريقة التي سيتم بها الاتصال واختيار الألفاظ والوقت والتقمص الوجداني أي قدرة الإنسان على تخيل نفسه مكان الآخر.