المحاضرة الأولى
Site: | Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2 |
Cours: | فنيات التحرير في الصحافة المكتوبة |
Livre: | المحاضرة الأولى |
Imprimé par: | Visiteur anonyme |
Date: | Friday 22 November 2024, 14:23 |
Description
يتضمن هذا المحور بوادر الاهتمام باللغة الاعلامية ومفهمومها وخصائصها فضلا عن عناصر اختلاقهامع اللغة الأدبية وكذا الفرق بين القصة الخبرية والقصة الأدبية
1. مفهوم اللغة الاعلامية
تُعد اللغة عند أرسطو نظام لفظي محدد نشأ نتيجة اتفاق بين أفراد المجموعة البشرية في مكان ما وهي رمز للفكر وغاية اللغة عند أرسطو هي تحقيق الصلات بين الإنسان والإنسان أو معرفة الإنسان للأشياء وقد تستخدم كذلك للترفه والمتعة في ناحية خاصة من نواحي النشاط الإنساني أو أنها أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم، في حين يرى "فندريز" أن اللغة فعل اجتماعي من حيث أنها استجابة لحاجة الاتصال بين بني الإنسان لا فرق أن تكون الحاجة عامة لتمشية أمور الناس في حياتهم المختلفة أو خاصة للتعبير عن الأفكار التي تجول في ذهن الفرد.
(محمد عبد المطلب، لغة الإعلام بين الفصحى والعامية، مجلة الباحث الإعلامي، العدد الأول، جامعة بغداد، 2005، ص 175).
ما دام لم يحسم اللغويون في التحديد الدقيق لمفهوم اللغة، وكذلك تحديد مفهوم واحد للإعلام، فإنه من الصعب الاتفاق على تعريف شامل لمصطلح "اللغة الصحفية" وهناك من يدعو إلى تسمية هذه اللغة الخاصة الإعلامية بالإنشاء الإعلامي أو الكتابة الإعلامية فقط ويحبذ عدم الأخذ بكلمة "التحرير" في التعبير عن الكتابة الإعلامية، لأن المعنى المعجمي لكلمة "حرر" هو حسن وأصلح".
(جان جبران كرم، مدخل إلى لغة الإعلام، دار الجيل، ط2، بيروت، 1992، ص 19) .
ويشير مصطلح اللغة الإعلامية إلى تلك اللغة المستخدمة في وسائل الإعلام من صحافة مكتوبة، إذاعة، وتلفزيون بما فيها القنوات الفضائية، وقد ارتبط ظهور وتطور هذا المصطلح مع وجود تطور وسائل الإعلام لذلك يمكن أن نميز ثلاثة مستويات من اللغة الإعلامية حسب وسائل الإعلام التي تستخدمها في التواصل مع جمهورها، وعليه نجد اللغة الإعلامية في ثلاث مستويات وهي :
- اللغة الإعلامية المستخدمة في الصحافة المكتوبة وهي لغة الصحافة.
- اللغة الإعلامية المستخدمة في الإذاعة وهي لغة الإذاعة.
- اللغة الإعلامية المستخدمة في القنوات التلفزيونية الفضائية وهي لغة الفضائيات.
ويمكن تعريف اللغة الإعلامية بأنها الأداة التي يقوم الإعلاميون من خلالها بتحويل المعلومات والأفكار إلى مادة مقروءة أو مسموعة أو مرئية يمكن تلقيها وفهم واستيعاب ما تحمله من مضامين توضع في أشكال فنية معينة
.(20خليل محمود، إنتاج اللغة في النصوص الإعلامية، الدار العربية للنشر والتوزيع ، ط1، 2009، ص)
:ولمزيد من المعلومات حول اللغة الإعلامية كتب الأستاذ احمد حسين عماد مقال بعنوان اللغة الإعلامية
https://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2009/12/10/182243.html
2. بوادر الاهتمام باللغة الإعلامية
تعتبر اللغة جوهر العمل الصحفي لأن الصحيفة تتعامل في مادتها الإعلامية مع الواقع المعيش، وأن الأحداث المستجدة في محيط الصحيفة والبيئة المحيطة بها، على مختلف الأصعدة تؤثر في لغة الصحافة، وهو ما يؤدي إلى ظهور تعابير ومفردات جديدة، ولقد بدأت بوادر الاهتمام باللغة الصحفية عام 1904 عندما أصدر الشيخ "إبراهيم اليازجي" كتابه المعنون بـ "لغة الجرائد"، الذي يعتبره بعض الباحثين الإعلاميين آنذاك بمثابة "التمهيد لمنظور بحثي شامل للتراكيب الأساليب الصحفية (سامي الشريف، أيمن منصور زرا، اللغة الإعلامية المفاهيم الأسس التطبيقات، جامعة القاهرة للتعليم المفتوح، القاهرة، 2004، ص33.)، وبعد ثلاثين سنة، تعززت المكتبة الإعلامية بكتاب آخر للشيخ "عبد القادر المغربي" بعنوان "تعريب الأساليب"، ثم تلاه فيما بعد ذلك كتاب "الصحافة وتجديد اللغة" للباحث "عبد الله كنون"، إلا أن الحديث عن علم اللغة الإعلامي، أو علم الإعلام اللغوي يكاد يكون محصورا في عدد قليل من الكتب والأبحاث (محمود عكاشة، خطاب السلطة الإعلامي، الأكاديمية الحديثة للكتاب الجامعي، ط1، القاهرة، 2005، ص63.).
