1- تقنيات التخطيط التربوي: من تقنيات التخطيط التربوي:

أ)- الخطة التربوية: تعتبر الخريطة التربوية طورا جديدا من أطوار التخطيط التربوي على مستوى المحلي حيث أنها أكثر شمولا من الخريطة المدرسية وذلك من حيث معالجتها لأمور التربية واتجاهاتها نحو المستقبل وهي أكثر صعوبة في استخدامها من الخريطة المدرسية حيث تتطلب جهدا كبيرا في إعدادها والإفادة منها، بدأ الاهتمام بها منذ بداية عقد السبعينات من القرن الـــ (20) نظرا للحاجة إليها والخريطة التربوية هي مجموعة من الخرائط تعد من أجل تشخيص الواقع التربوي من أبعاده المختلفة داخل المدرسة وخارجها وذلك للكشف عن نواحي القوة والضعف في هذا الواقع وفق مؤشرات معينة، ولذلك فإن إعدادها يحتاج إلى عمل وجهد مشترك يقوم به فريق ذو تخصصات مختلفة وتعتمد على خرائط سكانية وطبيعية واقتصادية واجتماعية، بهدف تحسين الخدمات التربوية المقدمة، وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص في التعليم، وربط النمو التعليمي بمختلف جوانب التنمية الاقتصادية والاجتماعية، واستغلال الإمكانيات التعليمية المتاحة الاستغلال الأمثل، والتنسيق بين التخطيط التربوي والتخطيط العمراني، ووضع خطة واقعية لتنمية التربية (عبد الدائم، 1984).

تقوم الخريطة التربوية على عدة متطلبات كاللوائح والتشريعات التي تنظم سير العملية التعليمية، وبيانات سكانية التي تشمل إجمالي حجم السكان حسب فئات الجنس والسن والريف والمدن والنشاط الاقتصادي وتطور معدلات النمو السكاني ومعدلات الهجرة، وتوفر المعلومات عن الجانبين التعليمي والاقتصادي اللذان يتعلقان بالمنطقة المراد إعداد خريطة التربوية لها، وشبكة الطرق والمواصلات بالمنطقة، وتوفر بيانات تعليمية عن عداد التلاميذ المسجلين بالمراحل التعليمية المختلفة وتوزيعهم حسب الجنس ونوع التعليم ونسبة المشاركة ومعدلات القبول ومعدلات النجاح والرسوب، ومعرفة عدد المدارس بالمنطقة وكيفية توزيعها من حيث المرحلة ونوع التعليم ومواقع المدارس المختلفة والطرق المؤدية إليها وحالة كل مدرسة والوضع الخاص بالمبنى المدرسي من حيث العمر الافتراضي والأراضي والفضاء القريب من المدارس، ومعرفة التجهيزات  الموجودة في المدرسة وعمره والمكتبات وحالة الكتب ومدى استفادة من هذه التجهيزات في المدرسة، ومعرفة التقديرات عن تكلفة الخريطة التربوية وتكلفة الخطة والأموال التي يجب أن ترصد لها من الميزانية، ويجب معرفة تكلفة التعليم ومصادر تمويله وتوزيع الإنفاق على التعليم، والتجهيزات المعمرة كالأثاث والمختبرات والتكلفة للوحدات التعليمية بما فيها المدارس والفصول وتحليل مصادر التمويل والنفقات، وتوفر خرائط المنطقة بمقاييس مختلفة حسب المنطقة المراد وضع خريطة تربوية لها.

