تحيد الإشكالية:

      سوف نحاول في هذا البحث أن نجيب عن سؤال هام وملح ذي صلة بهذا النوع الجديد من العوازل فما  المقصود بالعوازل السائلة وكيف تشتغل؟  مستعينين في ذالك بتجربة أحدى المقاولات التي تشتغل في هذا المجال، غير أن المشكلة الأساسية في بحثنا هذا تتعدى هذا السؤال الفني والمعرفي إلى ابعد من ذالك للبحث في الآليات التنظيمية لعمل هذه المقاولة ،والبحث في السبل التنظيمية الكفيلة بتوسيع سوق النشاط لهذا البديل البيئي والاقتصادي، الذي يوفر لخزينة الدولة مبالغ مالية كبيرة ويوفر للساكنة الراحة والاستقرار ويوفر للعاملين في القطاع الجهد والوقت والمال ، ويحفظ لمنجزنا العمراني بعده الجمالي والحضري كما انه يعد إضافة معرفية وميدانية لأساليب العمل النظيفة والصديقة للبيئة.

لذالك سوف نحاول من خلال هذا البحث أن نبني إستراتيجية للعمل المشترك بين الباحثين الأكاديميين والقطاع الشريك والمستهدف من هذا البحث لتطوير مثل هذا النشاط القائم على فكرة المقاولة البيئية، أي عبر إيجاد جسر يربط بين الممارسة الواقعية والنظرة العلمية التي تتجاذبها العديد من التخصصات بما فيها تخصصات العلوم الإنسانية والاجتماعية التي لا تقف جانبا من مثل هذا النوع من الدراسات العلمية فهي تحاول أن ترافق دائما جانب الممارسة كي يكون على السكة الصحيحة .

  وبالتالي نسعى من خلال هذا البحث كمختصين في التنظيم والعمل ومنتمين لوحدة تنمية الموارد البشرية بجامعة سطيف 2. لتجنيد مجموعة من الباحثين في فرقة عمل من تخصصات مختلفة ،في الكيمياء والاقتصاد وفي تنظيم العمل من جهة ومن القطاع المعني ( قطاع البناء-مدير المقاولة) وفي صميم إشكالية هذا البحث سوف نبحث عن السبل التنظيمية والإدارية الكفيلة ببعث هذا النواع من المقاولات البيئية، خاصة وأن هذه المقاولة محل الدراسة كنواة أولية لها كامل الاستعداد لتوسيع  تجربتها بتكوين المكونين لتطبيق هذه التقنية وإيجازت العديد من الشباب لفتح مقاولات في نفس النشاط لأجل تعميم النشاط وإيصاله لمختلف نقاط الوطن،كما سوف نبحث في السبل الكفيلة بالتعاون مع قطاع التكوين المهني في هذا المضمار وبالتالي نبحث كمختصين في تنظيم العمل وتنمية الموارد البشرية في السبل الكفيلة بتنظيم دورات لتدريب وتكوين وتنمية  الموارد البشرية بهدف توسيع نشاط المقاولة البيئية في ولاية سطيف كمرحلة ابتدائية، ومن ثم توسيع الدراسات العلمية في هذا المجال. فما البديل العلمي والعملي للعوازل المائية التقليدية المكلفة اقتصاديا وبيئيا؟ وكيف طورت الولايات المتحدة الأمريكية نظام العوازل السائلة مستعينة بتجارب في حقل معرفي متخصص عرف " بالنانو تكنولوجي" وصولا إلى الجيل الرابع للعوازل السائلة تلخص في منتوج نظام استاك؟.

تساؤلات الدراسة:

1- ما المقصود من هده التقنية ، وكيف تم تطبيقها في دول اخرى جعلتها تتخلى عن بقية الأساليب التقليدية الأخرى.

2-هل تطرح الأساليب التقليدية للعزل المائي مشكلات تؤدي لإهتلاك المنجز العمراني في ولاية سطيف؟

3-هل تقنية العزل المائي التي تطبقها المقاولة محل الدراسة تمثل بديلا فعالا من حيث الاقتصاد في الجهد و زمن الإنجاز وتكلفته ومن حيث الاقتصاد في الطاقة والحفاظ على البيئة؟

4-ما النموذج التنظيمي والفني الأمثل لنقل هذه التقنية ،ولفتح أبواب هذا النشاط  في القطاع المستهدف؟

5-ما النموذج التنظيمي ( المؤسساتي –الاقتصادي-البشري) الأنسب لنقل هذه التكنولوجيا وتعزيز صناعة العوازل المائية السائلة بالجزائر.