ولغة الصحافة توصف بأنها "قريبة الدلالة سريعة الفهم تقترب كثيرا من لغة الخطاب اليومي، وتتفاعل مباشرة مع الواقع الخارجي، وفيها كثير من التراكيب الجديدة، التي تعبر عن معاني حديثة، فالحدث يصنع لغة خاصة به قد تنتهي بموته، وتحمل طابع الدقة، والحيوية، والوضوح، ويختلف الأسلوب باختلاف المشاركين في الحدث ومضمون الموضوع (محمود عكاشة، المصدر نفسه، ص ص 75-76)، ويحدد علماء اللغة وظائفها في ثلاث:
- الوظيفة الإعلامية.
- الوظيفة التعبيرية.
- الوظيفة الإقناعية.
وعلى هذا الأساس يحدد بعض الباحثين الأنواع التحريرية في:
- التحرير الإقناعي.
- التحرير التعبيري.
- التحرير الإعلامي.
(عبد العزيز شرف، المدخل إلى وسائل الإعلام، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2000، ص ص 193-192).
ويتمسك الدكتور "عبد العزيز شرف" بأن التحرير الصحفي تعبير موضوعي، يبتعد تماما عن الذاتية التي يتصف بها الأديب أو التحرير التعبيري في حين أن التحرير الإقناعي يتسم بأساليب التحرير الأدبي والتحرير الإعلامي، ويحمل بعض من الباحثين المؤسسات الإعلامية "المسؤولية الأولى للارتقاء بالمستوى الفكري واللغوي للجماهير وعليها يقع العبء الأكبر لتقويم اللسان العربي، وتصحيح الأخطاء الشائعة" (محي الدين عبد الحليم، حسن محمد أبو العينين الفقي، العربية في الإعلام: الأصول والقواعد والأخطاء الشائعة، مطابع دار الشعب، القاهرة، 1988، ص 33)، في حين يرى آخرون بأن لغة الصحافة هي التي تمد "اللغة المعاصرة بأساليب ومسكوكات لغوية جيدة، تعمل على مسايرة المستجدات" (صالح بلعيد، لغة الصحافة، دار الأمل للطباعة والنشر والتوزيع، الجزائر 2007، ص 32).
3. اللغة الإعلامية وعناصر الاتصال
إن اللغة تحتل موضعا رئيسيا في العملية الاتصالية التي تسري في كيان المجتمع على مستويات مختلفة من حيث استخدام اللغة والرموز، على اعتبار أن الرسالة الإعلامية هي من أهم عناصر عملية الاتصال بأبعادها النفسية والاجتماعية والثقافية، ولهذا كانت العبارة التقليدية تحدد عملية الاتصال في نموذج "لاسويل" المشتمل على الأسئلة الستة "من؟، ماذا يقول؟، لمن؟، وكيف؟، وبأي تأثير؟".
وتبقى أهم عناصر الاتصال يتمثل في اللغة أو الرسالة الإعلامية التي يتصل من خلالها فرد بآخر أو جهة بأخرى (عبد العزيز شرف، اللغة الإعلامية، دار الجيل، بيروت، ص 79)، وبحكم أن اللغة تعد شرطا ضروريا لتماسك المجتمع، فإن الفرد الواحد من أفراد المجتمع سواء كان مرسلا أو مستقبلا يضطر إلى الالتزام بوجهة نظر سائر الأفراد الآخرين والنظر إلى الأمور والبحث عنها بما لا يقتصر على فرديته الذاتية وحدها، بل تكون العملية مشتركة بينه بين الآخرين باعتبارهم شركاء في هذه العملية، أو أطرافاً متعاقدين، فهي مشروع مشترك، فوسيلة التفاهم بين المرسل والمستقبل تقيم شيئا مشتركا، ومن ثم بمقدار ما يكون للغة حظ من هذا الاشتراك فإن العملية تصبح عامة وموضوعية وعليه فالتفاهم اللغوي السليم الذي يتم عبر الرسالة هو الذي يحقق النجاح للعملية الاتصالية (السيد محمد نادر، لغة الخطاب الإعلامي، دار الفكر العربي، القاهرة، ص ص 17-18).