الخريطة التربوية تعتبر إحدى التقنيات أو أساليب التخطيط التربوي ولهذا فإن الهدف الأساسي منها هو التواصل إلى وضع مقترحات محددة واضحة لتطوير الوضع التعليمي القائم بما فيه من مدارس والأدوات التعليمية لذلك فإن إعدادها يتطلب إتباع الخطوات التالية:

أ- المرحلة التحضيرية: تشمل هذه المرحلة وضع تصور النموذجي للخريطة حيث يجب أن يشتمل على الهيكل العام للخريطة والمعلومات اللازمة لوضعها موضع التنفيذ وعناصرها التي تركز إليها والأدوات التي يمكن استخدامها،ثم اختيار فريق العمل المناسب الذي تتوفر فيه الشروط كالخبرة، والحياد، كما يجب أن يحتوي على عدة تخصصات كالتربويين والاقتصاديين، ثم تحدد المنطقة التي تشملها الدراسة على أنها تتوافر فيها شروط نجاح هذه الدراسة كالظروف الأمنية والاجتماعية، وأن تكون حدودها الإدارية واضحة وحجم السكان كافيا لاستيعاب خدمات التعليم. وبعد اختيار المنطقة يجب أن تجرى عملية استطلاع لمعرفة تضاريسها وشبكات الطرق فيها، والاتصال بالمسؤولين وجمع الوثائق والبيانات والخرائط المتوفرة عنها، ثم يقوم الفريق بتحديد مصادر المعلومات التي يرغب فيها ويحدد عمليات وإجراءات لكل عملية ومرحلة ثم إعداد الرسوم والجداول التي تفيد في معرفة المعلومات والخرائط.

ب- مرحلة جمع المعلومات: هذه المرحلة تشمل جميع المعطيات والعناصر البشرية والطبيعية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية (السكان المقيمين بصورة دائمة أو بصورة شبه دائمة) حيث يمكن معرفة توزيعهم حسب السن والجنس والفئات العمرية، وسنوات الدراسة، والداخلون في العمل والذين تجاوزوا سن العمل وتوزيعهم جغرافيا وحسب المستويات العلمية والمهنية وحسب المهن التي يمارسونها والقطاعات التي يعملون فيها، ودراسة المؤسسات ومعرفة النشاطات الاقتصادية في المنطقة، ويجب أن ترتبط المناهج الدراسية بالبيئة مما يمكن من معرفة العلاقة بين الاقتصاد والتربية، ويجب الحصول على المعلومات الاقتصادية من المصادر الرسمية مما يسهل معرفة القوى العاملة ومستواها العلمي وهيكلها الوظيفي ومجالات التوسع المستقبلي بما في ذلك التوزيع الجغرافي حسب قطاعات اقتصاديه.

التجهيزات تنقسم إلى تجهيزات أساسية تكون مصادر راحة المواطنين وعاملا مساعدا على الإقامة ولو لفترات قصيرة والخدمات التربوية كطرق المياه والكهرباء والهاتف وسكك الحديد وتجهيزات صحية ومؤسسات اجتماعيه ونوادي ثقافية ورياضيه واجتماعيه وتقسيمات إدارية وهيئات محلية وغيرها.

لذا يجب أن تكون هذه المعلومات شاملة لكافة أنواع التعليم النظامي وغير نظامي كيفية توزيعها داخل المنطقة وكذلك الهيئات التعليمية والمؤهلات العلمية وتوزيعها حسب الوظائف الإدارية والجنس وفئات العمر وأيضا العنصر البشري. فضلا عن معرفة الأبنية المدرسية ومساحتها ومناسبتها للعملية التربوية والتلاميذ عدادهم وتوزيعهم حسب الجنس ومراحل التعليمية والمناهج التعليمية وكيفية إعدادها والكتب المدرسية وتكلفة التعليم وفعاليته. أما بخصوص التعليم الغير نظامي فإنه يجب معرفة مؤسساته الرسمية والخاصة وتوزيعها الجغرافي والتسهيلات المادية المتوافرة من أبنية وتجهيزات والتسهيلات البشرية والمنتسبون لهذا التعليم والميادين التي يغطيها ومناهجه وأساليبه وفعاليته وخدماته.

