ٍ
- دراسة جان بيناف : إنحدار المقاولين الجزائريين :
لقد درس هذا الباحث المقاولين الجزائريين من خلال الاعتماد على متغير أساسي ألا و هو " المسار الإجتماعي " لهذه الطبقة ، لمعرفة الشروط الإجتماعية التي ساعدت على تشكلها.
كما تساءل عن كيفية تسييرهم لرأسمالهم و مؤسساتهم و قد عرف رب العمل على أنه: ( الشخص الذي يدير المؤسسة فعليا، بحيث تكون له المسؤولية الأساسية في تشكيلها "يشارك مباشرة في شراء الآلات مثلا" و مسؤولية التسيير اليومية و بالتالي سير المؤسسة و تركيبها ، كما له الحق في اختيار نوع المنتوج الذي يريد انتاجه و كيفية انتاجه و في اختياره لليد العاملة ).[1]
كما اعتمد "جان بيناف" على عدة متغيرات في في دراسة المسار الإجتماعي للمقاول الجزائري هي الأصل الإجتماعي ، الأصل الجغرافي ، المستوى التعليمي و المسار المهني ، وذلك ليتمكن من تفسير كيفية تشكل هذه الطبقة من المقاولين و كشف الإستراتيجيات التي استخدموها لإنشاء مشاريعهم الصناعية .
و قد فرق "بيناف" بين نوعين من المقاولين من خلال إختلاف مسارهم الإجتماعي هما :
أ- مقاولين كانوا تجارا :
بحيث هناك مقاولين كانوا تجارا كبارا وكانت لهم مكانة اقتصادية مرموقة قبل استقلال الجزائر، غذ كانوا في الغالب يعملون لدى الاربيين، وجد الباحث أنهم في معظم الأحيان من أصل ريفي، هاجروا منذ صغرهم إلى المدينة، كانت لهم محلات تجارية ثم توجهوا إلى الاستثمار في الصناعة خاصة بعد تشجيع الاستثمارات الخاصة من طرف الدولة.
و هؤلاء المقاولين كانوا يؤسسون وحدات إنتاجية صغيرة و ينتجون في قطاعات لا تتميز باستعمال التكنولوجيا الحديثة و لا تكلفهم كثيرا من رؤوس الأموال في نفس الوقت مردودها كبير نوعا ما مثل المواد الغذائية و النسيج، كما أنهم في الغالب يوظفون يد عاملة قليلة تتراوح بين (50 إلى 100 عامل).
كما وجد الباحث أن هؤلاء المقاولين الذين لديهم مؤسسات كبيرة الآن لازالت تطغى عليهم تصرفات التجار من خلال انخراطهم و انشغالهم ببيع منتوجاتهم عن طريق اللجوء إلى فتح محلات تجارية لتسويقها.
فهم يقومون بتسيير رأس مالهم إذ في الغالب لا يشاركون في العمل الانتاجي و إنما يوظفون مهندسين و مسيرين مختصين في التسيير و الانتاج، و توصل "جان بيناف" إلى أن المقاولين ذو الأصل التجاري هم غير مهنيين أي ليسوا متخصصين في المهنة التي يمارسونها ( لا يشاركون في الانتاج بل مساهمون برأس المال).[2]
أ- مقاولين كانوا عمالا في قطاع الدولة :[3]
وهم إما عمال إدارة أو عمال مؤهلين أو إطارات متوسطة ، هدفهم الأساسي تحسين وضعهم المالي، و هذا بسبب ضعف أجورهم و إنخفاضها ففضلوا ممارسة الصناعة و التخلي عن مناصب عملهم ، لكنهم كانوا يمارسون قبل ذلك عملا تجاريا محدودا دون التخلي عن مناصب عملهم في المؤسسة العامة و هذا لتجميع رؤؤس الأموال ثم لإنشاء المشاريع الصناعية .