يرى بعض الباحثين أن الاتصال هو أساس كل تفاعل إعلامي ثقافي حيث يتيح نقل المعارف والمعلومات، وييسر التفاهم بين الأفراد والجماعات، ومن هنا كان الاتصال في مفهومهم نشاطا يستهدف تحقيق انتشار أو ذيوع معلومات أو أفكار أو أراء بين أفراد أو جماعات، باستخدام رموز ذات معنى موحد ومفهوم بنفس الدرجة لدى كل من الطرفين، ولا يتحقق الانتشار المطلوب إلا إذا تم الاتصال عن طريق بث رسائل واقعية أو خيالية موحدة ومفهومة من قبل جميع المشتركين في العملية الاتصالية (السيد محمد نادر، المرجع نفسه، ص 19)، فعملية الاتصال لا تتحقق بطريقة مبسطة، لأنها تتطلب العديد من الخطوات العقلية مثل "التفكير والتذكر والتخيل واختيار الطريقة التي سيتم بها الاتصال واختيار الألفاظ والوقت والتقمص الوجداني أي قدرة الإنسان على تخيل نفسه مكان الآخر.
4. خصائص اللغة الإعلامية
من المعروف أن رجال الإعلام يكتبون لكل الناس في كل الأوقات وليس لجزء من الناس في كل الأوقات أو لكل الناس بعضا من الوقت، فكل كلمة تتضمنها عبارات النص الإعلامي يجب أن تكون مفهومة من عامة القراء وجمهور المستقبلين، ولهذا يجب أن تتحلى اللغة الإعلامية بمجموعة من الخصائص ويحدد الدكتور "عبد اللطيف حمزة" شروطا للغة التي تكتب بها المادة الصحفية وهي:
- إيثار الجمل القصيرة على الطويلة.
- إيثار الفقرات القصيرة على الفقرات الطويلة .
- الحرص على استعمال الألفاظ المألوفة للقراء وتجنب الألفاظ غير المألوفة.
- الحرص على استعمال الأفعال المجردة وتفضيلها على الأفعال المزيدة أو المبالغ في اشتقاقها على صورة من الصور.
- اصطناع الألفاظ والتراكيب التي يألفها القراء، أو التي تشعره بشيء من الإيناس.
- استعمال الفعل المبني للمعلوم وتجنب استعمال الفعل المبني للمجهول إلا عند الضرورة القصوى .
- لا يجوز للخبر أن يستعان فيه بالأشعار والحكم والأمثال وكلام الفحول من الكتاب. (عبد اللطيف حمزة، المدخل في فن التحرير الصحفي، دار الفكر العربي، ط1، القاهرة، ص 152- 154).
5. الفرق بين اللغة الإعلامية واللغة الأدبية
يقسم النقاد النثر إلى ثلاثة أقسام: النثر العادي ويستخدمه عامة الناس والنثر العلمي وتقدم به كافة الحقائق العلمية والنثر الفني، وهو يعتني بالألفاظ والتراكيب والجمل، وفي هذا الصدد، يقول الدكتور "محمد سيد محمد" بأنه مع بداية القرن التاسع عشر ظهر في الصحافة نوع رابع من أنواع النثر يسمى "النثر العملي أو الصحفي"، وهو يقف بين لغة الأدب ولغة التخاطب اليومي.
(محمد سيد محمد، الإعلام واللغة، سلسلة الدراسات الإعلامية، عالم الكتب، ط1، القاهرة، 1984، ص 10).
وإذا أردنا أن نسأل ما هو الفرق بين لغة الإعلام ولغة الأدب؟، الجواب لهذا السؤال ينبغي لنا أن نفرق بين الإعلام والأدب فالإعلام مهنه لها لغتها الخاصة وأساليبها ورجل الإعلام له أسلوبه بمعنى أن أسلوبه عملي، علمي لا بمعنى العلم، وإنما بمعنى أن أسلوبه مقابل للأسلوب الأدبي، ألفاظه ليست مقصودة لذاتها فهي بعيدة عن الدلالات المجازية وهي مرتبة بمنطق علمي سليم ودقيق وموضوعي تنقل الحقائق لا التجارب الذاتية، وبأبسط الأساليب اللغوية الميسرة والمعبرة، أما الأدب فهو فن ولغته ذاتية تعتمد التصوير والإيحاء واللغة الموسيقية واستخدام المجازات والبديع والإطناب والمحسنات اللغوية وهو يستهدف تكوين الفرد المعنوي للتأشير فيه من خلال التأمل.
