الأدب الألماني

شكلت القبائلُ الألمانية التي نزحت إلى أوروبا الغربية قصائدها الوطنية وقصصها عن أوثانها وأبطالها ونقلتها شفهياً من جيلٍ إلى آخَر. وبعد وقف الهجرة تولَّت الأدْيِرَةُ والكُهَّانُ عملية التأليف والتعليم. غير أنه لم يبق من هذه الأعمال سوى القليل مثل العمل الشعري الملحمي (هيليند) أي (المُخلِّص) الذي لم يُعْرَفْ مُؤَلِّفُه[1]

أما في العصر الذهبي الأول (1150-1250) فكان الشعر الملحمي أكبر إسهام للأدب الألماني في هذه الفترة. فقد كتب الفرسان ملاحم في الحب والفروسية. وتجول شعراء (المينيسينجر) الذين كانوا يشبهون شعراء (التروبادور) الفرنسيين   يغنون قصائد في الموضوعات نفسها. ثم قام مؤلفون مجهولون بتسجيل حكايات ألمانية   قديمة مثل أغنية (عائلة النيبلونج) و(جودرين) اللتين تمجدان الشجاعة والولاء الألمانيين. وقد تأثرت ملاحم البلاط بالأدب الفرنسي لأنها قلَّدت حكايات الملك (آرثر) وفرسان المائدة المستديرة الإنجليزية التي انتقلت إلى ألمانيا عن طريق فرنسا. ثم إن أدب هذه الفترة قد تأثر بالأدب العربي والإسلامي عن طريق الحملات الصليبية. وأشهر ملاحم هذه الفترة اثنتان: (هنري الفقير) و(بارسيغال).[2]

 

أما في الفترة الانتقالية الممتدة ما بين (1250-1750م) تخلَّى فرسان العصر الذهبي الأول عن مركزهم القيادي الثقافي لأبناء الطبقة المتوسطة واستُبدلت الواقعية   بالمثالية الرومانسية.

وقد صورت ملحمة (مائير هلمبرشت) انحطاط عهد الفروسية، كما استُخدمت الخطابة على لسان الحيوان لتعليم دروس عملية. وقد نالت ملحمة (الثعلب راينارد) الساخرة، ونوادر (أيولينشبيبجل) شهرة كبيرة. كان القرن السادس عشر عصر النهضة الروحي للأدب الألماني في مجالي العلوم الإنسانية والإصلاح الديني. وأشهر عمل أدبي في هذه المرحلة هو (فلاح بوهيميا) لـ (جوهانز فون ساز)، كما حاول كُتَّاب الحركة الإنسانية البحث في فلسفة تاريخ الرومان والإغريق القديم لإيجاد مثالية إنسانية جديدة. وفي مجال الإصلاح الديني يكفي أن نذكر (مارتن لوثر) الذي ترجم الإنجيل إلى الألمانية وكتب رسائل في ضرورة الإصلاح الديني

وفي العصر الذهبي الثاني (1750-1830م) كان عَصْر "غوته" في الأدب، و"كانط" في الفلسفة، وهو أهم عصور الأدب الألماني كلها.

أثَّرتْ حركة الإصلاح التي اجتاحت أوروبا في الأدب الألماني في القرن الثامن عشر، وقد مَثَّلَها "ليسينج" الذي كان أول ناقد ألماني بمعنى الكلمة. دعا "ليسينج" إلى المزج بين قيود التراث اليوناني وحماس (شكسبير)، ومن أهم مسرحياته "ناتان الحكيم" التي دعا فيها إلى التسامح

ثم جاءت حركة العاصفة والتأكيد كَرَدِّ فِعْلٍ ضِدَّ الشكلية الفرنسية. وقد دعا كُتَّابُ هذه الحركة إلى العودة إلى الطبيعة بدلاً من الحضارة، والأصالة بدلاً من التقليد؛ والدِّين بدلاً من السخرية؛ والعاطفة بدلاً من العادات الرسمية. وقد بدأ كُلٌّ من (غوته) و(شيلر) مهنتَهُ ككاتب في حركة العاصفة والاندفاع. وقد شَهِدتْ هذه الفترة مَوْلِدَ الجُزْءِ الأول من مسرحية (فاوست) التي بدأ (غوته) كتابتها عام 1770م؛ ومسرحية (اللصوص) لـ (شيلر) وقد وُلِدَتِ الحركةُ الرومانسية الألمانية من حركة العاصفة والتأكيد، وكان كِتابُ (غوته) (آلام فرتر) أول إنتاج الحركة الرومانسية؛ والكتاب يعكس ما شعر به الكاتب من التشاؤم بعد غزو (نابليون) لألمانيا. وتشمل قائمة كُتَّاب هذه الحركة أشهر الأسماء في الأدب الألماني مثل (الأخوين ويلهلم) و(فريدريتش شليجل).[3]