ج- مرحلة التشخيص: تتم هذه المرحلة وفق الأهداف التي يسعى المجتمع إلى تحقيقها في المنطقة حيث يتم تحديد المشكلات والاحتياجات، ومقارنة إمكانيات المتوفرة مع الاحتياجات، ومعرفة ما إذا كانت العلاقة بين التربية واحتياجاتها إيجابية أو سلبية، ومعرفة الاحتياجات التربوية ففي التعليم النظامي يجب معرفة فاعليته وهل هناك تأخر دراسي أو تسرب أو هدر ومدى تحقيق الأهداف لكل مرحلة والمباني والتجهيزات والتوزيع الجغرافي للسكان والمناهج وطرق التعليم ومدى ملائمتها لأوضاع التلاميذ. 

أما في التعليم غير النظامي فيجب معرفة مدى كفاية الخدمات التربوية ومدى كفاية التجهيزات وحسن توزيعها ومعرفة مدى استخدام الإمكانيات الحالية ومدى وجود إمكانيات غير مستخدمة والتجهيزات التربوية والمخبرات العلمية والمكتبات حيث يقوم فريق العمل في نهاية المرحلة بكتابة تقرير عن الموقف التعليمي في المنطقة المراد وضع خريطة تربوية لها.      

د- مرحلة وضع التصور: تعتبر هذه المرحلة خلاصة للمراحل السابقة يتم فيها وضع تصورا للخريطة التربوية المستقبلية ويكون شاملا لتنظيم خدمات التربية بما في ذلك البدائل المطروحة التي تتمثل في:

- العقلنة: يقصد بها تلبية الاحتياجات التربوية في المدى القريب باستخدام أفضل الإمكانيات في التربية كإعادة النظر في المؤسسات والهيئات التربوية أو تكليف المدرسين بأعمال أخرى أو توظيف الأبنية المدرسية لاستغلالها استغلالا عقلانيا.

- استخدام الإمكانيات الجديدة: تشمل الموارد الجديدة في البيئة وتسخيرها للعملية التربوية.

استخدام إمكانيات خارجية: يتم استخدام الإمكانيات الخارجية خدمة للعملية التربوية كإنشاء المدارس ومراكز التدريب وتأمين هيأت التدريس وأحيانا اللجوء إلى بعض المختصين والخبراء في بعض الميادين الصناعية الحديثة والاستعانة بهم من خارج المنطقة نظرا لندرة مثل هذه التخصصات في البيئة موضوع الدراسة على أن يتولى فريق العمل عرض نتائج دراسته وتصوراته على المسؤولين وذلك للاستفادة من خبراتهم والاستعانة بهم وإشراكهم في مواجهة مشاكل البيئة ووسائل مواجهتها (مرسي، والنوري، 1975).

ب)- أسلوب دلفاي: يسمي كذلك بالهندسة الاجتماعية التي تكشف عن مشكلات المستقبل وتتنبأ بالحلول الممكنة لهذه المشكلات والتحديات التي تواجهه، وأسلوب دلفاي هو تخطيط ينطلق من الدراسات الحديثة أو علوم المستقبل  التي تعمل على حل مشكلاته والتنبؤ بالقوى المؤثرة فيه والحوادث التي يمكن أن تحصل فيه والعمل على توجيه حركة المستقبل لخدمة أغراض الفرد والمجتمع.

ومن أساليب الهندسة الاجتماعية التي تستخدم في التخطيط التربوي أسلوب التنبؤ الاسقاطي الذي يعتمد على فكرة أن المستقبل هو امتداد للماضي والحاضر أي أن اتجاهات المستقبل يمكن تحديدها في ضوء اتجاهات الماضي، كما ظهرت أساليب كثيرة للتنبؤ الاستراتيجي، كأسلوب السيناريوهات أو ما يسمى (بأسلوب الحوار المحسوب) حيث يقوم على بناء عدة سيناريوهات يمثل كل واحد منها متغيرا محتمل الحدوث  في المستقبل وتحدد القضايا التي يمكن أن تظهر نتيجة لهذه المتغيرات والتي على أساسها تبنى صورة المستقبل بصورة كلية أو تكون هناك صورة بديلة بناء ظهور أي متغير من المتغيرات.

