المحاضرة العاشرة: المدرسة التوليدية التحويلية لنعوم تشومسكي:

تمهيد:

       تشومسكي: أفرام نعوم تشومسكي:(Avram Noam Chomsky)  (1928م _ ….)، عالم لغة وفيلسوف ومؤرخ وناقد وناشط سياسي وعالم إدراكي وعالم منطق أمريكي، أستاذ لسانيات فخري في قسم اللسانيات والفلسفة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وألف أكثر من 100 كتاب، ويعدّ تشومسكي أبو اللسانيات المعاصرة، أسس نظرية النحو التوليدي التي تعتبر أهم إسهام في مجال اللسانيات النظرية في القرن العشرين.

من أشهر كتبه البنى التركيبية les structures syntaxique(1957).

1- النظرية التوليدية التحويلية عند تشومسكي:

     هما في الحقيقة نظريتان متكاملتان، فالنظرية التوليدية عبارة عن مجموعة من القواعد التي تعمل من خلال عدد من المفردات على توليد عدد غير محدود من الجمل، أما النظرية التحويلية فتُعْنَى بتطبيق مجموعة من قواعد الحذف والاستبدال والإضافة وتغيير الموقعية على الجمل النواة للحصول على عدد غير متناه من الجمل الصحيحة.

2- مبادئ النظرية التوليدية التحويلية:

      اعتمد تشومسكي في تأسيس نظريته اللغوية على مجموعة من المبادئ والفرضيات التي تم تعديلها وفق مقتضيات التطور النظري وآلياته، من هذه المبادئ ما يلي:

أ- إنسانية اللغة: اللغة - كما يرى تشومسكي- أفضل مرآة تعكس بصورة دقيقة وأمينة آليات التفكير في عقل الإنسان، وهذه نقطة التلاقي بين علم النفس وعلم اللغة، وبناء عليها ذهب بعض اللغويين إلى أن علم اللغة أهم مجال علمي يكشف عن إنسانية الإنسان.

ب- فطرية اللغة: يجعل تشومسكي من المبادئ النحوية التي تحدد اللغة فطريةً وثابتةً، والاختلاف بين لغات العالم من الممكن أن يوصف من خلال وسائط موجودة بالضبط في الدماغ، فالوقت الذي يتعلم فيه الطفل اللغةَ سريعٌ بنحو غير قابل للتفسير، وهو ما يدلّ على امتلاكهم قدرة فطرية لتعلم اللغة، وأنهم يحتاجون فقط لخصائص معينة ومحدودة من لغتههم الأم، ويسمى هذا المضمون الفطري للمعرفة اللغوية بالنحو الكلي.

ج- مفهوم التحويل: وهو مفتاح نظرية تشومسكي، وتقوم فكرته على تطبيق مجموعة محددة من قواعد التحويل كالحذف والإضافة والاستبدال وتغيير الموقعية على عدد محدود من الجمل الصحيحة الأساسية (الجمل النواة أو الإخبارية) للحصول على عدد غير متناه من الجمل الصحيحة، مثل الجمل المنفية أو الاستفهامية أو المبنية للمجهول أو المفيدة للحصر والقصر.

د- البنية السطحية surface structure ، والبنية العميقة Deep structure :

    المستوى السطحي هو الذي يحدد شكل الجمل وينظمها كظاهرة مادية، أما البنية العمية فهي التي تعنى بالدلالة، وتحتوي على عدد من الجمل النواة الأساسية القابلة للتحويل.

    ويستخلص منها تشومسكي قضية الأصل والفرع: كقولنا إن المفرد هو الأصل للجمع، وأن النكرة أصل والمعرفة فرع...ويقابلها عند تشومسكي ما يعرف بالبنيتين السطحية والعميقة، فالأصل يمثل التركيب الباطني والفرع يمثل التركيب السطحي.

هـ- التمييز بين الكفاءة اللغوية Compétence، والأداء الكلامي: Performance

     الكفاءة مصطلح يعني نظام اللغة الكلي في ذهن أبنائها جميعا، ويتمثّله الأفراد جزئيا أو ضمنيا، وهي ملكة خاصة يمتلكها أبناء اللغة الذين نشأوا وتربوا عليها، أما الأداء الكلامي فيعني طريقة تنفيذ الفرد واستعماله للغة كهدف للتواصل في المواقف المختلفة، وبمعنى آخر فإن الكفاءة تجسيد كامل لنظام اللغة عند جميع (مجموع) أفراد الجماعة اللغوية، والأداء الكلامي هو مجموعة الجمل التي ينطقها الأفراد تبعا لظروف الاتصال اليومية.

و- من النموذج الذهني إلى الإبداع: تبنى تشومسكي مفهوم القدرة اللغوية الفطرية للإنسان أو ما يسمى بالنموذج الذهني، وهو عبارة عن آليات وقدرات لغوية فطرية غريزية تنمو من خلال التفاعل مع البيئة اللغوية أثناء مرحلة الطفولة، وتساعد على تقبل واكتساب المعلومات اللغوية وتخزينها وتكوين قواعد اللغة الأم، على مراحل تصاعدية، حتى تصل لمرحلة الاكتمال والثبات، وعندها يستطيع الطفل صياغة وفهم جمل لا متناهية لم يتكلم أو يسمع بها من قبل، وهذا مفهوم الإبداع، فالإنسان يتميز عن غيره من الكائنات بالتفكير واللغة والذكاء، فأغبى الناس يستطيع التكلم بينما أذكى الحيوانات لا يستطيع ذلك أبدا.

ز- الكليات اللغوية: وهي أُطر هيكلية لبناء القوانين التي تخضع لها قواعد اللغات عامة، وتتضمن الشروط التي يجب توافرها لصياغة قواعد اللغات.

3- خصائص النظرية:

- منهج نظري تفسري

- يرتكز على الاستنتاج الاستنباطي Déductive.

- النزعة الذهنية Mentalisme أو العقلية Rationalismeيعنى بالعمليات الداخلية التي تسبق الكلام أساسه.

- اللغة في كنف هذا المنهج عملية إبداعية حيوية

- يفسر الآلية الكامنة في الذهن، والقادرة على توليد عدد غير محدود من الجمل.

-الاهتمام بالخلق اللغوي اللامتناهي للمتكلم.

- الانطلاق من حدس المتكلّم.

- البحث عما هو مشرتك في كل اللغات (الكليات اللغوية)، من خلال تفسير العمليات الداخلية.

- يهتم بمظهر اللغة الحركي داخل ذهن المتكلم

- يحاول الإجابة عن السؤال الآتي: كيف يتم إنتاج اللغة وإبراز المعنى؟

قائمة المراجع:

1- مدخل إلى اللسانيات المعاصرة، حسني خاليد، مكتبة الشيخ حسن قيسارية القادسية، 2014.

2- المدارس اللسانية المعاصرة، د. نعمان بوقرة، مكتبة الآداب للطباعة والنشر والتوزيع، 2004.

3- النظرية التوليدية التحويلية وتطبيقاتها على النحو، أسمهان الصالح وأحمد المهدي المنصوري، مجلة جامعة القدس المفتوحة للأبحاث والدراسات، العدد التاسع والعشرون، شباط 2013.

4-  من المدارس الألسنية: المدرسة التوليدية التحويلية، إبراهيم محمد إبراهيم محمد عثمان.

5- الألسنية التوليدية والتحويلية وقواعد اللغة العربية، ميشال زكريا، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، ط2، 1986.

 

Modifié le: Friday 4 February 2022, 20:40