مدرسة الديوان في النثر العربي :
الإشكالية : ما هي المآخذ النقدية التي سجلها إبراهيم عبد القادر المازني على مصطفى لطفي المنفلوطي؟ وإلى أي مدى كان في نقده موضوعيا ؟
قراءة نصّ : اليتيم لمصطفى لطفي المنفلوطي[1] .
1-التعريف بمصطفى لطفي المنفلوطي:1876-1924
من مواليد منفلوط إحدى قرى الصعيد،لأمّ تركية وأب قاض،طُلقت والدته وتزوجت،وهذا أثرّ على نفسيته،مكث بالأزهر عشر سنوات،التقى بمحمد عبده،فصحبه،قرأ للجاحظ وابن المقفع،وبديع الزمان،واتصل بالقومي الرمز "سعد زغلول"،كان مولعا بالقصص المترجمة،ويُعيد كتابتها بأسلوبه،«كان المنفلوطي متأثرًا في لغته بابن المقفع وابن العميد من كبار المنشئين العرب، وفي فنه بجبران ونعيمة،(…). ولقد عالج المنفلوطي الأقصوصة أول ما عالج، ثم انصرف لتعريب القصص. غير أن نزعته الرومانسية المفرطة في إظهار العواطف والمشاعر والحنين والحب أثارت عليه حملة شديدة من زعماء المدرسة التحليلية الواقعية. ومن المهم أن نقول: إن آثار المنفلوطي تركت تأثيرًا فوق المتصور في العالم العربي؛ حتى لقد خفق قلب جيل كامل من دمشق بالشام إلى فاس بالغرب مع خفقات قلب ماجدولين«[2]،هجا المنفلوطي الخديو عباس بقصيدة مطلعها :
قدوم ولكن لا أقول سعيد ...ومُلكٌ وإن طال المدى سيبيد
وبسبب القصيدة حُكم على المنفلوطي بالسجن سنة، وبغرامة قدرها عشرون جنيها ،ونظرا لوساطة "محمد عبده" أُفرج عنه،بعد ستة أشهر.عيّنه "سعد زغلول" محررا بديوان المعارف،ظل مرافقا لسعد زغلول ومتنقلا مع تبدل مناصبه،توفي في الثامنة والأربعين من عمره. يمثل المازني تيار القصة الرومانسية الحالمة،بعد فشل الثورة العرابية وحلول الانتداب البريطاني.
وقد ترجم عدة نصوص قصصية منها:لـ برناردين دي سان بيير :"بول وفرجيني" وسماها الفضيلة،وقصة ألفونس كار "مجدولين"،وقصة أدمون روستان"الشاعر أوسير انودي برجراك " وقصة فرنسوا كوبيه"في سبيل التاج" [3]ومن أهم أعماله "النظرات" و"العَبرات" .وكتب في الصحف كالمؤيد.
قراءة النصّ النقدي: إبراهيم عبد القادر المازني في كتاب الديوان في الأدب ونقده[4]
-التعريف بإبراهيم عبد القدر المازني :1889-1949
إبراهيم عبد القادر المازني هو ابن لأب مزواج،له ولع بالتركيات،«ويرجع أصل المازني إلى الجزيرة العربية فقد كتب في رحلة الحجاز يصف وصوله وأصحابه مكة(...) ولكن أنا ابن هذه البلاد بل ابن مكة بالذات،فإنّ جدّتي لأمي مكيّة زوجوها وهي بنت عشرين سنة رجلا فحلا من أهل المدينة فنشزت فطلقوها ثمّ احتملوها إلى مصر بعد وفاة أبيها وخراب بيته،وتجارته فتزوجت جدي.»[1] ومن أعماله التي استوحاها من مروره بالمقبرة في مقرّ سكناه،ما توحي بنظرة الحياة الفانية :"قبض الريح"و"خيوط العنكبوت"و"حصاد الهشيم"،وقد ذاق مرارة اليتم،وبدد أخوه الأكبر تركته.[2]ومن قصة "من السيجارة" في عمله الموسوم بـ"في الطريق" نعرف أنّه تخرج من مدرسة المعلمين،بعد أن التحق بكلية الطب،غير أنّه لم يستطيع مزاولة الدراسة فيها لرقته،«كنت في تلك السنة –سنة 1909م قد تخرجت في مدرسة المعلمين العليا،ومن كان يشك في ذلك فليسأل وزارة المعارف فلن تحابيني (...)فقد صارت لحياتي قيمة بعد أن حملت هذه "الدبلوم"وبلغت بها مبلغ الرجال،الذين يكسبون رزقهم ويُنفقون على سواهم.(...) وعلى ذكر ذلك أقول لك أني عُيّنت مدرسا في المدرسة السعيدية الثانوية»[3]وقد ضاق بالتعليم وتنقل بين الصحف.امتاز أسلوب المازني بالسخرية.
