Résumé de section

  •    يكون الهدف المقصود في العملية الإقناعية مفترضا في القائم بالاتصال، سواء كان هذا الهدف ظاهرا بصورة واضحة ومباشرة أو بصورة ضمنية، وقد حدد Bettinghaus سنة 1973م الإقناع على أنه محاولة مقصودة من جانب المرسل لتغيير معتقدات أو اتجاهات أو سلوكيات المستقبل من خلال نقل بعض الرسائل، وهنا يلاحظ استخدام تعبير بعض الرسائل، حيث يشير هذا التعبير إلى أهمية التكرار والكثافة والتنوع في العملية الإقناعية. ويشير هذا التعريف إلى أن الإقناع يشتمل على هدف مقصود من جانب القائم بالاتصال ليؤثر على مستقبل الرسالة الإقناعية، ولكن ليس المفترض أن يكون القائم بالاتصال بمفرده نشطا بقصد في العملية الإقناعية، بل إنه من الضروري أن يكون الجمهور المستهدف نشطا بقصد.

       وفي الماضي كان هناك اتجاه يميل إلى تحليل الاتصال ليس على أساس أنه عملية، ولكن على أساس تأثير وسائل الإعلام المباشر، مشبهين ذلك بالحقنة التي تؤخذ تحت الجلد فتكون سريعة المفعول مضمونة الأثر. والملاحظ أن كثيرا من المناقشات الأولى عن تأثير وسائل الإعلام كانت تدخل تحت هذا الوصف، حيث ساد الاعتقاد حتى السنوات الأولى من القرن العشرين أن الرسالة التي تظهر في وسائل الإعلام تحدث تأثيرا مباشرابمجرد أن تصل للجمهور.

       التعديلات السلوكية التي تنتج عن الاتصال الإقناعي: 

        تشير بعض التعريفات إلى أن العملية الإقناعية يمكن تطبيقها على موقف يتم من خلاله تعديل السلوك عن طريق المعاملات الرمزية(رسائل)، التي تكون أحيانا مرتبطة بنوع من الإجبار غير المباشرلاستمالة العقل والعاطفة والخوف لدى الفرد المستهدف. 

       وتشير تعريفات أخرى إلى أن إقناع الأفراد يعادل التحول في السلوك، بمعنى أن الأفراد يتم إقناعهم عندما يتخلون عن نوعية من السلوكيات ويتبنون نوعية أخرى.

       وإذا حللنا هذه التعريفات نجد أنه ينقصنا تحديد أنواع التعديلات السلوكية التي تنتج عن الاتصال الإقناعي، والتي تتمثل في ثلاثة أنواع من النتائج السلوكية تنتج عن العملية الإقناعيةعلى النحو التالي:

       1-الإقناع وعملية تكوين الاستجابات:

       لا يملك الأفراد نماذج واضحة من الاستجابات لمنبهات معينة في البيئة، وهنا يأخذ الإقناع شكل تكوين نماذج لاستجابات معينة لهذه المنبهات. وهنا يظهر التعامل مع أشخاص لديهم خبرة تعليمية سابقة محدودة أو مع مواقف يظهر فيها منبهات جديدة في البيئة. ولتوضيح ذلك نأخذ الأطفال كمثال: فمما لا شك فيه أن الأطفال في بداية حياتهم يكون عندهم نقص في الاستجابات للتعامل مع الموضوعات الاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية.

       إن الكثير الذي نرجعه للتنشئة الاجتماعية يتكون من إقناعنا للطفل بأن يستجيب -وبطريقة معينة دائما- للمنبهات التي  يتعرض لها، هنا نجد أن الوالدين والمدرسين والآخرين من المحيطين به يؤثرون على الطفل في تكوينه وتشكيله واختياره للاستجابات التي يقوم بها. ولكن الذي يجب أن نؤكده هو أن كل الأمثلة في تكوين الاستجابات ليست بالضرورة أمثلة للإقناع، وهذا التأكيد يدل ضمنا على أن الإقناع يمكن أن يكون نوعا من الشيء الذي نطلق عليه التعلم Learning، حيث إنه -على سبيل المثال- لا نستطيع أن نقول إننا أقنعنا الطفل بأن يربط رباط حذائه بطريقة صحيحة، وهنا يمكن القول إن الطفل تعلم أن يربط رباط حذائه بطريقة صحيحة، ولكن إذا رفض الطفل محاولة السلوك الذي يجعله يربط حذاءه أو أهمل التقاط ملابسه أو لعبه.. هنا من المحتمل أن يتعرض الطفل لعديد من الرسائل من جانب المحيطين به، هذه الرسائل تهدف تشكيل سلوك معين (ربط الحذاء، التقاط الملابس، ترتيب اللعب)، وإذا نجحت هذه الرسائل في إحداث التأثير المرغوب، هنا يمكن للقائم بالاتصال أن يقول إنه أقنع الطفل في أن يصبح معتمدا على ذاته، وإذا لم ينجح في إحداث التأثير المرغوب .. هنا يدرك أنه فشل في مهمته الإقناعية، وعليه أن يبتكر وأن يلجأ إلى استراتيجية أخرى للتعامل مع المشكلة والموقف.

       ويعتبر تشكيل الاستجابات وتكوينها مظهرا من المظاهر السلوكية للإقناع، حيث صنف المنظرون هذه العملية على أنها عملية تكوين اتجاهات. وعلى أية حال يلاحظ أن الرسائفل التي تهدف إلى تشكيل وتكوين الاستجابات يكون منتظرا أو مقدرا لها النجاح أكثر من الرسائل التي تهدف إلى تغيير نماذج سلوكية موجودة بالفعل.

        2- الإقناع وعملية تدعيم الاستجابات:

       هناك نوع من الاتصال القناعي يكون هدفه تدعيم الاستجابات التي تم إقناع الجمهور بها ليجعلهم أكثر مقاومة للتغيير، ويبدو أن وظيفة الإقناع الخاصة بتدعيم الاستجابات بسيطة ولا تتطلب اهتماما كبيرا مثلما يحدث في تغيير الاتجاهات مثلا.

      وفي حالة تدعيم الاستجابات قد لا يكون لمصداقية المصدر أهمية أو تأثيرا، وهذا بخلاف الحالات التي يركز فيها المصدر على تكوين استجابات أو تغيير سلوكيات. 

       3- الإقناع وعملية تغيير الاستجابات:

        إن الإقناع يتم التفكير فيه على أنه عملية تغيير في الاستجابات، مثلا المدخنين، يتم إقناعهم ليصبحو غير مدخنين، ونجد أن أغلب التعريفات التي حددت معنى الإقناع هو عملية تغيير في الاستجابات، وهناك مصطلحات تشير إلى صفات وأفعال معينة تم استعمالها في هذا الصدد، مثل: يعدل، يؤثر، وعلى الرغم من استخدام هذه النوعية من الكلمات ذات المعاني الخاصة .. فإن النصيب الأكبرفي المراجع قد تم تكريسه لتحليل الإقناع كعملية لتغير الاستجابات.