تمهيد:

يعرف العلم بموضوعه ومنهجه، وبأهدافه يعرف كذلك، ذلك أنه لا يمكن الإقرار بعلمية أي علم من العلوم التقنية والإنسانية غير واضح الأهداف والنهايات، وأنه ثمة تكامل بين أهداف الإرشاد التربوي مع أهداف الإرشاد النفسي بصفة عامة، ومع أهداف العملية التعليمية التعلمية بصفة خاصة، وأن أهم هدف للإرشاد التربوي هو العناية بالمتعلم من جميع جوانب شخصيته وتوجيهه دراسيا لاختيار نوع الدراسة أو التخصص بما يشبع حاجاته ورغباته وقابليته للتطور، ويمكن تلخيص أهداف الإرشاد التربوي فيما يلي:

I - أهداف التوجيه والإرشاد النفسي.

1-1- تحقيق الصحة النفسية .

يحدد هادفيلد(Hadfield) الصحة النفسية قائلا: أن الصحة النفسية هي التعبير الكامل والحر عن كل طاقاتنا الموروثة والمكتسبة، وهي تعمل بتناسق فيما بينها في اتجاهها نحو هدف أو غاية للشخصية من حيث هي كل.(الرفاعي،2010، 10)

ذلك أن الفرد كثيرا ما يواجه مشكلات وصعوبات وفترات حرجة خلال مراحل حياته المختلفة وهذه المشكلات والصعوبات تبعث في نفسه القلق، والإرشاد النفسي يرمي إلى تبصير الفرد بالمشكلات التي يواجهها والإمكانات المتوافر لحلها، وهذا يساعد الفرد على إيجاد الحل الملائم الذي يخفف من التوتر والقلق ويساعد الفرد على التمتع بالصحة النفسية.(أبو حماد،2014، 13)

1-2- تحقيق الذات self –actualization

من أهم المفاهيم التي جاء بها أبراهام ماسلو ذلك المفهوم الذي سماه تحقيق الذات(self -actualization) والذي يعنى استخدام إمكانياتنا حتى أقصى درجة، فإذا أقنعنا طلبتنا أن بإمكانهم تحقيق قدراتهم معنى ذلك أنهم يسيرون باتجاه تحقيق الذات، ذلك أن مفهوم تحقيق الذات هو مفهوم نمائي، حيث يتحرك الطلبة نحو هذا الهدف إذا أشبعوا حاجاتهم الأساسية، هذا وقد تحدث ماسلو عن خمسة حاجات أساسية رتبها هرميا، وهذه الحاجات هي: الحاجات الفسيولوجية وحاجات الأمن، وحاجات الحب والانتماء، وحاجات تقدير الذات، وحاجات تحقيق الذات.

إن هدف المرشد هو العمل مع الفرد لتحقيق ذاته سواء كان هذا الفرد عاديا أو متفوقا أو ضعيف أو متأخرا دراسيا أو ناجحا، ومساعدته في تحقيق ذاته إلى درجة يستطيع فيها أن ينظر إلى نفسه فيرضى عما ينظر إليه. إن للفرد دافع أساسي يوجه سلوكه وهو دافع تحقيق الذات، ونتيجة لوجود هذا الدافع فإن الفرد لديه استعداد دائم لتنمية معرفة ذاته، وفهم وتحليل نفسه وفهم استعداداته وإمكاناته حتى يقيم نفسه وبالتالي يوجه ذاته ويوجه حياته بنفسه بذكاء وبصيرة وكفاية في حدود المعايير الاجتماعية لتحقيق هذه الأهداف.(شعبان وتيم،1999، 27).

1-3- تحقيق التوافق النفسي.

من أهم أهداف الإرشاد تحقيق التوافق(Adjustment) أي تناول السلوك والبيئة والطبيعة والحالة الاجتماعية بالتغيير والتعديل حتى يحدث التوازن بين الفرد وبيئته وهذا التوازن يتضمن إشباع حاجات الفرد ومقابلة متطلبات البيئة ومن أهم مجالات تحقيق التوافق(تحقيق التوافق الشخصي، وتحقيق التوافق النفسي، وتحقيق التوافق المهني، وتحقيق التوافق الاجتماعي).(سعيد علي و حسين عباس،2015، 25)

1-4- تحقيق التكيفAdaptation .

