محاضرة الحركات الثورية التحررية في أمريكا اللاتينية

Site: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
Cours: تاريخ أوربا والأمريكيتين في الفترة الحديثة والمعاصرة
Livre: محاضرة الحركات الثورية التحررية في أمريكا اللاتينية
Imprimé par: Visiteur anonyme
Date: Sunday 19 May 2024, 18:40

Description

نتطرق في هذه المحاضرة إلى الحركات التحررية بأمريكا الوسطى والجنوبية، فنتعرف بداية على الأوضاع السائدة هناك، كما نبيّن دوافع قيام هذه الثورات وأهم أحداث و قادتها، ونتائجها.

1. الأوضاع العامة في المستعمرات الاسبانية قبل اندلاع الثورات

1- اجتماعيا: تميّز المجتمع في أمريكا اللاتينية بالطبقية الشديدة،  وقد طبّق الاستعمار الاسباني نظام الأجناس، وساد التمييز العنصري بين مختلف الطبقات:

1-1- طبقة الرجال البيض: وشملت هذه الطبقة فئتين اجتماعيتين: فئة الغاشوبين Gachupines وهم البيض المولودون بإسبانيا وقد استأثروا بالمناصب العسكرية والمدنية الهامة. وفئة الكريول créoles وهم الإسبان المولودون بالعالم الجديد، والذين حرموا من المناصب والامتيازات، ولم يحصلوا إلا على بعض الوظائف في المجالس البلدية للمستعمرات.

1-2- طبقة المولدون (المهجنون): كانت غالبيتهم من الفئة المعدمة التي احترفت التسوّل، وكان عددهم في المكسيك وحدها بين 15 و20 ألف نسمة، ولجأ هؤلاء إلى اللصوصية وقطع الطريق.

1-3- الطبقة الكادحة: وضمت هي الأخرى فئتين: فئة الزنوج العبيد: وقد تم جلبهم من إفريقيا للعمل في المزارع والمناجم ومختلف الأعمال الشاقة. وفي أسفل السلم الاجتماعي نجد فئة الهنود: وهم السكان الأصليون لهذه البلاد، وقد تعرّضوا للاستغلال بقسوة والإبادة على يد الغزاة الإسبان.

         وقد ظلّ المجتمع تحت سيطرة فئة أرستقراطية؛ كانت تعيش حياة الرخاء والترف، مقابل تطلّع فئة  'النبلاء الفقراء' القادمين من اسبانيا إلى الثراء، مع بقاء الطبقة الكادحة في أسفل الهرم الاجتماعي تعاني الفقر والحرمان والاضطهاد، كما ساد المجتمع المستعمَر التعصّب الديني وتميز أيضا بالهيكل الاجتماعي المغلق.

2- على الصعيد السياسي والإداري:

         عرفت أمريكا اللاتينية تحت تأثير السياسة الاستعمارية الاسبانية؛ الاستبداد السياسي، حيث كانت تخضع للحكم الاسباني المباشر، وقد تميزت الإدارة الاسبانية للمستعمرات الأمريكية بالفساد الإداري وانتشار الرشوة وظاهرة شراء المناصب المهمّة. والصراع الدائم بين رجال الدين والعسكريين حول السلطة.

         كانت الإدارة الاسبانية تتمّيز بالثقل الإداري والفساد، وكانت الأمور تزداد تأزّما يوما بعد يوم، وقد سعى المستوطنون المولدون في العالم الجديد (الكريول) إلى تولّي إدارة المجالس البلدية للمستعمرات -رغم فسادها؛ لأنّها الوظائف الوحيدة التي كان بإمكانهم الحصول عليها. فمن بين العيوب الرئيسية للإدارة الاستعمارية الاسبانية تفضيل المولودين في الوطن الأم (الغاشوبين) عن أولئك المولودين في المستعمرات بحجة: " أنّ العرقي الإسباني ينحط مستواه في ظلّ مناخ العالم الجديد".

