الآداب الشرقية القديمة
تشمل الآداب الشرقية القديمة: الأدب العراقي القديم، الأدب الهندي، الأدب المصري، الأدب الصيني، الأدب الفارسي... وقد نشأت هذه الآداب من أقدم العصور، تعود إلى "منتصف األلفية الرابعة قبل الميلاد، وقد حفظ هذا الأدب في الألواح الطينية التي اكتشفت في المواقع الأثرية في بابل ونينوى، وتناول هذا الأدب الأساطير والحكايات الملحمية والتراتيل والرثاء والأمثال". ومن أقدم الآثار الأدبية ملحمة قلقامش التي تعتبر واحدة من أقدم آثار العالم القديم فهي أقدم من الإياذة بما يزيد عن ألف سنة".
يعني ذلك أن هذه الأداب قد نشأت متطورة ناضجة كما عثر عليها في تلك المواقع الأثرية، بل لقد "مرت فترة طويلة لأجل االإنتقال من الصيغة الكالمية البسيطة للتصوير في الأغنية البدائية الساذجة إلى الأشكال المتطورة جدا في المالحم وغيرها من الآثار الأدبية". إذ أن الإنسان البدائي كان بحاجة إلى التعبير عن خلجات نفسه اتجاه آلهته أو اتجاه أفراد مجتمعه، فابتكر ّ أشكاال كلامية تمكنه من تصويرها، من تراتيل وأدعية تعبر عن الحالات التي يعيشها ومقاطع كلامية مؤثرة تتماشى مع بساطة الحياة. وقد ترافقه هذه المقاطع في أسفاره يستأنس بها أو يستحث بها ضغائنه. ّ
وقام الأدب القديم على أساس الفنون الشعبية وذلك منذ العهود القديمة ويعد الأدب الهندي من أقدم الآداب في العالم، ولعل تعدد القوميات الهندية أفرزت أعماال ضخمة متعددة اللغات، وصلت إلى )22( لغة رسمية هندية.
وأقدم نص هو نص الريك فيدا الذي يعني ( أشعار الحكمة) ، ويعد المصدر الأدبي الأكثر أهمية في الديانة والثقافة الهندية، وقد ألحقت بنصوص الفيدا كأجزاء ختامية لها مجموعة من النصوص تعرف بـ(األوبانيشاد)، جرى تأليفها فيما بين ّ ال 800 ق.م و500 ق.م تحتفل بالفكر التأملي والتصويري فيما يتعلق بالنفس والواقع". وأشهر قصيدتين على اإلطالق هما ال ّرمايانا والمهابهارتا وهما اللتان تتضمنان بوجه خاص عرضا للرؤية الهندوسية للعالم. -
الأدب الفاسي القديم:
- وبالنسبة للأدب الفارسي فقد ظهر إلى الوجود في القرن التاسع للميلاد، وخاصة في الجزء الشمالي الشرقي من إيران، بظهور اللغة الفارسية الحديثة، وأقدم األسماء التي يطالعنا بها هذا األدب هي أسماء: الرودَكي الذي يلقب ب "أبي الشعر الفارسي"، ودقيقي الذي نظم ملحمة تعني فيها بمآثر أبطال الفرس الأسطوريين، والفردوسي صاحب الشاهنامة )أو كتاب الملوك(.
وبعد هذه الطبقة من الشعراء ظهرت طبقة أخرى لا تقل عنها شأنا وأثرا. ومن نجوم هذه الطبقة: فريد الدين العطار، وكان شاعرا صوفيا، وجالل الدين الرومي الذي يعتبر أعظم شعراء الحب اإلالهي عند الفرس، وسعدي الشيرازي صاحب " البستان " و" كلستان " وهو من أكثر الشعراء الفرس شعبية، وحافظ شيرازي الذي يعد أعظم شعراء الفرس الغنائيين من غير منازع، وعمر الخيام الذي اشتهر برباعياته التي ترجمت إلى معظم لغات العالم، ونظامي الذي يعتبر أعظم الشعراء الرومانتيكيين في األدب الفارسي. في العهد الحاضر ازدهر األدب الفارسي، وبرز شعراء وکتاب هم النجوم الالمعة في األدب الفارسي الحديث أمثال: ملك الشعراء بهار ثم تقي زاده، وبور داود، وجمال زاده، وصادق هدايت، وتقترن أسماؤهم جميعا بالوطنية التي تنبع من صفاء األنفس وهي منبع الأدب الرفيع.
وأخيرا من أكبر الشعراء الخمس: نيما يوشيج، مهدى إخوان ثالث، محسن بزشکيان، سهراب سبهری، فروغ فرخزاد، أحمد شاملو ومن الكتاب جالل آل أحمد.
التعريف بشاهنامة الفردوسي:
الشاهنامة تعني كتاب الملوك حيث أنه في النصف الأول من القرن الرابع الهجري وجه أهل خراسان وأمراؤها ِهمتهم إلى جمع أخبار ملوك إيران وتاريخهم فاجتمعت لهم أسفار عرفت فيما بعد باسم " شاهنامه " وهي عديدة... وهي منظومة طويلة، تسير فيما الأحداث بطريقة روائية من خالل سرد لحياة أبطال إيران وذكر ألعمالهم البطولية وفضائلهم القومية،
وتبرز أهمية النضال القومي والجهاد الديني في طريق التحرير، ولذا ينطبق عليها اسم الملحمة، كما ينطبق على غيرها ممن تسير سيرها وتحمل خصائصها. وقد ألف الفردوسي ملحمته هذه في 60 ألف بيت أول الأمر - وإن كانت هناك اآلن بعض النسخ التي التي تزيد أبياتها عن نصف هذا العدد ،- ووضعها في قالب عروضي مناسب والتزم به إلى آخر المنظومة. و" شاهنامة الفردوسي من حيث الكم والكيف أعظم أثر أدبي ونظم فارسي. بل إنها أروع األعمال الأدبية العالمية. "وواضح أن الفردوسي كان يهدف في المقام الأول إلى توصيل تاريخ إيران الحافل بالأمجاد إلى الأعقاب الذين لا يدركون حقيقة وجودهم ويغفلون عن رفعة جدودهم.
