1. دواعي ظهور تقويم الأداء
اعتبر واضعو السياسات التربوية والدعاة لإصلاح المناهج الدراسية في الثمانينات من القرن الماضي أن تقويمات الأداء التي تقوّم مهارات التفكير المعقدة أدوات ذات قيمة للإصلاح التربوي، ويتم النظر إلى إليها على أنها أدوات يمكن أن تساعد على تجسيد الممارسة التعليمية السليمة من خلال تقديم نماذج للمعلمين لما هو مهم للتدريس وللطلاب ما هو غير مهم لتعلّمه. وبداية من القرن الحالي تم استخدام تقويمات الأداء لتحميل المعلمين والاداريين والمدارس والدول المسؤولية لتحسين التدريس وتعلم الطلاب، ونظرا لأن الهدف الرئيس لتقويم الأداء هو تحسين التدريس وتعلم الطلاب فان الأدلة مطلوبة من هذه العواقب الايجابية بالإضافة لبعض العواقب السلبية المحتملة، وتشير الأدلة بأنه عندما تقيس أنظمة التقويم والمساءلة التفكير النقدي وحل المشكلات يقوم المعلمون باشراك الطلاب في مهارات التفكير هذه(Lane, 2016) .
ظهر تقويم الأداء للاستجابة لمتطلبات الانفجار المعرفي والتكنولوجي الذي تميّز به العصر الحالي التي أثّرت على تحوّل الأهداف التعليمية من إعداد أفراد يحفظون ويسترجعون المعلومات إلى أفراد قادرين على إدارة واستخدام والمعلومات، ويملكون كفاءات ومهارات إبداعية متنوعة تمكنهم من المساهمة بفاعلية في الانجازات في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية (الدوسري، 2004؛ علام، 2004).
ويعتبر صانعو السياسات التعليمية والمعلمون أن تقويمات الأداء أدوات رئيسية في الإصلاح التعليمي، حيث ترى Lane (2013) أن هناك ثلاثة أسباب رئيسية لذلك، وهي أنّها:
1. تسمح بإظهار أهداف التعلم المهمة والهادفة التي لا يمكن تقويمها بسهولة باستخدام أشكال التقويم الأخرى،
2. تعمل كنماذج للمهمات التي تحفز وتثري التعلم بدلاً من أن تكون بمثابة مؤشرات للتعلم.
3. تساعد على تشكيل الممارسات التعليمية السليمة من خلال تقديم نماذج للمعلمين لما هو مهم للتدريس وللطالب ما هو مهم لتعلمه. وتجعل هذه الصفات تقويمات الأداء أدوات مثالية للتقويمات التكوينية والمؤقتة والختامية التي يمكن تضمينها بشكل طبيعي في التعليم.
أما بوبهام) 2005 Popham (فيذكر ثلاث مبررات لاستخدام تقويمات الأداء في المجال التربوي:
- عدم الرضا عن الاختبارات المعتمدة على اختيار الاجابة الصحيحة، فالاختبارات ذات الاختيار من المتعدد أو ذات الاختيارين لا تعطي أهمية لعمليات تفكير الطلبة التي تساعدهم على حل المشكلات وتحليلها أو العمل بطريقة مستقلة.
- تأثير علم النفس المعرفي الذي يعتقد علماؤه بأنه يجب على الطلاب اكتساب المحتويات المعرفية ومعرفة الاجراءات، فجميع المهمات المعرفية تتطلب المعارف والاجراءات، والذين دعوا إلى استخدام المزيد من تقويمات الأداء في التربية لأن بعض أنواع الاجراءات المعرفية لا يمكن قياسها عن طريق الاختبارات التقليدية.
- التأثير التدريسي السلبي للاختبارات التقليدية، فهناك مخاطر من بعض الاختبارات التي تؤكد على المحتوى مما أدى إلى ارتفاع درجات الطلبة رغم ضعف معارفهم ومهاراتهم التي يعكسها الاختبار، فأدرك التربويون أنه من الممكن أن تؤثر الاختبارات الحاسمة على التدريس، فنجدهم يؤكدون على تقويم الأداء من خلال الأهداف التدريسية ذات القيمة أكثر من الاختبارات التقليدية.
على عكس اختبارات الاختيار من متعدد والاجابة الصحيحة والخاطئة التي يُطلب من الطلاب اختيار إجابة من إجابات مقدمة، فان تقويم الأداء يتطلب من الطالب أداء مهمة أو إنشاء إجابته بنفسه، فعلى سبيل المثال تقويم الأداء في الكتابة سوف يتطلب من الطالب فعلياً كتابة شيء معين بدلاً من مجرد الاجابة على بعض أسئلة الاختيار من المتعدد حول القواعد أو علامات الوقف. وتعتبر تقويمات الأداء مناسبة تماماً لقياس نواتج التعلم المعقدة كالتفكير النقدي، والتواصل، ومهارات حل المشكلات.