1. تمهيد

1.4. التعريفات:

تتميز التعريفات الإقليدية بأنها قضايا أولية تقوم بشرح وتعريف الحدود غيرالأولية بحدود المعاني الأولية وهي نابعة عن مصدرين أساسين الحدس والمنطق،ولقد استعمل إقليدس مجموعة من اللامعرفات نقف عندها في تعريفاتنا حتى لا يقع في التراجع إلى مالا نهاية، كما استعمل مجموعة من اللامبرهنات نقف عندها في البرهنة، ومن ثمة كانت هذه اللامعرفات بمثابة"الألفباء     الهندسية "(1) بتشبيه راسل، كونها تفسر العناصر الأولى والتي تكون التعريفات اللاحقة قائمة عليها، ومن ثمة فإن الخطأ المنطقي الذي وقع فيه إقليدس أنه جعل التعريفات على رأس النظرية الاستنتاجية بدل اللامعرفات، أي أنه يقر ضمنيا بضرورة البدء من اللامعرفات وصولا إلى تعريفات ولكنه في جهازه الهندسي يضع التعريفات ضمن المبادئ الأولى.فهي"أوصاف تجريبية مماثلة لتلك التي يقدمها معجم ما، القصد منها قيادة الذهن نحو المفهوم العيني، فهي على وجه الضبط تعيينات désignations"(2)، أي أنها تركيبية في حد ذاتها وليست تحليلية.

   ومن ثمة فهي لا تؤدي الوظيفة الموكلة إليها في النسق الأقليدي وهي:" ذكر الخواص الأساسية التي نستعملها لاستخلاص جميع الخواص الأخرى منها في القضايا التي يوجد بها الحد المراد تعريفه "(3)، ومن ثمة فهي لا تعرف الحد بماهيته وصفاته وخصائصه الجوهرية بقدر ما تعطي لنا مظهر هذه الحدود ووصفها الخارجي فقط، وشتان هنا بين هاتين الوظيفتين! هو ما أدى إلى قيام إشكالية حول طبيعة هذه التعريفات في حد ذاتها هل هي مستمدة من الواقع، أم من قواعد المنطق الصوري الضرورية، فهي – تعريفات إقليدس – ليست تعريفات تامة بالمعنى الشامل لها بل هي أشباه تعاريف لا تكشف عن هوية المفهوم بقدر ما تكشف عن خصائصه ومظاهره.



1)  روبير بلانشيه: الأكسيوماتيك، مصدر سابق، ص 18.

2)   المصدر نفسه، ص 19.

3)  المصدر نفسه ، الصفحة نفسها.