-استنباط المعايير النقدية من الديوان :
النصّ القصصي :اليتيم من المجموعة القصصية"العَبرات" مصطفى لطفي المنفلوطي |
النقد :إبراهيم عبد القادر المازني في الديوان ج2 |
ملخص:القصة تدور حول فتى فقد والديه وأحب ابنة عمه،ففُرق بينهما،فتموت الفتاة من غيابه؟؟؟ ويلحقها الفتى بعد سماع الخبر. 1-البنية السردية : إغفال تسمية الشخصيات : الفتى،خادمي(خادم السارد)أبي،عمي،ابنةعمي ،الطبيب،الصيادلة، الخادم(خادمة زوج عمه)، السارد(الجار). إنّ وسم الشخصيّة باسم ما له دلالاته التي تُقرأ سيميائيا مع مختلف علامات النصّ،لكن المنفلوطي حبذ جعل النصّ مخترقا لكلّ زمان ومكان،غير مُعيّن كقصص النوادر والحكايات . 1-2اختلاق الأحداث واستحالتها وتلفيقها: مثال :«حتى رفع رفع رأسه فإذا عيناه مخضلتان من البكاء،وإذا صفحة دفتره التي كان مكبا قد جرى دمعه فوقها فمحا من كلماتها ما محا،ومشى ببعض مدادها إلى بعض.»[1] فكيف لنا أن نتصور دمعا ينهمر مدرارا فيمحي مداد الصفحات،يرصد السارد من غرفة منزله،مهما كان حاد البصر،ولا نظن زرقاء اليمامة تبلغ هذا المبلغ. «فلم أزل واقفا مكاني لا أبرحه حتى رأيتُه قد طوى كتابه وفارق مجلسه وأوى إلى فراشه فانصرفتُ إلى مخدعي.»[2] .فمن الصعوبة بمكان تصور جار ،يرصد حركات جاره الجديد،والذي لا تربطه به أية علاقة،ويسهر ليله جلّه،وينشغل بـأمره،ولا يستريح إلاّ بعد أن ينام جاره ؟؟!!! «لم ألبث أن سمعت في جوف الغرفة أنّة ضعيفة مستطيلة فأزعجني مسمعها،وخُيّل إلي،وهي صادرة من أعماق نفسه،كأني أسمع رنينها في أعماق قلبي .»[3] ما يلاحظ على نصّ المنفلوطي،أنّ السارد مهما أرهف السمع،ومهما أوتي من قوّته فلن يتمكن من تصوير صوت الأنّة التي تنبعث من عمق الغرفة،وهو بعيد يرقب الحدث،ثمّ يشعر بصدى ذبذبات هذه الأنّة . 1-3بناء الأحداث على الفجائية،غياب التطور المتنامي :«فبينا أنا ساهرة بجانب فراشها منذ ليال إذ شعرت بها تتحرك في مضجعها فدنوت منها فأشارت إلي إلى أن آخذ بيدها ففعلت فاستوت جالسة. »[4] يتبين من نصّ المنفلوطي أنّ الحدث واه وغير حركي،مبني على المفاجأة"بينا"،مريضة تتذكر ابن عمها فتطلب كتابة رسالة له،والابن العم ينسى حبّها،ويخمد في قلبه لقوله:«وأن أستعين على نسيان الماضي باجتناب موطنه ومظاهره(...) ولم يبق أثر لذلك العهد القديم في نفسي.»[5]ثمّ فجأة تهيّجه الذكرى فيموت ، في شرخ الشباب،لتذكره الحب المنسي،وهو سليم البنية غير عليل. 1-4عدم تحديد العاطفة التي هي محور نسيج النصّ: توزعت بين حب الغرام؛الذي يجمع بين امرأة ورجل لقوله :«ولا أعلم هل كان ما كنت أضمره في نفسي لابنة عمي ودًا وإخاءً،أو حبّا وغراما،ولكنني أعلم أنّه كان بلا أمل،ولا رجاء،فما قلت لها يوما،إنّي أحبّها لأني كنت أضن به. »[6] وحب الأخوة لقوله :«فأنست بها أنس الأخ بأخته وأحببتها حبّا شديدا ووجدت في عشرتها من السعادة والغبطة ما ذهب بتلك الغضاضة.»