المنهج التاريخي

مدخل إلى المنهج التاريخي

مدخل

 يقوم المنهج التاريخي في البحث على أساس دراسة أحداث الماضي و تفسيرها و تحليلها بهدف التوصل إلى قوانين عامة تساعدنا على تحليل أوضاع الحاضر و التنبؤ بالمستقبل، و هو بذلك يصف الحوادث بطريقة موضوعية و يحاول أن يربطها في سياق زمني من اجل تقديم قصة مستمرة من الماضي إلى الحاضر و المستقبل. و الظواهر الاجتماعية كالظواهر التاريخية زمانية في أغلب الأحوال، إذ ترتبط ارتباطا وثيقا بواقع المجتمع الماضية، تأثرت بها في شأنها و نموها و بذلك فلا بد للباحث الاجتماعي من الرجوع إلى الماضي لتعقب الظاهرة منذ نشأتها، و الوقوف على عوامل تغيرها و انتقالها من حال إلى حال . و يستخدم المنهج أيضا في دراسة الحاضر من خلال دراسة ظواهره و احداثه و تفسيرها بالرجوع إلى أصلها و تحديد التغييرات و التطورات التي عرضت لها و مرت عليها و العوامل و الأسباب المسؤولية عن ذلك و التي منحتها صورتها الحالية.

أدوات المنهج التاريخي

و يتضمن البحث التاريخي و ضع الأدلة المأخوذة من الوثائق و السجلات مع بعضها بطريقة منطقية، و الاعتماد على هذه الأدلة في تكوين النتائج التي تؤسس حقائق جديدة أو تقدم تعميمات سليمة عن الأحداث الماضية أو الحاضر  والصفات و الأفكار الإنسانية.

فالباحث الذي يستخدم المنهج التاريخي يستطيع من خلال تطبيق أدوات البحث العلمي في دراسته كالدقة و الموضوعية و الأمانة الفكرية و جمع البيانات ة تحليلها و تفسيرها أن يصل إلى ربط الأحداث التاريخية و إيجاد بعض العلاقات السببية بينها، و من ثم محاولة وضع قوانين يمكن تعميمها و الاستفادة منها.

الفرق بيم المنهج التاريخي و منهج المسح الاجتماعي

و ينبغي على الطالب أن يميز بين عمل الباحث الاجتماعي و عمل المؤرخ، إذ ينصب اهتمام الباحث على تفسير و تحليل الحدث و ليس سرد الأحداث و ربطها بظروف بيئته الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية، بينما يذهب عمل المؤرخ إلى تدوين الحدث و الإلمام بتفاصيل الماضي و الأحداث الفردية المنفردة مثل شرح و سرد أحداث معركة حدثت بين قوسين. بينما الباحث الاجتماعي بتحليل الحرب كظاهرة اجتماعية عند أكثر من مجتمع واحد و عبر حقبة زمنية واسعة من أجل أن يصل إلى أنواع الصراعات الاجتماعية. إلا أن نوع المنهج أو الظاهرة المدروسة تفرض على الباحث استخدام نوع الطريقة المنهجية و ليس رغبته الخاصة أو له الحرية في اختيار منهج دراسته. فمثلا إذا أراد الباحث أن يدرس أسباب الطلاق في القرن العشرين في مجتمع ما، فإن عليه استخدام البيانات التاريخية لتلك الحقبة الزمنية.

إيجابيات المنهج التاريخي

للمنهج التاريخي إيجابيات عديدة منه الكشف عن الجوانب الطبيعة البشرية في الماضي و كيف تطور المجتمع الإنساني و الفكر الاجتماعي، كما يوضح جذور الحياة المعاصرة الحديثة، و هذه قدرة منهجية كبيرة تتمتع بها المنهج التاريخي لأن الحياة المعاصرة قائمة على الحياة السابقة و امتداد لها و لا تمكن دراسة الحاضر دون الرجوع إلى الماضي.

سلبيات المنهج التاريخي

1 – يتضمن فرضيات تخمينية غير يقينية، أي غير قابلة للتحقيق منها بشكل عام.

2 – إن البدايات الأولى للتاريخ الإنساني غير معروفة.

3 – لا يستطيع هذا المنهج أن يفسر لنا كيفية ربط الماضي المجهول عندنا بالحاضر المعروف، فهو بهذه الحالة لا يعطينا شيئا و لا يفسر شيئا إنما هو منهج تأويلي.

4 – إن آراء المؤرخين تختلف حول الموضوع التاريخي الواحد و أن بعضهم ينقد بعضا، و هذا دليل على ضرورة الاعتراف بوجود العنصر الذاتي في التفكير التاريخي.

5 – إن الدراسات التاريخية موضع تعديل مستمر، إذ يتوقع أن تظهر في المستقبل وجهات نظر جديدة تفسر الوقائع الماضية على نحو جديد بسبب الكشف عن وقائع جديدة و بسبب اختلاف عقلية العصر الذي يعيش فيه المؤرخ

Modifié le: Sunday 26 February 2017, 14:39