1. المستوى المعيشي، الصحة الجسمية، الانجاز مدى تحقيق الأهداف
تمهيد:
للتذكير فان جودة الحياة مثلما تعرفه منظمة الصحة العالمية هي "إدراك الفرد لمكانته في الوجود، وفي السياق الثقافي الذي يعيش فيه ونظام القيم الذي ينتمي إليه وعلاقته بأهدافه، توقعاته، معاييره، وانشغالاته، ويتضمن هذا الإدراك مجال واسع ومعقد من المفاهيم المتعلقة بالصحة الجسمية للفرد وحالته النفسية، درجة استقلاليته، علاقاته الاجتماعية، معتقداته الشخصية، وعلاقته بخصائص بيئته".
في هذه المحاضرة سنتطرق إلى أهم هذه العناصر التي يمكن أن تلعب دوراً مهما في جودة الحياة، وهي عديدة ومتعددة يمكن أن نذكر أهمها، ونظراً لأهمية بعض العناصر سنقدمها على مرحلتين (محاضرتين).
1- المستوى المعيشي (Standard living):
إن الرّفاهية الذّاتية وان كانت تعتمد على الكيفية التي يفكر ويشعر بها الفرد اتجاه مختلف الظروف التي يمر بها، وإدراكها له وتقييمها، إلا أنها ترتبط أيضا في كثير من الأحيان بالظروف الموضوعية، فالمستوى المعيشي يعتبر أحد أهم العناصر التي يجب على أخصائيي الصحة أن يأخذونها بعين الاعتبار في التكفل بالحالات. ويتحدد المستوى المعيشي للفرد بمجموعة من العوامل الفرعية ذات صبغة اجتماعية-اقتصادية وهي:
1. 1- العمل:
يوفر العمل العديد من المزايا التي تترك أثرا ايجابيا في حياة الفرد، ولعل من أهم هذه المزايا هي الدخل، المكانة الاجتماعية والشعور بأهمية الذّات إضافة إلى النشاط البدني. فالنشاطات التي تتطلب جهدا عضليا وذهنيا في نفس الوقت (مثل الرياضة أو العمل اليدوي) له آثار ايجابية على الصِّحة النفسية والبدنية، كادراك الايجابي للذات، تحسن المزاج والرّفاهية الذّاتية، وتخفض من درجة القلق والاكتئاب (Harris, 1973) كما يؤمِّن النشاط البدني الحيوية للفرد ويحميه من بعض الإصابات بالأمراض العضوية والعقلية الكيميائية، ويكون كإستراتيجية فعالة لتحسين الرّفاهية الذّاتية وعلاج بعض الأمراض والاضطرابات النفسية، وتستعمل حاليا كمكمل علاجي (Taylor et Faulkner, 2008) أو للوقاية من الأمراض (كالسمنة والسكري) ولتحسين وظائف الجسم (العضلات والجهاز القلبي الوعائي) (expertise collective de l’Inserm, 2008) إضافة إلى أنه غير مكلف في الوقت والجهد وغالبا ما يكون مصحوبا بالمتعة في تقديم الأداء إذا كان يلاءم قدرات وميولات الفرد، ولهذا من منظور علم النفس الايجابي يجب العمل على تطوير واستثمار النشاط الفردي والاجتماعي لتحسين جودة الحياة (Tarquinio, C., et al, 2011).
1. 2- الدخل والمال:
لقد قامت دراسات عديدة لفحص علاقة الدخل بالرّفاهية، واعتمدت هذه الدراسات على البحث في أربعة طرق مختلفة ومكملة لبعضها البعض في نفس الوقت: دراسات على عينات مابين البلدان (بلدان يتمتعون بقدرات شرائية متفاوتة مرتفعة/ منخفضة) (Veenhoven, 1994 ; Haring, Stock & Okun, 1984)، دراسات على عينات داخل البلد الواحد (رواتب متفاوتة بين العينات مرتفعة/ منخفضة) (Deiner, Sandvick & Seidlitz, 1993)، دراسات تتبعية على بلدان تعيش تقلبات اقتصادية (من الأسوء إلى الأحسن أو من الأحسن إلى الأسوء) (Clark & Oswald, 1994)، دراسات تتبعية على أفراد طرأت عليهم تغيرات على وضعهم الاجتماعي والاقتصادي (Deiner, Horwitz & Emmons, 1985). وبينت الدراسات أن الدخل مرتبط بالرّفاهية الذّاتية والشعور بالرضا على جوانب مهمة من حياة الأفراد. ومع ذلك فان التحليل البعدي لهذه الدراسات معقدة نوع ما، ففي بريطانيا مثلاً لم تثبت الدراسة على وجود ارتباط بين الدخل والرّفاهية الذّاتية، وهذا ما قاد الباحثين إلى دراسة المتغيرات أخرى تدخل في العلاقة دخل-رفاهية ذاتية وتبين أن الدخل المرتفع لا يرتبط مباشرة مع مستوى عالي من الرّفاهية الذّاتية بل يوفر المال إشباع للحاجات الأساسية للفرد من مأكل وملبس وبيت وإمكانية العلاج... (Diener, E., & al, 1999).