إن الفرد يسعى لتحقيق التكيف السوي في الجماعة التي يعيش فيها، ومن أشكال التكيف:

- التكيف الشخصي: أي تحقيق الرضا عن النفس وإشباع الدوافع والحاجات ومطالب النمو.

- التكيف التربوي: ويكون ذلك باختيار أنسب المواد الدراسية الملائمة لقدراته.

- التكيف الاجتماعي: ويكون ذلك بتحقيق الانسجام مع الآخرين والالتزام بالمعايير الاجتماعية والامتثال لقواعد الضبط الاجتماعي، وتقبل التغير الاجتماعي، والعمل لخير الجماعة. (أبو حماد،2014، 12)

1-5- تحسين العملية التعليمية التعلمية.

ومع أنه يمكن حصر أهداف الإرشاد الطلابي في خمسة أهداف رئيسية هي تحقيق الذات، وتحقيق التوافق، وتحقيق التكيف، وتحقيق الصحة النفسية، وتحسين مستوى العملية التعليمية، إلا أنه يمكن تجزئة هذه الأهداف إلى أهداف أكثر دقة، فلقد قدمت الرابطة الأمريكية للإرشاد المدرسي: American School Counselor Association 2000    

نموذج "المعايير الوطنية للإرشاد المدرسي""National standards for school Counseling" وحددت هذه المعايير ثلاث مجالات يجب أن يحتويها أي برنامج إرشادي(Counseling program) وأن هذه المجالات الثلاثة هي: الأكاديمي، النمو الشخصي والاجتماعي.

وفي ضوء الخصائص النمائية للمتعلمين ومطالب نموهم، وفي ضوء المعايير الثلاثة السابقة تسعى برامج الإرشاد لتحقيق الأهداف التالية:

1- تحقيق الاستقلال الوجداني والاجتماعي عن الوالدين والكبار، ومساعدة المتعلمين على تحقيق ذلك.

2- اكتساب المهارات الحياتية اللازمة للتعايش مع مواقف الحياة والتصرف في المواقف الاجتماعية المختلفة.

3- تقبل التغيرات الجسمية والجنسية على أنها مظاهر طبيعية للنمو، ومساعدته على فهم الكثير من الحقائق الجنسية في هذه المرحلة.

4-تطوير قدرة المتعلمين على التخطيط لمستقبل تعليمي أو مهني وفق طموحاته وقدراته وميوله. وإكسابه مهارات استقصاء عالم العمل في علاقته بمعرفة الذات وطموحها.

5-تطوير كفاياته ومهاراته اللازمة لحل مشكلاته والتعامل مع قدراته واتخاذ القرارات المتعلقة بحياته المهنية والتعليمية.

6- تنمية مهارات التواصل مع الآخرين وبناء اتجاهات ايجابية عن المؤسسات الاجتماعية المختلفة.

7- مساعدة المتعلم على بناء الهوية الذاتية، وتحديد أهدافه ورسم طموحاته وتبني أدوار اجتماعية تمنحه إحساسا بالوجود المستقل المتفرد.

8- مساعدة المتعلم في بناء منظومة قيمية تجسد هويتنا وتحفظ لنا وجودا متميزا فاعلا على الساحة العالمية وتمكننا من التعاطي مع متطلبات القرن الحادي والعشرين.

9- اكتساب مهارات فهم الذات واحترامها وقبولها، وتحقيقها من خلال إنجازات شخصية في مجالات مختلفة.

10- تنمية قدرة المتعلم على ضبط انفعالاته والتعبير عنها بشكل أكثر اتزانا، وتقبل النقد والاختلاف مع الآخرين.

11- تمكين المتعلم من التعامل مع متغيرات هذا العصر وتحدياته وضغوطاته ومن القدرة على الانتقاء من بين ما تموج به حضارة العصر من متناقضات، مما يعزز قدرتنا على الاحتفاظ بهويتنا، ومواجهة التحديات التي تواجهنا (حجازي،وآخرون،2005، 79 -80).

