2. بوادر الاهتمام باللغة الإعلامية
تعتبر اللغة جوهر العمل الصحفي لأن الصحيفة تتعامل في مادتها الإعلامية مع الواقع المعيش، وأن الأحداث المستجدة في محيط الصحيفة والبيئة المحيطة بها، على مختلف الأصعدة تؤثر في لغة الصحافة، وهو ما يؤدي إلى ظهور تعابير ومفردات جديدة، ولقد بدأت بوادر الاهتمام باللغة الصحفية عام 1904 عندما أصدر الشيخ "إبراهيم اليازجي" كتابه المعنون بـ "لغة الجرائد"، الذي يعتبره بعض الباحثين الإعلاميين آنذاك بمثابة "التمهيد لمنظور بحثي شامل للتراكيب الأساليب الصحفية (سامي الشريف، أيمن منصور زرا، اللغة الإعلامية المفاهيم الأسس التطبيقات، جامعة القاهرة للتعليم المفتوح، القاهرة، 2004، ص33.)، وبعد ثلاثين سنة، تعززت المكتبة الإعلامية بكتاب آخر للشيخ "عبد القادر المغربي" بعنوان "تعريب الأساليب"، ثم تلاه فيما بعد ذلك كتاب "الصحافة وتجديد اللغة" للباحث "عبد الله كنون"، إلا أن الحديث عن علم اللغة الإعلامي، أو علم الإعلام اللغوي يكاد يكون محصورا في عدد قليل من الكتب والأبحاث (محمود عكاشة، خطاب السلطة الإعلامي، الأكاديمية الحديثة للكتاب الجامعي، ط1، القاهرة، 2005، ص63.).
ولغة الصحافة توصف بأنها "قريبة الدلالة سريعة الفهم تقترب كثيرا من لغة الخطاب اليومي، وتتفاعل مباشرة مع الواقع الخارجي، وفيها كثير من التراكيب الجديدة، التي تعبر عن معاني حديثة، فالحدث يصنع لغة خاصة به قد تنتهي بموته، وتحمل طابع الدقة، والحيوية، والوضوح، ويختلف الأسلوب باختلاف المشاركين في الحدث ومضمون الموضوع (محمود عكاشة، المصدر نفسه، ص ص 75-76)، ويحدد علماء اللغة وظائفها في ثلاث:
- الوظيفة الإعلامية.
- الوظيفة التعبيرية.
- الوظيفة الإقناعية.
وعلى هذا الأساس يحدد بعض الباحثين الأنواع التحريرية في:
- التحرير الإقناعي.
- التحرير التعبيري.
- التحرير الإعلامي.
(عبد العزيز شرف، المدخل إلى وسائل الإعلام، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2000، ص ص 193-192).
ويتمسك الدكتور "عبد العزيز شرف" بأن التحرير الصحفي تعبير موضوعي، يبتعد تماما عن الذاتية التي يتصف بها الأديب أو التحرير التعبيري في حين أن التحرير الإقناعي يتسم بأساليب التحرير الأدبي والتحرير الإعلامي، ويحمل بعض من الباحثين المؤسسات الإعلامية "المسؤولية الأولى للارتقاء بالمستوى الفكري واللغوي للجماهير وعليها يقع العبء الأكبر لتقويم اللسان العربي، وتصحيح الأخطاء الشائعة" (محي الدين عبد الحليم، حسن محمد أبو العينين الفقي، العربية في الإعلام: الأصول والقواعد والأخطاء الشائعة، مطابع دار الشعب، القاهرة، 1988، ص 33)، في حين يرى آخرون بأن لغة الصحافة هي التي تمد "اللغة المعاصرة بأساليب ومسكوكات لغوية جيدة، تعمل على مسايرة المستجدات" (صالح بلعيد، لغة الصحافة، دار الأمل للطباعة والنشر والتوزيع، الجزائر 2007، ص 32).