هذا النوع من المقاولين هم من أصل ريفي و من عائلات بسيطة أو تجارية بسيطة ، و هم الذين يشاركون في الإنتاج في معظم الأحيان { كما أن لهم تجربة ميدانية كبيرة ، بحيث أن معظمهم هاجر إلى الخارج ليعود بعد الإستقلال إلى الجزائر محملا بنظرة عن الصناعة الفرنسية ، كما استفادو من بعض التربصات و عرفوا مواضع عديدة للصناعات المختلفة ، و قد تعلموا الملاحظة الدقيقة أيضا فأصبحوا متعددي المهام مما يؤدي بهم إلى المشاركة في الإنتاج مباشرة
و قد وجد بيناف أن هذه الطبقة تتميز بتغيير نشاطها باستمرار بحيث تشتري آلات قديمة ، تستغلها ثم تعيد بيعها لتغبر انتاجها و هكذا ، وهذا بسبب فشل منتوجها الأول و عجزها عن التعامل مع التكنولوجيا الجديدة و الحديثة لأنهم من عائلات بسيطة و متوسطة .
و يتميز هؤلاء المقاولون بكونهم من الطبقة المتوسطة (عمال و تجار بسطاء) كانت لهم الجرأة في ممارسة العمل الصناعي بهدف تحسين وضعهم المالي و مستواهم المعيشي ، و في هذا الصدد يقول بيناف :{ إن وجود مقاولين من أصل بسيط و من طبقات متوسطة و شعبية يعطي لرأس المال الجزائري طابعا خاصا }.[4]
و أهم ملاحظة توصل إليها هذا الباحث هي أنه تطغى على المقاولين الجزائريين " ذهنية المؤسسة العائلية " فمعظم المؤسسات عبارة عن " شراكات عائلية " أي : أن المشاركين برؤؤس الأموال في تلك المؤسسات هم من نفس العائلة ، أو "شراكة مهنية" أي : أن المشاركين برؤوس الأموال يعملون في نفس المهنة إما كلهم عمال أو كلهم تجار تابعين لإدارة عمومية واحدة، حتى تكون لتلك المؤسسة ضغط اقتصادي في السوق لكبر حجمها و كثرة و جودة منتوجها .
و المقاول في معظم الأحيان يدخل أعضاء عائلته لكي يساعدونه في تسيير مؤسسته ، فمناصب العمل الجيدة لا تعرض في سوق العمل و إنما يمنحها لأحد أعضاء عائلته ، و هو يفضل إرسال أحد معارفه للتكوين في الخارج بدلا من إرسال شخص خارج عن العائلة أو غريب عنها حتى يضمن عودته وإحتفاظه بأسرار المهنة ، و في ذلك يقول بيناف :{ إن حياة المؤسسة مرتبطة بمعرفة مقاومة رب العمل لحركية الإطارات و ما إذا كانو مطلوبين بكثرة في سوق العمل أم لا }.
هذه الذهنية أي ذهنية المؤسسة العائلية تؤدي إلى تقوية الروابط العائلية ، لكن هذا لا ينفي النزاعات و المشاكل و الخلافات التي تترتب عن ذلك ، خاصة في تقسيم العمل و توزيع المسؤوليات و عدم تقبلهم في بعض الأحيان لعلاقات السلطة من أحد أعضاء العائلة (نتيجة مثلا صغر سنه) ، مما يؤدي إلى انسحاب بعض المساهمين ، لكن رغم هذه المشاكل وجد "جان بناف" بأن :{ العائلة لعبت دورا أساسيا في سير المؤسسة و حياتها } ، فهذه الروابط العائلية القوية تغطي في معظم الأحيان النزاعات و الخلافات.
و من خلال ما سبق نستنتج أن "جان بناف" وجد تنوعا في المسار الإجتماعي للمقاولين الجزائريين فهناك من تخصصوا في المهنة و تعلموا تقنيات الإنتاج و التسيير و بالتالي أصبحوا أصحاب المهنة و أربابها ، يقومون في معظم الأحيان بالمشاركة في الإنتاج مباشرة ، و من ثمة يقومون بتسيير رأس مالهم و مؤسساتهم في نفس الوقت ، و قد كانو أصلا عمالا بسطاء أو تجارا صغار .
