Aperçu des sections

  • نظام الدخول

  • Section 1

    • الشعرية العربية في التراث النقدي العربي/ نظرية عمود الشعر .

      تقوم النظرية الشعرية العربية على مقولات نقدية ومجموعة من المعايير جاءت في مجملها بلاغية بامتياز ، أسس لها البلاغيون والنحويون حين استنبطوها من الشعر العربي القديم /الجاهلي على وجه الخصوص الذي يمثل سلطة معرفية ونسقا ثقافيا مقدسا لاتجوز الحيدة عنها.

          انحصر النسق الثقافي والسلطة المعرفية في موضوع التشاكل داخل سلطة النموذج القديم المتمثل في عمود الشعر أو القصيدة العمودية التي كانت بداياتها الأكاديمية مع ابن سلام الجمحي أو مايمكن تسميته بقصيدة الفحول إلى غاية امتلاكها مطلقية السيادة الشعرية من خلال هيكلتها ومأسستها مع المرزوقي الذي سن قوانينها وشرع معاييرها .

    • انبنت مرجعيات النقد العربي القديم وتأسست النظرية الشعرية العربية ضمن إشكالات الفهم والمعنى داخل النماذج الجاهزة في التراث العربي وضمن البلاغة العربية والنموذج الشعري القديم الذي أنتجه الأولون ؛ إذ لم يسمح ببناء نصوص معرفية أو جديدة تقوم على الفهم والتأويل بقدر ماتنبني على التلقي التقليدي الذي حال دون صياغة خطاب نقدي مختلف ،اذ (تحكمت في النسق التأويلي العربي الإسلامي القديم آليات شبه موحدة ، تتمثل في دوائر تأويلية صغرى ودوائر سياقية كبرى غير مصرح بها في الكتابات القديمة اصطلاحيا ومنهجيا .1-محمد بازي مشروع القارئ البليغ ،المسار المسلوك والأفق المنتظر ،مجموعة مؤلفين،حفريات الخطاب مقالات في منطق المعنى وحدث القراءة ،اشراف محمد بكاي ،دار الرافدين لبنان بيروت ط١ 2021ص386).

      لعل هاته الآليات شبه موحدة مردها إلى هيمنة النسق وقداسة النموذج /عمود الشعر الذي أنتجه الأولون إلى الحد الذي تحول إلى طبيعة أيديولوجية ترمي إلى وحدة النفس العربية من خلال خلق نظام

    • فكري يدور حول مصطلحات واحدة ونظام واحد وطريقة شعرية مألوفة ، فهي أشبه بأسطورة فكرية جماعية تبدأ بذكر الديار والدمن والأثار ، ثم البكاء والشكوى ، ثم وصف متاعب الرحلة، ثم المدح في تشبيه أو استعارة لتصنع حولها لغة ثانية أو جسدا ثانيا مطبوعا بتعاليم التاريخ الأول مشكلة ميراثا فكريا سلطويا ينحني للغة وبلاغاتها بشكل مربك ؛تعتلي فيه تقاليد المجاز وقواعد البلاغة وأصول النحو الدرس النقدي بقداسة .

      اهتم الدرس النقدي العربي القديم بقواعد الشعر فتوقف عند اللفظ والمعنى ، وجملة النحو ، الآن اللغوي دون الأنا اللغوي ،الإسناد البلاغي ومطابقة معاني الأولين ، منظومة النص التي قامت على مقتضيات المقام اللغوي حين حددت صنوف الكلام البليغ بقواعد الأ ولين ، فلا يختلف الارتباط بالنموذج القديم في النقد عن مسألة الإرتباط بالطلل في القصيدة الجاهلية ،اذ يمكننا تشبيه ذلك بما قاله كمال أبو ديب في سياق تحليله للنص الشعري العربي المرتبط بالطلل ارتباط الجنين بحبله السري إذ (يجسد الطلل جوهر مافي تجربة الإنسان الجاهلي من وعي للهشاشة وخضوع للزمنية وفاعلية التغيير المدمر ة ..،وتبلغ حدة هذا الوعي الناجح درجة وصف الزمن بأنه كائن خبل ،يمر مرورا عبثيا لا معنى لأفعاله ولا عقلانية فيها ..كذلك يكتنه النص الطبيعة الضدية للزمن متمثلة في تدميره للحياة الإجتماعية الإنسانية .(كمال أبو ديب الرؤى المقنعة نحو منهج بنيوي في دراسة الشعر الجاهلي ، الهيئة المصرية العامة للكتاب سلسلة دراسات أدبية ،القاهرة 1986ص322.323) .

                 فالنص هنا واحد واستراتيجيات مقارباته واحدة ، فلا جدوى من شرح مقاصده أو تأويل معانيه مادامت تجربة الإنسان الجاهلي هشة خاضعة للزمنية غير قابلة للتغيير .

      ينعكس طقس الطلل على الفكر النقدي العربي إلى غاية القرن الثاني الهجري الذي يعد البداية المنهجية والأكاديمية للإنحراف على النقد الذوقي الجزئي ،الذي قام على أحكام القيمة .

      إذ بدأت المعرفة تمنهج وتتخذ من التقسيم والتصنيف أساسا للمعرفة رغم ارتباطها بطقوس الطلل .

