يعد التقويم التربوي من أهم العناصر التي تشكل المنظومة(التربوية- التعليمية- التدريسية) والعنصر الفعال فيها، حيث يسمح بالقيام بالتغذية الراجعة لكل مكوناتها مما يجعل من البحث في إبراز أهميته وكشف الأهداف التي يسعى لتحقيقها عملية ضرورية، وخاصة في ضوء وظائف التقويم المتمثلة في التشخيص والمتابعة والتعديل والتثمين.

1- أهمية التقويم التربوي:

يعد التقويم العنصر الفعال في المنظومة التربوية وطريقة لتفعيل باقي عناصرها لأنه يحدد مستوى التلاميذ ويساهم في اكتشاف قدراتهم وأسلوب للتنبؤ بنجاحهم الدراسي، ومعرفة مدى حدوث تغيرات في سلوك المتعلمين ولكشف عوائق التعلم عندهم.

تكمن أهميته خلال المراحل الأولى للدرس في تقديمه للمعلومات اللازمة للمدرس والمرتبطة بمدى استعداد التلاميذ للتعلم ومدى توفر الميل، والرغبة والمهارة اللازمة لذلك كما يسمح لقياس المكتسبات القبلية، وتحديد الفروق بين التلاميذ والضبط الدقيق لنقطة بداية الدرس أو الوحدة التعليمية وتكون اختبارات الاستعدادات أسلوبا للتوصل إلى ذلك.

تكمن أهميته أيضا في العمل على بناء التعلم واكتشاف مدى حصول التقدم أثناء سير الدرس. حيث يستعين المدرس بأساليب تقويمية يتعرف بواسطتها على ما تم إنجازه فعلا، وملاحظة مدى حدوث التقدم عند تلاميذه ويكتشف الفئات التي تحتاج إلى الدعم والمساعدة وضبط مواطن القصور لغرض تعديلها. ( عدس ، 1999، ص11).

تظهر حاجة العملية التعليمية إلى التقويم عند نهاية الدرس أو الوحدة والمقرر، والفصل والسنة الدراسية لأنها تكشف مستوى التلاميذ ومدى إتقانهم للمهارات المندرجة ضمن الأهداف المسطرة من قبل.وهذا ما يكون باستعمال أدوات تقويمية واختبارات. وأبرزت مختلف الآراء أهمية التقويم واستحالة الاستغناء عنه خلال مراحل العملية التعليمية . حيث ذكرت ( تابا(Taba ،أن العملية التقويمية يجب أن تكون متعددة الأغراض من كشف نقاط القوة والضعف وأشار) بيلير( Pilliner، أن التقويم وسيلة وهدفا بالنسبة للتلميذ.أما )موريس( Mories، فأشار أن التقويم يساعد على كشف مستويات التلاميذ، ومدى فعالية الدرس. وهو ما ذهب إليه )توماس هاستنجس، Tomas Hastandjes  (حين أكد أن التقويم يستخدم لتحسين التدريس والتعليم، ووسيلة لمعرفة الأدلة والطرق المناسبة لتحسين عملية التدريس. لهذا فهو لا يقتصر على الامتحانات النهائية بل وسيلة لكشف مدى تحقيق الأهداف، أما ( محمود منسي ) فيرى أنه الأسلوب العلمي الذي يتم من خلاله تشخيص دقيق للظاهرة موضع التقويم وتعديل مسارها . ( منسي،  1994، ص96).

-       تساعد التلميذ على اكتشاف إمكانياته الفردية وانتقاء نوع الأنشطة المدرسية المناسبة لقدراته.

-   اعتماد المربي على التقويم في اختيار الوحدات لتدريسية فنجد" هـ . ومارش( H.W.March، 1984)  يؤكد أن من بين مهام التقويم هو جمع أكبر عدد ممكن من المعلومات عن التلاميذ للاعتماد عليها عند اختيار المادة التعليمية، وتجعل المتعلم يوجه نشاطه نحو جوانب من المنهاج التي يراها تحتاج إلى جهد إضافي وهذا ما يؤدي إلى تعزيز التعلم باعتبار التقويم خبرة تعليمية فعالة تساعد التلميذ على تثبيت المعلومات التي يتلقاها.( طالبي1995، ص19).

-   ضبط الأهداف التربوية باعتبار العملية التقويمية تراقب التغيرات التي تحدث في سلوك المتعلم  ومعرفة مدى ملائمة الأهداف المسطرة لقدرات التلاميذ ومدى قدرتهم على تحقيقها .