و هناك من المقاولين الجزائريين من يقومون بتسيير رؤوس أموالهم و إعادة إنتاجها دون المشاركة في تسيير المؤسسة ، إذ يقومون بتوظيف مختصين في التسيير و الإنتاج للقيام بتلك المهمة إذن فهم ليسوا بأصحاب المهنة ، و قد كانوا في الأصل تجارا كبارا .[5]
- دراسة جيلالي اليابس: ذهنية المقاولين الجزائريين:
قام هذا الباحث بدراسة المقاولين على أنهم طبقة اجتماعية برجوازية صناعية صاعدة و اعطى لنا اهم صفات المقاول الجزائري و كيفية ممارسة نشاطه، و قد عرف المقاول على أنه "الشخص الذي تتمثل وظيفته الأساسية في تجميع و تسيير واعادة انتاج العوامل المكونة للعملية الانتاجية .[6]
وجد الباحث ان الدولة ساهمت في تشكل هذه الطبقة من خلال فسح المجال لها و توفير الجو الملائم لنشأتها و هذا ما أدى إلى خلق نوع من الولاء للدولة من طرف هذه الفئة و هذا من خلال انسجامها معها ( اديولوجيا، اقتصاديا، سياسيا، قضائيا، اجتماعيا...) هذا الانسجام مع السياسي نابع من وعيهم أن السياسة نشاط يساعد على تسهيل استثماراتهم و انعاش أرباحهم .
بناء على ما سبق ، فقد اعتمدت هذه الطبقة في تبرير نشاطها على ثلاث أبعاد أساسية :
1:المشاركة في بناء الدولة من خلال تبني خيار المساهمة في تطوير الاقتصاد الجزائري باستعمال استراتيجية مفهوم المواطنة و هذا من خلال السعي لإنشاء اقتصاد متطور و مستقل و سوق وطنية، و لم يتحقق لها ذلك الا من خلال احتكار القطاع الخاص لبعض القطاعات الاستهلاكية كالبناء مثلا.
2: استراتيجية اللا سياسية على اعتبار ان الدولة من يحتكر السياسة، و بالتالي وجد الباحث ان المقاولين انخرطوا في علاقة غامضة مع الدولة ، بين خضوع تارة واستقلالية تارة أخرى، فمن جهة يطالبونها بحماية التجارة والصناعة ومن جهة أخرى ينتظرون منها اعادة النظر في نظامهم و تعديل مكانتهم ، وأحيانا يريدون ابعادها تماما لتترك لهم الحرية في أخذ المبادرة.
3: التركيز على أهميتها الاجتماعية من خلال محاربة البطالة فضلا على أنها تكمل القطاع العام و تلبي طلب السوق ، لكن الواقع يثبت بأن القطاع الخاص يلجأ في أغلب الحالات الى استغلال اليد العاملة من أجل تعظيم هامش الربح و استرجاع فائض القيمة و هذا من خلال عدة استراتيجيات كشف عنها الباحث :
-السياسة التوافقية لتسيير الموارد البشرية ، عن طريق القيام بمزج ما هو حديث (المصنع، التكنولوجيا، علاقات الانتاج) بما هو تقليدي (استخدام علاقات السيطرة التقليدية من علاقات قبلية و جهوية باستخدام ما يسميه الباحث ب (التوظيف الانتقائي) و هذا من أجل التخفيف من حدة المقاومة العمالية و تجفيف منابع تشكل تشكل النقابات العمالية ، التي قد تتبنى حيار رفض الاوضاع القائمة و تتبنى المطالبة بتغييرها.
- من أجل ضبط سلوك العمال يقوم صاحب المصنع باستغلال العوامل الدينية كوسيلة لتحقيق الاندماج كتخصيص أماكن للعبادة أو شراء أضحية العيد للعمال ، من أجل كسب ولائهم و جعلهم يتقنون عملهم .
- الاستغلال المزدوج للمكانة الاجتماعية للمرأة ، و هذا بتشغيل المرأة في المنزل دون التصريح بها خاصة في بعض المهن ذات الخصوصية منها مهنة الخياطة.
و بالتالي فان المقاول الجزائري يغرف من القيم الاجتماعية مع يتوافق مع سياسته الإنتاجية و يقوم بإعطائها طابعا عصريا ثم يسعى لتوظيفها لصالحه لكي يستغل اليد العاملة .