كما ظهر أسلوب المحاكات الذي يقوم على وضع نموذج افتراضي للمستقبل ووضع إستراتيجية لتسيير الأحداث في المستقبل حيث يتم إعداده في ضوء دراسة الواقع واحتمال التغير المستقبلي (الشيباني، 1996).

تعريف أسلوب دلفاي: يعتبر أسلوب دلفاي أكثر شيوعا خصوصا في الدراسات التربوية والنفسية حيث ينتهي هذا الأسلوب في التنبؤ المستقبلي على تصورات عدد من الخبراء في مجال التغير من التخصصات التي ينتظر أن تحدث في المستقبل من واقع خبراتهم وتصوراتهم، ثم تجمع هذه التصورات ويتم تصنيفها وتحدد مواضع الاتفاق والاختلاف بينهما وترسل إلى الخبراء من جديد ليتم عرضها عليهم، وابداء الري بالنتائج وبشان كل واحد منهم واتجاه الآخرين ويطلب من كل الخبراء إبداء الرأي من جديد بعد معرفته للنتائج، ثم تعاد الكرة عدة مرات حتى التوصل إلى مجموعة من التصورات يتفق عليها جميع الخبراء او اغلبهم للصورة التي يمكن أن تحدث في المستقبل.

يرجع أسلوب دلفاي في التنبؤ بالمستقبل إلى أساطير اليونان القديمة أي الى معبد يسمى (معبد دلفاي)، كان هذا المعبد لعبادة الاله ابولو الذي يرمز الى قوة العقل، كانت له كاهنة يسألها أصحاب الحاجات عن الغيب، الأمر الذي يجعل مساعديها يفسرون للناس ذلك. أما حديثا فكان أول استخدام لأسلوب دلفاي عام (1952) عندما استخدمه هيملر ودلكى في بحث لحساب البحرية الأمريكية لتعرف على أراء الخبراء بشأن خطة الدفاع النووي.

وفي عام (1959) فسر هيلمر وريسشر ورقة عن نظرية المعرفة في العلوم غير الدقيقة، (العلوم الاجتماعية)، وبذلك بدأ استخدام أسلوب دلفاي في التنبؤ في المجالات التكنولوجية، ثم المجالات الاقتصادية والاجتماعية، ثم العلوم التربوية، حيث ظهرت الكثير من الدراسات التي استخدمت هذا الأسلوب وبذلك فهو يعتبر من أفضل الأساليب وأكثرها فاعلية في الحصول على أراء واتجاهات وتصورات الخبراء على التعبيرات التي تحدث في المستقبل بل يعتبر اقصرها وقتا واقلها تكلفة (عمر احمد، 2000).

والفكرة التي يقوم عليها أسلوب دلفاي، هي أن نتائج تفكير الجماعة أفضل كثيرا من نتائج تفكير أي فرد فيها، ذلك أن حجم المعلومات المتاحة لمجموعة من الخبراء أكبر من حجم المعلومات المتاحة لأي فرد فيها، كما أن المشكلات الاجتماعية تتميز بكثرة العوامل المؤثرة فيها، وان معالجتها من منظور شخصي قد يؤدي إلى خطأ في التشخيص والعلاج، على أن مجموعة الخبراء الذين يؤخذ رأيهم في قضية ما وفق أسلوب دلفاي يتمتعون برؤى خاصة لأبعاد القضية وطريقة حلها،نضرا لاختلاف تخصصاتهم. 

وقد عرف أسلوب دلفاي، بأنه منهاج حدسي يقوم على مشاركة مجموعة من الخبراء للتنبؤ بالمستقبل ويستخدم أساسا لتحديد الإحداث المتوقعة (علمية أو تكنولوجية أو اجتماعية) من خلال تخمينات الخبراء (اميل، 1992).