أما الأدب الألماني في المرحلة الممتدة ما بين (1830-1890م) فقد برز من الكتاب الشاعر (هايني هاينريتش) الذي يُعَدُّ واحداً مِنْ أعظم شعراء ألمانيا الغنائيين. وكان للواقعية أهمية كبيرة في حركة الشباب الألماني، فقد ثار الواقعيون ضد المبالغة في العواطف والرومانسية وعادوا إلى وصف الحياة بصورة موضوعية. وكان (فريدريتش هابل) أبرز المسرحيين الواقعيين. ثم تخلَّتِ الواقعيةُ عن دورها للطبيعية بعد عام 1890م. وقد رَكَّزَتِ الطبيعيةُ على الظُّلْمِ الاجتماعيِّ والجريمة وحالة الفقر ودور الوراثة في التطور الإنساني. فقد كان (ماركس، وداروين، ونيتشه، وإبسن) من القوى الفكرية التي أثَّرت في الحركة الطبيعية. وكانت مسرحية (النسَّاجون) لـ (جرهارت هاوبتمان) أفضل ممثل للحركة الطبيعية. وبدلاً من التركيز على جروح الحياة الدامية، رأت حركة أخرى هي الحركة الانطباعية العودة إلى   التأكيد على الأدب الجمالي والمثالي. وقد قدم (وماس مان) كاتب ألمانيا الانطباعي الشهير شخصياتٍ حساسةً في رواية (الجبل السحري) وروايات مهمة أخرى. ومن كتاب هذه الحركة المهمين أيضـاً (هيرمان هيسه) (1927م)، و(أرثور) الذي عُرِف بتحليله للعواطف الإنسانية في القصص القصيرة والمسرحيات التي تناول فيها   الملكية القديمة. وقد نشأت   التعبيرية   أثناء الحرب العالمية الأولى (1914-1918م)، وإنتاجها   في مجمله له سمة الأحلام المزعجة؛ غير أنها تشترك مع الحركة الطبيعية في هدف التركيز على التقدم الاجتماعي. وقد احْتَجَّتِ الرواياتُ والمسرحيات التعبيرية على الظلم   السياسي والاجتماعي. ويُعَدُّ (فرانز كافكا) وهو كاتب تشيكي كتب بالألمانية من أعظم   كتاب الحركة التعبيرية. وقد كتب (كافكا) عن سعي الإنسانية إلى الله والعدالة في قصصه القصيرة ورواياته مثل رواية" القلعة". والاسم التعبيري الآخر اللامع هو (بيرتولت بريخت) المعروف بمسرحياته الهجائية، ومن بينها (أوبرا البنسات الثلاث).
  
أما الأدب الألماني بعد 1945م فتناول تجارب الأمة تحت الحكم النازي وفي الحرب. فقد رَكَّزَ (كارل زوكماير) في مسرحيته (شيطان الجنرال) عام 1946م على الماضي النازي عندما حَلَّلَ الصراع بين الضمير والطاعة لدولة فاسدة أخلاقياً، ورواية "ستالينجراد" عام 1946 لكاتبها (ثيودور بليفيار)، كما نجد رواية "المهزوم" عام 1949م (لهانز فيريز ريختر).[4]

ويُعَدُّ كُلٌّ من (فريدريتش دورينمات) و(ماكس فرتش) السويسريين من أبرز المسرحيين الذين كتبوا بالألمانية. وإضافة إلى هذين، هناك (روولف هوخهوت)، و(بيتر فايس) في المجال نفسه. أمَّا في الرواية الألمانية الغربية بعد الحرب فإن أبرز الأسماء هي (هاينرش بول) الذي ألف "أين أنت يا آدم" عام 1951م،  كما نجد رواية "التأملات" لكاتبها أوى جونسون عام 1959 التي عالج فيها علاقة ألمانيا الشرقية بالغربية، وروايته أيضاً "الكتاب الثلاث" عام 1961م[5]،  أما (غونتر غراس) فقد لاقت روايته " طبلة من الصفيح" نجاحاً ساحقاً عام 1959 وترجمت إلى معظم لغات العالم، كما له رواية " القط والفأر"  التي كتبها عام 1961م، و"سنوات الكلاب" عام1963، وقد أسهم العديد من كتاب ما بعد الحرب مثل (بول، وغراس) في قيادة الأدب الألماني اليوم.[6]

المحاضرة السادسة: الأدب الإسباني:

حافظت اسبانيا على لغتها رغم تتابع موجات الفاتحين، وكانت اللغة القشتالية اللغة الأساسية في الأدب الاسباني، ومن أهم الأسماء في هذا الأدب ميخويل دي سيرفانتس سافيدار كاتب القصة المعروفة "دون كيشوت" وعنوانها الأصلي "حياة الشهير دون كيشوت دولامنشا ومنجزاته" وخلاصتها أن السيد كويخادو أو كويخانا كان يعيش في قرية من قرى لامانشا في شمال إسبانيا وحيداً مع ابنة أخت له وخادمة وحصانه وكان في الخمسين من عمره حين قرر -بتأثير انكبابه على مطالعة الروايات التي تتحدث عن الفروسية – أن يحيي تقليد الفروسية الدارس، وأن  يجعل من نفسه فارساً يجوب الأقطار من أجل المغامرة، وتصحيح أخطاء العالم ونجدة الملهوف ومساعدة النسوة المقهورات.

