المحاضرة الرابعة:      الموقف من القديم وسلطته

    تمهيد: إذا كانت الحداثة لا تعني عند النقاد المرحلة الزمنية التي يعيشونها فإن المعاصرة عكس ذلك فهي تعبير موثق عن المرحلة الزمنية لذلك، فان السؤال المطروح كيف ينظر الشعر المعاصر إلى التراث.

   الادباء المعاصرون والتراث: يقول أدونيس "إن الشعر العربي المعاصر لا يكتب في فراغ بل يكتب ووراءه الماضي وأمامه المستقبل، فهو ضمن تراثه مرتبط به لكن هذا الارتباط ليس محاكاة للأساليب والنماذج التقليدية  وليس تماشيا معها ولا بقاء ضمن قواعدها ومناخها الثقافي، فليس التراث عادة في الكتابة أو موضوعات طرحت ومشاعر عونيت وعبر عنها، وانما هو طاقة معرفة وحيوية خلق .... لا يستطيع الشاعر أن يبني مفهوما شعريا جديدا الا إذا عان أولا في داخله  انهيار المفهومات السابقة" أدونيس

 نموذج إعتذار لأبي تمام (نزار قباني):

أمير الحرف .... سامحنا

فقد خنا جميعا مهنة الحرف

وأرهقناه بالتشطير، والتربيع، والتخميس، والوصف

أبا تمام ... إن النار تأكلنا

ومازلنا نجادل بعضنا بعض

عن المصروف ... والممنوع من الصرف ....

وجيش الغاصب المحتل ممنوع من الصرف!!

وما زلنا نطقطق عظيم أرجلنا

وتقعد في بيوت الله ننتظر ....

بأن يأتي الامام على .. أو يأتي لنا عمر

ولن يأتوا ... ولن يأتوا

فلا أحد بسيف سواه ينتصر ...

*     *     *      *     *      *       *

أبا تمام: أن الناس بالكلمات قد كفروا

وبالشعراء قد كفروا ....

فقل لي أيها الشاعر

لماذا الشعر حين يشيخ

لا يستل سكينا .... وينتحر؟

 

نموذج: أمل دنقل: البكاء بين يدي زرقاء اليمامة:

 

أيتها العرافة المقدسة .....

جئن إليك ....مثخنا

بالطعنات والدماء

أزحف في معاطف القتلى،

 وفوق الجثث المكدسة

منكسر السيف، مغبر الجبين

والاعضاء.

أسأل يا زرقاء .....

عن فمك الياقوت عن، نبوءة

العذراء

عن ساعدي المقطوع .... وهو

ما يزال ممسكا بالرايه المنكسة

عن صور الاطفال في

الخوذات .... ملقاة على

الصحراء

عن جاري الذي يهم بارتشاف الماء ....

 فيثقب  الرصاص رأسه ....في

 لحظة الملامسة!

عن الفم المحشو بالرمال

والدماء!!

أسأل يا زرقاء ....

عن وقفتي العزلاء بين

السيف والجدار!

عن صرخة المرأة بين السبي

 والفرار؟

كيف حملت العار ....

ثم مشت؟ دون أن أقتل

 نفسي؟ دون أن أنهار ؟!

ودون أن يسقط لحمي ... من

غبار التربة المدنسة؟!

تكلمي أيتها النبية المقدسة

تكلمي ... بالله ... باللعنة ....

  بالشيطان

لا تغمضي عينيك، فالجرذان

تلعق من دمى حساءها ...

 ولا أردها !

تكلمي ... لشد  ما أنا مهان

لا الليل يخفي عورتي ... كلا

ولا الجدران!

ايتها العرافة المقدسة

ماذا تفيد الكلمات البائسة؟

قلق لهم ما قلت عن قوافل الغبار

قلت  لهم ما قلت عن مسيرة الاشجار ...

فاستضحكوا من وهمك الثرثار!

وحين فوجئوا بحد السيف قايضوا بنا ...

والتمسوا النجاة والفرار!

ونحن جرحى القلب

لم يبقى إلا الموت والحطام والدمار ....

وصبية مشردون يعبرون اخر

 الانهار..

ونسوة يسقن في سلاسل

 الاسر،

وفي ثبات العار

مطأطئات الرأس ....

لا يملكن إلى الصراخات

الناعسة!

 

      الحالة المزرية التي ال إليها العرب قيما ليس المهم في التجديد ملاحظة مظاهر العصر والتعبير عنها ولكن المهم فهم روح العصر والتفاعل معها وبها.

يقول عز الدين اسماعيل: "الشعر المعاصر محاولة لاستيعاب الثقافة الانسانية وتحديد موقف الانسان المعاصر منها" لذلك علاقة الشاعر بالتراث يجب أن تكون علاقة فهم وادراك واع للمعن الانساني فهناك فرق بان تعيش في التراث أو نعيش بالتراث ....

آخر تعديل: Saturday، 23 March 2024، 10:24 PM