يمتاز أسلوب دلفاي بالوصول إلى اتفاق بين آراء اكبر مجموعه من الخبراء في أقصر وقت ممكن، وقلة التكاليف مقارنة بالطرق والأساليب الأخرى، وعزل عامل التحيز في إبداء الرأي،وسهولة تصنيف الآراء وترتيبها بما يساعد على الوصول إلى قرارات أدق وبطريقة أسرع، وهو أسلوب حدسي جماعي يكون على درجة كبيرة من الدقة والصدق والموضوعية، ويستخدم منهج تحليل النظم في مداخلاته ومخرجاته عند تحليل النتائج، ومن الأساليب الامبريقية التي تسعى لأكبر درجة من الإجماع، ويستخدم التحليل الإحصائي مما يجعل نتائجه أكثر موضوعية ودقة.

نماذج أسلوب دلفاي: هناك عدة نماذج لأسلوب دلفاي منها (دلفاي التقليدي، دلفاي السياسات)

أ- دلفاي التقليدي: يعتبر من أهم الأساليب وأكثرها استخداما حيث يهدف إلى إجماع الرأي حول موضوع معين لأهميته وعند استخدام هذا الأسلوب يتم تصميم استبيان متنوع من سؤال أو أكثر عن موضوع المراد درسته، ثم تحديد مجموعة الخبراء الذين سيرسل إليهم الاستبيان والذين تتوفر فيهم الشروط المطلوبة من حيث الأهلية والخبرة والتخصص، وبعد استلام الإجابة تفرغ وتجهز الإجابات، وتجمع وفقا لآرائهم المختلفة ثم تنسق وتعاد للخبراء ليراجع كل خبير إجابته وإجابات الآخرين لإعادة النظر فيها من أجل الوصول إلى تقارب في الآراء،ثم تسلم إجابات الخبراء للمرة الثانية وتفرغ بنفس الطريقة السابقة فإذا تم اتفاق في الآراء بين الخبراء فإن هذه الدورة تكون قد انتهت، أما إذا لم يتم الاتفاق على رأي معين يجري الباحث مقابلات شخصية مع المخالفين للإجماع، لتوضيح الآراء والتنبؤات التي أوضحها في الاستبيان ثم يقوم بتسجيلها لسهولة الرجوع إليها وقت الحاجة ومن خلال ما جاء في الاستبيان وما أسفرت عنه المناقشة والمقابلة يقوم الباحث بتصنيف وترتيب الاستجابات التي قدمها الخبراء حيث تمثل هذه الخطوة الدورة الأولى لأسلوب دلفاي.

اما الدورة الثانية فتبدأ بعرض نتائج الدورة الأولى على الخبراء و دون أن يعرف أحدهم أسماء الخبراء الآخرين يعد الباحث استبيانا خاصا يطلب فيه إبداء الرأي بالموافقة أو عدم الموافقة على هذه الآراء وعند استلام الاستجابات يقوم الباحث بإجراء مقابلات شخصية مع الخبراء بهدف توضيح أراء بعض الخبراء وبذلك يمكن صياغة نتائج الدورة الثانية بناءا على التعديلات المطروحة من جديد .

ثم تبدأ الدورة الثالثة بإعادة صياغة الاستبيانات وعرضها على الخبراء للوصول إلى اتفاق عام في حالة دلفاي التقليدي أو للوصول إلى استقطاب للبدائل المختلفة كما هو في حالة دلفاي السياسات (فهمي، 2002).