وأقنع جاراً له بأن يرافقه بعدما وعده بأن ينصبه حاكماً على إحدى الجزر، وقد اختار لنفسه اسماً بطولياً وهو " دون كيشوت دولامنشا" كما أطلق على دابته اسم حصان شهير"روسينانت" وجعل لنفسه محبوبة وهمية أسماها "دلسينا دل توبوزو" وكان قد ارتدى عدة حربية متآكلة ولم يكن هناك ما يعيبه سوى أن تابعه كان يركب بغلاً.

وفي الجزء الأول من القصة تظهر مغامرات دون كيشوت الوهمية حيث كان يحارب الأعداء بمصارعة طواحين الهواء والانقضاض على قطعان الأغنام وتحطيم جرار الخمر المعلقة في منزله، وعندما يواجه بحقيقة الأمر وأنه يتوهم وما الجيش الذي يزعم أنه قضى عليه إلاّ قطيع أغنام يدعي أن أعداءه مسخوا أغناماً لكي يفروا من بطشه.

أما القسم الثاني من القصة الذي كتب بعد خمسة عشر عاماً من كتابة الجزء الأول فيواصل فيه دون كيشوت حماقته لكن مساعده سانكوبانسا يحاول يوعيته ببعض الحقائق، وما يميز الجزء الثاني من القصة أن الناس قد غيروا نظرتهم لهذا الفارس وأصبح محط سخرية وضحك للمواقف التي يقع فيها، وتتواصل هذه المواقف إلى أن يقرر دوق عظيم أن يحقق لدون كيشوت ورفيقه ما يحلمان به، فيقيم وليمة يستقبل فيها دون كيشوت كفارس عظيم، ويتوج مرافقه حاكماً لإحدى القرى الفقيرة لكنه سرعان ما يعزل.

وفي نهاية الحكاية يتطوع أحد فرسان القرية (باتشلر) للإيقاظ دون كيشوت من وهمه بأن وافق أن يبارزه بشرط أن يوقف دون كيشوت مغامرات الفروسية التي يقوم بها عاماً كاملاً في حال انهزامه، وبالفعل يستفيق دون كيشوت بعد الطعنة التي تلقاها ويعود إلى بيته منهزماً ويشعر بدنو أجله ويقرر ألاّ يقرأ بعد الآن مغامرات الفروسية، ويكتب وصيته التي خص فيها مرافقه ببعض ميراثه، كما أوصى أن تحرم ابنة أخته من الميراث إن هي فكرت أن تقترن برجل يقرأ مغامرات الفروسية[7].

كما نشأ الشعر الغنائي في إسبانيا مبكرًا في القرن العاشر الميلادي، وعرفت أولى قصائد الشعر الغنائي باسم الخَرجَة وهي لازمة قصيرة أضيفت إلى القصائد العربية والعبرية المعروفة بالموشحات. اندثر الشعر الملحمي الإسباني القديم في معظمه، والقصيدة الوحيدة التي بقيت كاملة تقريبًا هي ملحمة السِّيْدوتحكي مغامرات بطل قشتالي، هو "دريجوت ديث دي بيبار"، وهذه الملحمة أكثر واقعية من الملاحم المنظومة في أقطار أخرى في العصور الوسطى. كُتبَت السِّيد في نحو عام 1140م أو ربما في أوائل القرن الثالث عشروكان الشعراء المعروفون باسم "خوجلار" ينشدون القصائد الملحمية ويمثلون المشاهد الساخرة، التي عرفت باسم الألعاب الهزلية، في ضواحي المدن. والمسرحية الإسبانية لم تكن معروفة جيدًا في بداية العصر الوسيط. وبقي منها فقط جزء من مسرحية دينية من أواخر القرن الثاني عشر هي مسرحية "الرجال الحكماء الثلاثة". تأثر الشعر الغنائي الإسباني بشعراء "التروبادور" بجنوبي فرنسا. وإلى هذه الفترة ينتمي "جونزالو دي بيرسو" أول شاعر إسباني معروف كتب معجزات العذراء، وهي مجموعة من القصائد في معجزات السيدة العذراء.

 أسهم "ألفونسو العاشر" الملقب بالحكيم في تشجيع النثر الإسباني المبكِّر. ففي أواخر القرن الثالث عشر بدأت تحت إشرافه صياغة عملين تاريخيين مطولين: تاريخ إسبانيا العام والتاريخ العام، ويختص بتاريخ العالم. ودعم الملك أيضًا الاهتمامات العلمية والفلسفية لمدرسة مترجمي طليطلة، كما أنه نظم الأناشيد الجيليقية وهي ابتهالات للسيدة العذراء. ويشتمل أقدم أدب نثري إسباني على مجموعة من الحكايات الأخلاقية صيغت باللغة اللاتينية، نشرها بدرو ألفونسو عام1100م تقريبًا تحت عنوان تعاليم كهنوتيةوفي القرن الثالث عشر الميلادي، ترجم من اللغة العربية ولغات أخرى العديد من كتب الحكايات إلى اللغة الإسبانية، منها؛ كليلة ودمنة (1251م) وسندباد (1253م). في أوائل القرن الرابع عشر الميلادي، بدأ النثر الإسباني يتخذ صبغة أشد تميّزًا بكتابات "دون خوان مانول"، ابن أخ ألفونسو الحكيم، ومن أشهر أعماله "الكونت لوكانور"، وهي مجموعة من قصص الوعظخلال القرن الرابع عشر الميلادي، بدأ شعر العلماء في الانحطاط. لكن "خوان رويث" كبير كهنة مدينة إيتا القشتالية، حافظ بشكل ما على نسق شعر الأكليروس المطول في عمله الوحيد كتاب الحب الطيب (1330م) المزيد عام 1343م. وعرض الكتاب صورًا حية لعديد من دقائق الحياة في إسبانيا في القرن الرابع عشر الميلادي، مثل: الطعام والآلات الموسيقية والأغاني وشؤون العشق والعادات في الأديرة والحانات وابتكر رويث شخصية العجوز الشهيرة التي كانت تقوم بدور الوسيط بين العشاق في الأديرة، وفي القرن الخامس عشر الميلادي. استمرت روح العصور الوسطى في العديد من القصص الخيالية (الرومانس) المجهولة المؤلف، ويرى بعض الباحثين أن تلك الأغاني كانت أجزاء من أناشيد ملحمية ألفت لتُغَنىَّ وحفظها التراث الشفهي من الاندثار في إسبانيا وأمريكا، والمغرب وبين اليهود الإسبان.

ومن أبرز شعراء القرن الخامس عشر الميلادي "إنييجو لوبث دي منْدوثا" المعروف "بماركيز سانتييّانا"، الذي نظم قصائد السوناتة على النهج الإيطالي والأشعار الرعوية المهذبة، و"خوان دي منا" الذي نظم متاهة القدر(1444م) متأثرًا بدانتي وعدد من الكتاب القدماء، و"خورخه مانريكه"، الذي كتب كوبلاس (1476م) وهي مرثية شجية راقية في موت أبيه

ووقعت في نهاية القرن الخامس عشر عدة أحداث لها أهمية أدبية، ففي عام 1473م، دخلت الطباعة إسبانيا في مدينة سرقسطة أولاً في غالب الظن، وفي عام 1492م نشر "أنطونيو دي نبريخا" النحو القشتالي، أول كتاب يوضع في قواعد لغة أوروبية حديثة. وخطا المسرح أولى خطواته نحو المأساة غير الدينية قبل عام 1500م، فكتب "خوان دل إنثينا ولو كاس فرناندث" مسرحيات عن أعياد النصارى مثل الميلاد والفصح جنبًا إلى جنب مع المأساة الشعبية والرعوية،كما ظهرت اتجاهات أخرى جديدة في النثر الأسباني ككتاب سجن العشق (1492م) "لدييجو دي سان بدرو" ورواية الفرسان تيران لوبلان بدأت كتابتها في 1460م ونشرت في 1490م، وقد ألفها باللغة القطلونية "جوانوت مرتورل" و"مرتي جوان دي جلبا"، ومن المرجح أن رواية الفرسان الطويلة أماديس الغالي، المعروفة منذ القرن الرابع عشر، طبعت لأول مرة عام 1508م وكان "غرثي ردريغث دي منتلبو" قد كتب أحد أجزائها. وفي أواخر القرن الخامس عشر، ظـهرت الرائعة الأدبية المعروفة باسم لاثليستينا، ونشرت أولى طبعاتها المعروفة عام 1499م، في شكل رواية حوارية مجهولة المؤلف. وظهرت فصولها الستة عشر تحت عنوان كوميديا كاليستر وملبييا. وبعد ذلك بسنوات ثلاث زيدت إلى 21 فصلاً. مؤلف العمل كله هو "فرناندو دي روخس". وتجمع لاثِلْيستينا بين منظور القرون الوسطى اللاهوتي ومفهوم الحياة والحب في عصر النهضة