    • قسم ابن سلام الشعراء وفق طبقات تبعا لمبادئ يتداخل فيها التاريخي بالسير والتراجمي وبعض الرؤى الأدبية ، تمثلت في الزمان ،المكان و الفن الأدبي ،صنفهم إلى طبقتين ،جاهليين وإسلاميين ،اذ يقول :(ففضلنا الشعراء من أهل الجاهلية والإسلام والمخضرمين فنزلناهم منازلهم ،واحتججنا لكل شاعر بما وجدنا له من حجة وماقال العلماء فيه ،وقد اختلف الرواة فيهم فنظر قوم من أهل الشعر والنفاذ في كلام العرب والعلم بالعربية إذا اختلف الرواة وقالوا بآرائهم وقالت العشائر بأهوائها ،فلا يقع الناس في ذلك إلا عمن تقدم .(ابن سلام الجمحي طبقات الشعراء ،طبعة محمود محمد شاكر ،القاهرة ١٩٥٢ ص٣٢.).

                   يتضح جليا أن الزمنية هي الإطار المعرفي الكبير الذي تم تقسيم الشعراء من خلاله إلى طبقات ، على اعتبار أن هناك بعض الشعراء لم يصيروا شعراء للعرب كافة بل ظلوا متصلين بقراهم فجمعهم في باب شعراء القرى (مكة والمدينة والطائف واليمامة والبحرين ،ثم تقسيمه للشعراء إلى عشر طبقات جاهلية وأخرى إسلامية دون أن يولي اهتماما لشعراء زمانه أمثال بشار بن برد ومسلم بن الوليد وأبي تمام وأبي نواس ، إذ يبدو تصنيفه هذا أيديولوجيا بعيد عن أن يكون تصنيفا قائما على أساس علمي وحسب يتأشكل عنده القديم والمحدث بشكل مفضوح من خلال طقس العمود الجاهلي الذي يظل ماثلا في اشتغاله المعرفي .

                                      

                          تتضح ليبيرالية النموذج القديم في الدرس النقدي لابن سلام الجمحي من خلال فلسفة الفحولة والفحول المهيمنة على طبقاته ، التي خصها بشعراء بعينهم دون غيرهم من الشعراء وهم من الجاهليين والإسلاميين حيث خص الطبقة الأولى بالجاهليين على اعتبار توفر عناصر الفحولة الشعرية /معايير العمود فيهم.

             فالرؤية النقدية التي كرسها ابن سلام الجمحي كان أساسها هيمنة النموذج الشعري القديم ،الذي حددته المؤسسة الشعرية ، إذ هي البنية الجمالية التي توفرت فيها شروط النموذج الشعري الكلاسيكي ؛هذا مايفسر لنا إقصاء شعراء عصره من طبقاته على اعتبار توجههم المحدث الذي لا تتوفر فيه عناصر عمود الشعر .

  • Section 2

    • استمر طقس الطلل والعمود في الشعر والشعراء مع ابن قتيبة ، إذ يبدو تصوره رغم تقبله للمحدث بوصفه توفيقيا تصورا قائما على مبدأ المشاكلة (الذي ينظر إلى النص على أنه انعكاس لعلاقات كانت قائمة ومشتهرة عقليا وعرفيا قبل نشوء النص . عبد الله محمد الغذامي ،المشاكلة والاختلاف ، قراءة في النظرية النقدية وبحث في الشبيه المختلف، المركز الثقافي العربي ، بيروت ،ط1 س 1994, ص67.).

             إذ يحظر ابن قتيبة على المحدثين من الشعراء أن يخرجوا عن مذهب القدماء في قوله :( وليس لمتأخر الشعراء أن يخرج عن مذهب المتقدمين في هذه الأقسام فيقف على منزل عامر أو يبكي عند مشيد البنيان لأن المتقدمين وقفوا على المنزل الدائر والرسم العافي ، أو يرحل على حمار أو بغل أو يصفهما لأن المتقدمين رحلوا على الناقة والبعير ، أو يرد على المياه العذاب الجواري ، لأن المتقدمين وردوا على الأواجن والطوامي ، أو يقطع إلى الممدوح منابت النرجس والآس والورد ،لأن المتقدمين جروا على قطع منابت الشيح والحنوة والعرارة . الشعر والشعراء ، دار الثقافة بيروت 1980. ص22).

      إذ يتضح جليا أن قضية البقاء في مملكة الفحول تقتضي الوقوف على تقاليد القصيدة الالكلاسيكية التي أنتجها الأولون ؛(عبر مقدمات وانتقالات مقننة ،وهي ذكر الديار والدمن والآثار والبكاء والشكوى ومخاطبة الربع ، واستيقاف الرفيق ،ليكون ذلك مدخلا لذكر أهلها الظاعنين ،ثم وصل ذلك بالنسيب ،ثم ذكر الإرتحال ومايرتبط به من مكابدة العناء والنصب وإنضاء الراحلة ، ثم الإنتقال الى المديح .مسلم حسب حسين ، الشعرية العربية أصولها ومفاهيمها واتجاهاتها ،منشورات ضفاف ط١ ردمك 1913 ص117.).