-تقدير حاجات المتعلمين وإثارة دافعيتهم للتعلم.

- تحسين وتطوير مردود العملية التعليمية وهذا باعتبار التقويم أداة لهذا التحسين الذي يتم بإتباع كل خطوات الدرس، ومراقبتها إلى غاية تحقيق الهدف الحقيقي المنتظر ويقوم على تقدير المخرجات التعليمية مقارنة بالأهداف والحكم على فعالية العملية التدريسية.( سمارة ، 1989، ص21).

-تشخيص صعوبات التعلم وكشف جوانب القوة والضعف والعمل على التغلب على الصعوبات وتعزيز جوانب القوة. لأن التقويم هو العملية التي ترمي إلى معرفة مدى النجاح أو الفشل في تحقيق الأهداف، والعمل على تحقيقها بأحسن صورة ممكنة  واتخاذ القرارات اللازمة لتصحيح التعليم وتوجيهه وتحسينه بصورة عادلة وفي هذا الصدد يرى (الدمرداش سرحان) أن التقويم هي عملية تحديد المشكلات وتشخيص الأوضاع ومعرفة العقبات والمعوقات بقصد تحسين العملية ورفع مستواها وتحقيق أهدافها ويرى " بلوم" : " التقويم يقيس مستوى التلاميذ والصعوبات التي تعترضها أثناء العملية التعليمية ويقدم لهم بسرعة معلومات مفيدة عن مدى تطورهم أو ضعفهم ويحدد بسرعة تعليمهم مما يعمل على تحفيزهم لبذل الجهد اللازم في الوقت المناسب" .( منسي، 1994، ص25 ).

- سهولة توجيه المتعلمين إلى المواد الدراسية، والأنشطة المناسبة لهم وهذا ما يسهل عملية التكيف التي تنطلق من معرفة قدرات المتعلمين، ورغباتهم كما تسمح بتقديم حصص الدعم والاستدراك للتلاميذ ووضع برامج للمتعلمين حسب رغباتهم.

-يعتبر احد الركائز الأساسية في بناء المناهج الدراسة فأي منهاج دراسي يجب أن يكون مصاحبا بعملية التقويم.

- يساعد على معرفة مدى تحقيق المنهج للأهداف المرسومة والكشف عن جوانب النقص والخلل في محاولة لعلاجها.

- التقويم هو احد الأركان المهمة في عملية التخطيط بحكم اتصاله الوثيق  بمتابعة النتائج وقد يكشف التقويم عن وجود عيب أو خلل في المناهج أو الوسائل التعليمية أو في الأهداف، مما يؤدي إلى تقديم توصيات للقائمين علي عملية التخطيط لغرض معالجة هذا الخلل.

-   يساعد على اكتشاف الاستعدادات، والميول، والاتجاهات وغيرها من السمات النفسية التي يتمتع بها الإفراد مما كان له أثره الواضح في العملية التعليمية.

-   يساعد في عملية توجيه الأفراد نحو مختلف التخصصات ولاختيار نوع المهن . (سيد، علي وأحمد محمد سالم،2004،ص ص35-36)

2- أهداف التقويم التربوي:

يهدف التقويم التربوي إلى تحقيق عدد من الأهداف وجملة من الوظائف منها:

-       اتخاذ القرارات التربوية والتعليمية المناسبة والمتمثلة في التعديل والحكم بالنجاح أو الرسوب.

-   صياغة الأهداف السلوكية أو المحكات التي يجب على المتعلمين الوصول إليها وتعديلها باستمرار بما يتناسب مع مستويات المتعلمين والذي يكشف عادة عما إذا كانت الأهداف ممكنة التحقق أم بحاجة إلى تعديل صياغة تجعلها ممكنة التطبيق .

-   التعرف على المناهج والمقررات الدراسية وطرق التدريس، والعمل على تحسينها، وتعديلها وتحديثها مما يحقق الهدف المنشود ومواجهة التحديات المستقبلية .

-   تشخيص ما يصادف المعلم والمتعلم والمدرسة القائمين على السياسة التعليمية أو التربوية من صعوبات ومحاولة وضع الحلول المناسبة لها.

-       تحليل خبرات المتعلمين واكتشاف ميولهم وقدراتهم وأخطائهم وتلاقي هذه الأخطاء مستقبلا وزيادة دافعيتهم للتعلم.

