صدر عن المركز المغاربي للبحوث و الترجمة كتاب جديد للباحث التونسي توفيق المديني، تحت عنوان " المغرب العربي ومأزق الشراكة مع الاتحاد الأوربي " وقد جاء الكتاب ضمن /280/ صفحة من القطع الكبير ..وتبحث هذه الدراسة الموسعة في مسألة الشراكة مع أوربا، ويأخذ الباحث نموذجها في المغرب العربي، حيث يشير إلى أنه وفي ضوء العولمة نستطيع فهم الديناميكية الحالية للنظام الرأسمالي العالمي، وفي ضوء هذه العولمة أيضاً حاولنا تحليل إرساء قواعد الشراكة الأوربية المتوسطية، بوصفها تجاوزاً لنموذج الدولة القومية، التي شهدت أشكالاً من التطور السوسيوـ تاريخي للرأسمالية، و حملت في سيرورتها أول ثورة صناعية رأسمالية، رسخت النظام الإنتاجي الرأسمالي كأسلوب إنتاج مهيمن .
ويذكر الباحث المديني أن الشراكة الأوربية المتوسطية برزت إلى الوجود مع انتهاء الحرب الباردة وظهور الولايات المتحدة كقوة عظمى وحيدة مفرطة في قوتها ومسيطرة على الصعيد العالمي في إطار ما بات يعرف بنظام القطب الواحد.
الكتاب يركز على أن المسألة بالنسبة لأوربا تكمن في أن البحر المتوسط يشكل فضاء توسعها الطبيعي لدينامكيتها الاقتصادية و التجارية، وتالياً، فهي المنطقة مع أوروبا الشرقية، التي تمكنها من توطيد محيطها، من أجل ضمان وسائل نجاحها في المنافسة الدولية مع التكتلات العملاقة، لكن ما يقلق أوروبا هي الأوضاع السياسية والاجتماعية الداخلية في دول جنوب حوض البحر المتوسط التي تقدم صورة متباينة، فالمغرب العربي يشهد تنامي قوة الحركة الإسلامية الأصولية منذ عقد الثمانينات، وهناك دولة مركزية فيه هي الجزائر تعاني من حرب أهلية مدمرة منذ بداية التسعينات بين الجيش والجماعات الإسلامية المسلحة . ويضيف: المغرب العربي الذي يجتازه تيار إسلامي قوي أصبح بالنسبة لأوربا عبارة عن ( تهديد )، لذلك تحاول أوربا أن تضع استراتيجية تقي رفاهيتها من البؤس المادي والثقافي المتنامي في المغرب العربي الذي تعتبره خزاناً مهماً للهجرة ..فالمغرب العربي -حسب الأوربيين- يجب أن يكون مصباً لخدماتها و بضائعها لا أكثر، بقصد تقوية هيمنتها الاقتصادية .
و لم ينس الباحث المديني من أن يشير إلى أن طريق التفاوض الثنائي هو الذي فرض نفسه في كل اتفاقات الشراكة بين الاتحاد الأوروبي و دول المغرب العربي ..بل نضيف نحن و نقول، بل مع كل الشركاء المتوسطيين ..إذ أن الأوربيين لا ينظرون للعرب على أنهم كل متكامل أو دول يجمعها رابط، لكنهم يصرون على التعامل معهم كل بلد على حدى ..
عموماً فالكتاب دراسة هامة يمكن الاستهداء بها لدى صاحب القرار العربي الرسمي ..إنها تملكه أدوات للمعرفة و البحث قلّ نظيرها.