المحاضرة الثالثة
الموقع: | Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2 |
المقرر: | مقياس فلسفة العلوم |
كتاب: | المحاضرة الثالثة |
طبع بواسطة: | Visiteur anonyme |
التاريخ: | Saturday، 23 November 2024، 3:22 AM |
1. تمهيد
لا مراء في أن الخاصية الأساسية للعلم أيا كان نوعه التطور والثبات والمضي حثيثا نحو الأمام ،إما بالاعتماد على النظريات السابقة أو الثورة عليها وإحداث القطيعة الانفصالية معها،ولم ينأى العلم الرياضي عن هذه الخاصية ،فبالاعتماد على النسق الإقليدي حاول الرياضيون المضي نحو الأمام بالعلم الرياضي،لكنهم اصطدموا بجملة من العوائق جعلتهم يكتشفون جملة من العيوب في هذا النسق،مما دفعهم إلى بناء أنساق هندسية جديدة،لذا فالإشكال المحوري الذي تتمحور حوله هذه المداخلة:أين تكمن عيوب ونقائص النسق الإقليدي ؟وما هي الأنساق المعاصرة التي ظهرت كبديل له؟وإلى أي مدى تمكنت هذه الأنساق من إحداث القطيعة مع الهندسة الإقليدية؟
1.1. البرهنة والتعريف:
من خلال ما سبق نقده بالنسبة للتعريفات والبديهيات، كان من المفروض أن نضع في نقطة انطلاق أي نظرية استنتاجية مجموعة من القضايا غير المبرهنة – أو اللامبرهنات – بالإضافة إلى مجموعة من اللامعرفات يتم فيما بعد البرهنة على نظريات وقضايا جديدة من خلالها، وبالتالي فإن البرهنة والتعريف هما العمليتان الأساسيتان اللتان تتطور بواسطتهما النظرية الاستنتاجية .
لكننا إذا بحثنا في الشروط الضرورية لإقامة التعاريف الجيدة والمبرهنة الجيدة، لابد وأن نلحظ قصر الهندسة الإقليدية عن بلوغ الدقة للوصول إلى ذلك وهذا راجع إلى دعوى الجمع بين الصدق المادي في القضايا والصحة الصورية في ترابطها وبين المطابقة التجريبية والدقة المنطقية،ولعل هذه الازدواجية هي السمة الأساسية الغالبة على هذا النسق الهندسي، وبالتالي فإنه – النسق – يجمع ويدمج عملين منفصلين تماما، علم المنطق، وعلم التجريب " فيمكنك أن تقرأ كتابا في الهندسة التقليدية بصفته بناءا مصادراتيا خالصا تفقد فيه حدوده معناها الحدسي وتقاس صحته بتماسكه المنطقي فقط أو على العكس من ذلك، أن يعيده لحدوده وقضاياه ولدلالتها الحدسية الأولى، لكن عند ذلك نكون أمام علم من علوم الواقع: بديهياته وبرهناته هي في الواقع قوانين فيزيائية "(1).
إلا أن هذه العيوب والانتقادات يجب أن لا تغفلنا عن قيمة الهندسة الإقليدية والاستدلال الهندسي والذي اعتبره باسكال (Pascal) نموذجا لفن الإقناع، دون أن نعتبرها من الوظائف الجوهرية له" فإقليدس يرجع إليه الفضل في كونه أول من طبق نسقا منطقيا على النظريات الهندسية التي كانت مبعثرة آنذاك وأكسبها صفة العلم، فكان له ذلك، وهو ما يقصده أغلب الرياضيين المعاصرين اليوم وإن كانت الوجهة تختلف.
ولقد استفاد الرياضيون المعاصرون من هذه الانتقادات، ومن ثمة كان هذا القصور والنقص في الجهاز الأقليدي محل بحث ونقاش دائم بين الرياضيين من مختلف العصور، وبطريقة غير مباشرة أساسا لقيام هندسات لاإقليدية تحاول تفادي ما وقع فيه إقليدس من عيوب.
1.2. البديهيات
فبالنسبة للبديهيات الإقليدية فإن " إقليدس نفسه واضع النسق الاستنباطي لم يفصل فصلا جذريا بين المسلمة والبديهية، لدرجة أن بعض البديهيات قد نقلت وأدرجت تحت المسلمات، وبعض المسلمات وضعت تحت البديهيات في الطبقات المختلفة بكتاب الأصول "(2)، أي أن هناك استعمالا مختلطا للبديهيات تارة والمسلمات تارة أخرى، بل إن تقسيم هذه المبادئ وتوثقيها في النسق الأقليدي كان موضع شك، وانتقاد كونه لا يتضمن أي مبررات منطقية أو عقلية.
فنحن نؤمن بصدق بالبديهية في نظر إقليدس وأتباعه نظرا لشدة وضوحها، وبالتالي فنحن نعجز عن الاهتداء إلى قضايا أوضح منها لنبرهن بها عليها فهي قضايا غير محتاجة إلى برهان ولا تقبله ولذلك تسمى باللامبرهنات، ومن هنا اتصفت هذه الأخيرة بأنها عامة من جهة كونها تستخدم في كافة العلوم التي تدرس فيها الأطوال والمقادير، وهي ضرورية كونها تعتبر علاقات ضرورية بين مقادير معينة مثل قولنا: " الشيئان المساويان لشيء ثالث متساويان "، وتتصف بأنها تحليلية كون محمولها متضمن بالضرورة في موضوعها وبالتالي فإنه من " الخلف إنكارها "، وبالتالي فهي مبدأ صوري يسعى إلى تنظيم خطوات الاستدلال دون أن تضيف أي شيء إلى مادة هذا الاستدلال أو مضمونه.