-       انتقاء المتعلمين وتصنيفهم على أسس علمية سليمة.

-  تخفيف الكلفة والرفع من مستوي العملية التعليمية ومن ورائها المنظومة التربوية ورفع الجودة من خلال سد ثغرات الأخطاء وتقليل الهدر في الوقت والموارد والجهد .

- حصر العوامل التي تؤثر في عملية التعلم حتى يستطيع المعلم أن يضع خطة للخبرات التعليمية التي يوفرها لتلاميذه ويحسن توجيه نشاطهم .(سيد، علي وأحمد محمد سالم،2004،ص ص32-34)

-  مساعدة الفرد المتعلم على التكيف مع الوسط الاجتماعي والمهني الذي ينتمي إليه من خلال إعداد الأفراد للحياة في المجتمع بحيث تنمو لديهم القدرة على العمل التعاوني والقدرة على النقد البناء والقدرة على الاختلاف مع الناس في الرأي، وآداب الحديث والاستماع . كل هذه الجوانب يجب أن تتناولها عملية التقويم في المدرسة ومن وسائل قياس هذه الناحية ملاحظات المعلمين و تتبعهم لسلوك التلاميذ.

- تقويم ميول التلاميذ فللمدرسة مسؤولية عن الكشف على هذه الميول حتى يمكن توجيهها  توجيها سليما وتنميتها، وإتاحة الفرصة لظهور ميول لم تكن بارزة عندهم.

- يسع التقويم بتنمية التعلم، ورفع مستوي التحصيل الدراسي عند المتعلمين.

-يسمح باكتشاف نواحي النمو المختلفة عند المتعلم من معارف، اتجاهات، استعدادات، وميول وتطور في الجانب المهاري.( أبو علام،2014،ص59)

3- مجالات التقويم التربوي:

انه من الخطأ الاعتقاد أن التقويم التربوي هو ما يرتبط بقياس مخرجات التعلم عند المتعلمين ،حيث يعتبر ذلك جزء ووظيفة من وظائف التقويم العديدة والتي تتماشي مع طبيعة المنظومة التربوية الحديثة القائمة علي التغذية الراجعة لكل مكوناتها، حيث تشمل مجالات استعمال التقويم كل عناصر المنظومة سواء كانت تربوية، أو تعليمية أو تدريسية ومن أهمها نجد:

-تقويم المتعلم من خلال تشخيص ومراقبة والحكم علي مسايرته للعملية التعليمية وكشف أهم الصعوبات التي قد تعترضه.

-تقويم المعلم من خلال كشف مدي إتقانه لمختلف المهام والتي هي كفايات تتمثل في تخطيطه الجيد للعملية التدريسية، وتنفيذا وصولا إلي قدرته لتصحيح نتائجها.ويندرج ضمنها قدرته علي إدارة الصف الدراسي، وإتقانه لمختلف المهارات كالتمهيد وغلق الدرس، وتحكمه في استراتيجيات التدريس وغيرها من المهام، حيث عادة ما يتم التقويم عن طريق المشرف التربوي ،أو الفريق التربوي داخل المؤسسة،أو باعتماده علي التقويم الذاتي.

-تقويم المنهاج الدراسي من خلال البحث عن مدي انطلاقة من حاجات الفرد المتعلم، وحاجات المجتمع الذي ينتمي إليه وإمكانية تحقيقه لتطلعاته أو فلسفة المجتمع ،عاداته، تقاليده، ومدي مراعاته لطبيعة المعرفة وطريقة تقديم المعرفة فيه.

-تقويم المحتوي من حيث تغطيته للأهداف المسطرة، وسلامة المعلومات الواردة فيه، حداثتها، واقعيتها، تنظيمها وتسلسلها، توزيعها علي جوانب الفرد المختلفة.

-تقويم الكتاب المدرسي من حيث تنظمه، محتوياته، أمثلته، الجداول والأشكال الواردة فيه، وطبيعة الألوان المستعملة وغيرها.

-تقويم الأنشطة التربوية داخل المؤسسات التعليمية كالنشاطات الثقافية والفنية و، العلمية والرياضية.

-تقويم الوسائل التعليمية ومدي قدرتها علي إثارة الانتباه وتطوير العملية التعليمية.

-تقويم القائمين عل العملية التربوية كالمسؤولين علي المؤسسات والمشرفين التربويين.

Modifié le: Tuesday 7 March 2023, 10:14