مفهوم الأسـلـوب:

طالما دارت كلمة ( الأسلوب ) في كتابات النقاد ودارسي الأدب في تنظيرهم و تطبيقاتهم على النصوص، وطالما ذكرها البلاغيون المحدثون في أطروحاتهم البلاغية الجديدة ورؤاهم المعاصرة؛ لهذا نحاول التعريف بها من زوايا متعددة
 الأسلوب في التراث العربي:

 هو في اللـغة : السطر من النخيل وكل طريق ممتد، و الأسلوب : الطريق و الوجه والمذهب، والجمع أساليب. وقد عرّف عبد القاهر الجرجاني الأسلوب بأنه "الضرب من النظم والطريقة فيه"، أمّا عند حازم القرطاجني فإنّ مصطلح الأسلوب يُطلق على التناسب في التأليفات المعنوية، "فيمثل صورة الحركة الإيقاعية للمعاني في كيفية تواليها واستمرارها، وما في ذلك من" حسن الاطراد والتناسب والتلطف في الانتقال عن جهة إلى جهة، والصيرورة من مقصد إلى مقصد"

الأسلوب عند حازم القرطاجني: يجعل القرطاجني الأسلوب منصبًّا على الأمور المعنوية (التناسب فيها)، وجعَله في مقابل النظم الذي هو منصب على التأليفات اللفظية، وهذا بخلاف نظرة عبد القاهر؛ حيث جعل النظم شاملاً لما يتعلق بالألفاظ والمعاني، وعرّفه ابن خلدون بأنه " المنوال الذي ينسج فيه التراكيب أو القالب الذي تُفرغ فيه"

وما يلاحظ على تعريفاتهم أنّ كلاًّ منهم نظر إلى الأسلوب من زاويةٍ معينة، فعند ابن خلدون اختص بصورة الألفاظ، وعند القرطاجني هو مختص بصورة المعاني، أمّا عند عبد القاهر فمفهوم الأسلوب ينحصر على الصورتين اللفظية والمعنوية.

وعند المحدثين يعرف الأسلوب تعريفات مختلفة منها: "الأسلوب فن من الكلام يكون قصصا أو حوارا، أو تشبيها أو مجازا، أو كناية، أو تقريرا، أو حكما وأمثالا."

والأسلوب: هو طريقة الكتابة، أو طريقة الإنشاء، أو طريقة اختيار الألفاظ وتأليفه للتعبير بها عن المعاني قصد الإيضاح والتأثير.

يرتبط التعريف الحديث للأســلوب "بنـظرية الإبـلاغ أو الإخبار "؛ حيث لا بد لأي عملية تخاطب من مخاطِب ومخاطَب وخطاب ( مرسل ومستقبل ورسالة )؛ و لذلك فالأسلوب لا يمكن دراسته أو بحثه دون أن يرتبط بعناصر الاتصال: المؤلف والقارئ والنص؛ مما جعل كتب علم الأســـلوب ترتكز على هذه العناصـر في تعريفه، ومــهــمـا تعددت تعريفات الأسـلوب إلاّ أنه يمكن إرجاعها إلى الاعتبارات الثلاثة السابقة.

-تعريف الأسلوب من زاوية المخاطِب:  يُعرَّف الأســــلوب على هذا الاعتــبار بأنه : الكاشــف لنمط التفكـــير عند صاحبه ، إذ يعبّر تعبيرًا كاملاً عن شخصيته، ويعكس أفكاره وصفاته الإنسانية، ويبيّن كيفية نظره إلى الأشياء وتفسيره لها وطبيعة انفعالاته، وغير ذلك مما يؤكد الذاتية أساسًا للأسـلوب، حتى إنّ الأســلوبيين ما يزالـون يتناقـلون ما ذكره بيفــون من أن الأسلـوب هو الإنسان نفسه، أو أنّ: الأسلوب هو الرجل، ويمكن أن نجمل بعد هذه التعريفات تعريف الأسلوب باعتبار المخاطِب في أنه: البصمة المميّزة للمبدع، والتي تعكس فكره وشخصيته ومشاعره وصفاته، أو: هو الصورة التي يعكسها النص عن النواحي المختلفة للمبدع.
ب – تعريف الأسلوب باعتبار المخاطَب :يرى غيرو أنّ الأسـلوب مجموعة ألوان يصـطبغ بها الخطاب ليصل عن طريقها إلى إقـناع القـارئ وإمتاعه وشد انتباهه وإثارة خيالـه، ودي لوفــر يلح على أنّ الأسلوب هو ســلطان العبارة إذ تجتذبنـا، وأحمد الشايب الذي يـرى أنّ الأسلوب يمكن أن يكون له معنى أوسع فيشمل "الفن الأدبي الذي يتخذه الأديب وسيلة للإقناع أو التأثير"

و مهما تعددت تعريفات الأسلوب باعتبار المخاطَب إلا أنها تلتقي في أمرٍ مشترك، ألا وهو تأثير الأسلوب على المتلقّي، فقد يكون هذا الأثر إمتاعًا أو إقناعًا، أو شد انتباه أو إثارة خيال، أو أي تأثيرٍ على المتلقّي أيًّا كان نوع هذا التأثير.

و يمكن أن يعرّف الأسلوب هنا بأنه " العلاقة المميزة لنوعية مظهر الكلام داخل حدود الخطاب، وتلك السمة إنما هي شبكة تقاطع الدوال بالمدلولات ومجموع علائق بعضها ببعض ومن ذلك كله تتكون البنية النوعية للنص وهي ذاتها أسلوبه "، وتجتمع التعريفات السابقة المنطلقة من عنصر الخطاب في أنها تركز على الظواهر اللغوية المميزة في النص، مع الاهتمام بالعلاقات الجزئية والكلية بينها،  وما يتصل بما سبق من الإيحاءات المختلفة و الدلالات المتعددة، وكل ما يكسب النص خصوصيته من الناحية الأسلوبية .

و يمكن أن نخلُص مما سبق إلى تحديد الأسلوب باعتبار منطلَق الخطاب في أنه : مجموع الظواهر اللغوية المختارة الموظّفة المشكِّلة عدولاً، وما يتصل بذلك كله من إيحاءات ودلالات، ممتزجًا كل ذلك بشبكة العلاقات داخل النص و خارجه .

Last modified: Wednesday, 7 December 2022, 10:38 AM