[7] وحب الصداقة :«وهكذا اجتمع تحت سقف واحد ذانك الصديقان الوفيان اللّذان ضاق بهما في حياتهما فضاء القصر،فوسعتهما بعد موتهما حفرة القبر.»[8] ونُفسّر تذبذب صور العاطفة،بسبب التكوين الثقافي للمنفلوطي،فهو الأزهري المتدين،لا يقرّ علاقة تخرج عن العفة،لقوله اللّه سبحانه في محكم تنزيله: )فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ( النساء الآية25 كما نُسجل ذات الظاهرة وهي عدم ثبات العلاقات بين الشخصيات،فقد جمعت بين السارد والفتى علاقة رسمية،مؤشرها النصّي هو سيدي،وتنقلت إلى الصداقة لما طلب حديث الصديق إلى صديقه،ووصلت إلى الأخوة،وكلّ هذا دون مبررات فنيّة تسوغ الانتقال العلامي. 2_ اللّغة والأسلوب: 2-1-المبالغة في المفعول المطلق : يشي المفعول المطلق بدلالة التأكيد،ناهيك عن النغم الموسيقي الذي يشيعه في النصّ،وقد تحول إلى ظاهرة أسلوبية،وسمت الجمل القصيرة للنصّ،وصبغت النص بنغمة؛ تواتر تتردد على طول النصّ،و نذكر تمثيلا لذلك : «نفس قريحة معذبة تذوب بين أضلاعه ذوبا،فيتهافت لها جسمه تهافت الخباء المقوض. »[9] 2-2 الأحوال والنعوت: غني عن البيان أنّ الأحوال والنعوت مما يعرف بالفضلة في النحو العربي،فتأتي الأحوال والنعوت متممات،وليست من العناصر العمدة في التركيب العربي،غير أنّها تحضر في هذا النصّ بصورة مكثفة وطاغية،مشكلة ظاهرة أسلوبية .ويمكن أن نُمثل لذلك بـ: «نظر إليّ نظرة عذبة صافية »[10] «نظر إليّ نظرة دامعة .»[11] «فارقت المنزل (...)وخرجت منه شريدًا طريدًا حائرًا ملتاعًا.»[12] |
يُميّز المازني في أدب المنفلوطي بين القصص المترجمة والقصص الموضوعة(المؤلفة)،التمييّز يفيد عدم أصالة نتاج المنفلوطي،كما يُبيّن ضعف اختياره للنصوص المترجمة . 1-البنية السردية : 1-1 تصوير المكان: طغيان الرتابة والنمطية،والاكتفاء بالفضاء المغلق(الغرفة ) :«فوجدته في كلّ قصة تقريبا،فبينما هو جالس في مكتبه،الذي كأنّما صار ملتقى كلّ صوت ولاقط كلّ نبرة وموجة أثيرية،إذا به يسمع أنينا أو حنينا أوصوتا خافتا،أو توجعا أو زفيرا أو نهيقا أو شيء من هذا القبيل،فيُطل من نافذته السحرية،فيرى فتى(...)ملقى يتوجع على سرير أو حصير »[13] نلمس سخرية المازني وتعريضه بأصول المنفلوطي القروية الصعيدية؛من خلال المؤشرات النصّية النهيق والحصير . 1-2الزمان: اصطبغت القصة بالسوداوية والتشاؤم،وشكل الليل رمزا لهذا النصّ،غطى بغلالته على الأحداث،فكلّ الأحداث دارت في الليل :المرض،والموت،والرحيل،ومراقبة السارد للجار.