من أجل قياس جودة أدوات وأساليب التقويم الصفي من الضروري تحديد المحكات (أو المعايير) التي يتم على أساسها الحكم على نوعيته، والمحكات  هي مجموعة من الخصائص التي يجب أن تتصف بها أدوات وأساليب التقويم التربوي، والتي يتم على أساسها تقويمها، وعملية تحديد المحكات مسبقا يعتبر أمرا مهما وضرورياً لتحديد جودة التقويم من طرف الطلاب، أو المدرسين، أو القائمين على شؤون التعليم لأنها توجههم وتساعدهم على الحكم على نوعيته.

ومن المحكات التي تستخدم تقليديا لقياس جودة أدوات وأساليب التقويم؛ الصدق والثبات. يشير الصدق إلى مدى قياس أداة القياس ما سعى إلى قياسه، وما إذا كان التقويم يرتبط بأهداف التعليم؟ ويشير الثبات إلى مدى اتساق نتائج الاختبار، والاتساق في نتائج الاختبار يستدل بموضوعية التصحيح أي الحصول على نفس النتائج إذا تم التقدير بواسطة شخص آخر في فترة أخرى(Dochy, 2009) .

فالتقويم يكون صادقا لغرض معين عندما يقيس فعلاً ما يُقصد قياسه، فتقويم ناتج التعلم يكون صادقًا بمدى قياس الدرجات ذلك الناتج فعلاً ولم تتأثر تلك الدرجات بأي شيء غير ملائم، ويكون التقويم ثابتًا عندما يؤدي إلى نتائج دقيقة ومستقرة، ولكي يكون تقويم الأداء ثابتًا يجب أن يُطبق ويُصحح بطريقة متسقة لكل الطلاب الذين يتناولون التقويم (Parlman, 2002).

أما محكات جودة أدوات وأساليب التقويم التربوي الحديثة، والتي تتلاءم مع متطلبات تقويم الأداء وتقويم الكفاءات لدى الطلاب فتتمثل في محكات متعددة، وهي:

الملاءمة للغرض: يتعلق هذا المحك بمدى توافق أهداف التعليم مع أهداف التقويم بشكل أكثر انسجاماً، أي ضرورة التوافق بين المعايير والمنهاج والتقويم وأهداف التقويم والأساليب المستخدمة في التقويم مع أهداف التعليم، فالأنشطة والمهمات التي تستخدم في التقويم يجب أن تشتق من أهداف التعلم المحدّدة في المنهاج، وتحدّد الأساليب الملائمة لتلك الأهداف، وتقدّر وفق معايير ذات الصلة بها.

الأصالة: يشير هذا المحك إلى مدى ارتباط مهمات التقويم بالمعارف والمهارات الأساسية التي يمكن تطبيقها في الحياة الواقعية والمهنية، وإلى أن تعكس المهمات بشكل ملائم الكفاءة المطلوب تقويمها، فالمهمة الأصيلة مهمة مشكلة يواجهها الطالب بأنشطة يتم تنفيذها في الممارسة المهنية، فالواقعية تتوقف في درجة تشابه المهمة مع الوضعية المهنية الفعلية. ويمكن أن تتحدّد الأصالة في المهمة في حدّ ذاتها، وفي سياقها الطبيعي والاجتماعي، وطريقة التقويم ونتائجها، ومعايير تقديرها (Gulikers, Bastiaens & Kirschner, 2004).

ذات الدلالة: يجب أن يكون التقويم ذات معنى أو ذات قيمة دالة لدى الطالب والمعلم على حد سواء (Linn et al., 1991)، ولدى أرباب العمل مستقبلاً، وتزداد معنوية التقويم بإشراك الطلاب في تطوير التقويم، وإدراكهم بوجود صلة بين مهام التقويم واهتماماتهم الشخصية، ويمكن أن يصبح التقويم أكثر قيمة لدى الطلاب عندما يكونوا بأنفسهم قادرين على تحديد مدى استعدادهم للتقييم وتحقيق فائدة منه (Baartman, 2008)، وتفرض دلالة التقويم أن يكون الطالب قادرا على ربط علاقة وجدانية ايجابية مع المهمات وتثير لديه الرغبة في الانجاز (Roegiers, 2004).

التعقيد المعرفي: يشير إلى ضرورة أن تعكس مهمات التقويم استدعاء المهارات المعرفية المعقدة للطلاب التي تتطلّبها وضعيات الحياة اليومية، مثل بناء مهمة، وإعداد خطة لمعالجة مشكلة، وتوظيف المعلومات، وبناء إجابات، وتوضيح إجراءات تطوير الاجابة (Johnson et al, 2009). بمعنى أن تكون مهمات التقويم المقدمة للطلاب ذات تعقيد معرفي عالي تثير عمليات التفكير لحل المشكلات المعقدة التي يصادفها في المجال المهني، ويجب استثمار المهمات المعقدة لضمان تقويم الكفاءات المعقدة (التحليل، التركيب، حل المشكلات) وليس المعارف البسيطة.

الانصاف: أن لا يُظهر التقويم تحيزا تجاه مجموعات معينة من الطلاب لاعتبارات لغوية أو ثقافية غير مألوفة في مهمات التقويم، بحيث تُعطى لجميع الطلاب فرص متساوية لإثبات على قدراتهم وكفاءاتهم وتعزيز إمكانياتهم. وبغض النظر عن الغرض من التقويم فان الهدف من الانصاف هو زيادة قدر الامكان فرصة الطلاب لإثبات مكانتهم ضمن الأداء المقصود قياسه من الاختبار، وتقليديا ساعد تقنين الاختبارات، وشروط التطبيق، وإجراءات التصحيح على ضمان أن يكون للطلاب سياقات قابلة للمقارنة لإثبات قدراتهم المطلوب قياسها. وتشمل عدالة الاختبار عدة أبعاد: المعاملة العادلة والقابلة للمقارنة لجميع المشاركين أثناء التقييم، وعدم وجود انحرافات ناتجة عن الأدوات المستخدمة في التقويم، والوصول إلى المفاهيم (المعارف، المهارات، القدرات...) المقاسة، وصدق تفسير درجات الاختبار للاستخدام المقصود منها (AERA, APA & NCME, 2014, p. 51).