كما وجد الباحث ان المقاولين يسعون أحيانا إلى تشكيل تكتلات عن طريق انشاء شراكات عائلية تقليدية ، مبنية على توحيدا لأهداف و رؤوس الأموال ، و قد ساعدهم في ذلك وجود البنوك التي سهلت لهم هذه المهمة بضمان التمويل ، و يهدفون من خلال هذه الشراكات الى توسيع نشاطهم و جعل مؤسساتهم ذات وزن على الصعيد الخارجي.[7]
3- دراسة أحمد بويعقوب: بروز المقاول الجزائري الجديد:
من خلال دراسته للمقاولين الجدد يؤكد "أحمد بويعقوب" انه قبل الإصلاحات الاقتصادية كان من الصعب تحديد المعالم السوسيو-اقتصادية للمقاول الجزائري، و لكن مع الإصلاحات الاقتصادية تحدد ذلك وظهرت إلى الساحة الاقتصادية فئة المقاولين الجدد التي تختلف عن المقاولين القدامى.[8]
قام الباحث بمقارنة بين الفئتين من خلال البحث عن الاختلافات بين كلا المقاولين تسمح بتسطير ظهور فئة جديدة من الفاعلين الاقتصاديين المرتبطين باقتصاد السوق، و المتطورين في إطار ميكانزمات متناقضة و المنتمية في نفس الوقت إلى قواعد الاقتصاد الموجه الذي تشوبه بعض الممارسات منها على سبيل الذكر( بعض الحماية الجمركية للسوق، وجود الاحتكار، تعاملات اقتصادية لارسمية)، و تلك الخاصة باقتصاد السوق التي تتجلى على سبيل المثال من خلال (حرية المبادرة، تحرير الأسعار، سيولة الأملاك و رؤوس الأموال)، ليجد الباحث في النهاية أن هؤلاء المقاولون(الجدد) ظهروا في ظل ميكانزمات التحول غير المستقرة و المتناقضة في معظمها.[9]
أكد أحمد بويعقوب في دراسته وجود خصائص يتميز بها المقاولون الجدد عن المقاولين القدامى و تتمثل في:
من حيث المستوى التعليمي نجدهم يختلفون عن المقاولين القدامى، فمعظمهم مقاولين شباب حاملين لشهادات جامعية عليا، و هم يحملون فكرا تجديديا و إبداعيا، أغلبيتهم من عائلات تمارس التجارة و الحرف، و نشاطهم الاقتصادي يتمركز في التجارة، تميزت مؤسساتهم بكونها صغيرة و متوسطة و مقاولات خاصة، و مشاريعهم تعتمد على رأسمال اجتماعي ، أما الذين ورثوا نشاطهم التجاري، تشكل مؤسستهم كمحل تجاري أو مشروع أو إعادة هيكلة، و لقد كانت علاقة المقاول برأسمال علاقة بالمعنى الاقتصادي، و تضمنت هذه الدراسة أهم خصائص المقاولين الجدد المبدعين، الذين ارتبط ظهورهم بالظروف الاقتصادية و السياسية و الذين كانوا يتميزون عن المقاولين القدامى.[10]
4- دراسة ل آن جيلي: النماذج المختلفة للمقاولون الجزائريين:
أرادت هذه الباحثة أن تدرس من خلال هذا البحث، الأصل الاجتماعي و المهني للمقاولين الجزائريين و الشروط التي أدت إلى بروز هاته الفئة، و ما هو تأثير الأقطاب الاجتماعية المختلفة في تكون و تبلور هؤلاء المقاولين ؟
لقد توصلت هذه الباحثة إلى وجود خمسة أنواع أساسية للمقاولين ( و هذا من خلال دراسة لحوالي 20 مقاول ) تتمثل في: المقاول الإطار، المقاول الوريث، المقاول ذو أصول مقاولاتية، المقاول المغترب و المقاول العامل.
1- بالنسبة للمقاول الإطار: أطلقت عليهم هاته الصفة، كونهم إطارات سابقين في مؤسسات عمومية، أين راكموا معرفة و خبرة مهنية عالية، و يمتازون بمستوى تعليمي و تكويني عالي، شغلوا مناصب هامة، مكن لهم من امتلاك رأسمال اجتماعي معتبر و مهم، وظف في إنشاء مؤسسات خاصة، تتميز هاته الفئة بالسن العالي نوعا ما فهي تفوق 50 سنة.
