عنوان المحاضرة الأولى :مدخل إلى القيادة التنظيمية.
تمهيد :
تعتبر القيادة من بين أهم المواضيع في مختلف ميادين البحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية وبالخصوص في ميدان علم النفس العمل والتنظيم، كونها أساس سيرورة العمل والمنظمات في العصر الحديث، ويقوم بهذه المهمة القائد الذي يمثل مركزا لجماعة العمل بالتعاون معهم ليدفعهم لتحقيق الأهداف المشتركة. فالقيادة أصبحت علما وفنا في نفس الوقت وتحتاج إلى عدة مهارات ومتطلبات شخصية، ونفسية، اجتماعية وإدارية.....
أولا-تعريف القيادة:
نال موضوع القيادة اهتمام علماء النفس التنظيم والعمل وعلماء الإدارة لما له من أهمية بالغة إذ يعتبر أهم مبادئ العلوم الإنسانية.
وبالرغم من تعدد البحوث والدراسات في هذا الموضوع إلا أنه لم يستقر رأي العلماء والباحثين في مجال الإداري على وضع تعريف شامل وجامع لمفهوم القيادة ،ويرجع ذلك إلى تعدد وجهات نظر العلماء الذين قاموا بالبحث في هذا الموضوع.
1- لغة: قال ابن المنظور القيادة مصدر من فعل قاد ،يقود ،قودا وقيادة اسم الفاعل منها قائد ويجمع على قادة، وقود نقيض السوق ،فالقود من الأمام والسوق من الخلف، والقائد يطلق على أنف الخيل أي مقدمته. فالقيادة هي السبق والتقدم لارتياد أفضل المقودين.
اصطلاحا: لقد أعطى الكثير من المؤلفين الكثير من التعريفات المختلفة للقيادة منها ما يلي: 2-
-يقول نيومان: أن القيادة هي: " القدرة على توجيه سلوك الجماعة والتأثير فيها بشكل يدفعها إلى التعاون عن الرضا واقتناع لتحقيق الأهداف".
-عرفها ستوغديل : -بأنها:" الطريقة التي يحاول أحد الأفراد التأثير بموجبها على أمر لتحقيق هدف أو أهداف معينة.
أنها :"عملية تأثير على نشاطات الجماعة لتحقيق الأهداف المنشودة."
- يقول flumer بأنها:" القدرة على إقناع الآخرين للسعي لتحقيق أهداف معينة، ومهارة إيصالهم إليها."
أما رنزيس ليكارت فيعرف القيادة بأنها :"قدرة الفرد على التأثير على شخص أو جماعة وتوجيههم وإرشادهم لنيل تعاونهم وحفزهم للعمل بأعلى درجة من الكفاية من أجل تحقيق الأهداف المرسومة."
- يرى كامل محمد أن القيادة هي:" مجموعة من السمات والمهارات اللازمة للقيام بوظائف القيادة وهي عبارة عن توجيه وضبط وإثارة سلوك واتجاهات الآخرين.
- يؤكد بعيرة أن القيادة :"هي توجيه سلوك الأفراد وتنسيق جهودهم وتوفيق بين أفكارهم ووجهات نظرهم في موقف معين يقصد الوصول إلى هدف محدد."
-يعرفها kohan أن القيادة هي :"نوع من القدرة أو المهارة في التأثير على المرؤوسين بحيث يرغبون في أداء وانجاز ما يحدده القائد."
من خلال التعريفات السابقة إذن فالقيادة هي عملية تنظيمية و إنسانية في نفس الوقت ،تقوم على تحقيق الأهداف التنظيمية بالأسلوب الذي يؤثر بالإيجاب ويراعي أفراد الجماعة فتحقق بذلك احتياجاتهم الاجتماعية والنفسية ومنه تحقق الأهداف التنظيمية بكفاءة وفعالية.
فالقيادة عبارة عن مجموعة من السلوكيات التي يمارسها القائد في الجماعة والتي تعد محصلة تفاعل بين خصال الشخصية القائد والأتباع وخصائص المهمة والنسق التنظيمي والنسق الثقافي وسياق المحيط التنظيمي وتعمل على حث الأفراد لتحقيق الأهداف بأكبر قدر من الفعالية والتي تملك كفاءة عالية في أداء الأفراد.
وعليه نستنتج مما سبق أن القيادة هي قدرة الفرد على التأثير في الشخص أو الجماعة وتوجيههم وإرشادهم لنيل تعاونهم وحفزهم للعمل بأعلى درجة من الكفاية من أجل تحقيق الأهداف المرسومة.
ثانيا - تعريف القائد :يعرف القائد الإداري بأنه الشخص الذي يشغل موقعا إداريا في الهيكل التنظيمي لمنظمة ما حكومية أو خاصة يقوم بتوجيه العاملين تحت رئاسته لتحقيق الأهداف الموكلة إليهم من قبل المنظمة بأقصى قدر ممكن من الكفاءة.