نقد أسلوب دلفاي: رغم الأهمية التي يحظى بها أسلوب دلفاي كمنهج للبحث والوصول إلى قرارات سلمية أو في حالة رسم السياسات والاستراتيجيات إلا أن هذا الأسلوب عليه عدة مأخذ منها، تحيز بعض الخبراء وعدم موضوعيتهم لأسباب نفسية أو إيديولوجية، وعدم إدراك بعض الخبراء لكثير من الجوانب المختلفة حول القضايا المطلوب منهم إبداء الرأي فيها، وعدم اهتمام الخبراء وصعوبة استمرارهم في نفس الجدية والفاعلية في الإجابة، وطول فترة تطبيق هذا الأسلوب، وعدم ثبات المفاهيم مما يؤدي إلى نتائج غير سليمة وأحيانا تكون خاطئة، وصعوبة التنبؤ بالتغيرات الحادثة في العلوم الإنسانية والاجتماعية (اميل، 1992).

3- صعوبات التخطيط التربوي ومشكلاته: يري معظم المهتمين بفكر التخطيط التربوي ان التخطيط التربوي تحده الصعوبات والمشكلات التالية:              

عدم كفاية النظام التعليمي: تعني كفاية النظام التعليمي القدرة على تحقيق الأهداف المنشودة من التعليم، وتقسم معايير الكفاية في التعليم إلى أربعة أنواع:

أ- كفاية داخلية: مدى قدرة النظام التعليمي الداخلية(الإدارة) علـى القيـام بـالأدوار المتوقعة منه.                                        ب- كفاية خارجية: مدى قدرة النظام على تحقيق أهداف المجتمع الذي من اجله قام النظام لخدمته بإتاحة الفرص للجميع ومن توسع كمي يواكـب ويتماشـى مـع الزيـادة السكانية.

ج- كفاية نوعية: مدى تركيز النظام على نوعية الخريج الذي يخرجه.

د- كفاية كمية: عدد التلاميذ الذين يخرجهم النظـام التعليمـي ويـرتبط بهـا انخفاض معدلات التسرب والرسوب (فهمي، 2002).

جمود السياسة التعليمية: غموض الفلسفة التربوية وبالتـالي ضعف في الأهداف وتسلسلها وتدرجها، وعدم الترابط بين الأهداف العامـة للتربيـة والسياسة التربوية، وتخطيط التربية والتعليم.

فالسياسة التربوية توصف بالجمود وعدم القابلية والمرونـة الكافية لإحداث التغيير والتطوير اللازم في القرن (21)، حيث أن غياب الرؤية في التخطيط أدى إلى تخبط بعض الأنظمـة التربويـة فـي وضـع السياسات لتحديد الأولويات والبرامج وفق الاحتياجات الفعلية. فغالبية أنظمة التعليم تقاوم التغييـر نتيجة السياسات التربوية غير المستقرة والمقاومة في أساسها نابعة من المعلمين والإداريين فـي المدارس.

إشكالية الإدارة التربوية: تعتبر الإدارة ذات تأثير مباشر لنجاح أو فشل المشروعات قيد التنفيذ، فهي متوغلة في كل مجال من مجالات الأنظمة التربوية والتعليمية وأصبحت علما قائما بذاتـه لـه أصـوله وتطبيقاته ومبادئه وإجراءاته وآلياته وتأثيراته في النظام التربوي.

المعوقات: فيري معظم المهتمين بفكر التخطيط التربوي أنها تتعلق بالجانب الإداري منها:

- العمـل بالسـلطوية، تبين التجارب العالمية في ميدان الإدارة التربوية أن الأحوال تـزداد سـوءا نتيجـة اسـتخدام السلطات المخولة للقادة بإدخال عناصر المحاباة والمفاضلة في تقديم الامتيازات والترقي الإداري بسبب العلاقات الاجتماعية والسياسية دون الأخذ بعين الاعتبار كفاية الفرد ومؤهلاته وامتيازاته.

- التنمية المهنية للمعلمين: فالمعلم هو العنصر الأساسي في التجديد التربوي، يمثل أكبـر مـدخلات العمليـة التعليمية وأخطرها، حيث إن المعلم مشارك ومنفذ أساسي في تحديد اتجاهات التعلـيم ونوعيتـه ونوع مستقبل الأجيالن فهو يمثل حجر الزاوية، ومفتاح عملية التنمية الإنسانية، وهو عامـل مهـم وحاسم في إنجاح التربية آو فشلها.                                                                       

- الفجوة في الإنفاق التعليمي: تشير الإحصاءات لمعظم الجهات الرسمية على قطاع التربية والتعليم إلى أن هناك فجوة هائلة بين الـدول فـي الإنفـاق التعليمي.