من ذلك قوله على لسان ابنة عمه:«في أي ساعة نحن من الليل؟قلت:في الهزيع الأخير منه.»[14] 1-3اختلاق الأحداث واستحالتها وتلفيقها[15]: يقصد باختلاق الأحداث عدم واقعيتها.فهو القائل:«كيف رأى شحوب لون الوجه مع هذا البعد؟ »[16] 1-3النهاية المأساوية لأبطال المنفلوطي: تتكرر النمطية وغياب الإبداع والتجديد، «ثمّ يموت الفتى –وهو ما لابد منه- في كلّ حكايات المنفلوطي،فما أعظم شؤمه على أبطاله.»[17] وهنا أنكر المازني الموت المفاجئ،كحدث ضعيف لبناء السرد «فالذنب للمنفلوطي الذي نسي أن يذكر لنا علله وأوصابه الجسدية»[18]فالتسبيب يجعل البناء السردي يستوي على سوقه .ليضيف حدثا آخر «فليس في رغبة امرأة عمه أن تزوج ابنتها شيء يستدعي منه ما صنع.»[19]فهو يقرأ تسلسل الأحداث ويربطها بنتائجها،ويعتبرها أخطاء روائية،إن اتفقنا في وجاهة وحجية طرح المازني،فإننا لا نقبل إنكاره الحب العذري،وهو له تقاليد عريقة في حضارتنا . تصنع السارد وضعف عاطفته: «ينثر عليه دمعة من دموعه،التي كأنّما لها "زر "في تضاعيف ثيابه،يضغط عليه فتنحدر وتسيل ،وإن كان لم يبك على طفليه اللذين ماتا في أسبوع واحد !!»[20]نستشف من هذا النصّ أنّ المازني يُعيّر المنفلوطي وهو الرجل الصعيدي بكثرة البكاء ؛كالنساء أو الأطفال.ويستدل على النحيب والبكاء في نصّه؛من كثرة تردد لفظ البكاء ومشتقاته ومرادفاته .(عبراتي،الدمع المعلق،باكية،بكاؤها،تنتحب،أبكي،عيناه مخضلتان من البكاء ) لجأ المازني إلى النقد السياقي حين توقف عند الحياة البيوغرافية الشخصية للمنفلوطي حادثة وفاة ولديه،وهنا نراه متحيّزا فقد ذكر الدسوقي أنّه بكاهما بحرقة،ولا اعتبار للناصّ وسياقه،فالتعويل على النصّ . 2_ اللّغة والأسلوب: المبالغة في المفعول المطلق: عمد المازني لتلخيص قصة اليتيم وهي الأنموذج الذي يتخذه للتحليل؛ عينة تنوب عن كلّ المجموعة القصصية "العبرات"،فقال:«خذ مثلا لذلك قصة "اليتيم" »[21]،و بناء عليه المعايير والأحكام النقدية التي يُسفر عنها التحليل،تنسحب على كلّ المجموعة ،ومن ثمة فإنّ التمثيل والإحصاء من أدوات تحقيق العلمية،لكننا نلمس تحاملا،ويظهر ذلك في الإحصاء ،فهو أحصى عدا،وادعى التمثيل وهو كان مستقصيا لا ممثلا،إذ استخرج كل الأمثلة التي وجدها في النصّ،والتي وصل عددها إلى 27 مفعولا مطلقا،لكنه عمد إلى التهويل والمبالغة قائلا:«ولعه بالمفعول المطلق وتكلفه له لظنه أنّه من المحسنات اللازمة للصقل(...)ومع أنّ قصة اليتيم في تسع عشرة صفحة وبعض صفحة من الحرف الجليل فإنّ فيها أكثر من ثلاثين مفعولا مطلقا.»