تمهيد المحور الثاني:
اختلفت الآراء بصدد الدراسات السكانية وتحديد مكانتها بين العلوم التي استطاعت أن تبلور ما انتهت إليه من نتائج وقضايا في صورة نظريات. إذ يذهب البعض إلى أن الدراسات السكانية وصلت بالفعل إلى مرحلة العلم بعد أن جمعت الحقائق ووضعت الفروض وحاولت أن تنظمها في صورة نظرية، بل أن بعض المشتغلين بالسكان قد توصلوا بالفعل إلى قوانين سكانية. ولكن يرى البعض الآخر أن الدراسات السكانية في الوقت الحاضر تفتقر إلى
النظرية، بينما تتميز بوفرة النتائج الجزئية بفضل الجهود المتتابعة التي أجريت في ميدانها لجمع هذه النتائج دون الاهتمام بصياغتها في بناء منسق من المعرفة يفسر على أساسه سلوك السكان، ويرجعون هذا النقص إلى التقدم الذي أحرزته الدراسات السكانية في ميدان البحوث الإمبيريقية وإلى انشغالها بتطوير مناهج متمايزة لجمع البيانات وتحليلها، من ناحية، وإلى ما يتميز به موضوع الدراسة السكانية وانتمائه إلى عدد من العلوم المتداخلة من ناحية أخرى.