والفارق بينها كبير فالإعلام أداته الكلمة وهي وسيلة لنقل الخبر الذي هو صلب العمل الإعلامي ويأتي بعدها الصورة والرسم الكاريكاتيري، فالكلمة لا تطلب لذاتها، أما الأدب فأداته الكلمة وهي تطلب في ذاتها لأنها جوهر التعبير ونبضه وأن فقدها انهار والإعلام مهنه والأدب فن والفرق بين المهنة والفن هو الفرق بين الإعلامي والأديب.
(جميل شلش محمد، اللغة وسائل الإعلام الجماهيرية، الموسوعة الصغيرة، العدد 260، ط1، 1986، ص33).
وفي هذا الصدد تحدثت الدكتورة "مارغريت سمير" في مداخلة مسجلة لمدة 25 دقيقة عن الفرق بي الأسلوب الصحفي والأسلوب الأدبي في المدرسة الغربية وكذا المدرسة العربية، وللاطلاه على هذه الماخلة توج على الرابط :
https://www.youtube.com/watch?v=cdvC6iPUZJk
6. القصة الأدبية والقصة الخبرية
أثار الخبر الصحفي أو ما يعرف بالقصة الخبرية مع بدايات القرن التاسع عشر زمن تطور الصحف جدلا واسعا بين الباحثين والإعلاميين، ومن بين النقاط التي أثيرت الجدل، الفرق بين القصة الخبرية والقصة الأدبية، بالرغم من أنهما يختلفان لغة وبناء ومعالجة، وإذا كانت كتابات الأديب تنبع من ذاته ووجدانه وتنقل أحاسيسه وعواطفه وخياله ومرجعيته الثقافية، فإن كتابات الصحفي تنبع من ذات المجتمع وتعبر عن أحاسيس وعواطف غيره، فالأديب تمتاز لغته بالغموض الفني، والصحفي بمرجعيتها القاموسية المستمدة من الواقع المعيش".
(عبد العالي رزاقي، المقال والمقالي في الصحافة الإذاعة والتلفزيون والانترنت، دار هومة للنشر والطباعة، 2008، ص08).
ويرى الدكتور "عبد اللطيف حمزة" بأن الفرق عظيم جدا بين القصة الأدبية والقصة الخبرية، وهو فرق يتضح في جانبين: جانب "العقدة أولا، وجانب "الأسلوب" ثانيا" (عبد اللطيف حمزة، مرجع سابق، ص 155).
ويقدم الدكتور "محمد سيد محمد" مقارنة بين القصة الأدبية والقصة الخبرية، فيرى "بأن الخروج من المألوف يمثل بابا تدخل منه القصة الخبرية، وأن الدراما الإنسانية تمثل بابا تدخل منه القصة بوجه عام" و"أن القصة الخبرية تعد تعبيرا موضوعيا عن واقعة، أما القصة الأدبية فهي تعبير ذاتي".
(محمد سيد محمد، الصحافة بين التاريخ والأدب، دار الفكر العربي، ط1، القاهرة، ص 54).
إن معظم من حاولوا المقارنة بين القصة الأدبية والقصة الخبرية لجأوا إلى "التنظير" أكثر مما استندوا إلى الحقائق الأدبية والصحفية، فعلى مستوى اللغة تختلف لغة الأديب عن لغة الصحفي، وعلى مستوى الكتابة، ينطلق الأديب من ذاته بينما ينطلق الصحفي من الواقع الاجتماعي.
وعلى مستوى البناء فإنهما يختلفان، فالقصة الأدبية تختلف من أديب لآخر، وتخضع لثقافة القاص، أما القصة الخبرية، فهي تخضع لشروط محددة مسبقا وهي:
أولا: توفر خبر يحمل عناصر القص بمعنى وجود حدث أو واقعة ليس من صنع الخيال كما هو الحال بالنسبة للأديب.
ثانيا: أن القالب الفني لكتاب القصة الخبرية هو الهرم المعتدل.
وهذا التقصي يكون على مستوى سياسة الصحيفة هي التي تحدد زاوية المعالجة إلى جانب القراء الموجهة لهم.