[22]وتظهر المغالطة،من الإحصاء الكمي وادعاء المبالغة أكثر من ثلاثين، والرياضيات أسعفته فقط بإحصاء 27 مفعولا؛أي أقل من الثلاثين ،وليرفع المازني من حجاجه المنطقي يقول:«وقد عددنا له إلى الآن 572 مفعولا مطلقا ولا ندري إلى أي رقم يرتفع العدد إذا استقصينا،وإنّما حملنا على تجشيم أنفسنا هذا الحساب غرابة هذا الكلف منه بصيغة المفعول المطلق.ولنعرف هل الشأن واحد في كلّ كتابه أم هو اتفاق ومصادفة في هذه القصة وحدها،فإذا به قد استعمل هذه الصيغة أكثر مما استعملها العرب جميعا!»[23] إنّ المتأمل في نصّ المازني،يدرك التمحل الذي قاده إلى تحويل حجة كمية إلى مبالغة التهويل،فكيف لفرد أن يستعمل مخزون أمة من ألفاظها؟؟!! ولنذكر أنّ المازني خصص في عمله المعنون بـ"قبض الريح" حديثا عن المفعول المطلق إذا سمعناه نقول وكيف سجل كلّ هذه المآخذ على المنفلوطي في توظيف المفعول المطلق قال:«ومن شاء أن يُقدر فضل المفعول المطلق على اللّغة وعلى العقل الإنساني أيضا فليتصورها مجردة منه ولينظر إليها كيف تعود ؟ وإلى أي حدّ تضيق؟ »[24] كثرة الأحوال والنعوت : وهاهو المازني مرة أخرى يؤلب القارئ على المنفلوطي،ويشركه في النقد قائلا: «ولعلّ القارئ لاحظ كثرة النعوت والأحوال (...)وقد يعلم القارئ أولا يعلم أنّ هذا الإسراف في النعوت من دلائل الضعف.»[25] والمازني هنا يعطي المعرفة للقارئ ويخصه بالنباهة، وفي لحظة ثانية يسحبها منه.مستبعدا نظرية الترادف اللّغوي. 3 –منهج المقارنة : لماكان المازني يلمّ باللّغات والآداب فقد عمد إلى استلهام المنهج المقارن،حين قارن قصة اليتيم بقصة أحزان فرتر قائلا :«كتب جيته الشاعر الألماني رواية "أحزان فرتر"وهو في التاسعة عشرة من عمره أي قبل أن ينضج (...)ظل إلى أن مات لا يندم على شيء ندمه على وضع هذه الرواية (...)لقد تمنى لو استطاع أن يجمع كلّ نسخها من أيدي الملايين من قرائها ليوكل بها النار!!»[26] وهذا التصرف مردّه-في نظرنا – إلى الروح الألمانية التي لا تقبل الضعف والانكسار رغم قيّم الصدق وحرارة الشعور الإنساني . ولا فرق بين البطلين في النهاية المأساوية للأبطال،الغربي وضع حدا لحياته منتحرا«المسدس محشو والساعة تدقُّ منتصف الليل .شارلوت إنني ثابت وعقلي لا يتردد.الوداع،وفي نحو الساعة السادسة صباحا دخل الخادم فرتر إلى الغرفة يحمل شمعة،فوجد سيّده ممددًا على الأرض غارقا في الدماء،فأسرع توًّا إلى بيت ألبرت،وعرتْ شارلوت رجفة حين سمعت جرس الباب يدق(...) ولكن واحسرتاه !عبث يذهب كلّ عون،فقد مات الشاب المسكين! »[27]،لكن خريج الأزهر،ونظرا لقيّم مجتمعه دعا الله أن يسترد أمانته قائلا:«وإني أستحييك أن أمد يدي إلى هذه النفس التي أودعتها بيدك بين جنبي فأنتزعها من مكانها وألقي بها في وجهك ساخطا ناقما،فتول أنت أمرها بيدك واسترد وديعتك.»[28] لينتهي المازني إلى الحكم على كتابة المنفلوطي بالتخنث والحلاوة والنعومة والأنوثة . 