وفي العصر الذهبي القرن السادس عشر الميلادي. شاعت روح عصر النهضة الإيطالية في الأدب الإسباني في القرن السادس عشر. كان التعبير الأدبي خلال تلك الفترة في صراع دائم مع محاكم التفتيش وهي محاكم أقامتها الكنيسة الرومانية الكاثوليكية، لمعاقبة من يخالف تعاليمها. في حين تأثر العديد من الإسبان ـ مثل "خُوان لويس بيْبي" و"الأخوان ألفونسو" و"خوان دي بالدسْ" بالمفكر ورجل الدين الهولندي "ديزيدريوس أرازمس" الذي عمل من أجل إصلاح الكنيسة

 في أوائل القرن السادس عشر، أدخل كل من "خوان بوسكان" و"جرثيلاسودي لابغا" عروضَ وأشكالَ وموضوعات شعر عصر النهضة الإيطالية، التي أثرت بسرعة في الشعر الإسباني، لكن "كريستوبل دي كستييخو" و"جرجريو سيلفستر"، كانا من بين الذين حافظوا على التقليد القشتالي في نظم الأبيات القصيرة. في النصف الثاني من القرن السادس عشر الميلادي، كانت هناك مدرستان شعريتان إسبانيتان: مدرسة "سلمنقة القشتالية"، و"مدرسة أشبيليا الأندلسية". كتب شعراء كلتا المدرستين على نهج الشاعر الإيطالي بترارك، ومع هذا تميزت مدرسة سلمنقة وشعراؤها ـ وأهمهم الراهب "لويس دي ليون" بشيء من الوداعة والكثير من الرزانة في استخدام الاستعارة، أما شعراء مدرسة أشبيليا، ومن أهمهم "فرناندو دي أريرا"ـ فإنهم من خلال الصور النابضة بالحياة، اهتموا بالإمكانات الشكلية للغة وهو ما أدَّى إلى أسلوب الباروك.

وظهر مظهر آخر مهم من مظاهر الشعر الإسباني في القرن السادس عشر الميلادي هو الشعر الغنائي التأملي الروحاني. ومن أبرز رواده: "سان خُوان دي لاكروث" والراهب "لويس دي ليون" والراهب "لويس دي جرانادا". كما أسهمت الكاتبة ذات النزعة التأملية الروحانية "سانت تريزا دي أبيلا" بالعديد من المؤلفات النثريةكما شاعت الرواية الرعوية خلال عصر النهضة.

 وما زالت روايتا "ديانام" لجورج مونتمايو(1559)، و"ديانا العاشقة" (1564) لملجسبار خيل بولو من أشهر الروايات الرعوية الإسبانية، إضافة إلى "جالاتيا"(1585م) أول عمل طويل لسرفانتس، و"أركاديا" (1598م)، التي كتبها "لوبه دي بيجا"، غير أن روايات الصعاليك هي-إلى حد بعيد-أشهر ما أضافه عصر النهضة الإسباني إلى الأدب العالمي.

 ويرى هذا النوع من الروايات المجتمع بعين الصعلوك وعادة ما تنطوي على سخرية لاذعة أو موعظة أخلاقية، وأولى روايات الصعاليك في رأي النقاد، "لثريو دي تورمس" (1554م) وهي رواية مجهولة المؤلف صيغت في شكل سيرة ذاتية موجزة ويطرح هذا العمل تفسيرًا أخلاقيًا لمراحل حياة (لثريو)، ويتسم بالحدة في هجائه للكنيسة على نحو خاص. غدت شخصية لثريو شخصية أدبية شهيرة كان لها تأثيرات لاحقة في إسبانيا وفي دول أوروبية أخرىأما المسرح فقد أحرز المسرح الإسباني تقدمًا بطيئًا على مدى القرن السادس عشر الميلادي. نشر "برتولومه توتس نارو" في عام 1517م مجموعة مسرحيات ومقدمة حول النظرية المسرحية، كما استحدث لوبه دي رودا نوعًا من المسرحيات الهزلية القصيرة أطلق عليها اسم باسو. وكان "خوان دي لا كوبيا" أول كاتب إسباني يستلهم موضوعات مسرحياته من تاريخ إسبانيا ومن الأغاني الشعبية.

وفي القرن السابع عشر الميلادي. كتب "ماتيو ألمان" رواية "قزمان دي الفرتشيه" (الجزء الأول عام 1599م، والجزء الثاني 1604م) أعظم روايات الصعاليك بعد لثريو وهي أكثر تفصيلاً منها وتعرض لرؤية أشد مرارة وتشاؤمًا، إذ ترى أنه لا تبديل للطبيعة البشرية ولا لظروف الحياة؛ كما كتب الشاعر والهجَّاء فرنشيسكو دي كبيدو رواية لاذعة متشككة، حياة المحتال (1626م) وذاع صيته بعمله الهجائي الأحلام (1627م). وتقابل مثالية رائعة سيرفانتس الأدبية دون كيشوت (الجزء الأول عام 1605م؛ والجزء الثاني عام 1615م) واقعية الرواية الصعلوكية. بيد أن سرفانتس تَخَطَّى عصره حين وهب شخوصه وموضوعاته صفات عالمية تنطبق على البشرية جمعاء. ولم يشتهر سرفانتس ككاتب مسرحي رغم أن مسرحياته الهزلية ذات الفصل الواحد "إنترمس" من أفضل أعماله. وأشهر كتاب المسرح في العصر الذهبي هو "لوبي دي فيجا" الذي برز كأديب تفرد بالموهبة وغزارة الإنتاج، كتب أعمالاً شعبية تمزج بين عنصري الهزل والمأساة. وموضوعات مسرحيات لوبي ذات أصول متنوعة فهو كمبدع وطني، تناول أحداثًا تاريخية ومجد الأبطال القوميين وأضفى على الحكام صفات مثالية واختصهم بالعدل. وبعض مسرحيات لوبي من نوع "العباءة والسيف" تتأسس على الحب والشرف كمنبعين للصراع المسرحي. ومن خير مسرحياته "فوينت أوبخونا" (1619م) و"العقاب بلا انتقام" (1634م). ومن أشهر كتاب المسرح في هذه الفترة أيضًا "تيرسو دي مولينا"، الذي كتب "محتال إشبيلية" (1630م)، و"غيين دي كاسترو" الذي ألف مسرحية "شباب السيد" (1618م) الشهيرة.

وفي القرن الثامن عشر الميلادي أفل نجم إسبانيا، سياسيًا واقتصاديًا وفنيًّا، مع نهاية القرن السابع عشر. وفي عام 1700م توِّج فيليب الخامس الفرنسي ملكًا لإسبانيا ليدشن بداية حكم أسرة البوربون. وكان من المحتم على الأدب الإسباني أن يطرق مجالات جديدة بوجود حكام فرنسيين في البلاد وبداية عصر العقل في بقية بلدان أوروبا
كانت حركة إحياء العلوم والآداب والفنون القديمة (الإغريقية والرومانية) هي التي تأثرت بالآداب الإغريقية والرومانية تأثرًا شديدًا، وهي أهم اتجاه أدبي في القرن الثامن عشر الميلادي. وحاول العديد من الكتاب الإسبان أن يهذبوا الأدب الإسباني طبقًا لمقاييس الكلاسيكية الفرنسية بتنقية الكثير من الأدب الباروكي والتكلف والصنعة اللفظية. في ذلك الوقت اتجه عدد قليل من الكتاب إلى كتابة الرواية. والرواية الوحيدة الجديرة بالذكر هي قصة الواعظ الشهير، الراهب "خرونديو دي كمباثس" (الجزء الأول 1758م والجزء الثاني 1768م) لليسوعي خوزيه فرنشيسكو دي لا إسلاأما القرن التاسع عشر الميلادي، فساد إسبانيا مناخ ليبرالي جديد إثر وفاة الملك المحافظ فرناندو السابع، عام 1833م وعاد الكتاب الرومانسيون من منفاهم في بلدان أوروبا يحملون مؤثرات جديدة. وأكد "أنجل سافدرا"، دوق رييس نجاح المسرح الرومانسي بمأساته العاطفية دون ألبرو أو حتمية المصير (1835م). وأصبحت مسرحية "خوزيه زوريلا دون جوان تينوريو" (1844م) من أنجح الأعمال المسرحية الإسبانية. ويعد "مريانو خوزيه دي لارا" من أبرز كتاب النثر الرومانسي الإسباني؛ فقد نشر مقالاته الثاقبة في الصحف اليومية لتنتقد العديد من مشكلات إسبانيا السياسية والاجتماعية والأدبية. ومن أهم شعراء إسبانيا في القرن التاسع عشر الميلادي: "خوزيه دي أسبرونسيدا" الذي كتب قصيدة طالب سلمنقة (1836-1839م) و"غُستَابو أدولفو بكير" الذي عدَّ دائمًا أرهف شعراء القرن الماضي حسًا والذي يمثل انتقال إسبانيا إلى الشعر الحديث

 

المحاضرة السابعة: الأدب التركي.

لقد قسم الباحثون الأدب التركي القديم إلى قسمين: أدب ما قبل الإسلام، وأدب ما بعد الإسلام.

وقد تشكل الأدب التركي ما قبل الإسلام كغيره من الآداب القديمة بما تداولته الشعوب من أساطير.

