الأسلوبية البنيوية:
تعرف أيضا باسم الأسلوبية الوظيفية، واللفت للانتباه أم المنابع الحقيقية للظاهرة الأسلوبية ليست فقط في اللغة ونمطيها، وإنما أيضا في وظائفها، إذ لا يمكن تعريف الأسلوب خارجا عن الخطاب اللغوي كرسالة أي كنص يقوم بوظائف إبلاغية في الاتصال بالناس، وحمل المقاصد إليهم. والتحليل البنيوي للخطاب يدل على أن كل نص يؤلف –بنية- وحيدة يستمد منها الخطاب مردوده الأسلوبي.
فالظاهرة الأسلوبية منوطة ببنية النص لا غير، وهي من حيث العبارة تبرز مستويين:
أحدهما يمثل النسيج الطبيعي، والآخر يزدوج معه، ويمثل مقدار الانزياح أي الانحراف والخروج عن النمط التعبيري المصطلح عليه، كالخروج عن القواعد والأصول إلى ما ينذر من التراكيب.
كما تعنى الأسلوبية البنيوية في تحليل النص الأدبي بعلامات التكامل والناقض بين الوحدات اللغوية المكونة للنص وبالدلالات والإيحاءات، ويتضمن هذا الاتجاه في علم الأسلوب بعدا ألسنيا قائما على علمي المعاني والصرف وعلم التراكيب دون الالتزام بالقواعد فهي تدرس ابتكار المعاني النابع من مناخ العبارات والمفردات.
وما دامت الأسلوبية هي العلم الذي يتخذ من الأسلوب موضوعا له وتحديدا لهذه الخاصية نشير إلى مراحل القراءة الأسلوبية.
1-مرحلة الوصف: وهي مرحلة اكتشاف الظواهر وتعينها والتي تسمح بإدراك وجوه الاختلاف بين بنية النص والبنية النموذج القائمة على حس القارئ اللغوي مقام الرجع.
2-مرحلة التأويل: وهي مرحلة تأتي تباعا للأولى وفيها يتمكن القارئ من الغوص في النص، والانسياق في أعطافه وفكه على نحو تترابط فيه الأمور وتتداعى ويفعل بعضها في بعض.
وتعني الأسلوبية ورائدها ريفاتير أيضا بالقارئ الذي يعتبرانه جزء هاما في عملية التواصل، إذ يعول على استجابة القارئ العمدة إما بالاستحسان أو بعدمه وبعدها يأتي دور الباحث الأسلوبي الذي يهتم بتفسير وتحليل الوقائع الأسلوبية ونجاح هذا مرهون من إدراك البنية الأساسية للنص.
والخطاب الإبداعي يحمل وظيفة شعرية: وهذا اتجاه جاكبسون في الخطاب من شكل التخاطب في نظرية الإخبار التي دقق عناصرها الستة وهي المرسل(الوظيفة الانفعالية أو الانطباعية)، والمرسل إليه(الوظيفة الندائية)، الرسالة(الوظيفة الشعرية)، القناة(الوظيفة الاتصالية)، سياق الرسالة(الوظيفة المرجعية)، الشفرة(الوظيفة الفوق لغوية).
والوظيفة الشعرية للغة تتجلى في هدف الرسالة، ومن أهم خصائصها: أنها الوظيفة المركزية التي تجمع بين الوظائف التواصلية، كما تنماز بأنها تظهر من خلال بنية النص اللغوية فقط لأنها متعلقة بالرسالة، وتحكمها قواعد اللغة المشتركة بين طرفي الاتصال المرسل والمرسل إليه. ويكون الأسلوب نتاجا لهذه الوظيفة؛ وعليه فالأسلوب ناتج عن بنية النص من جهة وعن التركيب الإبداعي الذي يشكلها من جهة أخرى. وتهدف هذه الوظيفة إلى المتعة الجمالية والتأثير في المتلقي القارئ للنص.
ولقد عيب على الأسلوبية البنيوية إفراطها في الاهتمام بالشكل دون المعنى(المضمون).