مثال توضيحي:
"أصدرت محكمة الجزائر حكما بالإعدام في حق طفلة لم تتجاوز سن العاشرة، بسبب قتلها إماما داخل المسجد، بسلاح ابيض ليلة العيد" فإن هذا الخبر يمكن التقصي فيه، وروايته بعدة طرق:
- عبر التحري في أسباب اتفاق قضاة المحكمة على إصدار حكم بالإعدام،في حق قاصر،وهذه القصة الخبرية تصلح للجريدة ذات الشأن القانوني.
- عبر التحري عن الدوافع الحقيقية التي أدت بطفلة قاصر إلى القتل، وهذا يكون في القصة التي تنشر في مجلة إنسانية.
- عبر التحري عن أسباب اختيار المسجد وليلة عيد الأضحى لارتكاب هذه الجريمة وهذه القصة تصلح للصحف ذات المضامين الدينية.
ويتساءل الدكتور "نصر الدين لعياضي": هل يمكن القول أن في كل نص صحفي يوجد نص أدبي؟، ويشير إلى أن "الكتاب والأدباء هم الأوائل الذين احتضنوا الصحافة وطوروها وأن العلاقة بين الصحافة والأدب لا زالت قوية ومؤثرة في بعض الأنواع التي يقال أنها تعبيرية الصورة الصحفية...".
(نصر الدين لعياضي، مساءلة الإعلام، المؤسسة الجزائرية للطباعة، الجزائر، 1991، ص 154).
7. استخدام العامية في اللغة الإعلامية
إن استخدام اللغة العربية بشطريه الفصيح والعامية في وسائل الإعلام ومدى ملائمة وعدم ملائمة كل منهما في الوقت نفسه، أدى إلى ظهور تيارين، تيار يؤيد استخدام اللغة العربية الفصحى في وسائل الإعلام والآخر يرفض هذا المبدأ داعيا إلى استخدام العامية بدلا منها، إذ يرى التيار الأول "الفصيح" أن استخدام العاميات تعتبر تهجينا وإفسادا للغة والثقافة، وأن اللغة العربية الفصحى تؤدي إلى فوائد عدة منها تنمية الحس الفني لجمالية اللغة وخلق مناعة مستمرة تجاه عوامل التجزئة على الصعيد القومي والوطني، بينما سيؤدي استخدام العامية إلى تكريس التجزئة الوطنية والقومية وبالتالي فهي انتحار، بينما يرى التيار الآخر أن واقع الحال يفرض استخدام العامية فهي اللغة المشتركة الأقرب إلى فهم الجمهور.
(الحاج كمال، الإعلام النامي، مطبوعات جامعة دمشق، دمشق، ص 406).
إن وسائل الإعلام الجماهيري صنعت جمهورا إعلاميا يحتوي على شرائح أمية أو شبه أمية أبجديا وثقافيا مما جعل الفصحى تشكل حائلا اصطلاحيا وتواصليا وتأثيريا لا يمكن تخطيه إلا باللجوء إلى العاميات، وفي هذا الشأن ترجع الباحثة "فريال مهنا" جنوح اللغة الإعلامية إلى الاستعانة بالعاميات إلى عدة أسباب منها:
أولا: اعتقاد بعض الوسائل الإعلامية التي تدخل العاميات إلى أغلب موادها، أن ذلك هو الوسيلة المثلى لاستقطاب الجمهور، مدفوعة باعتقاد أن مواكبة العصر والتطور ومحاكاة الأمم الأكثر تقدما تستوجب الابتعاد عن الفصحى واللجوء إلى العاميات.
ثانيا: المضامين الهابطة لبعض المواد "البرامج" وخاصة الترفيهية تحتم استخدام العاميات، لأن الفصحى لا تلاؤم بطبيعتها مع هذا النوع من الثقافات الترفيهية.
ثالثا: تمسّك بعض الأوساط الثقافية والأكاديمية بحرفية اللغة العربية التراثية إلى حد التعصب مما يدفع العديد من القائمين على الإعلام نحو التخلي التدريجي عن اللغة الفصحى.
(الحاج كمال، مرجع سابق، ص 407).
وخلاصة القول يجب ان يكون استخدام اللغة العامية في الكتابة الصحفية متوازن وفي مكانة المناسب حتى يكون له أثر نفسي ايجابي على القارئ وعدم الافراط فيها، حيث أكدت في هذا الشأن الاستاذة وفاء كامل عضو مجمع اللغة في مصر ان الافراط في استخدام العامية يعتبر عيب كما يوضحة الفيديو أدناه: