-1/ أسس الحركة الاجتماعية: على أساس أن الحركة الاجتماعية مؤسسة جماعية، تتجاوز أُطر المجموعة المحلية والحدث الفرد، وتقوم بعمل منظم يهدف إلى تحول في الفكر والسلوك والعلاقات الاجتماعية، فإن للحركات الاجتماعية ثلاثة أسس مهمة هي:
1. تقديم برنامج إصلاحي للمجتمع، يتضمن، بالضرورة، تغييراً في قيم المجتمع بغرس قيم جديدة، أو إعادة ترتيب القيم القديمة.
2. تحقيق الإشباع لأعضاء الحركة الاجتماعية، بما يعني تعويضهم عمّا يعانون من الشعور بعدم الرضا.
3. تكوين علاقات وبناء سلطة جديدة، وهو ما يشمل تغيير بناء ومكانة الطبقات في المجتمع.
3-2/ مراحل نمو الحركات الإجتماعية : تمر الحركة الاجتماعية بمراحل محددة حتى تصبح مستقرة وثابتة داخل المجتمع، وذلك على النحو الآتي:
3-2-1/ المرحلة الأولى: نلاحظ في البداية بان الحركة الاجتماعية تعتمد على شخصية مؤسسها وما يتمتع به من جاذبية وقدرة على التعبير والإقناع، تجعل الناس يلتفون حوله. وتُسمى هذه الصفات \"الكرزم\" Charisma (الطاقة الملهمة أو الروحية غير العادية). وخلال سنوات التكوين الأولى، تتخذ معظم الحركات الاجتماعية شكل الجماعة الأولية غير الرسمية. وتبدأ العملية أساساً بأن يؤثر مؤسس الحركة في مجموعة الأفراد الذين يتبعونه. ويتأثر كل فرد منهم بمؤسس الحركة من خلال الاتصال المباشر معه، بوصفه قائدهم الملهم. ومثل هذا الاتصال يمد الأفراد بالتماسك والدينامية (التغير). وفي البداية لا نجد أية رغبة لدى هذه الجماعة الأولى في تكوين تنظيم اجتماعي. فهي في وضع لا يتعدى الاستماع والامتثال للتعاليم الجديدة، التي يلقنها لهم قائدهم الملهم. وبنمو الجماعة يتجه المؤسس نحو وضع تنظيم للحياة والسلوك، مثل تعاليم حسن البنا للإخوان المسلمين، وتعاليم بوذا للذين يريدون طريق الخلاص، ومارتن لوثر كنج لأتباعه، وهكذا. وفي الحقيقة لا تمثل مسائل التعاليم مشاكل حادة في هذه المرحلة من مراحل تطور الحركة الاجتماعية. كما أن قليلاً من الاستفسارات الفكرية قد تعطي إيضاحاً للأسئلة الخاصة بطبيعة المؤسس وسلطة رسالته. وعلى الرغم من ظهور تلك المسائل في وقت مبكر من تطور الحركة، إلا أن وجود المؤسس على قيد الحياة يمنحه الشرعية في السيطرة على أتباعه. ولكن هناك مسائل مثيرة للخلاف تتمثل في كيفية نقل السلطة إلى الآخرين، وكذلك البناء الهرمي للأفراد داخل الحركة.
3-2-2/ المرحلة الثانية: تتحول الحركة الاجتماعية إلى ما يُسمى بالتنظيم الرسمي لجماعة الأفراد، الذين يلتفون حول رسالة محددة تتعلق بالقضايا التي يؤمنون بها. وفي هذه المرحلة ـ ويتحمل مسؤوليتها، عادة، الجيل الثاني من الأتباع ـ تتضح بشكل كبير الصفات المتطلبة للعضوية. كما أن حدود السلطة للتنظيم تزداد وضوحاً. وتأخذ الاعتقادات الخاصة بالشخص المؤسس ورسالته شكل العقيدة الرسمية، التي يُعد الخروج عنها خروجاً على الحركة نفسها. وفي هذه المرحلة يمكن أن تظهر انشقاقات أو صراعات داخل الحركة، ومن ثم فلا بد من ظهور مؤسس ثانٍ لدعم الحركة.