             فرغم موقف ابن قتيبة التوفيقي الذي بني على الإعتراف في قضية القديم والمحدث في مقامات مغايرة حين يتحدث عن الشعراء المحدثين إذ يقول :(ولانظرت إلى المتقدم منهم بعين الجلالة لتقدمه ، وإلى المتأخر منهم بعين الاحتقار لتأخره ،بل نظرت بعين العدل على الفريقين وأعطيت كلا حظه ،ووفرت عليه حقه. الشعر والشعراء .المرجع السابق ص ١٠-١١).فإن أيديولوجية الارتباط بالهوية الفكرية للنموذج الشعري القديم ظلت تنظم المعرفة والفكر العربيين ؛(فالشاعر المجيد من سلك هذه الأقسام ، فلم يجعل واحدا منها اغلب على الشعر .المرجع السابق ج١ص 21.).

              

           نلاحظ أن المعرفة تنتظم في النظرية الشعرية العربية وفق معايير ثابتة تتلخص في المعنى الواحد والهوية الثقافية الواحدة /معايير عمود الشعر :( الشاعر المجيد من سلك هذه الأساليب ).

    • يقصد ابن قتيبة بالأساليب طريقة الأولين ومنهجهم في قول الشعر والتي يمكن تصنيفها ضمن الثوابت ، والثابت في إطار الثقافة العربية هو الفكر الذي ينهض على النص ، ويتخذ من ثباته حجة لثباته هو ، فهما وتقويما ،ويفرض نفسه بوصفه المعنى الوحيد الصحيح لهذا النص ، وبوصفه استنادا إلى ذلك سلطة معرفية .أدونيس ،الثابت والمتحول بحث في الإبداع والإتباع عند العرب ج١ دار الساقي ط7 س 1994 ص13.).

                      يشكل الثبات والمشاكلة أهم معوقات الحداثة الشعرية العربية ، فأساليب الأولين هي السلطة المعرفية الوحيدة التي تنتج النص وتبني جمالياته ..

      يأت أبو العباس المبرد (٢١٠ -٢٨٦) ليكون ( أسرع إلى تبني الشعر المحدث ومنحه شيئا كثيرا من عطفه واعتماده أصلا من أصوله في تدريسه لطلابه ، وأفراده بالإختيار ،فهو لم يكتف بإيراد نماذج منه في كتبه العامة كالكامل والفاضل ،وإنما خصص كتاب الروضة لأشعار المحدثين . إحسان عباس ، تاريخ النقد الأدبي عند العرب ،نقد الشعر من القرن الثاني حتى القرن الثامن الهجري ، دار الشروق للنشر والتوزيع الأردن ط٢ 1993.ص78).

      هل هي بداية التصور النظري للمختلف ،أم هي مشاكلة في ثوب آخر ، أحقا يمكن للعمود الشعري العربي المتمثل في مجموعة من العناصر البلاغية بحدودها الاصطلاحية أن يتنازل للنصوصية بمختلف جمالياتها وأن يقبل بحضورها المكثف..؟

      هل يمكن للمختلف أن يكون بديلا أو موازيا لعلاقات كانت قائمة ومستقرة عرفيا وعقليا قبل نشوء النص ؟

          يقول المبرد :(هذه أشعار اخترناها من أشعار المولدين حكيمة مستحسنة يحتاج إليها للتمثل ،لأنها أشكل بالدهر ،يستعار من ألفاظها في المخاطبات والخطب والكتب.أبو العباس المبرد ،الكامل ج2 تحقيق الأستاذ محمد أبو الفضل إبراهيم ،القاهرة 1952 ص13).

              يقوم العمود على المشاكلة لا على الاختلاف هذا مايوضحه قول المبرد ؛فأشعار المولدين لا تصح أن تكون نصا موازيا ، بل هي للتمثل لاغير ، يستعار منها للتعلم ،فهي انعكاس لفكر مختلف منبوذ عقليا وعرفيا.

      * العمود هو طريقة الأولين من الفحول في قول الشعر .

    • يعد الجاحظ من أهم الرواة النقاد ممن ألموا بالنقد في ق٣، نظرا لسعة ثقافته التي تظهر في مدونه الحيوان والبيان والتبيين خاصة ،فهو كما يقول إحسان عباس (من خير من يحسنون تأسيس النقد على أصول نظرية وتطبيقية .إحسان عباس ،المرجع السابق ص83).

      يبدو الجاحظ في قضية القديم والمحدث الأكثر انفتاحا ومرد ذلك ثقافته المنفتحة على الآخر ، إذ يقول : وقد رأيت أناسا يبهرجون أشعار المولدين ويستسقطون من رواها ، ولم أر ذلك قط إلا في رواية للشعر غير بصير بجوهر مايروى .الجاحظ كتاب الحيوان ،تحقيق الأستاذ عبد السلام هارون ،القاهرة 1938-1945،ص 130).

              وفي موضع آخر عن أبي نواس يقول :(وإتأملت شعره فضلته إلا أن تعترض عليك فيه العصبية أو ترى أن أهل البدو أبدا أشعر وأن المولدين لا يقاربونهم في شيئ ، فإن اعترض هذا الباب عليك فإنك لا تبصر الحق من الباطل مادمت مغلوبا .(الحيوان ص29).