والأسطورة هي أول وأهم مصدر للمحاكاة الأدبية تناولتها الألسن عند الأتراك القدامى. ومن أبرز الأساطير التركية القديمة أسطورة بوزقورت (الذئب الأغبر)، التي تروي أن قوم غوك تورك نشأوا من أنثى ذئب، وأسطورة أرغنوكون، التي تروي خروج أتراك غوك تورك من أرغنوكون بصهرهم جبلاً من الحديد. أمّا أول مصدر مدون ومعروف في الأدب التركي فيتمثل في مسلات «أورخون» المكتوبة بأبجدية غورك تورك في القرن الثامن الميلادي. وقد تمت ترجمة النصوص التركية المنقوشة في هذه المسلات إلى لغات عدة. وأبرز هذه المسلات هي المسلات المنصوبة باسم طونيوكوك وكول تغين وبيلغة قاغان. وتكمن أهمية هذه المسلات في توثيقها وجود لغة كتابة تركية حية وغنية في التعبير وقتذاك.

أما الملاحم أهمها ملحمة" ماناس" manas  وهو أعظم بطل تعيش ذكراه في شتى أقاليم الترك بدءاً من شرق تيانشان حتى منطقة قيريم، ثم امتدت لتشمل كذلك جونجاريا وشمال قفقاسيا وثمة قبر يقع في الجهة العليا لمنطقة تالاس ينسب إلى هذا البطل، وقد تشكلت هذه الملحمة قبل عصر جنكيز وبالتالي قد ظهرت بين القرنين الحادي عشر والثاني عشر ميلاديين، وقد اضطلع العالم "رادلوف Radlof أول الأمر بجمعها ونشرها ثم قام بضبط وتخريج روايتها بعد ذلك، وفي القرنين الخامس عشر والسادس عشر دخلت هذه الملحمة بعض مناقب الأبطال الخاصة بهذين القرنين، ويشار في هذه الملحمة للقائد أرماناس الذي كان بطلا يخدم في دولة "القره خانيين" وقد قاد صراعات كثيرة باسم الإسلام مع قبائل أتراك قالمون الكافرة[8] ، كما  نجد ملحمة" كور أغلي" koroglu ، كذلك نجد ملحمة "أوغوز" في إقليم التاي يني سي، والتي لازالت حكاياتها حية لحد الآن في مختلف البقاع والأصقاع التركية.

ونجد أيضاً ملحمة" ألب أرتونجه" Alp Ertunga والذي قدمها وأماط اللثام عنها لأول مرة الأستاذ زي وليدي دوغان، ويرى الباحثون أن "ألب أرتونغه" هو بعينه الحاكم الطوراني افراسياب صاحب المناقب الكبرى الذي ورد ذكره في شاهنامة الفرس.[9]

أما ملحمة "الأوغوز" فتتحدث عن هيمنة الترك وبسط نفوذهم على مختلف الشعوب والأقوام وعن فتوحات الحاكم الأسطوري التي شملت الصين وإيران وقفقاسيا حتى طوف ببحر الخزر وتعود هذه الملحمة للفترة ما بين 226-209 ق.م[10].

أما في الشعر فقد برزت المراثي بشكل بارز والتي كان يترنم بها بمصاحبة آلة القبوز، وكانت معظمها طويلة مرتبة بأوزان بسيطة، يذكر فيها الشاعر مناقب الميت.[11]

كما تبوأت الأشعار التعليمية مكانة واسعة بين الأشعار التركية القديمة، وهي عبارة عن مقطوعات أخلاقية بمثابة دليل مرشد في الحياة، وأحياناً يحوي قسم من هذه المقطوعات بين ثناياه صفة (ضرب المثل) وخصائصه، ومما يجذب النظر في هذه المقطوعات أنها تبرز الأسس والمبادئ التي تعتمد عليها الأخلاق التركية.[12]

كما نجد في التراث الأدبي القديم للأتراك ما يسمى بالتمثيليات الدينية، فقد وجدت طائفة من نماذج الطقوس والشعائر عند الأتراك الأقدمين مثلما كان موجوداً في العصور البدائية لسائر الأمم الأخرى، فمثلاً كانت هناك طقوس وشعائر دينية تقام من أجل الاحتفال بذكرى منقبة "أرجنه قون" وهذه التمثيلية عبارة عن صراع يدور بين طائفة من الفرسان لينقذوا جدياً مذبوحاً من بين مخالب الذئاب.[13]

ولم يعرف الأتراك الإسلام إلاّ في القرن الثامن ميلادي، وبدأ الادب المدون بعد القرن التاسع ميلادي.

فكان انتشار الإسلام بقوة في ظهراني الطوائف التركية، وقد صادف عصر هيمنة السامانيين وبسط نفوذهم.

وفي سنة1921م قدم سفراء بلغاريا إلى الخليفة العباسي المقتدر طالبين إليه طائفة من علماء الدين في معية خبراء عسكريين لتشييد القلاع والحصون، وكانت العلاقات الاقتصادية والحضارية ذات أثر عظيم في نشر الدين الإسلامي، ثم تشكلت الطرق الصوفية[14]، وقد تنوعت الآداب بين المرثية والملحمة وأغاني الصيد وأشعار العشق والخمر والحكم.