هذه الارتباطات لا تعني أن الزيادة في المال هي سبب شعور الأغنياء بالسعادة مقارنة بالفقراء، فقد تبين أن الأثرياء أكثر مشاعر ايجابية من آخرين من الطبقة المتوسطة والفقيرة، ولم يذكر الأثرياء أن مصدر سعادتهم هو المال بل، بل ذكروا أشياء أخرى مثل: الأسرة، الأصدقاء، الأهداف المحققة، العلاقة بالله، الصِّحة (Deiner, Horwitz & Emmons, 1984). وفي هذا الإطار، يذكر ميهايلي (Csikszentmihalyi, 1999) أن الفروق الكبيرة في مستويات الثراء بين الأفراد، تجعل حتى الأثرياء مادياً يشعرون بالحرمان النسبي والى الحاجة إلى المزيد، وأنه كلما زاد سعي الناس إلى الأهداف المادية، تناقصت سعادتهم (بشير معمرية(C)، 2012).
2- الحالة الصِّحية (Personal Health):
تعتبر الصِّحة من المكونات الهامة للشعور بالهناء، وهي في الحقيقة من بين أحد العناصر الموضوعية للهناء، وكذلك فهي ترتبط ارتباطا وثيقا بالسعادة، حيث أنه من الشائع النظر إليها على أنها واحدة من أسبابها الرئيسية، وتجدر الإشارة إلى أن السعادة تسبب الصِّحة أيضا، ويقدر الأفراد في بريطانيا والولايات المتحدة - الصِّحة - على أنها أهم مجالات الشعور بالرضا بعد الزواج (مايكل أراجيل، 1993).
ان العلاقة بين الحالة الصِّحية وجودة الحياة غير غامضة، فتعريف الصِّحة أصلاً هو حالة من الرّفاهية الجسمية البدنية والنفسية والاجتماعية وليس مجرد غياب المرض أو وجود العجز (OMS, 1948). ومن هنا يتضح أن للصحة ثلاثة أبعاد يجب على الممارس في الصحة أن يدركها ككل متكامل.
هناك ثلاثة أبعاد أساسية للصحة، البعد البيوطبي الذي يهتم بالجانب العضوي للفرد وتشخيص والعلاج الأمراض، والبعد الاجتماعي الذي يهتم بالبيئة الصِّحية (قنوات الصرف الصِّحي، مراقبة المواد الغذائية...) وبالجماعة ومختلف الفئات (الشيخوخة، الأمومة، المعوقين....) والبعد النفسي الذي يهتم بالموارد الشّخصية للفرد وتوظيفها لتعزيز الصِّحة الجسمية والرّفاهية الاجتماعية والنفسية.
