3. الكشوفات الجغرافية الإسبانية

قادها بداية بعض المغامرين؛ في حين اتّخذت السلطة الرسمية موقفا معارضا لها، وأمام تدفق الأموال على خزينة البرتغال لم يقف الأسبان موقف المتفرج ، فأرسلوا حملة بحرية بقيادة الملاّح الجنوي (نسبة إلى مدينة جنوة الإيطالية) كريستوف كولومبس عام 1492م، الذي كان يعتقد بكروية الأرض وإمكانية الوصول إلى الشرق عن طريق الإبحار غربا، فوصل إلى إحدى جزر البهاما، وأطلق عليها اسم سان سلفادور Saint-Salvador، ثم اكتشف بعدها كوبا وهايتي (اسبانيا الصغيرة= Espanola)، وفي مارس 1493م، عاد إلى اسبانيا مُعتقدا أنه وصل فعلا إلى الطرف الشرقي للعالم (الهند)، ثم قام برحلته الثانية لاحتلال هذه الأراضي الجديدة واستعمارها، واستخراج الذهب ونشر المسيحية؛ فاكتشف جامايكا وعاد إلى اسبانيا سنة 1497م، وكانت آخر رحلاته سنة 1502م.

         وكان دُعاة المسيحية (الجزويت بصفة خاصة) يُرافقون هذه الرحلات الاستكشافية، وقد أدّى استخدام كولومبس الرقيق (العبيد) في الممتلكات الجديدة، إلى إثارة غضب الملكة"إيزابيلا"، فأُهمل أمره وتوفي سنة 1506م، إلا أنّ رحلاته كان لها أثران اثنان:

أولهما: قد عَمَد الملوك الكاثوليك إلى تثبيت ملكيتهم لهذه الأراضي الجديدة، خاصة عندما نشَط البرتغاليون في استكشافاتهم.، فأدرك الاسبان الفائدة العظيمة للكشوفات.

ثانيهما: فتح الطريق أمام رحلات الأفراد والمغامرين، ثم تشجيع ودعم الحركة الاستكشافية؛ فاستطاع الرحّالة الجدد بين عامي 1499-1508م، الوصول إلى اسبانيولا ثم إلى مصب نهر الأمازون وبرزخ بنما، وتبع ذلك توطُّن الأسبان بأمريكا الوسطى والجنوبية.

         في سنة 1512م، اتبع ملاّح آخر هو "أمريكو فيسبوتشي Amerigo Vespucci" الطريق الذي سلكه كولومبس، بعد أن ترك الاسبان ودخل في خدمة البرتغال؛ فاكتشف العالم الجديد (أمريكا)، الذي أخذ تسميته من اسم هذا المكتشف تخليدا له؛ ثم توالت الرحلات الاسبانية، حيث تمكن الرحّالة "فرديناند ماجلانMagellan "من الدوران حول الأرض بين سنتي 1519-1522م، وقد أحدثت هذه الرحلة ثورة حقيقية في مجالات عدة؛إذ أثبتت كُروية الأرض ودحض أفكار الكنيسة وأثبت خطأ أسس علم الجغرافيا التي كانت تلقنها الجامعات الأوربية لطلابها في العصور الوسطى، بعدها تسابقت الدول الأوربية إلى الحركة الاستكشافية بهدف التوسع الاستعماري.