وقد أضافت(سليمان،2010، 51) جملة من الأهداف الخاصة يسعي لتحقيقها الأخصائي النفسي المدرسي داخل المدرسة لخدمة المتعلم وهذه الأهداف هي كالتالي:

13- تقليص الاضطرابات الانفعالية والسلوكية والتعليمية.

14- علاج المشكلات قبل وقوعها.

15- إصلاح الطلاب المضطربين نفسيا ومعالجتهم كي يصبحوا لبنة صالحة في المجتمع.

16- تعزيز تكيف الطلاب وتطورهم.

17- تصنيف الطلاب.

18- زيادة المعارف وتطوير المهارات.

19- ربط المدرسة بالبيت لمعرفة التغيرات الطارئة على الطالب.

20- تقويم تطور القدرة العقلية والاجتماعية والانفعالية لدى الأطفال وتفسيرها.

21- تشخيص المشكلات الشخصية والتربوية ووضع البرامج العلاجية لها.

22- إيجاد بعض الحلول بطريقة علمية للمشكلات التي يواجهها التلاميذ في المدرسة.

وبناءا على ذلك يمكن تحويل هذه الأهداف العامة والخاصة إلى أهداف إجرائية يسعى المرشد المدرسي لتحقيقها، وهي على النحو التالي:

1- يسعى المرشد الطلابي إلى إرشاد المتعلمين من خلال عدد من البرامج والخدمات الإرشادية الهادفة إلى تطوير مهارات الاعتماد على النفس وأداء المهام التي تتناسب مع إمكاناتهم وقدراتهم وكيفية اتخاذ القرارات وحل المشكلات الشخصية التي تتطلبها بعض المواقف الحياتية.

2- يساعد المرشد الطلابي المتعلمين على الإلمام بأساليب ومهارات كيفية التعبير عن مشاعرهم وأفكارهم واختيار الأساليب المناسبة لظروف وخصوصية ثقافة مجتمعاتهم وذلك كجزء من تأكيد ذواتهم والرفع من مستوى المفهوم الذاتي.

3- يساعد المرشد الطلابي المتعلمين على تحقيق التوافق الشخصي والتكيف الاجتماعي مع المتغيرات والتحولات المتلاحقة والسريعة في أنساق وقيم المؤسسات المجتمعية.

4- يقوم المرشد الطلابي بتوعية المدرسين والإداريين بأهمية الجوانب النفسية في شخصيات الطلبة وأهمية مراعاة ذلك عند اتخاذ القرارات والإجراءات سواء التعليمية أو الإدارية.

5- يسهم المرشد الطلابي مع العاملين في المدرسة ويشاركهم في تصميم البرامج وتشكيل اللجان وتنظيم الخدمات التي تخدم حاجات الطلبة وشئونهم.

6- يقوم المرشد الطلابي بتقويم الطلبة من النواحي النفسية والشخصية والاجتماعية والصحية والأكاديمية من أجل أن يتمتعوا بمستوى مناسب من الصحة النفسية.

7- يعمل المرشد الطلابي على فتح قنوات الاتصال الإيجابي المستمر مع المؤسسات المجتمعية كالأسرة والحي والجامعة ودائرة العمل والمصنع والمستشفى وغيرها وذلك من أجل استثمار ما لديهم من إمكانات وفرص لتحقيق رغبات وحاجات الطلبة الآنية والمستقبلية.

8- يشجع المرشد الطلابي على المشاركة في الأنشطة غير الصفية خارج المدرسة كأسابيع التوعية والتثقيف وما يماثلها من حملات وفعاليات وذلك من أجل تنمية روح العمل الجامعي والتعاوني والخيري وزيادة مستوى الحس الوطني وغير ذلك من القيم النبيلة.

9- يساهم المرشد الطلابي في تصنيف الطلبة وتوزيعهم في شعب ومجموعات وفصول بناء على محكات ومعايير موضوعية تخدم مقاصد وأغراض العملية التعليمية.