الشفافية: تتعلق الشفافية بضرورة تعرّف الطلاب على الغرض من التقويم، ومحكات ومستويات التصحيح، والقائمين على عملية التصحيح، وأن يتعرفوا على المتوقع حتى يكونوا قادرين على إعداد وضبط تعلمهم بما يحقق أهدافهم. والغرض من ذلك لتقليل انعدام الثقة والقلق بشأن وضعية التقييم، لضمان دقة النتائج وتعزيز الأداء الأمثل، كما أن وصف المعايير، والعناصر الحاسمة يدعم إصدار الحكم على إنجازات الطلاب، ويفضل معاملتهم بالموضوعية والاستمرارية من جانب المعلم.

الملاءمة للتقويم الذاتي: يتطلب التقويم أن يحفّز استراتيجيات التعلم المنظم ذاتيا الذي يعدّ هدفا مهما وبارزا للتعلم، وينمي الفعالية الذاتية والدافعية نحو انجاز المهمات. ويتحقّق ذلك من خلال تفعيل أساليب معينة تعزّز بعض التعلّمات كالتقويم الذاتي، وتقويم الأقران، وتقديم وتلقي التغذية الراجعة بإعطاء حرية للطلاب في وضع أهداف تعلمهم بأنفسهم، ومشاركتهم في وضع معايير التقويم.

العواقب التعليمية: محك مهم جداً في التقويم التربوي ويتعلق بالآثار الايجابية المرجوة والآثار السلبية غير المرجوة المترتبة عن استخدام التقويم. ويمكن أن تتضمن العواقب الايجابية زيادة دافعية تعلم المفاهيم المهمة، وحل المشكلات، وتوظيف ما تعلمه الطلاب، واستفادة صانعي القرارات والمسؤولين من المعلومات لاتخاذ قرارات حول الطلاب (Johnson et al., 2009)، وزيادة التعلم والدافعية، وتحسين طرق ووسائل التدريس، وتفسيرات غير متحيّزة. ويمكن ان تتضمن الآثار السلبية القرارات المتحيزة التي تؤدي إلى تفسيرات مضلّلة، وانخفاض مستوى الطلاب، واتجاهات سلبية للأساتذة، وضعف التكوين، والتكاليف المرتفعة للتقويم.

إمكانية إعادة إنتاج القرارات: يشير المحك إلى ضرورة استناد القرارات المتخذة حول الطلاب إلى تقويمات متعددة يقوم بها مقوّمون متعددون في فترات مختلفة. وبتعبير أكثر دقة يشير إلى إمكانية تعميم نتائج التقويم على نطاق أوسع من الطلاب والمهمات والمقيّمين، وأن لا يتوقف الغرض من التقويم على أداء مهمة واحدة تُقوّم بمصحح واحد خلال فترة واحدة، ولكن يجب أن تُعمّم على نطاق أوسع من المهام والمصححين والفترات وأساليب التقويم (Scallon, 2004). وهذا لا يعني أن برنامج تقييم الكفاءات يجب أن يكون موضوعيا، وإنما يجب البحث على نتائج تقويمات قابلة للتعميم قدر الإمكان. بالتالي يجب أن تكون القرارات المتخذة على أساس نتائج التقويم دقيقة وثابتة عبر الفترات والمقوّمين والمهمات، ولا تتوقف القرارات على المتخذة على الطلاب على مقوّم واحد أو وضعية تقويم واحدة.

إمكانية المقارنة: في الواقع تشير إمكانية المقارنة إلى ضرورة أن يُجرى التقويم بطريقة متسقة وموثوقة، بمعنى أن تكون الظروف التي يُجرى فيها التقويم نفسها قدر الإمكان لكل الطلاب وتُصحح بطريقة متسقة بواسطة نفس المعايير (Baartman, 2008). ولأن أساليب التقويم الجديدة تكون عموما أقل تقنينا من الاختبارات التقليدية فإنها تتطلب الاعتماد على أحكام المقيمين لذا فإن اتساق إجراءات التصحيح مهمة جدا (Scallon, 2004)، ولتحقيق ذلك يتطلب زيادة ظروف التقويم باستخدام مجموعة واسعة المهمات والمصححين وفترات التقويم.

الفعالية والتكاليف: استخدام تقويم الأداء في العملية التعليمية غالباً ما يكون صعب التطبيق مقارنة بالاختبارات التقليدية بالرغم من قدرتها على تحقيق نواتج تعليمية مهمة. حيث تشير الفعالية إلى تصميم مهمات تقويم محفزة تعتمد على مقاربات تعلم عميقة كأداة فعالة لتعزيز التعلم والاهتمام وتقديم تغذية راجعة للفهم والضبط والجودة والتحفيز والاعداد للحياة (Boud & Falchikov, 2007). أما التكاليف فتتعلّق بالوقت والجهود والموارد المطلوبة لإعداد، وتطبيق، وتصحيح التقويمات لأن تكاليف تقويمات الأداء في العادة تكون مرتفعة راجعة إلى نفقات استخدام المقدرين، والوقت المطلوب للتقويم (Johnson et al., 2009).

آخر تعديل: Sunday، 19 March 2023، 1:01 AM