        تعد الغلبة نظير المشاكلة ، إذ تدور في مدار النص المهيمن /العمود الثابت ، وهو نص الأوائل المطبوع على مذهب على مذهبهم وطريقتهم.

    • يضطرب الجاحظ هو الآخر رغم موقفه التوفيقي وينحرف عن مبدأ المختلف ،حين يتحدث عن ضرورة اجتماع العناصر الثلاثة (الغريزة والبلد والعرق ) و(إنما ذلك _أي قول الشعر _عن قدر ماقسم الله لهم من الحظوظ والغرائز والبلاد والأعراق .1-الجاحظ ، الحيوان ج4 ص381.).

              وإن كان هذا في باب مناقشته لابن سلام في موضوع كثرة الشعر

      بالحروب ،فقد ذهب مع ذلك إلى أن العرق العربي سواء أكان عربيا في الحاضرة أو أعرابيا في البادية أشعر من العرق المولد الذي يعيش في مدينة أو قرية ، كما يتضح موقفه العرقي في حديثه عن المولد الذي (قد يجيئ ، بأبيات تلحق بشعر أهل البدو إذا استعد بنشاطه وجمع باله ولكن إذا استرسل في القول انحلت قوته واضطرب كلامه .الجاحظ ،السابق ص132.الجاحظ ، السابق ص132).

      يبدو جليا أن مسألة التعصب للعرق هي التينة التي تزاحم مفهوم المختلف في الفكر العربي ، تعيق الإبداع وإعادة بناء النص بمعايير جمالية جديدة .

         مما جعل الإبداع نظاما انضباطيا وواقعا لغويا محكما مسبقا ينبني فيه النص وفق نمذجة محاكية مغلوبة بأعراف لغوية وبلاغية.

      تستمر سردية المشاكلة في النص النقدي العربي مع أبي العباس عبدالله بن المعتز 296 ه رغم ايمانه بالنصوصية ،فقد كان خير من آمن بأن (أشعر الناس من أنت في شعره حتى تفرغ منه. ابن المعتز ،الطبقات ص28.).

         فقد قام فكره على مبدأ التعدد والتحول في الذوق إذ يقول :(ومما يستحسن من شعره وإن كان كله حسنا .ابن المعتز ، السابق 28.)،كما قال في شعر أبي تمام (ومما يستملح من شعره وشعره كله حسن .ابن المعتز ،السابق ص 284).

    • إذ يبدو في تعامله مع الشعر المحدث تجاوزا لأيديولوجية المطابقة التي هيمنت بشكل واضح، فقد تكررت مثل تلك الأمثلة في كتابه ، فهو بهذا المظهر تحقق له صفة الناقد العادل على حد تعبير إحسان عباس (1)..المرجع السابق ص105.

             غير أن ابن المعتز لاينحرف عن مبدأ المشاكلة حين أكد أن البديع لم يكن بدعا مستحدثا ، وإنما كان الفضل فيه للقدماء ، فالبديع جزء من الموروث الكبير ..

      تتضح أيديولوجية أبو العباس عبدالله في رفضه لبديع أبي تمام وغيره من الشعراء المحدثين ، إذ رأى أنه إسراف وعلى غير طريقة الأولين ، إذ (تقوم الإتباعية هنا على الإيمان بأولية ثابتة ، كاملة ومطلقة) رغم أن مؤلف ابن المعتز يعد أول مؤلف علمي التزم فيه ابن المعتز المصطلح .

                                                         

      ظلت إشكالية الإ نتماء إلى القديم قائمة إلى غاية القرن الرابع مع ابن طباطبا .

    • نقد القرن الرابع /استراتيجيات التحليل المنهجي للنص .

      يمكننا أن نتوقف عند مدونتي ابن طباطبا وهي عيار الشعر والروضة ، المتوفي سنة ثلاثمائة واثنتي وعشرين من الهجرة ،فهو إذا قد عاش في القرنين الثالث وبداية القرن الرابع ، وإن كان على منهج نقاد القرن الثالث في تقبل المحدث إلا أن الشعر عنده كما يقول ،(ينبغي أن يكون صحيح اللغة سالما من اللحن والأخطاء اللغوية ،فقد كثر اللحن والخطأ في شعر المحدثين ،وتعقبه علماء اللغة ،وأخذوهم به وشككوا في قيمة كل شعر المحدثين .ابن طباطبا عيار الشعر ص41-42).

                 يبدو جليا من قوله أن( اتباع السنة أو الموروث هو معتمد ابن طباطبا في النقد ، وهو على تصنيفه في هذه الإتباعية ينفذ إلى أغوار عميقة توضح أنه لا يرى الشعر شيئا منفصلا عن البيئة والمثل الأخلاقية ،وإن لم يستطع أن يطبق على معاصريه قانون تغيير البيئات والأزمنة . إحسان عباس المرجع السابق ص 122.)

        فرغم مرجعيات ابن طباطبا المتعددة وانفتاحه على المحدث ،يظل هاجس المشاكلة والشبيه مهيمنا على عناصر الشعرية العربية مستبدا بها ،اذ يتضح ذلك جليا في قوله :( والمحنة على شعراء زماننا في أشعارهم أشد منها على من كان قبلهم لأنهم قد سبقوا إلى كل كل معنى بديع ولفظ فصيح وحيلة لطيفة وخلابة ساحرة ، فإن أتوا بما يقصر من معاني أؤلئك ولايربي عليها ،لم يتلق بالقبول وكان كالمطروح المملول . ابن طباطبا ، عيار الشعر ص79).