3- اقتصاديا: عرف العالم الجديد انتقال مظاهر الإقطاع الاقتصادي الأوربي الذي كان سائدا بأوربا خلال العصور الوسطى، وقد تمّ إنشاء مؤسسات المزارع، وتخصيص الضيعات الواسعة جدا للرجال البيض الأرستقراطيين، كما سيطرت فكرة 'الأرض مصدر الثروة'؛ رغم ظهور صناعات جديدة تدريجيا، إلا أنّ الاهتمام انصب على المناجم واستخراج المعادن بغية تحويلها إلى اسبانيا، وكانت أقلية أوربية تمتلك الأراضي والعبيد والمراكز الهامة، وتحتقر الأغلبية (مولدين- زنوج-هنود).  

4- على صعيد الثقافة والتعليم: سار رجال الدين جنبا إلى جنب مع المستكشفين والعسكريين في اكتشاف واستيطان أمريكا اللاتينية، وكان نشر المسيحية وفق المذهب الكاثوليكي أحد الأهداف الهامة، كما قام الغزاة بتهديم معابد الهنود وأصنامهم، و بنوا مكانها الأديرة والكنائس والمستشفيات لأغراض التبشير.

         ولم يكتف هؤلاء بنشر المسيحية؛ بل قاموا بدراسة تاريخ شعوب أمريكا وحضارتها، وبوضع المعاجم اللغوية باللغة الإسبانية، وترجمة الإنجيل إلى لغات هذه الشعوب، وقد نجحوا خلال فترات وجيزة في تنصير ملايين الهنود، الذين تمّ تلقينهم تعاليم المسيحية باستخدام مختلف الوسائل (الجداول، الموسيقى، الأغاني)، وقاموا بتهيئة مدارس لتعليم اللاتينية والفلسفة الدينية لأبناء العائلات الكبيرة، فضلا عن تعليم الهنود مختلف الحرف والتقنيات الأوربية في البناء والنحت والرسم والنجارة؛ بغرض تطويعهم في تشييد المدن الجديدة.

         في مقابل ذلك؛ حارب رجال الدين الكاثوليك حرية التعبير الفكري، وسخّروا لذلك محاكم التفتيش (بداية من عام 1570م بمدينة ليما) والفهارس وإمكانيات الدولة المستعمِرة، ودعوا إلى سيطرة العقيدة على العقل والروح والجسد. وقد أدّى اندماج العناصر الثقافية المختلفة إلى إنتاج ثقافة هجينة، بفعل احتكار الكنيسة للعملية التعليمية، من خلال إدارتها للمدارس، وتلقين أفكار العصور الوسطى.

2. دوافع الحركات التحررية في أمريكا اللاتينية

بالإضافة إلى الظروف السائدة في أمريكا اللاتينية تحت الهيمنة الاستعمارية الأوربية؛ فقد كان للثورات دوافع مباشرة، يمكننا تلخيصها فيما يلي:

2-1- الدوافع الداخلية:

- انتشار الأفكار الحرة في المستعمرات: وهذا تحت التأثير المباشر للثورتين الأمريكية 1776 والفرنسية 1789، وتسرّب الأفكار التحررية وانتشارها، خصوصا بعد ظهور الصحافة ( أول صحيفة يومية أنشأها الصحفي المكسيكي كارلوس ماريا بوستانتي Carlos maria bustante عام 1805م سمّاها دياريو diario)، فضلا عن صدور العديد من المؤلفات التي وجهت نقدا لاذعا للنظام الاستعماري ومعاملته القاسية للهنود وسخطهم تجاه سياسة التمييز العنصري.

- البعثات العلمية الأوربية إلى أمريكا وكذا هجرة الشباب اللاتيني إلى أوربا للدراسة بجامعاتها دورا مهما في انتقال الأفكار التنويرية، دون أن نهمل دور التجار الأمريكيين في نشر الأفكار السياسية الثورية.

- اهتمام الكتاب والأدباء في أمريكا اللاتينية بالشعر والمسرح والأدب الروائي، ثم بالعلوم والدراسات الأمريكية، وإنشاء الجمعيات الأدبية الفكرية والعلمية (جمعية أصدقاء الوطن مثلا) التي أخذت على عاتقها نشر الفكر التنويري، والتي ناقشت أيضا إمكانية تحرير أمريكا اللاتينية من الاستعمار الأوربي.

2-2- الدوافع الخارجية:

- الانحطاط الذي أصاب المملكة الاسبانية بفقدانها لمستعمراتها الأوربية في القرن 18م (الثورة الهولندية مثلا)، وتراجع مكانتها السياسية، وتنازلها عن أراض أمريكية لمنافسيها الأوربيين؛ لأنها لم تعد القوة العظمى.

