2. دوافع الحركات التحررية في أمريكا اللاتينية

بالإضافة إلى الظروف السائدة في أمريكا اللاتينية تحت الهيمنة الاستعمارية الأوربية؛ فقد كان للثورات دوافع مباشرة، يمكننا تلخيصها فيما يلي:

2-1- الدوافع الداخلية:

- انتشار الأفكار الحرة في المستعمرات: وهذا تحت التأثير المباشر للثورتين الأمريكية 1776 والفرنسية 1789، وتسرّب الأفكار التحررية وانتشارها، خصوصا بعد ظهور الصحافة ( أول صحيفة يومية أنشأها الصحفي المكسيكي كارلوس ماريا بوستانتي Carlos maria bustante عام 1805م سمّاها دياريو diario)، فضلا عن صدور العديد من المؤلفات التي وجهت نقدا لاذعا للنظام الاستعماري ومعاملته القاسية للهنود وسخطهم تجاه سياسة التمييز العنصري.

- البعثات العلمية الأوربية إلى أمريكا وكذا هجرة الشباب اللاتيني إلى أوربا للدراسة بجامعاتها دورا مهما في انتقال الأفكار التنويرية، دون أن نهمل دور التجار الأمريكيين في نشر الأفكار السياسية الثورية.

- اهتمام الكتاب والأدباء في أمريكا اللاتينية بالشعر والمسرح والأدب الروائي، ثم بالعلوم والدراسات الأمريكية، وإنشاء الجمعيات الأدبية الفكرية والعلمية (جمعية أصدقاء الوطن مثلا) التي أخذت على عاتقها نشر الفكر التنويري، والتي ناقشت أيضا إمكانية تحرير أمريكا اللاتينية من الاستعمار الأوربي.

2-2- الدوافع الخارجية:

- الانحطاط الذي أصاب المملكة الاسبانية بفقدانها لمستعمراتها الأوربية في القرن 18م (الثورة الهولندية مثلا)، وتراجع مكانتها السياسية، وتنازلها عن أراض أمريكية لمنافسيها الأوربيين؛ لأنها لم تعد القوة العظمى.

- صدى حرب الاستقلال الأمريكية؛ تحت تأثير أفكار بنجامين فرانكلين وتوماس جيفرسون التي ألهبت حماس الجماهير والمفكرين الليبراليين خاصة، مما أدى إلى انتشار الوعي السياسي، حيث عرفت شعوب أمريكا اللاتينية لأول مرة 'مبدأ السلطة الشعبية' وفكرة 'الفصل بين السلطات'، وكان لإعلان استقلال الو م أ عام 1776م الأثر البالغ والعميق على أمريكا اللاتينية.

- انتصار الثورة الفرنسية عام 1789م، وتطلّع المثقّفين في أمريكا اللاتينية إلى نشر مبادئ الحريات وحقوق الإنسان في أوساط شعوبهم.

- سقوط اسبانيا والبرتغال في يد قوات نابليون، بعد غزوه شبه الجزيرة الأيبيرية عام 1807م، مهّد الطريق أمام الأمريكيين اللاتينيين لبدأ الكفاح من أجل الاستقلال.