        فهو في هذا المقام لا يختلف عن الجاحظ الذي يحدد الفرق بين الأعرابي والمحدث الذي لابد له أن يستعد بنشاطه ويجمع باله حتى لا يضطرب كلامه .

    • يعد المشهد النقدي مع ابن طباطبا عند نهاية القرن الثالث وبداية القرن الرابع متصلا منهجيا وأيديولوجيا برؤى نقاد القرن الثالث الهجري ، إذ لا يمكننا الحديث عن تصور منهجيا للنقد إلا مع كتاب الموازنة للآمدي ، فقد تداخل النص النقدي قبل مدون الآمدي بما هو بلاغي حد الارتباك مما يجعلنا نجزم أن أول كتاب خالص للنقد توفرت شروطه في كتاب الموازنة بين الطائيين ..

            يقول الآمدي في باب الموازنة التفصيلية والتي تؤسس لمسألة النقد المنهجي في الفكر العربي القديم :(تم احتجاج الخصمين بحمد الله وأنا ابتدئ بذكر مساوئ هذين الشاعرين لأختم بذكر محاسنهما ،وأذكر طرفا من سرقات أبي تمام وإحالته وغلطه وساقط شعره ، ومساوئ البحتري في أخذ ما أخذ من معاني أبي تمام وغير ذلك من غلط في بعض معانيه ، ثم أوازن من شعريهما بين قصيدتين إذا اتفقتا في الوزن والقافية وإعراب القافية ،ثم بين معنى ومعنى .أبو القاسم الآمدي ، الموازنة بين شعر أبي تمام والبحتري ،تحقيق السيد أحمد صقر ،دار المعارف ، القاهرة ط4، دس .ص22).

            إن مايؤسس لعناصر النقد المنهجي في هذه المدونة كونها دراسة داخلية للنص توقف فيها الآمدي عند عناصر نصية مرتبطة بالنقد وليس بالبلاغة مثلما جرت العادة ، ورغم ظهور كتابه بعد عنف الخصومة بين أبي تمام والبحتري التي بلغت أقصاها خلال القرن الثالث يقدم محاولة جديدة لمداراة المعنى العميق لحادثة كسر عمود الفحولة ، متسترا على حادثة الإنتهاك والإنحراف عن الذاكرة من خلال تهوين حدتها وتقديم ابدالات غير متوقعة وذلك بإعلانه منذ البداية عن خطيئة الإنحياز لأحد أنصار المذهبين /القديم أو المحدث .

        تم له ذلك متخفيا بيقينيات منهج الموازنة الذي يتعارض وإصدار الأحكام إذ يقول :(ولست أفصح بتفضيل أحدهما على الآخر ولكن أقارن بقصيدتين من شعريهما إذا اتفقتا في الوزن والقافية وإعراب القافية وبين معنى ومعنى. الآمدي .م س .ص 3. ) .

    • وإن كان اشتغال الآمدي نصيا فإن شعر البحتري كان يمثل الأساس النصي لنظرية الآمدي ، ليصير نموذجا للإحتذاء ، فهو نص الفحول والعمود ، قال به وفيه على طريقة الأولين ، فالآمدي يقدم في ثنايا مدونه كثير من النعوت التي تؤسس للانتصار لمبدأ المشاكلة على شاكلة (أذكر طرفا من سرقات أبي تمام وإحالته وغلطه وساقط شعره. الآمدي ،م س ص 22.)

         إذ يصف البحتري بأنه مطبوع وعلى طريقة الأولين ، أو أن البحتري أشعر من أبي تمام كونه أقوم بعمود الشعر .

          يظل الصراع الثقافي بين الشبيه المختلف الحيز الرسمي في النظرية الشعرية العربية التي انتهت إلى بناء قواعدها الخاصة الممثلة في شعر الفحول مع المرزوقي في القرن الخامس .

  • Section 3

    • جاءت قواعد النظرية الشعرية ملخصة في مجموعة من المعايير في مجملها معايير بلاغية ، إذ أورد في شرح ديوان الحماسة في حديثه عن عمود الشعر:( إنهم يحاولون شرف المعنى وصحته ، وجزالة اللفظ واستقامته ، والإصابة في الوصف ، ومن اجتماع هذه الأسباب الثلاثة كثرت سوائر الأمثال ، وشوارد الأبيات ، والمقاربة في التشبيه ، والتحام أجزاء النظم والتئامها من لذيذ الوزن ومناسبة المستعار منه والمستعار له ، ومشاكلة اللفظ للمعنى وشدة اقتضائهما للقافية حتى لامنافرة بينهما ، فهذه سبعة أبواب هي عمود الشعر .المرزوقي ،شرح ديوان الحماسة ، القاهرة .تح أحمد أمين وعبد السلام هارون ط1 .ج1. 1951ص8,9.).