ملاحظات:
قائمة الآداب المدونة في تاريخ االإنسانية وفق التسلسل التاريخي الآتي:
▪ أدب العراق القديم أواخر 3000 أوائل 2000 ق.م.
▪ أدب مصر )3000 ق.م(.
▪ الأدب الكنعاني -سورية- منتصف 2000 ق.م.
▪ الأدب الآشوري )أوائل القرن 7 ق.م(/)أحيقار(.
▪ األدب اليوناني )القرن 8 أو 7ق.م(/)اإللياذة واألوديسا(.
▪ الأدب الهندي )الريك فيدا القرن 8 أو 7ق.م/قصص بوذا القرن 5 ق.م(.
▪ الأدب الإيراني-الابستاق )ق8 أو 7ق.م(
▪ الأدب العبري )التوراة القرن 6 ق.م(.
- الفردوسي: ناظم الشاهنامة:
على اختالف الروايات فإن الشاعر يكون قد ولد في حدود 319 ه، وتوفي بين سنتي )،411 416 ه( شيخا ناهز التسعين أو نيف عليها(. في النصف األول من القرن الرابع الهجري )العاشر الميلادي( وفي قرية باز ناحية طبران طوس إحدى مدن خراسان )مشهد الحالية(،
ولد أبو القاسم منصور بن حسن بن اسحق بن شرفشاه، واستطاع أن يتعلم العربية والبهلوية ويحيط بأدبيها، ويقف على تاريخ أمته، وينافس أقرانه في نظم الشعر وإنشاده. وتكثر الخالفات حول تاريخ مولده، ويقال إنه ولد في قرية " رزان الباز ".ولم يذكر الفردوسي كما لم يذكر أي كتاب شيئا عن تفاصيل العلوم التي تلقاها، ولا عن معلميه الذين جلس إليهم، وتلقى العلم على أيديهم. وقد مال الشاعر إلى تدوين سير ملوك إيران القدامى وتسجيل بطوالت من عاونوهم وساهموا زمنا في رفعة إيران، فقرأ ما كتب في ذلك الشأن، واستمع إلى الروايات الشفوية، ولجأ إلى مخزون عقله...
ولم يكن تأليفه لشاهنامته بالعمل الهين، فقد عكف على نظمها خمسا وعشرين سنة أو ثلاثين سنة إلى أن فرغ من نسختها الأولى. التي أهداها )في عام 390 ه = 999 م( إلى أحمد بن محمد بن أبي بكر الخالنجاني، ثم لما التقى بمحمود سلطان الغزنوي في عاصمة مملكة غزنة )أفغانستان( )في عام 401ه= 1010م( أهداه النسخة الثانية. وفي غزنة - وبفضل الشاهنامة - طارت شهرة الفردوسي إلى كل مكان، لكنها في الوقت نفسه ولجت به مرحلة جديدة من مراحل حياته... مرحلة القلق والخوف والألم. كان في قريته ينعم بالدعوة والثروة والجاه، لا يحتاج نوال أحد ولو كان السلطان نفسه، فلما جاء غزنين حامال شاهنامته، سابقا غيره إلى نظمها، واضعا فيها كل فنه وخبرته، مجسدا فيها آمال قومه وبني جلدته، لقي على يد محمود ما بدد فرحته، وهدم صرح أمانيه.
لقد كتبها له كاتبه علي الديلم )الديلمي( في سبعة مجلدات وصحبه راوية أبو دلف )وهناك من يجعل الكاتب والراوية شخصا واحدا، فهو علي الديلمي الملقب بأبي دلف(. وصديقه ومؤازره حسين بن قتيبة حاكم طوس، والتقى بمحمود ووضع التحفة العظيمة بين يديه، وانتظر منه تاج العز، لكنه اتهمه بما فيه وما ليس فيه، ووصله بمبلغ تافه وكأنه يحقره ويزدري عمله. ولما أحس بأن السلطان إذا أمسكه لن يفلته اختفى عن الأعين زمنا، ثم تلمس طريقه إلى قريته. حيث انزوى هناك ضيق الصدر مضعضع الحواس، وقد استطاع - رغم كدره - أن يخرج إلى الوجود عملا أدبيا جليلا هو منظومته القصصية )يوسف وزوليخا(... تلك التي تعددت آراء النقاد بشأنها بين مستحسن ومستهجن. وحين ندم محمود على قسوته وأراد أن يعتذر له ويسترضيه، كان الفردوسي قد توفي.
تلك هي سيرة الفردوسي التي تروي غلة الراغبين في معرفة الكثير عنه، الطامعين في الغوص في
شخصية محمود الذي يبدو في صورة من حطم قلب الشاعر العملاق وأفقده لذة النصر )ولابد أن قسوة محمود لها
ما يبررها وقد تضاربت الآراء حولها وفيها ما يقبل وما يرفض(. وإن شهرة الفردوسي قد تسبيت في إحاطة سيرته
بالكثير من الخرافات والأساطير، ودفعت الكثيرين إلى المبالغة والتهويل واختلاق الأحداث في كثير من الأحيان.
ملاحظة: النص منقول.