2-1 البعد البيوطبي:
يهتم هذا البعد من التناول الطبي بالصحة الجسمية (La Santé Physique)والصِّحة من هذا الباب هي تلك الحالة من التوازن الدائم نسبيا بين وظائف الجسم الناتج عن تكيف الجسم واتصاله مع العوامل البيئية التي تحيط بالجسم (عبد الحي محمود، 2003). بالنسبة لهذا البعد فان الصِّحة تتمثل في غياب المرض على المستوى الجسمي، ومهمة الطبيب هي القضاء على المرض أو الحد من الأعراض والسيطرة عليها أو على الأقل التعايش معها في الأمراض المستعصية (Billon, J., 2000)،
2. 2- البعد الاجتماعي:
البعد الاجتماعي ظهر لأول مرة تحت اسم الطب الاجتماعي بريشة جيرين (Jules Guérin, 1848) ويهتم هذا البعد بأربعة أنواع من العوامل وهي: علاقة الظروف الفيزيائية والاستجابات الجسمية والعقلية التي تنتج عن هذه العلاقة. العلاقات بين المشكلات الاجتماعية والصِّحة العامة، النظافة وبيئة صحية للعيش، المعايير الصِّحية والخدمات الطبية للمجتمع (Rosen, 1972) فهي فن الوقاية والعلاج الذي يعتمد على الأسس العلمية في تطبيقاته على الفرد والجماعة ويهتم بالعلاقات التبادلية التي تربط الناس بظروفهم ومع محيطهم (Gaumer, B., 1995). إذ هناك عوامل اجتماعية كعادات وتقاليد الشعوب في تجهيز الطعام، والمأكولات الخفيفة الموجودة في التجمعات الشعبية في المقاهي وأماكن الترفيه وعند الباعة المتجولين إلى جانب العادات السيئة المتعلقة بالصِّحة الشّخصية كقلة الاستحمام والتي تؤدي إلى الإصابة بالأمراض الجلدية، واللجوء إلى السحرة والمشعوذين لتلقي العلاج، والسلوكيات غير واعية من قبل أصحاب المصانع وما ينتج عنها من ملوثات كالفضلات وأكسيد النتروجين وغيرها من المواد السامة والازدحام والضوضاء في الشوارع (طويل فتيحة، 2014).
2-3 البعد النفسي:
يهتم هذا البعد بسيكولوجية الصِّحة والمرض، وكذلك سيكولوجية المريض، وللبعد النفسي الدور الأساسي في برامج إعادة التأهيل الصِّحي للمرضى ومساعدتهم على تقبل المرض، ولكن دوره أكبر في دراسة مختلف العوامل التي تلعب دوراً في الصِّحة والمرض وبذلك يمكن التنبؤ بالصِّحة انطلاقاً من معطيات سيكولوجية. ولذلك سطرت منظمة الصِّحة العالمية رسميا في أوتاوا 1986 من بين أهدافها تنمية المهارات الشّخصية لتعزيز الصِّحة (منظمة الصِّحة العالمية، 2005). وحسب تعريف APA (2015) فان الصِّحة النفسية هي حالة الفرد الذهنية أو عقلية، تتميز بترابطها مع الوجدانات والسلوكات التي تعكسها، وتكون هذه الوجدانات والسلوكات متوافقة مع المواقف تتسم بالاتزان النفسي والاعتدال في الاستجابات للضغوطات ومختلف متطلبات الحياة، والخلو النسبي للقلق والعصابية والأعراض غير المرغوبة المرتبطة بهما (بالقلق والعصابية)، وكذلك قدرة الفرد على إنشاء علاقات اجتماعية، والتطور نحو الأفضل (APA, 2105).
2. 4- الصحة العامة وجودة الحياة:
الصِّحة العامة إذن هي تكامل نسقي بين الإبعاد الثلاثة، والمقصود بالنسقي أي كل بعد يؤثر في الأبعاد الأخرى ويتأثر في نفس الوقت بنسب متفاوتة (بورجي شاكر أ، 2016)، وقد أثبتت العديد من الدراسات أن الحالة الصِّحية كما يدركها الفرد ويقيِّمُها ذاتيا ترتبط إيجابا بقوة مع الرّفاهية النفسية (e.g., Lyubomirsky et Lepper, 2003)، وقدَّر مارموت(Marmot, 2003) في دراسته التي أجريت في بريطانيا ارتباط قدره 0.60 بين الرضا عن الحياة والحالة الصحية المدركة المتعلقة بالجسمفي حين ضهرت في عدة دراسات أن الصحة الجسمية بتقييم موضوعي كانت أقل ارتباطا (e.g., Brief, Butcher, George et Link, 1993 ; Okun et George, 1984) مع أن المشاكل الصِّحية التي تحد من قدرات الفرد من شأنها أن تخفض أيضا من الشعور بالرّفاهية الذّاتية. وبالمقابل هناك من الأدلة العلمية من برهنت على أن مشاعر الرّفاهية الذّاتية والشعور بالسعادة تقود نحو صحة أفضل. إذْ تكون الصِّحة أحسن في البلدان التي تكون فيها الرّفاهية الموضوعية مرتفعة (Vazkez et al, 2004). وقدمت دراسات أكثر حداثة (Hu et Gruber, 2008) أن المشاعر الايجابية تكون أكثر فعالية وتتزامن مع أعراض اكتئابية أقل وصحة نفسية وجسمية أحسن وجودة حياة أعلى إذا كانت مصحوبة بنشاط حيوي (Tarquinio, C., et al, 2011).
3- الانجاز ومدى تحقيق الأهداف في الحياة (Achieving in Lif):
يعيش الإنسان في وسط الجماعة وهو في بحث مستمر ودائم عن تأكيد ذاته وتحقيقها، إذ تعتبر تحقيق الذّات من أسمى الحاجات التي تدفع بالفرد إلى تسطير أهداف وانجازها، والعيش من أجلها، وتحقيقها أو تحقيق أجزاء مهمة منها أو شعور الفرد انه في الاتجاه الصِّحيح نحو تحقيقها، هو الذي يعطي الفرد معنى لحياته أو التوجه في الحياة.
3. 1- الأهداف ومعنى الحياة:
حسب دينر (Deiner, 1984) فان سلوك الفرد يمكن فهمه من خلال فحص وتحليل أهداف الناس في حياتهم، فما الذي يحاول الناس تحقيقه في حياتهم؟ وما الطرق التي يسلكونها لتحقيق ذلك؟ (Austin & Vancouver, 1996). إذ الهدف في حد ذاته دافع وتحقيقه لا ينتج انخفاض التوتر مثل الدوافع الفزيولوجية بل ينتج عنه مستوى من الرضا عن الحياة والمشاعر الايجابية، في حين مشاعر السلبية والإحباط ينتج عن عدم تحقيق الهدف. وللتحقق من هذه الارتباطات، قام كل من دينر وفوجيتا (Diener & Fujita, 1995) بقياس علاقة الانجازات وتحقيق الأهداف مع الرّفاهية الذّاتية عند مجموعة من الأفراد، فوجد أن الرّفاهية الذّاتية ترتبط ايجابيا مع الانجاز وتحقيق الأهداف، وهناك مجموعة من العوامل التي تتوسط علاقة الرّفاهية الذّاتية مع الانجاز وهي: الرغبة في تحقيق ذلك الهدف، موارد داخلية (قدرات ومعتقدات فعالية الذّات) وخارجية (دعم خارجي). وإذا تطابقت رغبات الفرد في انجاز أشياء يراها بأنها مهمة في حياته مع قدراته وموارده يصل بنسب كبيرة إلى تحقيق غاياته وبالتالي ينتج ذلك الشعور العام بالرضا والمشاعر الايجابية كاستجابة لإشباع حاجته. وقد أضاف كايسر (Kasser, 1996) عاملاً أخر إلى هذه العوامل وهو السياق الاجتماعي الذي يحقق بداخله الفرد أهدافه، إذ رغم توفر الميول والرغبة في تحقيق هدف معين عند الفرد وتسمح قدراته وإمكانياته بذلك إلا أن السياق الذي يحقق فيه تلك الرغبة يبقى مهماً في تفسير الشعور بالراحة والسعادة، فالاستحسان من الجماعة التي ينتمي إليها الفرد للعمل الذي يقوم به والفوائد التي يعود بها إلى الجماعة والتغذية الرجعية (Feed-back) محدد من محددات الرّفاهية الذّاتية ومشاعر الفخر والاعتزاز، وتزيد الانجاز قيمة وتعطي الحياة معنى، في حين ينتج أثر عابر أو لا ينتج أثر إطلاقا للمشاعر حتى وان كانت ذات طابع ايجابي إذا أنجز الفرد هدفا تتوفر فيه جميع العوامل وتتعارض مع قيم ومعايير المجتمع الذي يعيش فيه، فلا يتلقى أي قبول أو استحسان (Diener, E., & al, 1999).