             تندرج عناصر عمود الشعر عند المرزوقي ضمن نصوص الأولين أمثال الجرجاني والآمدي وإن اختلف عنهما في المرجعية ، ذلك أن الآمدي استنبط عناصره من شعر البحتري الذي كان مطبوعا على طريقة الأولين .

      في حين لم يحدد كل من الجرجاني والمرزوقي عناصره بل ربطاها بخصائص العمود في شعر العرب .

      فقد لخص المرزوقي هذه العناصر البلاغية التي توفرت في الشعرية العربية كأساس للشعر الصحيح ،فكأنه يقدم رؤية بنيوية تختصر الدال الشعري في مجموعة من القواعد التي جعلت الإبداع يبدأ منها ليعود إليها .

          تعد مقالات ومقامات الشعرية العربية من منطلق أصولها وإتجاهاتها محاكاة مغلقة تدور في مدار سلطة العمود الشعري التقليدي وأنظمته البلاغية واللغوية .

      تشكل مقامات النسق المتمثلة في الخطاب اللغوي والبلاغي الجماعي خصائص ثابتة مقدسة أسست للخطاب الشعري مبدأ هوياتيا لا جماليا .

      يشكل الخطاب الشعري المختلف فوبيا وغرائبية هددت صنم المألوف والشبيه النموذج.

      تشكلت العلاقة بين القارئ والمتلقي ضمن دائرة الإستعلاء فكانت من أهم معوقات تطور الشعرية العربية ونفاذ مخزونها الإبداعي .

      تعتبر عناصر عمود الشعر كما رسم معالمها خطاب الأولين بنية مغلقة أسست لتفكير بنيوي عربي ،قام على عناصر بنيوية تحولت إلى مذهب مقدس .

      تشكلت فنون القول ضمن نسق أيديولوجي لخصه الفرزدق في معرض حديثه عن شعر عمر بن أبي ربيعة الذي انحرف بالمقدمة الطللية إلى الغزل حين قال :هذا الذي كانت العرب تريده فأخطأته وبكت الديار ، فالعرب الشاعرة كانت تطمح للغزل غير أن نسق الطلل كان أقوى من ابداعاتها.

      يتعارض الإبداع مع النسق ليتراجع الإبداع ويهيمن النسق ، تلك هي معادلة الثابت التي وضعت حدودا للشعرية العربية حالت دون تطورها حتى مابعد عصر النهضة المزعومة مع البارودي الذي حاول إحياء التراث الكلاسيكي .

      فلعلنا لم نوفق إلى تجاوز النسق إلا مع قصيدة التفعيلة التي فككت عناصر عمود الشعر ، فقدمت نصا مختلفا مغايرا فتجاوزت الشبيه المقدس الذي هيمن قرونا على الفكر النقدي العربي

      المحاضرة الأخيرة :مأخوذة عن مقال للأستاذة نبيلة منادي 

      عنوان المقال :

      النقد العربي القديم /مقالات و مقامات النسق ، في منطق المقدس ومعضلات الحداثة الشعرية العربية . .

  • علامات امتحان السداسي الأول ماستر 2

  • Section 5

  • Section 6

  • Section 7

  • Section 8

  • Section 9

  • Section 10

    • الأصول الفلسفية للشعرية العربية.

      إذا تحدثنا عن الأصول الفلسفية للشعرية العربية لابد لنا أن نتوقف عند ابن سينا (428 ه)وابن رشد (595ه) والفارابي (339ه).

      تعد آراء أرسطو بالنسبة لهؤلاء المفكرين العرب غير مكتملة في الشعر ،ذلك أنه لم يؤسس لمعايير نقدية في صناعة الشعر ، كونه اهتم بالمسرحية/الملحمة والدراما .

      يقول الفارابي :قوام الشعر وجوهره عند القدماء هو أن يكون قولا مؤلفا مما يحاكي الأمر ، وان يكون مقسوما بأجزاء ينطق بها في أزمنة متساوية ، وأعظم هذين في قوام الشعر هو المحاكاة وعلم الأشياء ، التي بها تكون المحاكاة وأصغرها هو الوزن .(الفارابي ، إحصاء العلوم ،ت عثمان أمين ، مكتبة الأنجلو أمريكية ، القاهرة ١٩٦٨ ص٨٣).

      رغم أنه لم يغادر النسق الأرسطي إلا أنه يختلف عنه في إصراره على مبدأ الوزن قبل المحاكاة ، ذلك أن الكلام الذي يعتمد المحاكاة وحدها من غير الوزن لايمكن تصنيفه ضمن المقول الشعري إذ يقول :فإذا وزن مع ذلك وقسم أجزاء صار شعرا .(الفارابي ، م السابق ص ١٧١-١٧٢).

      كما يذهب أيضا إلى ،شعر من كان موزونا ، مقوما بأجزاء ينطق بها في أزمنة متساوية .(الفارابي ص ١٩٢).

      يشتبه عليه الأمر في قضية المحاكاة فتبدو كأنها مسألة استيلاب ثقافي لا اكثر ، ذلك أن مسألة المحاكاة لا أساس لها في التفكير العربي ، ولا في الخطاب الشعري العربي ، ف(الشعر العربي لايحاكي أفعالا إنسانية على نحو درامي مسرحي أو ملحمي ، كونه اعتمد على الوجدان والأحاسيس .