2- المقاول الوارث: ترى الباحثة أن هذا النوع من المقاولين ينقسم بدوره إلى ثلاثة أنواع، النوع الأول يتمثل في شباب قي مقتبل العمر ورثوا مؤسسات عائلية، و مستواهم التعليم العالي مكنهم من استحداث معايير تسييرية و تنظيمية حديثة في المؤسسة، النوع الثاني و يتمثل في فئة يتراوح سنهم بين 40 و 50 سنة ، مستواهم التعليمي ضعيف ، إلا أنهم يمتلكون معرفة و خبرة مهنية عالية ، يقومون بإعادة إنتاج نفس خصائص العمل الموروث عن الآباء بدون إدخال تغييرات جديدة، أما النوع الثالث ورثوا عن آبائهم الخبرة المهنية و العلاقات المهنية (رأسمال اجتماعي) و استفادوا من إعانات الدولة فيما يتعلق بإنشاء مؤسسات مصغرة خاصة بهم، أي ورثوا قيم و معايير المقاولة ووظفت في مؤسساتهم المصغرة.
3- المقاول ذو أصول مقاولاتية: هؤلاء يتعدى سنهم 50 سنة، أنشؤوا مؤسسات على أنقاض مؤسسات قديمة بتغيير نماذج العمل و التسيير، هي مؤسسات عائلية تشغل جميع أفراد العائلة (تعمل على الحفاظ على إسم العائلة).
4- المقاول المغترب: فيتمثل في الفئة التي استثمرت مدخراتها بعد عودتها من المهجر، في إنشاء مؤسسات خاصة، يمتلكون خبرات معرفية و مهنية، استفادت من التسهيلات و الإعانات المقدمة من طرف الدولة لأجل الاستثمار.
5- المقاول العامل: هم فئة من المقاولين، كانوا سابقين في القطاع العمومي أو الخاص و نتيجة للظروف الاقتصادية و السياسية التي مرت بها الجزائر و ما صاحبها من إصلاحات اقتصادية قاسية، أدت بهم إلى فقدان مناصب عملهم جراء التسريح أو التقاعد المسبق، أنشؤوا مؤسسات للخروج من البطالة، تتميز هذه الفئة بمعارف مهنية و تقنية عالية.
لقد توصلت الباحثة آن جيلي على غرار الباحثين السابقين، إلى أن المقاولين الجدد نشؤوا في فترة التحول من الاقتصاد الموجه إلى اقتصاد السوق، أين سمحت القوانين للاستثمار على إنشاء مؤسسات خاصة، كما نوهت بمساهمة القطاع العمومي في تنمية الخبرات المهنية، و القدرات المعرفية اللازمة لإنشاء المؤسسات أي اكتساب المقاولين الجدد لرأسمال اجتماعي قوي متشكل من شبكة من العلاقات المهنية، بالإضافة إلى هذا، تؤكد على دور العائلة القوي في عملية إعادة الإنتاج الاجتماعي للقيم و المعايير الخاصة عن المقاولين القدامى الذين ظهروا في الاقتصاد الموجه و التي لها علاقة مباشرة بالتحولات الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية للبلاد.[11]
5- . دراسة نورين جلوات: الكفاة الاقتصادية لدى المقاول الجزائري(1987):
قام جلوات نورين بدراسة حول المقاول الجزائري جمع فيها بين الفعالية الاقتصادية القائمة على تقاليد العمل المنظمة وفق العقلانية الاقتصادية الأوروبية و الممارسات المحلية المميزة مجتمعنا، حيث حاول رصد العلاقة فيما بينها.
و يمكن تقسيم النتائج التي توصلت إليها الدراسة إلى جانبين مهمين هما:
- طريقة التوظيف: لقد كشفت الدراسة بأن تقسيم الوظائف لا يمتثل للتعيين الدقيق و الصارم للمناصب بل يتم على أساس العلاقات التقليدية و المرجعية الكارزمية و فيما يلي توضيح لذلك:
- كل المناصب الحساسة في المؤسسة من نصيب أفراد تم اختيارهم على أساس الشبكة العلائقية التقليدية ذات المرجعية الكاريزمية، فكثيرا ما كان يقول والد أحدهم للمقاول: اعتني به كما لو كان ابنك، و بذلك يتم توظيف أفراد من عائلة المقاول، نسيبه و صهره، و من أفراد الجماعة و بعض الذين يتعامل معهم عندما كان تاجرا.
- كل شجار أو خلاف عائلي يؤدي إلى ترك العمل في المؤسسة و منه حياة العائلة و أجواؤها تنعكس سلبا أو إيجابا على حياة المؤسسة.