- الإنفاق الداخلي: مثل صرف أجور المعلمين وصيانة المباني المدرسـية، والإنفـاق الخارجي مثل شراء الأجهزة، والنفقات الرأسمالية، فالمخطط التربوي يواجه عقبات ومشاكل عديدة تعيقه في الكثير من الأحيان عن أداء دوره في وضع خططه وتنفيذها وتقويمها، وأن لهذه المشكلات الأثر الفعال في حرمان المخطط من إتباع الأسلوب العلمي في رسم خططه ومشاريعه.

- نقص البيانات والإحصائيات الأساسية للتخطيط التعليمي: عند وضع أي خطة للتعليم لا بد من توافر بيانات وإحصائيات متكاملة ومتنوعة، مثل بيانات تعداد السكان وتـوزيعهم حسـب السـن والجنس وتقديرات الزيادة والنمو خلال سنوات الخطة سواء في الريف أو الحضر وغير ذلك من البيانات الديموغرافية وكذلك تزويد المخططين ببيانات عن القوى العاملة وتوزعها مهنيـا فـي ضوء القطاعات الاقتصادية حسب الجنس والسن، وعن معدلات الدخل القومي ومعدل الزيادة في الإنتاج، وتراكم رأس المال، ومعدلات التغير في الإنتاجية وغير ذلك.

كما وتشمل هذه البيانـات أعداد الطلاب في جميع المراحل والخريجين في كـل مرحلـة ومـن سلسـلة زمنيـة معينـة وإحصائيات عن أعداد المدرسين ونسب الرسوب والتسرب وتكلفة التلميذ في المراحل المختلفـة ومعرفة عدد المواليد وعدد الوفيات.

ونظراً لقلة المعلومات المتعلقة بالتخطيط، وعدم كفاية الإحصـائيات التربويـة، وقلـة المعلومات الإحصائية المستجدة، وعدم وجود نظام لجمع المعلومات، والضعف فـي الحصـول على معلومات دقيقة مع قلتها وضعفها، جميع ذلك يشكل عائقا كبيرا في وجه المخطط التربوي (فهمي، 2002).

- نقص الخبراء والأفراد المدربين عليه: التخطيط عملية صعبة تتطلب إمكانيات معرفية كبيرة ومستوى عال من الخيال والقدرة على التحليل والابتكار والاختيار.

- كما يتطلب التخطيط عمليات ذهنية تختلـف عـن العمليـات اللازمة للتعامل مع المشكلات اليومية، لذا وجب تحسين مهارات المديرين، فالنقص في القوى العاملة المدربة للقيام بالتخطيط يعتبر مشكلة أمـام المسـؤولين عـن التخطيط، وإن أيا من العناصر الآتية ذات العلاقة بالقوى البشرية له انعكاس سلبي على مسيرة التخطيط ولا بد من أخذها بعين الاعتبار، وهذه العناصر هي:

- نقص الموظفين المدربين كمخططين تربويين.

- عدم شعور المخططين بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم.

- عدم ملائمة التدريب للموظفين المشاركين في التخطيط التربوي، إضافة إلى قلة المصادر البشرية.

- عدم شعور المخططين أنهم يقومون بعمل ذات أهمية.

- ضعف التنظيم الإداري وعدم كفاءة التنظيمات والأجهزة الخاصة بالتخطيط التعليمي: أثبتت الدراسات المتعلقة بالتخطيط للتعليم في الدول النامية أن التنظيمات القائمة بالتخطيط غير قادرة على القيام بوظيفتها على الوجه الأكمل، وعدم وجود الأفراد المؤهلين، وسوء التنظيم للعمل في هذه الأجهزة، وعدم وجود ترابط بـين هـذه الأجهزة والأجهزة الأخرى في الدولة على المستوى القومي.

