مدرسة كوبنهاغن أو ما يسمى بـ(الغلوسيمية/ النسقية)، وهي من أهم التيارات البنيوية الحديثة في اللسانيات، تأسست بمدينة كوبنهاجن عام 1931، بزعامة اللسانيين: (هلمسف وبروندال)، وظهرت مجلة كوبنهاجن سن 1934.

   تتميز هذه المدرسة بصرامتها الكبير في الدراسة الصورية للغة، وتصنف "ضمن الاتجاه الفلسفي المنطقي في اللسانيات البنوية..."[1].

      مبادئ المدرسة النسقية:

1- ينطلق هلمسليف في نظريته من مفاهيم دي سوسير حول قضايا اللغة، والتي وردت في محاضراته، غير أنه دقق في عرضها بدرجة كبيـرة من التجريد النظري، وصياغة المفردات والمصطلحات الجديدة، فهلمسليف لم يكتف بمجرد عرض لأعمال دي سوسير - ولاسيما البنيوية- وشرحها على الصورة التي وردت في  مؤلفه القيم (محاضرات في علم اللغة العام) بل قام ببسط مفاهيمها والتدقيق في عرضها لصياغة نظرية بنيوية لسانية صارمة ذات توجه منطقي رياضي.

2- كما حاولت هذه النظرية أن تتميز عن مدرسة براغ بتوظيفها لمفاهيم لغوية مختلفة مرتبطة بالمفاهيم المنطقية الرياضية.

3- وقد تأثر هلمسليف بالمنطق الرياضي والمنهج العلمي السائد آنذاك، و لاسيما المنطق النمساوي لكارناب (Carnap). وهذا ما نلحظه في الأسس العقلانية التي بنيت عليها نظريته.

4- ولقد حاولت النظرية الغلوسيمية وصف الظواهر اللسانية وتحليلها وتفسيرها بطريقة علمية ورياضية منطقية، كما يرى هلمسيلف أنها تهدف إلى إرساء منهج إجرائي، يمكّن من فهم كل النصوص من خلال الوصف المنسجم والشامل، من خلال إحصاء كل إمكانيات التأليف بين عناصر اللغة الثابتة .

    نظرية لسانية وصفية تقوم على مبادئ علمية هي:

-    التجربة

-    الإحكام

-    الملائمة

أ – مبدأ التجريبية: اعتمد هلمسيلف في هذا المبدأ على الجمع بين ثلاث معايير أساسية: « اللاتناقض والتبسيط والشمولية»، فالدراسة العلمية الموضوعية لابد أن تقوم على احترام هذا المبدأ ذلك أن التراكيب المنطقية تقوم على قاعدة الجمع بين هذه المعايير التي توفر الوصف الشامل لأي نوع من النصوص، دون أن يوجد تناقض بين الظواهر اللسانية، كما عليها أن تراعي أبسط وصف للوصول إلى النتائج. ولكي تتصف بهذه الخاصية يجب أن تكون خالية من كل تناقض وأن تتصف بالشمولية وتكون بسيطة سهلة الإدراك ما أمكن.

ب- مبدأ الإحكام و الملاءمة: تتميز النظرية الغلوسيمية بخاصتين أساسيتين هما:

الإحكام الذي يعني الاتساق التام؛ أي تكون النتائج الطبيعية لأي قضية تابعة لمقدماتها المنطقية ، فلابد أن تكون النظرية اللسانية مبنية على أسس منطقية.

- أما الملاءمة فتتمثل في أن تلبي النظرية شروط التطبيق أي تكون ملائمة وقابلة للتطبيق على المعطيات اللغوية الأخرى[2].

 

[1]  خليفة بوجادي: اللسانيات النظرية دروس وتطبيقات، بيت الحكمة، الجزائر، ط1، 2012، ص22. 

[2]  خليفة بوجادي: اللسانيات النظرية دروس وتطبيقات، ص86، وما يليها. 

Modifié le: Thursday 28 November 2024, 16:51