      ابن سينا :

      لم يتحدد موقف ابن سينا النقدي أو الفكري بمعطيات النص الأرسطي ومنطلقاته الفكرية والجمالية ، إذ أسس لنظرية شعرية لها ملامحها النظرية وإطارها الفكري الخاص ، وذلك بتأوله السياق الذي تحكم في إنتاج النص وقوانين الشعرية التي تختلف من نسق إلى آخر .

      فمستويات الإختلاف والتباين بين قوانين الشعر التي يمكن أن تقرأ ضمن ماسماه رولان بارت بالمسؤولية التاريخية للأشكال الأدبية (الدرجة الصفر للكتابة ت محمد برادة ص ٩).

      يقف عند تعريف الشعر بوصفه كلام مخيل مؤلف من أقوال موزونة متساوية وعند العرب مقفاة.(ابن سينا ، المجموع أو الحكمة العروضية في معاني كتاب الشعر ، ت محمد سليم سالم ، مركز تحقيق التراث ، القاهرة ١٩٦٩ ص ٢٠).

      فهو بهذا يقف عند وظيفة الشعر الجمالية لارتباطه بالمخيل.

      وفي باب المحاكاة يقول انها :إيراد مثل الشيئ وليس هو .( م نفسه ص ٣٥)

      يتضح مثاله هذا بالتشبيه والحيل التركيبية للبديع أيضا .

      ابن رشد ,يرتبط مفهوم ابن رشد بقصة الخروج عن المألوف اللغوي وفق رؤية التخييل ،وقد ربط المحاكاة بالتمثيل أو القصص ،وفي حديثه عن مفهوم الشعر يقول :وليس فيه من معنى الشعرية إلا الوزن فقط .(ابن رشد .).

    • مفهوم الشعر عند النقاد القدامى .

      اهتمت العرب منذ القديم بالشعر ،فقد كانت ثقافتهم ثقافة شعرية بامتياز ،فتعددت الأراء واختلفت ، إذ كان الشعر ديوان العرب وكلامهم المقفى .

       رأى ابن طباطبا في عيار الشعر أن الشعر هو ذلك الكلام المنظوم والمختلف عن الكلام المنثور ،فقد اعتمد في عياره لتحديد معالم الشعرية على موسيقى الشعر الذي يعتمد على الوزن ويعبر به بكلام منظم .

      كما اشترط جمال الطبع وسلامة الذائقة.

      أما قدامة في الخراج فقد قسم الشعر إلى خمسة أقسام وهي :

      علم غريبه ولغته.

      تحديد جيده من رديئه.

      علم قوافي الشعر ومقاطعه.

      علم العروض ووزنه .

      فأوضح أن مادفعه لكتابة هو تمييز جيد الشعر من رديئه وإن الناس خاضوا فيه دون علم ودراية مما جعله يضع حدا للشعر تمثل في الوزن والقافية .

      أما ابن رشيق في العمدة في محاسن الشعر وآدابه أن الشعر يقوم على :اللفظ والوزن والمعنى والقافية .

      في حين يذهب ابن قتيبة إلى تحديد أقسام للشعر تمثلت في أربعة أضرب:

      شعر حسن اللفظ والمعنى .

      شعر حسن اللفظ دون المعنى .

      شعر حسن معناه وتأخر لفظه .

      شعر تأخر لفظه ومعناه.

      ليكتمل المفهوم عند القرطاجني ،بكون الشعر كلام موزون مقفى من شأنه أن يحبب للنفس ماقصد تجنبه إليها والعكس .

      نلاحظ أن عناصر الشعرية العربية في معظمها بلاغية عروضية ، ارتبطت بالوزن والمعاني والألفاظ ، فهي معايير بنيوية مستنبطة من للقصيدة العربية ..

    • الشعرية من المنظور الأرسطي بوصفها الأثر المهيمن على الشعرية العربية .

      المحاكاة / بنية الشعر الكلاسيكي. 

      يشير أرسطو إلى أشكال تعبيرية مختلفة تخضع إلى اوزان مختلفة. ، لكن بعضها يعتمد المحاكاة والبعض الآخر خال منها .

      إذ لايمثل الوزن تحديدا منهجيا للنظرية الشعرية ،فلم يعتمد آرسطو معيارا نقديا موضوعيا للشعرية بين الأشكال التعبيرية، مثل الملحمة ،فلم يصنف مثلا شعراء الشعر الإيليجي شعراء لأنهم اعتمدوا الوزن دون المحاكاة ، فعنصر المحاكاة من أهم عناصر الشعرية عند آرسطو.

      توقف آرسطو عند الملحمة والدراما ولم يتعرض إلى الشعر إلا من زاوية المحاكاة ولذة اللحن والإيقاع (فن الشعر ،ت عبد الرحمن بدوي ،دار الثقافة ، بيروت 1973 ص 45).

      ومن وجهة نظر آرسطو أن الناس اعتادوا أن يقرنوا الشعر بالوزن ، غير أن الوزن ليس عتبة فارقة بين الشعر والنثر .