3-2-3/ المرحلة الثالثة: تتميز بالتوسع والتنوع، وبهذا تصبح الحركة أكثر تماسكاً وتتخذ أشكالاً متعددة من التنظيم. وتختلف الحركات الاجتماعية فيما بينها في أمر توسعها: فمنها ما يقبع تحت تأثير حدود العنصر أو الطبقة أو الثقافة، ومنها ما يتخطى هذه الحدود، كالحركات الدينية التي حوّلت إلى صفها عديداً من الأفراد ذوي المكانة السياسية والوضع الاقتصادي المرموق. وفي هذه المرحلة، أيضاً، تواجه الحركة الخطر الناجم عن نجاحها في التوسع والانتشار، أو الصراع بين التركيز على المبادئ الاجتماعية والأخلاقية التي تعتنقها. وتواجه الحركات أزمات حول سبب عدم تحول الأهداف التي تعتنقها إلى حقائق ملموسة وقابلة للتطبيق، على الرغم من النجاح الواضح للحركة الاجتماعية في كسب المزيد من الأتباع والمريدين والأعضاء الجدد. وأخيراً، تتفاوت الحركات الاجتماعية تفاوتاً كبيراً في مراحل تكوينها وتطورها وفي أسلوب تنظيمها. فبعض الحركات قد يتبنى أسلوباً تنظيمياً فضفاضاً، وبعضها الآخر قد يعتمد على تنظيم هرمي دقيق ومحكم. وقد ظهرت أشكال عديدة للحركات الاجتماعية المعاصرة، كالحركات الدينية والقومية والعنصرية والطبقية والأخلاقية والثورية والثقافية والشبابية والنسائية. http://khaledfayyad.blogspot.com/2011/10/blog-post.html
4/ نظريات الحركة الإجتماعية : بالرغم من الحزم والجدية في التعاطي مع موضوع الحركات الاجتماعية ، فقد توصل الباحثين من صياغة نظريات قائمة والسؤال للتفكير فيها وتقديم خلاصات بشأنها وفي هذا السياق يمكن التمييز بين أربع نظريات مفسرة لنشأة الحركات الاجتماعية وهي كالتالي : 1- نظرية السلوك الجماعي ، التي أطلقها بعض المفكرين حول الحركات الاجتماعية وهي تعود إلي سنوات الأربعينيات والخمسينات من القرن العشرين . وتدين هذه النظرية بالكثير لمدرسةشيكاكو ، وأساسا لبارك ( PARK ) ومن بعده بلومر ، كما تدين لبعض الوظفيين من أمثال سمسلر ( SMELSER ) وبعض الباحثين القريبين من علم النفس الإجتماعي ، مثل غور ( GURR ) وتستند في تفسيرها للحركات الإجتماعية إلي خلاصات علم النفس الإجتماعي وسيكولوجية الجماهير مثل الهبات الجماهيريةوالمضاهرات . وتربط هذه النظرية ميلاد الحركات الإجتماعية بحدوث مظاهرات وأشكال من الهستريا الجماعية ، حيث تنتقل العدوي الجماعية التي تجعل الفرد منساباً مع السلوك الاندفاعي ، بمعني أن الحركات الاجتماعية ، وفقاً لهذا الفهم م، تنطوي علي ردود أفعال ليست بالضرورة منطقية تماما في مواجهة ظروف غير طبيعة من التوتر الهيكلي بين المؤسسات الإجتماعية الأساسية ويؤكد أنصار هذه النظرية المسار الأنحرافي الذي قد يسير فيه الحركة الإجتماعية ، أي من الممكن أن تحتمل في مستقبلها ملامح الخطورة تماما كما هو الأمر بالنسبة إلي الحركات الفاشية في ألمانيا وإيطاليا . كما يصرون علي اعتبارها انعكسا لمجتمع مريض ، حيث لا تحتاج المجتمعات الصحية إلي حركات اجتماعية بل تتضمن أشكالاً من المشاركة السياسية والاجتماعية . 2- نظرية تعبئة الموارد ، التي تطورت منذ الستينيات من القرن الماضي ارتكازا علي فهم خاص يبحث في تشكل الحركات الإجتماعية وآليات تدبيرها بواسطة الموراد الاقتصادية والسياسية والتواصلية ، التي تتوافر للأفراد والجماعة المنخرطة في الفعل الاحتجاجي ، بدون إغفال القدرة علي استعمال هذه الموارد . وقد ظهرت الإرهاصات الأولي لهذه النظرية في أمريكا ([1]) في سياق البحث عن إطار تحليلي للحركات الإجتماعية ، خصوصاً مع تنامي الحركات النسائية وحركات السود والمدافعين عن البيئة . و ويعتقد أصحاب هذه النظرية أن الحركات الإجتماعية هي إستجابات منطقية لمواقف وإمكانيات طرأت حديثاً في المجتمع ، وعليه لا يتوجب إعتبارها مؤشرات للإختلال الإجتماعي ، بل هي مظهر من مظاهر الفاعلية الإجتماعية ومكون بنيوي من العملية السياسية . لهذا تعير هذه النظرية جنباً كبيراً من الإهتمام للعلائق القائمة بين هذه الحركات والقضايا السياسية المثارة في النسق المجتمعي لإكتشاف جدول التأثير والتأثر بين الإحتجاجي والسياسي .