فالإداري يلعب دورا مهما في التخطيط فإذا كان المخطط التربوي يقوم بإعداد الخطـط وتصميمها، فإن مهمة الإداري أن يتحمل مسؤولية التنفيذ و إلا فإن الخطة لن ترى النور.

- قلة المخصصات المالية وارتفاع معدلات تكلفة التعليم: ان مشكلة توفير المخصصات المالية للتخطيط التربوي يرجـع لعدة عوامل منها:

- انخفاض مستوى الدخل القومي للفرد، وارتفاع تكلفـة التعليم، ازديـاد الحاجة للتوسع في التعليم.

- عدم وضوح السياسة التخطيطية وعدم تحديد الأهداف الرئيسة تعد عقبة فـي وجـه التخطيط التربوي حيث أن من الأمور المهمة جدا للمخطط أن تكون هناك أهدافا تربوية محـددة وصفت من قبل السلطة السياسية العليا ذات العلاقة بتطوير التربية، وتحسين أدائها.

- ضعف فاعلية التنسيق وتكامل النشاطات :إن غياب فعالية التنسيق تسبب مشكلة ليس للتخطيط فقط، بـل للتمويل وجهة التمويل التي تنفق على مشاريع وبرامج الخطة، ومن المشكلات ذات العلاقة بالتنسيق وتكامل النشاطات تواجه المخططين التربويين منها:

- عدم وجود تكامل بين وزارة التربية والتعليم والوزارات الأخرى.

- عدم وجود مكتب تنسيق فعال على المستوى الوطني.

- عدم وجود مكتب تنسيق فعال على المستوى المحلي.

- عدم وجود تنسيق وتكامل في النشاطات المختلفة للتخطيط.

- ضعف التنسيق بين وحدات التخطيط للأقسام المختلفة ووحدة التخطيط المركزية.

- ضعف التكامل بين المشاريع الخاصة ونشاطات التخطيط.

- غياب التقويم التربوي: يقترن التخطيط بمتابعة التنفيذ والمتابعة بدورها تقترن بـالتقويم إذ أن عمليـة التقـويم ضرورية لتحديد ما أمكن إنجازه، وتحقيق من نتائج ووجود الفجوة بين تنفيذ الخطط وتقويمها، قد جعلت مهمات التقويم غير محددة، ولا يزال التنسيق بينها وبين وضع الخطط وتنفيذها ضـعيفا. ولا بد من تنمية مهارات التقويم وتبيين وظائفه والأجهزة المعنية به، واقتراح الحلول في ضوء الإمكانيات تمهيدا للإجراءات ومراحل التنفيـذ أو تعديلا للخطط ومراجعتها في مرحلة مناسبة لذا من الواجب مراعاة المرونة فـي التخطـيط وقابلة للتعديل بتغير الظروف.

- صعوبات ناشئة من اتساع جهاز التربية: إن اتساع المساحة الجغرافية للتعليم يجعل التخطيط شاقا، لأن كل إقليم يخضع لظـروف وعوامل تحتاج لمعالجات فريدة قلما أن توجد، ونظراً لتضخم العاملين في حقل التربية واحتوائه لخليط غير متجانس من حيث أن كل تجمع أو فئة لها خلفيتها الفكرية والاجتماعية والسياسـية، مما يزيد من صعوبة إقناع كل العاملين في التربية بأهمية التخطيط وأهمية دوره فيه مهما كـان مستواه.

- التغير المستمر في الظروف والأحوال عند وضع الخطة وأثناء تنفيذها، وخاصة للخطـط طويلة المدى، وذلك بسبب التغيرات السريعة والمتلاحقة (عبد الدائم، 1984، وفهمي، 2002).

Modifié le: vendredi 19 mai 2023, 11:06