- صدى حرب الاستقلال الأمريكية؛ تحت تأثير أفكار بنجامين فرانكلين وتوماس جيفرسون التي ألهبت حماس الجماهير والمفكرين الليبراليين خاصة، مما أدى إلى انتشار الوعي السياسي، حيث عرفت شعوب أمريكا اللاتينية لأول مرة 'مبدأ السلطة الشعبية' وفكرة 'الفصل بين السلطات'، وكان لإعلان استقلال الو م أ عام 1776م الأثر البالغ والعميق على أمريكا اللاتينية.

- انتصار الثورة الفرنسية عام 1789م، وتطلّع المثقّفين في أمريكا اللاتينية إلى نشر مبادئ الحريات وحقوق الإنسان في أوساط شعوبهم.

- سقوط اسبانيا والبرتغال في يد قوات نابليون، بعد غزوه شبه الجزيرة الأيبيرية عام 1807م، مهّد الطريق أمام الأمريكيين اللاتينيين لبدأ الكفاح من أجل الاستقلال.

3. الحركات الثورية واستقلال الجمهوريات اللاتينية

اندلعت عدّة ثورات متعاقبة في أمريكا اللاتينية خلال الربع الأول من القرن التاسع عشر، ويجب أن نشير بداية أنّ هذه الحركات الثورية لم يكن هدفها الانفصال نهائيا عن التاج الاسباني، بل كانت تهدف إلى تغيير الإدارة الاستعمارية الاستبدادية الفاسدة.

3-1- الثورة في المكسيك: لم تكن حركة 'الكريول' في المكسيك سنة 1810م معادية للملكية، وإنما كانت تهدف إلى طرد 'الغاشوبين' وتعويضهم بحكومة محلية تدين بالولاء للملك الاسباني فرديناند السابع.

         لقد ثارت عدة فئات في المكسيك (المحامون –الإداريون- الضباط – بعض رجال الدين) وقاد الثورة هناك القس هيدالغو hidalgo المتأثّر بأفكار الثورة الفرنسية، وقد اتّهم هيدالغو بالهرطقة ودخل في نزاع مع محاكم التفتيش. ونجح هيدالغو في تعبئة الهنود للثورة؛ فخلال شهر واحد، تمكن من تجنيد 80 ألف محارب، بعد أن وعدهم باستعادة أراضيهم المسلوبة وإلغاء الضرائب الثقيلة المفروضة عليهم، وهكذا بدت الثورة كأنها ثورة فلاحين هنود.

         قام الهنود بمهاجمة الإسبان، ووصلت الثورة إلى تكساس شمالا، لكن ميزان القوى مال لصالح 'الغاشوبين' رغم قلة عددهم (28 ألف مقاتل) مقارنة برجال هيدالغو، وكان ذلك بفضل تفوّقهم في مجال التسليح، واستخدامهم سلاح المدفعية خصوصا، وكذلك اعتمادهم على الكنيسة التي أصدرت 'قرار الحرمان' ضد هيدالغو وأتباعه. واستطاع الإسبان أسر العديد من قادة الثورة المكسيكية وإعدامهم بتاريخ 31 جويلية 1811م، أما هيدالغو فقتل في إحدى المعارك.

         استمر التمرّد بقيادة موريلوس Morelos وهو أحد تلاميذ وأتباع هيدالغو، وكان يتمتّع بحنكة سياسية وكفاءة عسكرية عالية، فنجح موريلوس في السيطرة على جنوب حوض المكسيك في 6 نوفمبر عام 1813، وأعلن إلغاء الرق والمساواة التامة بين جميع الأعراق، وفي شهر أكتوبر عام 1814م أعلن قيام الجمهورية المكسيكية، وانتُخب مجلسها التشريعي (الكونغرس) بالاقتراع العام، وتم تشكيل الحكومة والمحكمة العليا، كما اعتبرت الكاثوليكية الديانة الرسمية في شمال البلاد.