أهداف الدراسة:

1-الوقوف على أهم الصعوبات في قطاع النشاط المستهدف و المعيقة لتطوير نشاط المقاولة الناشئة والتي تطبق تقنيات حديثة لم يسبق العمل بها.

2-استكشاف أنشطة مقاولاتية جديدة تقوم على الاقتصاد في الإنجاز والحد من الإهتلاكات للمنجز العمراني بتطبيق تكنولوجية العوازل السائلة.

3-استشراف نموذج تنظيمي متكامل وفعال يعمل على توسيع نشاط المقاولة البيئية ودعم الشباب للمضي في مثل هذا النشاط.

4- وضع خطة للتمويل المصرفي لمثل هذه المشاريع ،وبحث العوائق الموجودة في منظومة التمويل السائدة.

5-المساهمة في وضع إستراتيجية لنقل هذه التكنولوجية ولتصنيع هذه المادة محليا وتسويق فكرة المقاولة البيئية خارج ولاية سطيف.

منهج الدراسة:

نطبق منهج دراسة الحالة للمقاولة المستهدفة من الدراسة

1- المنهج التجريبي على المادة الكيماوية المستعملة في هذا النشاط للوقوف على خصائصها الكيماوية

ومدى قدرتها على حماية المنجزات العمرانية.

2-المسح الشامل للعديد من الأحياء العمرانية والمنشات الإدارية و الصناعية التي استعمل فيها العزل المائي التقليدي( التزفيت) للوقوف على حقيقة المخاطر الناجمة عن هذه الطريقة التقليدية.

3-دراسة ميدانية لعينة من الشباب المنتمين لقطاع التكوين المهني وقياس اتجاهاتهم نحو النشاط المستهدف وقياس استعداداتهم لتلقي تكوين خاص بهذه التقنية الحديثة من ثم إجازتهم بعد التدريب للعمل بهذه التقنية وفتح المجال لإنشائهم مقاولات النشاط المستهدف.

المنتج محل نشاط المقاولة المزايا البيئة والتطبيقات المتميزة:

 

شركة بارفاكت بانت للعوازل  تأسست سنة 2012 .حيث جاءت فكرة الاستثمار في تكنولوجيا العوازل المائية لمدير الشركة من خلال صديق له كان يقيم في الولايات المتحدة الأمريكية،حيث اقترح هذا الأخير على صاحب الشركة توريد منتج أستاك

العالمي والذي يعتبر الرائد في ميدان العزل المائي والحراري والرطوبة وضد الصدم الحراري، حيث أن القائمين عن المنتج استهدفوا في صناعته ليساهم في تحويل كل أسطح المباني إلى أسطح بيئية، وتعتمد مكونات المنتج على قاعدة مائية صرفة ومكونات ومواد ترتكز على تقنية "النانو تكنولوجي"

الطريقة التي بدأت تشق طريقها في مجال الاستعمالات الصناعية في الألبسة وفي الصناعات الثقيلة والخفيفة وفي ميدان الصناعات الصيدلانية، فمثلا يكفي الشخص المصاب بالحساسية أن نلبسه لباسا

مصنوع بهذه الطريقة بدل إعطائه أدوية كيماوية،وبدأ فريق العلماء اشتقاق الأسس العلمية لهذه الطريقة من خلال ملاحظات علمية لبعض الظواهر في الطبيعة ، فسألوا عن الميزات التي تميز أجنحة الطيور وأوراق العنب لتجعلها منيعة وتحميها من الأمطار المتساقطة، من هذه الملاحظات أخذ علم " النانو تكنولوجي  مساحات لصناعة الألبسة التي لا تتبلل.......وجاءت بذالك فكرة صناعة منتوج عازل للماء والحرارة  ، ولنفاذ الحرارة من وإلى داخل السكنات ، فمنتج أستاك الأمريكي يعتبرمن العوازل  القليلة عالميا والذي تتوفر فيه عدة خصائص دفعة واحدة نذكر منها:

1- يحافظ على الأسطح في أي منطقة كانت،في المناطق تحت الصفر درجة أو التي تتجاوز الستين درجة مئوية

2-كما يستعمل كعازل للمسابح والحمامات المعدنية التي تتجاوز فيها درجة الحرارة 75 درجة مئوية ،كما يقاوم هذا العازل عند درجة حرارة تصل إلى 120.

