هي حلقة أو نادي أسسه نخبة من الدارسين المهتمين باللغات السلافية سنة 1926 من أمثال تروبتسكوي وجاكبسون وبوهلر وكارسفسكي غير أن الأسم الأكثر بروزا هو اللساني التشيكي فيلام ماثيسيوس، كما سميت الحلقة أيضا بـ "المدرسة الوظيفية" و"المدرسة الفونيمية" لاشتغالها أساسا بالنظام الصوتي للغات السلافية.

وعلى الرغم من أن الحلقة تناولت كل المستويات اللغوية بالدراسة إلا أن الاهتمام بالمستوى الفونولوجي للغة كان بارزا، وقد قلب أصحابها معادلة العلامة والظيفة، فلئن اعتقد دوسوسير أن اللغة ما هي إل نظام مم العلامات فإن أنصار الحقلة رأوا بأن اللغة نظام من الوظائف تأخذ كل وظيفة منها صورة نسق من العلامات، وأهم سؤالين شغلاهم هما: ماذا تشبه اللغات؟ ولماذا كانت على هذا الشكل تحديدا؟

اعتمدت الحلقة منهجا في دراسة النظام الصوتي للغة أسمته الصوتيات الوظيفية أو الفونولوجيا، وتدرس الفونيمات باعتبار وحدات في نظام أوسع هو التشكيل الصوتي الفعلي، والفونيم كما يتصوره تروبتسكوي "وحدة فونولوجية مجردة" تتحقق من خلال تلويناتها أو ألوفوناتها، وإذا كانت الفونيمات تنتمي إلى اللغة فإن الألوفونات تنتمي إلى مستوى الكلام الذي تظهر فيه "الفروق الوظيفية" التي تترتب عنها فروق دلالية بين الكلمات مثل: ساح / صاح.

لقد نبه ماثيسيوس مبكرا إلى أهمية العناية بمقدرات اللغة الداخلية بعيدا عن تأثيرات النزعة التاريخية، أي ضرورة اعتماد وصف اللغة في ذاتها، وفي ذات السياق طرح منظوره الوظيفي لتركيب الجملة تحت ما أسماه "الموضوع" (theme - topic) و"الخبر"  (rheme - comment)  باعتبار الموضوع ما يخبر عنه أو ما يتعلق به الخبر في حين أن الخبر هو ما يمثل مركز الفائدة ولا يكون معلوما عند السامع، لذلك يغلب تقديم الموضوع على المحمول على نسق التوالي في المجال التداولي، ويقابل هذا التقسيم النحوي المبتدأ والخبر، وهذا تقسيم هدفه تيسير معرفة المحتوى الإخباري للجمل، ولا ينطبق هذا الإجراء بحذافيره على اللغات الإعرابية.

أما تروبتسكوي فقد كان كتابه "مبادئ الفونولوجيا" محددا لموضوعات هذا العلم كالسمات المقطعية وفوق المقطعية للأصوات والتداخلات بين الفونولوجيا والنحو والصرف (المورفو فونولوجيا)، كما يعود إليه فضل تحديد مفهوم الفونيم باعتباره "الوحدة الفونولوجية التي لا تقبل التجزيء إلى وحدات فونولوجية أخرى أصغر منها" ويتحدد أيضا بقيمته الوظيفية أساسا. إلى جانب تمييزه بين مجالي الدراسة الفونولوجية: أما الأول فمجال الوظيفة التمثيلية للغة (phonemics)، وأما الثاني فدراسة القيم التعبيرية الأسلوبية (phonostylistics).

في حين يضطلع جاكبسون بإرساء نظرية تتعلق بوظائف اللغة في دائرة التواصل، بحيث يربط بين المكونات الست للواقعة التواصلية وبين ما يتعلق بها من وظائف هي بعددها بشكل متكافئ، وقد كان لها دور فعال في فهم الإرساليات الأسلوبية وجملة الخصوصيات التي تظهر هنا أو هنا في الأسلوب. وقد نبه على أن مهمة علم الأدب ليس هو الأدب بل الأدبية أو الشعرية التي ترتد إلى غلبة وظيفة بعينها على بقية الوظائف.

وفي ذات السياق الوظيفي دائما يدعو وليم لابوف إلى ما يمكن أن يسمى النسبية اللغوية، ومفادها أن الأساليب تتغير بحسب العمر والجنس والسلمية الاجتماعية والثقافة مؤسسا بذلك ما صار يعرف باللسانيات الاجتماعية، وتتلخص الفكرة الأساسية عند لابوف في نقطة مركزية هي: اللغة والتكييف الاجتماعي للمتغيرات البنيوية، أي كيف يتسنى قيام التواصل واستمراره بانتظام في الوقت الذي تكون اللغة عرضة للتغير بشكل دائم      

Modifié le: Wednesday 5 May 2021, 12:17