كا ان هذه المقاربة تعتمدعلى منهج المدخلات والمخرجات أي انها تهتم بتأثير الاحركة على الامد المنظور دون ان تضع في النظور البعد الاستراتيجي التراكمي لدور هذه الحركات . 3- نظرية الحركة الإجتماعية الجديدة : لقد تم تأصيل هذه النظرية في أوربا لتبرير مجموعة من الحركات الجديدة ([2]) التي عرفتها الستينات والسبعينات من القرن الماضي كما أنها طورت مع فريق ([3]) آلان تورين في فرنسا ،والبرتو ميلوتسي ( A.melluci ) في إيطاليا ، وكلوس أوف ( C.offe) في ألمانيا ، وكريسي ( kriesi ) في سويسرا ، وكلانديرمانس ( klandermans ) وتارد رايتشمان ( T.Reichman ) وكوبمانس ( Koopmans ) وفرنانديز ( Fernandez) في أسبانيا ( Neve ,2002:66 ) وتتمثل هذه النظرية الحركات الإجتماعية كفعل اجتماعي عاكس لتناقضات المجتمع الحديث بسبب العولمة النيوليبرالية والبيروقراطية المفرطة ، كما أنها أيضا تختزن الحلول الممكنة لجميع هذه الإعطاب والتناقضات . ويتم التشديد دوما في إطار هذه النظرية علي الاختلافات القائمة بين الحركات الإجتماعية القديمة والأخرى الجديدة ، التي تؤشر علي الانتقال من الدفاع عن المصالح الطبقية إلي الدفاع عن المصالح الغير طبقية المتعلقة بالصالح الإنسانية الكونية وهو ما يعتبر ، حسب منظري هذه المقاربة ، عن أن هذه الحركات الإجتماعية الجديدة تهتم أكثر بتطوير الهوية الجماعية والمراهنة عن الطبقة المتوسطة بدلاً من الطبقة العاملة .ويعود حسب منظري الحركات الاجتماعية نشأة مثل هذه الحركات الى التناقض الحادث بين الدولة وبين افرد المجتمع الواسع او تنشأ نتيجة حالة عدم الرضا بين البناء السياسي للنظام الاجتماعي والطبقات الدنيا للمجتمع. 4- براديغم الفعل / الهوية :وهي النظرية التي تعتبرالحركات الإجتماعية ديناميات اجتماعية حائلة دون الركود أو الثبات الإجتماعي ؛ فهي أفعال احتجاجية تهدف الى مقاومة جميع إمكانيات التكريس وإعادة إنتاج كل ما له علاقة بالوضع القائم ، وهو ما يجعل منها ممارسات ضد الهيمنة . فأنصار هذه النظرية يؤكدون أن المجتمعات البشرية سائرة علي درب الانتقال من الشكل القديم للرأسمالية الصناعية إلي مجتمع مرحلة ما بعد التصنيع القائم علي " البرمجة " حيث يسيطر التكنوقراط وتنامي عناصر الهيمنة والتوجيه . وعليه ، يلح أنصار هذه النظرية علي أن المجتمع المبرمج والموجه من جانب التكنوقراط يبخس دور الطبقة العاملة ويوارتباطه بالتحد من فعاليتها في صناعة التغيير لهذا ينبغي ، وفقا لهذا البراديغم النظري فهم الحركة الإجتماعية كفعل ضد الهيمنة من أجل تحسين الهوية .فرغم وجاهة هذا المهوم وارتباطهبالتطورات التكنولوجية الحاصلة في العالم الا انه يهمل البعد الاجتماعي والاقتصادي في نشاة الحركات الاجتماعية . خاتمة وهكذا ننهي إلي نتيجة مفادها أن الحركة الإجتماعية ، كموضوع للدرس والنقاش المعرفي ، استاثرت منذ البدء بإهتمام ثلة من الباحثين من شتي التخصصات العلمية في دلالة قصوي علي أهميتها في قراءة الأنساق والتحولات . وذا كان النقاش قد تمحور في وقت سابق حول المفهوم وأشكال الاحتجاج ، فإن الاجتهادات النظرية في الوقت الحاضر باتت تنشغل أساسا بالمضامين والهويات والشروط البنيوية التي تتميز هذه الحركات . وكل ذلك يسير في إتجاه بلورة وتحذير الدرس العلمي للحركات الإجتماعية كاحتجاجات لا يمكن قرائتها إلا بالإنضباط للبراديغم السوسيولوجي . روابط فيديو حول الحركات الاجتماععية https://www.youtube.com/watch?v=8CZCvRYtC_8 https://www.youtube.com/watch?v=gwZJByn8vgQ https://www.youtube.com/watch?v=_LBz-7gAhmY