10- يساعد المرشد الطلابي الطلبة وأولياء أمورهم على فهم مسؤلياتهم وكيفية التعامل مع مختلف المراحل العمرية والتعليمية وفق أساليب وطرق مناسبة.

11- يساعد المرشد الطلابي الطلبة في تحديد المسارات التعليمية باختيار التخصصات التي تتناسب مع إمكاناتهم وميولهم وظروف مجتمعهم ومستقبلهم المهني (حجازي،وآخرون،2005،44-45).

II - مناهج التوجيه والإرشاد النفسي.

يذكر (أبو حماد،2014، 13-14، زهران،1977، 44) أن هناك ثلاث مناهج رئيسية لتحقيق أهداف الإرشاد النفسي، وهذه المناهج هي: المنهج الإنمائي والوقائي والعلاجي، وفيما يلي عرض لهذا المناهج:

2-1- المنهج الإنمائي.

ويطلق عليه المنهج الإنشائي أو التكويني ويحتوي على الإجراءات والعمليات الصحيحة التي تؤدي إلى النمو السليم لدى الأشخاص العاديين الأسوياء والارتقاء بأنماط سلوكهم المرغوبة خلال مراحل نموهم حتى يتحقق أعلى مستوى من النضج والصحة النفسية والتوافق النفسي عن طريق نمو مفهوم موجب للذات وتقبلها، وتحديد أهداف سليمة للحياة، وتوجيه الدوافع والقدرات والإمكانات التوجيه السليم نفسيا واجتماعيا وتربويا ومهنيا ورعاية مظاهر الشخصية الجسمية والعقلية والنفسية والاجتماعية. الهدف منه مساعدة الطلاب على النمو السليم ويمكن أن يتحقق ذلك عن طريق:

- تنمية مهارات الطالب عن طريق اكتشافها أولا وبالتالي إتاحة الفرصة لهذه القدرات والإمكانات للنمو السليم والتطور عن طريق الوسائل المتاحة لدى المدرسة وحسب نوعية هذه القدرة أو الموهبة.

- إعطاء الطالب حرية كاملة في التعبير عن رأيه والبعد عن القسوة والكبت.

2-2- المنهج الوقائي.

ويطلق عليه التحصين النفسي ضد المشكلات والاضطرابات والأمراض، وهي الطريقة التي يسلكها الشخص كي يتجنب الوقوع في مشكلة ما، ويهدف إلى منع حدوث المشكلات أو الاضطرابات ومعرفتها إذا حدثت والتخفيف من أثارها بعد ذلك ويمكن أن يتحقق ذلك عن طريق:

- التوعية التي يجب نشرها بين الطلاب عن طريق النشرات والندوات والمحاضرات والملصقات والإذاعة المدرسية التي تهدف إلى التعريف بأسباب المشكلة أو الاضطراب وأهم الوسائل لتجنبها.

- العمل على اكتشاف السلوكيات والمشكل في وقت مبكر.

2-3- المنهج العيادي.

ويتضمن مجموعة من الخدمات التي تهدف إلى مساعدة الشخص لعلاج مشكلاته والعودة إلى حالة التوافق والصحة النفسية، ويهتم هذا المنهج باستخدام الأساليب والطرق والنظريات العلمية المتخصصة في التعامل مع المشكلات من حيث تشخيصها ودراسة أسبابها، وطرق علاجها، والتي يقوم بها مختصون في مجال التوجيه والإرشاد، ويهدف إلى مساعدة الطالب إلى العودة إلى حالة التوافق ويمكن أن يتم ذلك عن طريق دراسة الحالة.

ويلاحظ أن المنهج العلاجي هو أكثر المناهج الثلاث تكلفة في الوقت والجهد والمال، كذلك فإن نسبة نجاح الإستراتيجية العلاجية لاتكون100%، وقد يفلت الزمام من يد المرشد أو المعالج إذا ما بدأ العلاج بعد فوات الأوان

 

 

Modifié le: Wednesday 17 May 2023, 09:06