3. 2- التدفق الشعوري أثناء الانجاز:
هناك ظاهرة نفسية شعورية قوية تنتج أثناء انجاز عمل نحب انجازه، فننغمس فيه ونشعر بداخله فيوصف كأنما الوقت قد توقف ولا نشعر بالأشياء المحيطة بنا مصحوبا بلذة في الأداء. هذه الظاهرة تسمى بقوة التدفق الشعوري (Flow). وقد صاغ هذا المفهوم ميهايلي (Mihalyi Csikszentmihalyi, 1975) وهو حالة من التركيز القصوى تحدث عندما ينهمك (يندمج، ينصهر) الناس في التعامل مع مهام ذات طبيعة متحدية تتطلب تركيزاً ومثابرة والتزاماً أو تعهداً شخصيا بانجازها بمستوى مرتفع الجودة والتميز. وتحدث حالة التدفق هذه حسبما يرى ميهايلي عندما يتسق مستوى مهارة الفرد تماماً مع مستوى التحدي الذي تفرضه المهمة خاصة المهام ذات الأهداف الواضحة والتي يتحصل له بموجب التفاعل معها تغذية راجعة فورية (Csikszentmihalyi, 1996).
يرتبط مفهوم التدفق بمفهوم آخر صاغه ميهايلي (Csikszentmihalyi, 1997) وهو مفهوم الخبرة المثلى أو الأفضل (Optimal Experience) وتعني إحساس المرء بأن مهاراته مناسبة للتوافق مع أو مواجهة التحديات التي تعترضه في توجهه للهدف، وفي مساره السلوكي نحو انجاز المهام بما يوفر له هاديات أو دلائل ملموسة لمدى جودة أداءه أو تفاعلاته في مواجهة هذه التحديات. وتوافر مثل هذا الإحساس يفضي إلى حالة من التركيز التام في واقع الأمر على مواجهة التحدي بما لا يترك مجالاً للتفكير في أي شيء أخر أو للقلق من أي مشاكل، وهنا يختفي انشغال المرء بذاته أو وعيه وتنبهه لذاته (Self-consciousness) (محمد السعيد أبو حلاوة، 2013).
3. 3- إدراك الضغط المتعلق بالانجاز:
للتذكير فان التقييم الأولي للأحداث الضاغطة هو إصدار الفرد حكما حول نوع الضغط الذي يدركه ودرجة تهديده مباشرة عند إدراكه، وتكون الأحداث مدركة في أحد الأشكال الثلاثة (تهديد، ضياع أو تحدي).
يرتبط التحدي عند محاولتنا بلوغ هدف ما بادراك الضغط المحيط بنا إلى أن يتم الانجاز، هذا النوع من الضغوط هو الذي يسبب تلك الحالة من التدفق الشعوري (Flow)، وعندما نحقق الهدف بأداء عالي وننتهي منه يزول الضغط ويتحول من توتر إلى مشاعر الفخر والاعتزاز وتتقوى مشاعر الفعالية الذّاتية. هذه النتائج هي التي تحدثها الخبرة المثلى (Expérience optimale) إذ يمكننا رفع التحدي إلى عتبة أعلى في المرة المقبلة أي تسطير أهداف أكثر صعوبة، في حين إذا ارتبط الضغط مع الفشل فإننا نميل إلى تجنب النشاطات والأهداف الضاغطة ويصبح الضغط المدرك يشكل تهديدا قائما فلا نختار إلى الأهداف التي نضمن لأنفسنا بأنها في المتناول، ولذلك نرى أن بعض الناس لا يدركون قدراتهم بل يدركون فقط الضغط على أنه تهديد يجب تجنبه (بورجي شاكر أ، 2016).
خلاصة:
ما لا يمكن أن ننساه من هذا القسم من الدرس هو أن المستوى المعيشي للفرد هو بعد أساسي في عملية التكفل بالحالات، كما ويوصى بالنشاط البدني لما له من فوائد صحية، نفسية اجتماعية وبذلك يكون متكامل الأبعاد وخاصة إذا كان ينمي مهارات معينة (مثل المهارات اللغوية أو المهارات الحسية الحركية) وبالتالي يحقق المزيد من الأهداف والانجاز للفرد. هذا يعني أن الفرد سينتقل إلى مستوى أحسن من جودة الحياة ومنه يمكن أن نلاحظ أن عملية التكفل تأتي بنتائجها على نطاق أوسع