4- دعوة المازني لأدب الحياة : يؤكد المازني على وظيفة الأدب في المجتمع،فهو يمثل قيّم مجتمعه آماله وآلامه .قائلا: «فبالله ما لهذا الحانوتي الندابة وللأدب الذي هو حياة الأمم وباعث القوة فيها ونافث الحرارة في عروقها وحافزها إلى أجلّ المساعي.»[29] ومن ثمة فنهضة المجتمع تقوم على الأدب الذي يدعو للحياة والكفاح،لا الأدب الذي ينشر الاستسلام والخنوع . وصف المازني الجمهور المقبل على أدب المنفلوطي بأنّه جمهور مريض سقيم الذوق[30].وهذا نراه حكما عاما ومطلقا، |
[1] مصطفى لطفي المنفلوطي،العبرات،وهي مجموعة روايات قصيرة،بعضها موضوع وبعضها مترجم،دار الهدى الوطنية(لبنان)،دط،دت،ص.7
[2] مصطفى لطفي المنفلوطي،العبرات،ص.8
[3] مصطفى لطفي المنفلوطي،العبرات،ص. 8،9
[5] مصطفى لطفي المنفلوطي،العبرات،ص,15
[6] مصطفى لطفي المنفلوطي،العبرات،ص.12
[7] مصطفى لطفي المنفلوطي،العبرات،ص.11
[8] مصطفى لطفي المنفلوطي،العبرات،ص.20
[9] مصطفى لطفي المنفلوطي،العبرات،ص.8
[10] مصطفى لطفي المنفلوطي،العبرات،ص.9
[11] مصطفى لطفي المنفلوطي،العبرات،ص.9
[12] مصطفى لطفي المنفلوطي،العبرات،ص.14
[13] عباس محمود العقاد،إبراهيم عبد القادر المازني،الديوان في الأدب والنقد،دار الشعب(مصر)،ط4،دت،ص.96
[14]
[15] المصدر نفسه الصفحة نفسها.
[17] المصدر نفسه الصفحة نفسها.
عباس محمود العقاد،إبراهيم عبد القادر المازني،الديوان في الأدب والنقد،ص.99 [18
[19] المصدر نفسه،ص.100
[20] المصدر نفسه الصفحة نفسها.
[21] المصدر نفسه ص.98
[22] المصدر نفسه،ص.103
[23] المصدر نفسه،ص.106
[26] عباس محمود العقاد،إبراهيم عبد القادر المازني،الديوان في الأدب والنقد،ص.97
[27] يوهان فولفجانج جوته،أحزان فرتر،تر.أحمد رياض،مؤسسة هنداوي(مصر)،دط،2017،ص.234
[28] مصطفى لطفي المنفلوطي،العبرات،ص.19
[29] عباس محمود العقاد،إبراهيم عبد القادر المازني،الديوان في الأدب والنقد،ص.97
[30] 97 ،المصدر نفسه ص
[1] نعمات أحمد فؤاد،أدب المازني،مكتبة الخانجي/ مطبعة دار الهنا (مصر)،دط،1954،ص. 34،35
[2] يُنظر:المرجع نفسه،ص.39-43
[3] إبراهيم عبد القادر المازني،في الطريق،مؤسسة هنداوي(مصر)،دط،2012،ص.115،116
[1] يُراجع الطالب نصّ المجموعة القصصية العبرات،ولاسيما،قصة اليتيم .
[2] إسماعيل أدهم،إبراهيم ناجي،توفيق الحكيم،مؤسسة هنداوي(مصر)،دط،2012، ص.22
[3] ينظر:عمر الدسوقي،نشأة النثر الحديث وتطوره،دار الفكر العربي(مصر)،دط،2007،ص.170-174
[4] يُراجع الطالب كتاب الديوان في الأدب والنقد،الجزء الثاني: الفصول التالية :أدب الضعف،ترجمة المنفلوطي،الحلاوة والنعومة والأنوثة،العبرات"قصة اليتيم"،أسلوب المنفلوطي