نقد القرن الرابع /استراتيجيات التحليل المنهجي للنص .
يمكننا أن نتوقف عند مدونتي ابن طباطبا وهي عيار الشعر والروضة ، المتوفي سنة ثلاثمائة واثنتي وعشرين من الهجرة ،فهو إذا قد عاش في القرنين الثالث وبداية القرن الرابع ، وإن كان على منهج نقاد القرن الثالث في تقبل المحدث إلا أن الشعر عنده كما يقول ،(ينبغي أن يكون صحيح اللغة سالما من اللحن والأخطاء اللغوية ،فقد كثر اللحن والخطأ في شعر المحدثين ،وتعقبه علماء اللغة ،وأخذوهم به وشككوا في قيمة كل شعر المحدثين .ابن طباطبا عيار الشعر ص41-42).
يبدو جليا من قوله أن( اتباع السنة أو الموروث هو معتمد ابن طباطبا في النقد ، وهو على تصنيفه في هذه الإتباعية ينفذ إلى أغوار عميقة توضح أنه لا يرى الشعر شيئا منفصلا عن البيئة والمثل الأخلاقية ،وإن لم يستطع أن يطبق على معاصريه قانون تغيير البيئات والأزمنة . إحسان عباس المرجع السابق ص 122.)
فرغم مرجعيات ابن طباطبا المتعددة وانفتاحه على المحدث ،يظل هاجس المشاكلة والشبيه مهيمنا على عناصر الشعرية العربية مستبدا بها ،اذ يتضح ذلك جليا في قوله :( والمحنة على شعراء زماننا في أشعارهم أشد منها على من كان قبلهم لأنهم قد سبقوا إلى كل كل معنى بديع ولفظ فصيح وحيلة لطيفة وخلابة ساحرة ، فإن أتوا بما يقصر من معاني أؤلئك ولايربي عليها ،لم يتلق بالقبول وكان كالمطروح المملول . ابن طباطبا ، عيار الشعر ص79).
فهو في هذا المقام لا يختلف عن الجاحظ الذي يحدد الفرق بين الأعرابي والمحدث الذي لابد له أن يستعد بنشاطه ويجمع باله حتى لا يضطرب كلامه .