    • تاريخ الشعرية عند الغربيين :

      بدأت الجذور التاريخية للشعرية مع الشكلانية الروسية التي نقلت الرؤية من السياق إلى النسق ،إذ اهتمت بالعناصر الداخلية للنص فأسست لأدبية الأدب من خلال التركيز على توحيد قوانين الكتابة وأجناسها الأدبية .

      ثم انتقلت مع حلقة براغ لتصل إلى أمريكا مع جاكبسون ،ثم فرنسا مع جماعة البيلياد بحثا عن خصائص الجمال الأدبي في الشعر اليوناني .

      أسست لقضية خلق أسلوب شعري مختلف عن النثر عبر مذاهب مختلفة من الكلاسيكية إلى السريالية ، مما يؤكد أن عناصر الشعرية متغيرة غير ثابتة مع الزمن . 

       إقترن مصطلح الشعرية بتودوروف ابتداء بكتابه الشعرية ،حيث اشتغل بها تنظيرا وتأصيلا منذ ستينيات القرن ، إذ توقف عند العمل الأدبي بكونه موضوعا للشعرية ، فقد بحث في الخصائص التي يمكن أن تتوفر في الخطاب الأدبي والتي تؤسس لأدبيته .

      تبحث شعرية تودورف في شعرية الخطاب الأدبي دون الخطابات الأخرى .

      أما رومان ياكبسون فقد بحث في الوظيفة الشعرية من خلال تركيزه على ما يجعل من الرسالة الكلامية عملا فنيا .

      كما أسس للعلاقة بين المرسل والمتلقي داخل الرسالة ، بتحديده لمجموع الوظائف اللسانية التي تحدد العلاقة بين المرسل والمرسل إليه والرسالة .

      فالشعرية عنده علم قائم بذاته في حقل اللسانيات .

      لنصل إلى شعرية جون كوهين وهي علم موضوعه الشعر أو خصائص علم الأسلوب الشعري .

      لعل أهم مايميز شعرية كوهين قضية الإنزياح ، وهي عنده انحراف عن القاعدة المألوفة من خلال الإستعارة والإسناد اللغوي ،النظم والقافية .

      نلاحظ أن الشعرية قضية مفاهيم ومصطلحات للأدب اختلفت من نسق فكري إلى آخر.

      انتقلت الشعرية بوصفها علما إلى النقد والثقافة العربية مع المنهج البنيوي مع مجموعة من النقاد والمفكرين العرب في العصر الحديث مع كمال أبو ديب وأدونيس وغيرهم .

    • يمكن التوقف في موضوع الشعرية العربية بوصفها كل نظرية داخلية للأدب عند عتبات صياغتها النهائية مع الجرجاني والقرطاجني والمرزوقي .

      المرزوقي(421 ه ): صاغ المرزوقي مجموعة من المعايير خاصة بعمود الشعر وهي في معظمها معايير بلاغية :

      جزالة اللفظ واستقامته .

      شرف المعنى وصحته 

      الإصابة في الوصف.

      المقاربة في التشبيه.

      إلتحام أجزاء النظم وإلتئامها مع تخير للذيذ الوزن .

      مشاكلة اللفظ للمعنى وشدة إقتضائه للقافية .

      مناسبة المستعار المستعار له .

      إذ تبدو هذه العناصر البلاغية هي ملخص عمود الشعر للقصيدة العربية الكلاسيكية .

      القرطاجني(608ه ) : قدم شيئا جديدا للشعرية العربية حين ربط بين الشعرية والتخييل ، ثم ميز بين الفلسفة والشعر .

      تجاوز النظم إلى إمكانية وجود عناصر الشعرية في النثر وأنها ليست قصرا على الشعر .

      نستنتج أن الشعرية العربية مع القرطاجني انتقلت بالنص والخطاب من سلطة الشعر كمؤسسة هيمنت منذ الجاهلية إلى النص النثري ، وهي نقلة كانت تبدو مستحيلة مع هيمنة جنس الشعر على الثقافة العربية .

      لجرجاني(740ه ) :عارض فكرة عمود الشعر التي كانت سائدة ،إذ اولى عناية كبيرة للنظم وهو ؛ توخي معاني النحو في معاني الكلم .

      انتقل من قضية العمود والوزن إلى النظم من خلال تخير التراكيب النحوية داخل العمل الأدبي .

      أسست هذه المحطات المعرفية مؤسسة فكرية جديدة للشعرية العربية حين انتقلت بها من سلطة النموذج الشعري إلى بناء جنس أدبي جديد تمثل في النثر رغم وجوده قبل هذا التاريخ.

    • مفهوم الشعرية لغة :

      في مقاييس اللغة لابن فارس ؛ الشعرية من حروف ش ع ر ، تدل على الثبات ، الأصل فيها علم ،شعرت بالشيئ إذا علمته وفطنت له .

      ويرى ابن منظور في لسان العرب ، أن ش ع ر بمعنى علم .

      والشعر هو منظوم القول غلب عليه شرف الوزن والقافية .

      أما في أساس البلاغة للزمخشري فحروف ش ع ر هي بمعنى تعظيم شعائر الله . الشاعر ذكي الحواس والمشاعر .

      الشعرية إصطلاحا :

      هي كل نظرية داخلية للأدب ، كما قد تعني كل الإختبارات الأسلوبية والأدبية والموضوعاتية واللغوية والبلاغية في الكتابة .