         مع ذلك بقي التفوّق العسكري الإسباني في ساحة القتال، ونجحوا في احتلال شمال المكسيك من جديد،  فوأدت إنجازات موريلوس في المهد، وتمّ أسره وإعدامه رميا بالرصاص في 22 ديسمبر 1815م. ورغم عقد معاهدة قرطبة بين الاسبان والمكسيك بتاريخ 24 أوت 1821م؛ إلا أنّ اسبانيا لم تعترف باستقلال المكسيك مضطرّة إلا في عام 1836م، بسبب ضغط الو م أ وبريطانيا.

3-2- الثورة في كولومبيا الكبرى: يعود أول تمرّد في منطقة كولومبيا الكبرى (فنزويلا –كولومبيا الحالية- بنما – الإكوادور) إلى عام 1781م، وقد جوبه بقمع شديد من طرف الإسبان.

         تجدّدت الثورة في عام 1810م؛ انطلاقا من مدينة كاراكاس (عاصمة فنزويلا) وقد برز خلالها اسمان أو قائدان ثوريان هما: سيمون بوليفار Simon bolivar   (المحرّر) و الجنرال ميراندا Francisco Miranda وهو من مواليد كاراكاس عام 1750م.

- سيمون بوليفار: من مواليد كاراكاس أيضا عام 1783م، من أبوين اسبانيين، سافر إلى أوربا ليعود عام 1806م وينخرط في الثورة مع انطلاقتها برتبة عقيد، وقد فوّضته الثورة لنقل مطالبها إلى بريطانيا ومفاوضتها حولهاـ لكن هذه الأخيرة تحفّظت عليها.

         في شهر ماي عام 1813، بدأت عملية تحرير فنزويلا بسلسلة من المعارك، وفي جوان أصدر بوليفار بيانا تحت شعار 'الحرب حتى الموت'، هدفه تحرير البلاد وتوحيدها. وتمثّل الفترة بين 1813- 1816 فترة ركود للثورة الفنزويلية؛ بعد أن استطاع الملكيون (المؤيدون لاسبانيا) القضاء عليها، فتحتّم على الجمهوريين (المناهضون للاستعمار) مغادرة البلاد، فسافر بوليفار إلى جزيرة جامايكا البريطانية، ثم إلى هايتي، ليعود من جديد إلى وطنه عام 1816.

         اشتعلت الثورة من جديد في وجه الاستعمار الاسباني، وخاض الثوار عدة معارك حقّقوا فيها الانتصار على قوات الاحتلال (معركة بوياكا 1819- معركة كارابوبو 1821- معركة بيتشينشا 1821)، تمّ عقبها إعلان استقلال غررناطة الجديدة، ثم إعلان قيام جمهورية كولومبيا الكبرى، وهذا بفضل الجهود المشتركة لبوليفار والجنرال ميراندا، الذين استطاعا تحرير كل من البيرو، حيث جرت عدة معارك ناجحة لصالح الثوار عام 1824م، ثم دخلت جيوش بوليفار إلى شمال بيرو بقيادة أنتونيو دي سوكري، كما حرّر بوليفار الشيلي أيضا. وتوفي في مدينة سانتا ماريا عام 1830 عن عمر ناهز 47 عاما.

3-3: الثورة في إقليم دي لابلاتا: يسمّى أيضا 'إقليم الفضة' ويضمّ كل من الأرجنتين، الأرغواي، البراغواي وبوليفيا.

         يعود الفضل في تحريرها إلى القائد خوزي دي سانت مارتان José de saint martin، وهو من مواليد الأرغواي عام 1778م، سافر إلى اسبانيا وانخرط في السلك العسكري، وشارك في الحملات الإسبانية على شمال إفريقيا (مليلة – وهران)، وحصل على رتبة ملازم عام 1797م، عاد إلى أمريكا الجنوبية سنة 1812، واستقر بمدينة بيونس آيرس.

         أعلن سانت مارتان الثورة، وخاض عدّة معارك ضد الملكيين، واستطاع دحرهم ثمّ تتبّعهم حتى الشيلي، أين هزمهم سنة 1817م، ثم توجّه إلى ساحل بيرو وضرب حصار حولها؛ ليعلن استقلالها في 28 جويلية 1821، وتمكّن من تحرير أجزاء هامة من القارة الأمريكية؛ لتنشأ جمهوريات مستقلة منذ عام 1821م. بينما  غادر سان مارتن أمريكا اللاتينية متوجّها إلى فرنسا، حيث توفي عام 1850م.