- لقد بعث المقاول مجموعة من الرجال الذين ينتمون إلى عائلته، و أخرى من النساء وظفن من الحي إلى خارج الوطن للاستفادة من تربص تكويني، و بذلك تشكل أول فريق من التقنيين ، لكن الملاحظ أن مجموعة من النساء طردن من المصنع بعد العودة من التكوين الذي استغرق سنة و نصف لأحد السببين: إما لأنهن لم يتحملن الانضباط الروحي الذي فرضه المقاول، إما بسبب الحكم عليهم بأنهن غير محتشمات فإرسالهن إلى خارج الوطن، كان لمحاكاة التكنولوجيا و ليس لتقليد الممارسات الأجنبية.
- لقد طرد المقاول أحد المشرفين(فرد من العائلة) بعد أن اتهمه بتحويل أموال لصالحه.
- طريقة التسيير: توصلت الدراسة إلى أن عملية التسيير في هذه المقاولة قائمة على مدى التحكم في العلاقات الشخصية و استعمال الرمزي ، فالمقاول المالك الأصلي للمقاولة قام بمنح صلاحية التسيير لإبنه الذي تابع دراسات عليا في التسيير خارج الوطن و جعله الوريث الأساسي، لكن هذه الصلاحية لم تمنح له بسبب كفاءته في التسيير و إنما كرموز فقط من خلال:
- استعمال شهادات الإبن كرمز أكثر منه كمولد للفعالية، " المؤسسة مسيرة من طرف إبنه الذي زاول دراسات عليا".
- تأكيد الخلود الرمزي للأب من خلال الوريث في نظر الجماعة و المجتمع،"لا يمكنكم التدخل والاستفادة من المؤسسة لأن لي وريثا
- تأكيد الخلود الرمزي للأب من خلال الوريث في نظر الجماعة و المجتمع،" لا يمكنكم التدخل و الاستفادة من المؤسسة لأن لي وريثا".[12]
[1] )- PENEFF (jean):Industriels Algériens , CNRS, France ,1921,P32
[2] )- دناقة أحمد، سحوان عطاء الله،"مقاربات سوسيولوجية حول منظمة المقاولة"، مجلة دراسات في علم اجتماع المنظمات، مجلد: 01، العدد:13،2019،ص(19).
[3] )- صايشي سهيلة "المقاولون الجزائريون الجدد و نوعية مشاريعهم" رسالة ماجستير في علم اجتماع التنظيم و العمل ، قسم علم اجتماع ، جامعة الجزائر ، 2002-2003 ، ص(26-27).
[4] )-PENEFF (Jean) :industriels .....Opcit P 94
[5] )-صايشي سهيلة،نفس المرجع السابق، (ص24إلى27).
[6] (-DjillaliL Ilyabes,Entreprises,entrepreneurs et bourgeoisie d’industrie en Algérie : elements d’une sociologie de « l’entreprendre » DEA.1988.tome1.P144.
[7] )- مرجع سابق، مجلة دراسات في علم اجتماع المنظمات،ص(21-22).
[8] )- Ahmed Bouyakoub. Les nouveaux entrepreneurs en Algérie en période de transiion , la démentions transnationale,CREAD.Alger n40,2ém tr.1997.p.105.
[9] )- هراو خثير، دناقة أحمد، طعام عمر ، "دراسات سوسيولوجية حول المقاولة و العمل في الجزائر"، مجلة المقريزي للدراسات الإقتصادية و المالية ، المجلد:05، العدد01،2021،ص(222-223).
[10] )- رحماني اسحاق، جاب الله الطيب"سوسيولوجيا المقاولة في الجزائر من المداخل الكبرى إلى الدراسات المعاصرة"،مجلة دراسات في علم اجتماع المنظمات،المجلد:01،العدد03،2014،ص(124-125).
[11] )- - مجلة حقول معرفية للعلوم الاجتماعية و الإنسانية، فؤاد نعوم،"قراءة سوسيولوجية حول فعل المقاولة في الجزائر"، جامعة زيان عاشور-الجلفة-،العدد الثاني،2020،ص(151-152).
[12] )- ريم لونيسي،"المعوقات التنظيمية للمقاولاتية السياحية في الجزائر"أطروحة دكتوراه في علم اجتماع التنظيم و العمل،قسم علم الاجتماع و الديموغرافيا، جامعة باتنة1،(2019-2020)، ص(142-143).