ومن المناقب الإسلامية عند الأتراك مناقب "صاتوق بغراخان" وتتحدث هذه المجموعة عن المناقب المنثورة في كرامات صاتوق بغراخان أول حاكم مسلم من سلالة "القره خانيين" وكيف قبل هذا الحاكم وقومه الإسلام بواسطة الشيخ "أبي نصر الساماني" وتعرضت أيضاً لأحوال بغراخان وأولاده، وتفصل هذه المنقبة القول في كثير من الأحداث التاريخية وتؤكد على الأماكن الجغرافية لهذه الأحداث.[15]  

ومن أبرز المؤلفات التركية في ذاك العصر كتاب"قوتا دغو بيلك"وقد وضعه يوسف البلاساغوني في سنة 462ه/1069م وكتب هذا الأثر باسم"تافجاج بغراخان" وقد تبوأ يوسف بهذا الكتاب رتبة الحاجب الخاص في قصر كشغر، ومعنى الكتاب" العلم الذي يهب السعادة أو العلم اللائق بالسلاطين"[16]

ويحتوي هذا الكتاب على ثلاثة وسبعين فصلاً تضم ستة آلاف وخمسمائة بيتاً من الشعر[17]

أما في العصر السلجوقي فثمة زمرة من الشعراء نذكر منهم: برهاني وأمير معِزِي ورشيدي سمرقندي، وظهر كذلك عالم الرياضيات المشهور عمر الخيام صاحب الرباعيات، وأنوري الشاعر النظام والشاعر أرزاقي وعبد الواسع جبلي، ثم جاء من بعدهم كل من قطراني وتبريزي وخاقاني وشيرواني وإمام فخر الدين مسعودي وأبو حنيفة اسكافي وجميعهم من الأساتذة العظام ذوي القيمة العظمى في مضمار الشعر.[18]

أما الشعر الصوفي فبرز الشاعر الكبير أبو سعيد أبو خير والشاعر حكيم سنائي والشاعر فريد الدين العطار، كما نجد "ديوان الحكمة لأحمد يسوي، وهو يتضمن مدائح تتحدث عن فضائل الدراويش والزهد، وتوجد في آخره مناقب إسلامية مشهورة مستخلصة من نتائج دينية أخلاقية[19]

أما في عصر المغول فثمة سبعة عشر مؤلفاً بالمغولية ترجع إلى القرنين الثالث عشر والرابع عشر الميلاديين ومن هذه المؤلفات كتاب" يوان جاميشي" أي التاريخ السري للمغول.[20]

ولا يمكن الحديث عن الأدب التركي دون أن نشير إلى الشاعر الكبير ناظم حكمت الذي يعتبر واحدا ًمن أبرز شعراء العالم الذين ناضلوا من أجل حرية الإنسان وكرامته. فقد تنقّل من سجن إلى سجن، ومن منفى إلى منفى، في سبيل ما آمن به. وقد قدّم للإنسانية أدبا مفعما بالتفاؤل من أجل خلق عالم أفضل. في السادسة والثلاثين من عمره، حاز على جائزة السلام العالمي، نتيجة لنضالاته وانحيازه للإنسان وحريته، ومن أجل العدالة والديمقراطية، وهذا ما أكسبه شهرة عالمية.

كان ناظم حكمت في شعره، يُنادي بتحرّر جميع الشعوب المضطهدة، ومن أجل ألّا يبقى إنسان واحد على وجه الأرض مستعبَداً. صحيح أنّ ماء شعره كان يتدفّق من ينابيع الوطن الأم، تركيا، ولكنّه أراد لهذا الماء العذب، أن يروي العالم كلّه.

ولأنّ التفاؤل هو مادة أدب ناظم حكمت، فقد وظّفه كأداة للنضال والتحرّر من الظلم. فهو من قال:

      أجـمـل البـحار، هو البحر الذي لم نذهب إليه بعد.

      وأجمل الأطـفال، أولئك الذين لم يكبروا بعد.

      وأجــمل أيـامـنا، هي تلك التي في انتظارنا.

      وأجمل القصائد، هي تلك التي لم أكتبها بعد.[21]

من هنا يبدو شعر ناظم حكمت مرتبطا بالتفاؤل، وكلماته الرائعة هذه، مفعمة بالأمل، تجعل الإنسان ينظر إلى الأيام المقبلة على أنّها أيام سعيدة يجب أن يعمل لبلوغها، وينظر إلى الآفاق المقبلة على أنّها آفاق لامتناهية مفتوحة على الأمل وسعادة الإنسان. ومن ينابيع ناظم حكمت وكلماته الرائعة، استقى شعراء الإنسانية كلماتهم وأحاسيسهم.

ملاحظة: أخذ النص من https://elearn.univ-tlemcen.dz/mod/resource/view.php?id=21493

 





Modifié le: dimanche 27 avril 2025, 22:06