3-درع شمسي: يتكون منتج أستك من طبقة من السيراميك والتيتانيوم لها مقاومة فائقة ضد الأضرار الناجمة عن الإشعاعات فوق البنفسجية وهو بالتالي عازل لنفاذ الحرارة.

4-حاجز ضد التآكل حيث لا يتأثر برذاذ مياه البحر أو الأمطار الحمضية أو مسببات التآكل التي تحملها الرياح كذاك.

5- توفير الحماية من الصدم الحراري، حيث يقلل من أضرار الصدم الحراري ويضل محكما ضد تسرب المياه على كافة الأسطح والمواد.

6- مقاوم للرياح نظام قوي وبدون فواصل يؤدي إلى أسطح محكمة ضد العوامل المناخية.

7- الحماية الحرارية نظام متين وطويل الصلاحية يوفر حماية من الحرارة والاحتراق ،ومقاوم للحريق.

8- يوفر نفقات الصيانة المتكررة والخسائر الناجمة عن الحرارة وله أمد حماية يتراوح بين 30 و 40 سنة.

9- يقلل من استهلاك الطاقة خاصة في المناطق الصحراوية حيث يخفض من حرارة المكان مانسبته 40 بالمئة وبالتالي توفير استهلاك

تاريخ تأسيس المقاولة (من شركة بار فكت بان إلى الشركة ذات الشخص الوحيد2012-2019):

يقول مؤسس الشركة أن خصائص المنتوج الامريكي أستاك والفوائد المترتبة عن استعماله والتي سبق الإشارة لها كانت الدافع القوي لتأسيس شركة بار فكت بان ،ويقول " بدأت مع شريك لي في توريد منتوج أستك ،والبحث عن زبائن محتملين والنقاش معهم حول أهمية المنتج وأستمر العمل على هذا الحال حتى نهاية 2014.حيث قرر شريكي الانسحاب من الشركة معتقدا أن المنتج لن يكون له مكان في السوق ،هذ الأمر تسبب في إرهاقي ماديا بشكل كبير بعد أن قرر شريكي الحصول على الأصول التي دفعها للشركة، بقيت أصارع الأمر لتغطية بعض المشاكل المادية فيما أتيح لي من نشاط في بعض الأسواق البسيطة ، في حين كان يلزمني الحصول على موافقة "المركز الوطني للدراسات والأبحاث المتكاملة للبناء".

وفي سنة 2015 تحت طائلة ضغط الديون أدخلت  معي شريكين اثنين إلى غاية 2016 لينسحبا ويدخل محلهما شريك جديد وفي سنة 2017 وبعد استكمال الوثائق المتعلقة بملف" المركز الوطني للأبحاث المتكاملة للبناء" تم تقديم تطبيقات على المنتج لهذا المركز على قطع مخصص لذالك ،وفي ظل عدم وجود جهاز خاص لتحليل مكونات المنتج والذي يستغرق 3 أشهر تقريبا ، انتظرنا حتى حضرت هيأت المركز هذا الجهاز بمبالغ ضخمة، ليتم التحضير لاستدعاء المنتج الأمريكي من أجل عرض المنتج على هذه الهيأت وما رافق ذالك من إجراءات مرهقة والتحضير للجنة التي ستناقش الأمر،وكنت أسعى جاهدا للوصول للخطوة التي أراها الأهم بالنسبة لمستقبل المنتج في بلادنا وهي تصنيع المنتج في الجزائر بالمواصفات العالمية ليكون منتج أمريكي مصنوع في الجزائر.

وبالفعل وافق الأمريكيون على مقترحي هذا لتكون شركتنا الوحيدة المصنعة للمنتج وكذا أعطوني توكيل حصري لدولة تونس،وفي حال نجاح المشروع وعدوني بإعطاء توكيل بالنشاط على مستوى أفريقيا.

في سنة 2017 حصلت على الموافقة التقنية بعد مناقشة اللجنة الخاصة بالمركز الوطني للدراسات والأبحاث المتكاملة للبناء حيث قمنا بعرض المنتج في نزل.

يقول صاحب المشروع وقد حضر هذا العرض العديد من الهيات والشخصيات من مسؤلين ومن بنك التنمية المحلية وقنصل أمريكا وممثل عن عدة شركات أمريكية وكان العرض ناجح بشكل رائع.

