عنوان المحاضرة السابعة:النظرية التفاعلية:
-النظرية التفاعلية:
تقوم هذه النظرية على الجمع بين نظريتي السمات والموقف من خلال المدخل التوفيقي، وتعد القيادة من وجهة نظر هذه النظرية عملية تفاعل اجتماعي، على أساس أن القيادة ليست سمة أو سمات يمتلكها فرد.
ليس نتاج الموقف وحده وإنما هي ثمرة التفاعل بين سمات القائدة وعناصر الموقف وخصائص الجماعة ويتحقق النجاح حين يتم التفاعل بين العناصر الثلاثة.
فالقيادة الناجحة في هذه النظرية لا تعتمد على السمات التي يتمتع بها القائد في موقف معين ولكن تعتمد على قدرة القائد في التعامل مع أفراد الجماعة، فالسمات التي يملكها قائد معين كالذكاء وسرعة البديهة والحزم والمهارة الإدارية والفنية التي اكتسبها لا تكفي لظهور القائد بل لابد من اقتناع الجماعة بهذه السمات والقدرات، فالقائد الناجح هو الذي يستطيع أن يحدث التفاعل ويخلق التكامل مع أفراد الجماعة، وهذا لن يتم إلا بتعرف القائد على مشكلات الجماعة ومتطلباتها ثم العمل على حل تلك المشكلات وتحقيق هذه المتطلبات، ووفقا لهذه النظرية تعتبر القيادة عملية تفاعل اجتماعي، تتحدث خصائصها على أساس أبعاد ثلاثة هي: السمات الشخصية للقائد، وعناصر الموقف، ومتطلبات وخصائص الجماعة.
وجد الباحثون أن التفاعل بين القائد والتابع أو المرؤوس افرزت بنتيجة تسربا وظيفيا أقل بمعنى الاحتفاظ بالوظيفة وعدم ترك العمل إلى جانب التزام تنظيمي ناهيك عن تقدم وظيفي مرتفع نتيجة التفاعل بمعنى أن هذا التفاعل الايجابي قد ولد شعور أفضل لدى الاتباع للقيام بالمزيد من المهام واندفاعهم للمزيد من المسؤوليات والترقي لوظائف أعلى إلا أنه وبالرغم من المزايا السابقة للنظرية التفاعلية ودورها الايجابي في تحديد خصائص القيادة، إلا أنها تعرضت للنقد نتيجة للتطورات الحديثة التي تمت في مجال الادارة والتي أثبتت عدم كفاية النظريات الثلاثة في مواجهة متطلبات الادارة الحديثة وتحقيق الفاعلية القيادية.
ويرى أنصار هذه النظرية أن القيادة عملية تفاعل بين الشخص والموقف وتفسر القيادة من وجهة النظر هذه بأنها تفاعل بين مواقف تستدعي الابتكار والابداع بين مهارات انسانية قادرة على التفاعل مع هذه المواقف، وتصبح القيادة هنا وظيفة تساعد الجماعة على تحقيق أهدافها من خلال الاستفادة من مواقف معينة، وحشد التأييد لحل مشاكل تنظيمية معينة سواء كانت تتعلق بالإنتاج أو بنمط العمل أو المناخ التنظيمي.
أما تطبيقات هذه النظرية من الناحية العلمية فهي أنه يتوجب على الإدارة تحري الكفاءة والجدارة في التعيينات للوظائف الإدارية، ومن ثم محاولة تصميم الأعمال بشكل يساعد على تركيز اهتمام العامل أو الموظف بما يجري في مجال العمل، وإتاحة المجال له لإظهار مواهبه بالتفاعل مع هذه المواقف، مما يؤدي إلى نجاحه واكتسابه وبالتالي القدرة على التأثير في الآخرين، تساعده على تعبئة جهودهم لمزيد من العمل الذي لابد أن ينعكس ايجابا على التنظيم ككل.
هناك تفاعل بين المتغيرات التي نادت بها النظريات السابقة، فالقيادة عملية تفاعل مع جميع الظروف والعناصر المحيطة من بشرية مادية اجتماعية وظيفية، القيادة تعمل مع الافراد ومن خلالهم وليس من خلال السيطرة عليهم والتحكم فيهم، فتعطي هذه النظرية أهمية كبيرة لإدراك القائد لنفسه وللآخرين وإدراك الآخرين له وهناك اربعة متغيرات رئيسية تتفاعل وتتكامل مع بعضها في العملية القيادية:
أ-القائد: شخصيته وسماته وقدرته على التأثير في الآخرين ودوره في الجماعة.
ب-الأتباع(فريق العمل):الذين يقودهم من حيث أهدافهم وخصائصهم وحاجاتهم واتجاهاتهم.
ت-العلاقة بين القائد والأتباع: حيث أثبتت الدراسات بأن التبعية الناجحة والقيادة الناجحة مرتبطتان يكمل كل منهما الأخر.