3-4: الاستعمار البرتغالي في البرازيل والثورة هناك:

         البرازيل هي المستعمرة البرتغالية الوحيدة في أمريكا الجنوبية، وهذا بموجب معاهدة تورديسلاس 1494م، وقد استهدفت رحلات المستكشفين الأوائل للبرازيل لحصول على الذهب والمعادن الثمينة والاتّجار في الرقيق، واسم البرازيل مأخوذ من أحد أنواع الخشب البراق والمتوهّج اللون، وقد اتّخذتها البرتغال بدايةً؛ منفى للمجرمين حتى سنة 1515م.

         بدأ "مشروع الاستيطان الممنهج" في عهد الملك جواو 'يوحنا الثالث'، الذي قسّمها على قدماء المحاربين البرتغاليين في جزر الهند ( القباطنة) وهكذا نشأت 15 مستعمرة وفق 'نظام القبطانيات'، أين كان للقطبان العام (الحاكم العام) كامل الصلاحيات لإدارة الشؤون المدنية والعسكرية في الإقطاعيات، مع ضرورة دفع 1/5 من المعادن الثمينة والأحجار الكريمة و1/10 من المنتجات الأخرى للملك البرتغالي؛ مقابل ذلك أطلق الملك يد 'القباطنة' في استعباد الأهالي، ومنحهم صلاحية فرض الضرائب وسنّ القوانين ومنح تراخيص بناء المطاحن والمعاصر... وغيرها.

- إداريا: قُسّمت البرازيل بسبب مساحتها الشاسعة وضعف وسائل المواصلات إلى منطقتين تحت إدارة حكومتين: حكومة شمالية عاصمتها مدينة باهيا، وحكومة جنوبية عاصمتها مدينة ريو دي جانيرو، واستمرّ ذلك إلى غاية عام 1763م، حيث أعيد توحيد البلاد تحت راية حكومة مركزية، واعتبارها 'نيابة ملكية' تابعة للتاج البرتغالي؛ أي إلغاء نظام القبطانيات.

         كان ذلك عقب إصلاحات الماركيز بومبال Pombal، وهو رئيس الوزراء البرتغالي وواحد من الشخصيات المؤثرة في السياسة البرتغالية خلال القرن 18م، حيث قام بسلسة من الإصلاحات الاقتصادية، وسنّ قانونين لتحرير العبيد وحضر بيعهم في عامي 1755 و 1758م على التوالي. كما قام بطرد الرهبان من البرازيل عام 1760، بعد اتّهامهم بتحريض الهنود على الثورة. لكن إصلاحات بومبال كانت ذات فعالية محدودة بسبب الفساد الإداري والتمييز الطبقي و شساعة مساحة البرازيل.

- الثورة في البرازيل: عقب هزيمة نابليون عاد الملك البرتغالي جواو السادس إلى البرتغال، وترك ابنه بيدرو حاكما للبرازيل، هذا الأخير أعلن نفسه إمبراطورا على البرازيل، وفي عام 1840م خلفه بيدرو الثاني، وفي عام 1889م قامت الثورة وتمّ إعلان استقلال البرازيل ونفي بيدرو الثاني.

        رغم غنى جمهوريات أمريكا اللاتينية من ناحية الثروات والمعادن والمواد الأولية، ومساحتها الواسعة وطول سواحلها وكثرة جزرها وتنوّع مناخها، فضلا عن استقلالها في فترات متقاربة خلال الربع الأول من القرن 19م، إلاّ أنّها لم تستطع تحقيق وحدة سياسية أو اتحاد على الأقل على شاكلة ما حقّقته الو م أ، بل إنّ جمهوريات أمريكا اللاتينية دخلت عقب استقلالها في موجة من الحروب الحدودية والنزاعات؛ بسبب تنافس قادتها على السلطة، فقد تحوّل الثوار ومن خلفهم إلى مستبدين تدعمهم الجيوش.

         لقد احتاجت جمهوريات أمريكا اللاتينية إلى ثورات جديدة في منتصف القرن العشرين للتخلّص من الأنظمة الديكتاتورية، وقد قاد هذه الثورات أرنستو تشي غيفارا وفيدال كاسترو... وغيرهما.