و لقد اختلف العلماء في تحديدهم لخصائص القائد الناجح و قد اتفقوا في بعض النقاط أهمها ما يلي :
1– أن القائد لا بد أن يتصف بالطاقة الجسمية و العقلية اللازمة و أن لا يكون مصابا بأي مرض يعيقه على أداء عمله .
2– لا بد أن يكون موضوعيا في علاقته مع تابعيه .
3– الاستقرار النفسي و الصحة النفسية .
4– المهارة في الاتصال و القدرة على التأثير في التابعين .
5– لا بد أن يجيد فن معاملة الطبيعة البشرية ، بعبارة أخرى لا بد أن يكون على معرفة بحقائق سلوك الكائن البشري و الدوافع و الحوافز التي تحكمه .
6– الاستعداد الجسمي و النفسي و الرغبة في القيادة .
7– أن يكون ملما بالمهارات الاجتماعية التي تساعده على إقامة علاقات إنسانية كالصداقة مع أتابعيه .
ثالثا-المكونات الرئيسية لعملية القيادة:
و من خلال ماسبق يمكن أن نوجز المكونات الرئيسية لعملية القيادة فيما يلي :
1– قائد من أفراد الجماعة قادر على التأثير في سلوكهم و توجيههم .
2– وجود جماعة من الأفراد يعملون في تنظيم معين .
3– هدف مشترك تسعى الجماعة إلى تحقيقه.
رابعا- القيادة والمفاهيم المتداخلة معها: عندما نتناول مفهوم القيادة كثيرا ما يلازمه بعض التشابه والخلط في استعمال بعض المصطلحات المتشابهة والمتداخلة للقيادة مثل الإدارة والرئاسة والزعامة وغيرها ....
وفي ما يلي عرض لبعض النقاط لإزالة اللبس والغموض.
1-القيادة والإدارة: يمكن القول أن الحديث عن القيادة قديم قدم التاريخ ،بينما الحديث عن الإدارة لم يبدأ إلا في العقود الأخيرة من القرن التاسع عشر ومع ذلك فالقيادة فرع من علم الإدارة ،تركز الإدارة على أربع عمليات أساسية هي:
التخطيط ،التنظيم ،التوجيه ،الإشراف ،الرقابة وتركز القيادة على ثلاث عمليات أساسية هي:
-تحديد الاتجاه والرؤية.
-حشد القوى تحت هذه الرؤية.
-التحفيز وحشد الهمم.
القيادة تركز على العاطفة أما الإدارة تركز على المنطق ،تهتم القيادة بالكليات اختيار العمل الصحيح بينما تهتم الإدارة بالجزئيات والتفاصيل اختيار الطريقة الصحيحة للعمل ويشتركان في تحديد الهدف وخلق الجو المناسب لتحقيقه ،ثم التأكد من انجاز المطلوب وفق المعايير والأسس معينة .
2-القيادة والرئاسة: تختلف القيادة عن الرئاسة فالرئاسة عملية تقوم نتيجة لنظام.
-هي مصدر سلطة والنظام الرسمي.
-الرئيس عضو في الجماعة يختار لها هدف مشترك ،وتتميز الجماعة بمشاعر مشتركة قليلة .
وعليه فالقيادة والرئاسة غالبا ما يتم الخلط بينهما ،حيث القائد اتجاهه يكون طريق تطوير الرؤيا المستقبلية وذلك بربط بينه وبين أتباعه والانحناء لهم بالتغلب على المعوقات في سبيل تحقيقها ،فعكس المدراء والإدارة بصفة عامة يستغلون السلطة المركزية الرسمية على حساب أعضاء المنظمة.
3 – القيادة والزعامة : يعرف أكرمن الزعامة على أنها :
" مجموعة خصائص كاريزمية يتميز بها فرد ما ، و التي تمكنه من التأثير القوي على مرؤوسيه لتحقيق أهدافها من خلالهم عن رضا و طيب خاطر من جانبهم و عن إقناع بأنها أهدافهم الخاصة "
و عليه يتبين لنا مما تقدم أن الزعامة هي شكل من أشكال القيادة ، و أن كل ما يميزها عنها يتمثل في ذلك القدر الكبير من التأثير الشخصي الذي يمارسه الزعيم على مرؤوسيه ، و قدرته على إقناعهم في إنجاز ما يوكل إليهم من مهام بغض النظر على المنطق أو المبرر لذلك ، و ظهور الزعيم غالبا ما يكون في المجالات الدينية و السياسية .
و لا يكفي في هذا السياق أن يتميز الزعيم بخصائص سيكولوجية فقط ، بل ينبغي أن تضاف إليها خصائص فسيولوجية و اجتماعية ، و التي هي جميعا الخصائص الواجب توافرها لدى
فرد لكي يستحق صفة القائد ، و هي نفسها غالبا إذا ما تحقق تأثيرها الكبير على المرؤوسين اعتبرت خصالا زعامية.