ث-المواقف :من حيث طبيعتها وظروفها الموضوعية والعوامل المادية المحيطة بها.
ترتكز القيادة حسب هذا الاتجاه على عملتي التفاعل والتكامل بين كل المتغيرات الرئيسية في القيادة، إذ نجده يربط لاتجاه الاول للسمات الشخصية بالاتجاه الثاني وهو الاتجاه الموقفي بتفاعل دينامي وبهذا التفاعل يتحقق التفاعل بين المتغيرات، وتستمد هذه النظرية جذورها من اتخاذ موقف وسط بين النظرتين المتطرفتين: نظرية السمات والنظرية الموقفية فسلوك القائد ليس مجرد ترديد افعال الجماعة بحكم ارتباطه، وفي نفس الوقت ليس القائد شخصية قوية يحرك افراد الجماعة ويؤثر فيها بحكم ارتباطاته، كما يتأثر سلوك الجماعة فهو ليس معصوما كما تعتقده نظرية الرجل العظيم.
إن القائد يجب أن يكون عضوا في الجماعة ويشاركها مشكلاتها ومعاييرها وآمالها واهدافها ويوطد الصلة مع اعضائها ويعمل على تعاونهم وتحقيق اهدافهم واشباع حاجاتهم.
والقائد الناجح حسب مفهوم النظرية التفاعلية هو الذي يكون قادرا على التفاعل مع الجماعة واحداث التكامل في سلوك اعضائها أو سلوك معظمها، ويرى "بنيس" أن التفاعل بين القائد والجماعة التي يقودها بمثابة الركيزة الاساسية التي يتم عليها التوازن بين حاجات كل من الفرد والجماعة.
ومن الضروري أن تتم قيادة الافراد في ظل هذا الاتجاه بالتعاون والتفاهم كما لابد على القائد أن يعطي الفرصة للمواهب الانسانية حيث يشعر كل فرد أن من حقه أن يسهم في ديناميكية الجماعة ويعمل على تقدمها وحتى ذلك تكون العلاقة بين القائد وعناصر الموقف علاقة انسانية ويعمل على تحريك دوافع العمل نحو تحقيق الاهداف التي تسعى إليها الجماعة.
وتنتهي هذه النظرية أن القيادة ظاهرة تفاعلية تظهر بتكوين الجماعة، وبظهور بناء وتنظيم، يحتل فيه كل عضو ومركزا نسبيا يعتمد على علاقاته التفاعلية مع الأعضاء الآخرين، والدور النسبي الذي يلعبه كل عضو فرد داخل الجماعة محددا بكل من الحاجات الجماعية للدور والصفات الخاصة والشخصية والقدرة والمهارة التي بين فرد وآخر، فالقيادة إذا وظيفة الشخصية، والعلاقات الاجتماعية، علما بأن هذين البعدين لا ينفصلان، بل هما في تفاعل مستمر.
-1-إسهامات النظرية التفاعلية:
وقد أسهمت هذه النظرية إسهاما إيجابيا في تحديد خصائص القيادة ويبدأ ذلك في الآتي:
ü لم تنكر النظرية أهمية النظريتين السابقتين (السمات والمواقف)، ولكنها حاولت الجمع بينهما، لأنها ترى عدم كفاية كل واحدة منهما على حدة كمعيار لتحديد خصائص القيادة.
ü ويبدو أن النظرية التفاعلية واقعية في تحليلها لخصائص القيادة، إذ ترى أن نجاح القائد يرتبط من ناحية بمدى قدرته على تمثيل أهداف مرؤوسيه، وإشباع حاجاتهم، كما يرتبط من ناحية أخرى بمدى إدراك مرؤوسيه بأنه أصلح شخص للقيام بمطالب هذا الدور.
-2-الانتقادات الموجهة للتفاعلية:
وقد قام بعض الباحثين بتقييم النظرية التفاعلية، حيث أشار البحثان اللذان أجراهما "عاشور" لتقييم النظرية إلى أن هناك بعض التغيرات المنهجية والانتقادات النظرية التي يمكن ان توجه لنظرية "فيدلر" ومن هذه الانتقادات أن الاختبارات التي أجريت لاختبار النظرية لم تؤيد صحة تنبؤها إلا في اثنين فقط من المواقف الثمانية التي احتواها النظرية، كما ان بعض معاملات الارتباط كانت في اتجاه عكس ما تنبأ به "فيدلر"، أيضا فإن المقياس الذي استخدمه لقياس المتغير شخصية القائد به كثير من الغموض وعدم الوضوح بالإضافة إلى ذلك فإن صعوبة في تعميم النتائج نظرا لصغر حجم العينة وعدم تمثيلها تمثيلا واقعيا للمجتمع.
وكما تعرضت للنقد "نتيجة للتطورات الحديثة التي تمت في مجال الإدارة والتي أثبتت عدم كفاية النظريات الثلاثة في مواجهة متطلبات الإدارة الحديثة وتحقيق الفاعلية القيادية.