بعد أعطتنا هيأت "المركز الوطني للدراسات والأبحاث المتكاملة للبناء" الموافقة على أاعتماد المنتج في الجزائر كأحد الأنظمة البديلة للعزل اتجهت الأمور إلى منعطف آخر غير متوقع.

حيث أن الشركة توقفت عند 2017 واستمر الأمر إلى 2019 حيث انسحب الشركاء من الشركة لتتحول إلى شركة ذات الشخص الوحيد،في سنة 2019  أعاد الأمريكيون الاتصال بي من جديد وكان قرارهم أن الشركة "بار فكت بان " لم يعد لها أي توكيل حصري وأنهم يعيدون لي التوكيل ألحصري لإعادة بعث العمل من جديد.

يقول صاحب المشروع تقدمت حاليا لعدة بنوك قاصدا طلب التمويل ورغم إلحاح السيد الرئيس على تسهيل الدعم المصرفي من قبل البنوك لتمويل المشاريع ذات الجدوى الاقتصادي ،والمشاريع التي توطن التقنية بل وأكد على رفع نسبة التمويل لمثل هذه المشاريع لتصل إلى 90 بالمائة وتحمل البنك لمخاطر الاستثمار.

يقول صاحب المشروع رغم هذا كله لم أجد لحد الآن أذان صاغية ولكن سعيي حثيث لإيجاد بدائل تمويلية ومشاركة من لهم قدرة على النظر بعيدا وتقويم مستقبل ما نحن بصدده.

 

برنامج  العمل:

تعتبر  فرقة البحث المكونة  من المختصين الأكاديميين والقطاعيين بمثابة خلية لنقل تكنولوجية العوازل المائية حيث تعمل  على تدريب وتنمية المقاولين  الشباب من خريجي الجامعة من الناحية المعرفية والفنية ، والإدارية ليصبحوا قادرين على تسيير المقاولات البيئية الناشئة للنشاط المستهدف في ضرف زمني قياسي.

تجنيد العديد من الشباب خريجي التكوين المهني من التخصصات القريبة من النشاط للانخراط كعمال فنيين وتنفيذيين للتكوين عند المقاولة النواة للتكوين حول طريقة تطبيق العوازل المائية مع ضرورة إمدادهم بالملمح ألنضري حول التقنية المعتمدة.

إعطاء شهادات تجيز خريجي الجامعات لفتح المقاولات البيئية في النشاط المستهدف وكذا الفنيين والعمال التنفيذيين ، للإستفادة من الدعم المصرفي اللازم لتسيير المقاولات الجديدة بمرافة فريق البحث ووحدة تنمية الموارد البشرية والمقاولة النواة.

يتكفل المتخصص بالجانب الاقتصادي بوضع   

المراجع:

1/  مجلس البحث العلمي ، EXWAالاسكوا إكسوا al المنظومة الوطنية لنقل التكنلوجيا في سلطنة ،2017عمانم،https://www.unescwa.org/sites/www.unescwa.org/files/events/files/book_oman-

2017 lr.pdf

2/"السياسات التكنولوجية في الأقطار العربية, مركز دراسات الوحدة العربية, الأمم المتحدة للجنة الاقتصادية لغرب آسيا, 1997.

"السياسات التكنولوجية في الأقطار العربية, مركز دراسات الوحدة العربية, الأمم المتحدة للجنة الاقتصادية لغرب آسيا,

1997. https://ebook.univeyes.com/43394/pdf-%D9%86%D9%82%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%83%D9%86%D9%88%D9%84%D9%88%D8%AC%D9%8A%D8%A7

André Tiano ; Transfert de technologie industrielle ; Economica ; Paris ; 1981.

1-                  أحمد غنيم, سبل تقييم اختيار التكنولوجيا المناسبة في الصناعات.

2-                  محمد سعيد أوكيل, اقتصاد و تسيير الإبداع التكنولوجي, ديوان المطبوعات الجامعية,1994.

3-                  عدنان كركور, التنمية الصناعية و تحويل التكنولوجيا و تطويعها و الشركة الوطنية للنشر و التوزيع, 1981.

4-                  غراهام جونس, دور العلم و التكنولوجيا في البلدان النامية, مطبعة وزارة الثقافة, دمشـق, 1975.

5-                  منى بنت راشد الغامدي, رؤية في قضية نقل التكنولوجيا إلى العالم النامي, مطبعة مكتبة التربية العربي لدول الخليج, الرياض, 2001.

Modifié le: Friday 19 May 2023, 21:00