ولعل عدم الفصل التام بين المسلمات والبديهيات يرجع إلى كون إقليدس يعتمد في تمييزه بينهما على الحدس والوضوح الذاتي فهو " يؤمن بصدق البديهية بناء على حدسه لها "[1]وهو طبق هذا المعيار – الوضوح الذاتي – على مسلماته أيضا فهي في نظره واضحة على أنها " افتراضات آنية وليست صادقة صدقا مباشرا و – بالتالي – كان الحدس وما يتسم به من وضوح مصدر المسلمات والبديهيات على حد سواء ولهذا صعب على إقليدس الفصل الجذري بينهما "[2]، حتى أن معيار الوضوح الذاتي نفسه يتصف بصفة الخداع كونه ذاتيا يختلف من إنسان لآخر، وكل حسب مزاجه الذهني وقدراته العقلية.
كما أن صفة البداهة في حد ذاتها والتي كانت مرتبطة برياضيات يقينية يقينا مطلقا شيء بات من المشكوك فيه ، كونها هي في حد ذاتها لا مبرهنة " يجب على ما ليس مبرهنا أن يقدم سندات صدقه "(3) كما يقول بلانشيه ، فلا يمكن البرهنة على قضايا ونظريات استنادا إلى قضايا غير مبرهنة ليس هناك معايير ثابتة لصدقها المطلق، من هنا ففكرة البداهة هذه لم يعد معمولا بها في المنهج الفرضي الاستنباطي الحديث، كونه لا يقيم أدنى تمييز بين القضايا بل يعتبرها كلها مجرد فروض أو مرادفات أو اصطلاحات اتفاقية يضعها الرياضي نفسه دون إضفاء أي صفة لفرض دون آخر.
لهذا فإن النسق الرياضي الحديث لا يسعى إلى بيان مطابقة هذه القضايا والفروض للواقع بل يسعى إلى وضعها نحو عدد محدد من الفروض تلزم عنها لزوما منطقيا لا غير. لأن المطابقة للواقع وكذا صفة البداهة في حد ذاتها إنما " تنطبق بوجه خاص على الصدق المادي في القضايا"(4)، ودون أدنى اهتمام بالمبادئ الصورية والمنظمة التي تتحكم في النسق الهندسي باعتباره نسقا منطقيا استنباطيا في الوقت نفسه، وهو ما يجلب نقصا آخر للدقة الإقليدية للبديهيات كون هذه الأخيرة تجمع بين المادة والصورة، أي أنها أصبحت مفاهيم عامة للهندسة بوصفها علما تجريبيا يقوم على حدس المكان من جهة، ومن المنطق من جهة أخرى ، بوصفه منهج الهندسة من جهة أخرى شيء أشبه بالتناقض في الطبيعة الوحيدة كوننا إذا طبقنا مبادئ المنطق على مفاهيم رياضية صورية فإن هذه البديهيات لا تصبح مبادئ أولية لعلم الهندسة بل لقضايا المنطق العملي أو التطبيقي، وإذا استعصى علينا هذا الرد فإنها تصبح مصادرات خاصة بعلم الهندسة فقط لا بديهيات عامة، ولهذا يفضل العديد من الرياضيين المعاصرين استعمال كلمة مسلمة أو مصادرة دون البديهية حتى لا تختلط بمفهوم وخصائص البديهية " التقليدية " إن صح التعبير.
1.3. المسلمات أو المصادرات:
لقد اعتمد إقليدس في جهازه المنطقي بالإضافة إلى البديهيات على المسلمات التي هي أقل وضوحا من الأولى، مؤكدا هو ومن تبعه على أن هذه المسلمات " حقائق كلية وضرورية عن المكان الفيزيقي، ولهذا فهي صادرة عن المادة، وقد سبب لها أصلها التجريبي الماضي غموضا وتعقيدا "(1).
وبالتالي فنحن نسلم بصدقها نظرا لتطابقها مع الواقع الخارجي، دون أن نبرهن عليها، ولعل هذا المصدر التجريبي هو ما جعل العلماء لم يشكوا في مصادرات إقليدس خلال عدة قرون كون أن " التجربة ذاتها كانت تعطي المشروعية لهذه الواقعية "(2)، إلا أن هذا اليقين لم يمنع بعض شراح إقليدس من القلق حول طبيعة هذه المصادرات وتداخلها من جهة ثانية، خاصة المصادرات الثلاثة الأولى والتي توصف بأنها إجرائية الطابع ومن ثمة فهي لا تغدو أن تكون أداة للقيام بإنشاءات هندسية لا غير.
فإقليدس في استنتاجاته: " قد حصل له مرتين أن لجأ أثناء البرهنة نفسها ومن أجل هذه البرهنة إلى ذكر قضية خاصة جدا، طلب من الناس أن يسلموا له بها دون أن يتمكن من تسويغها إلا بضرب من اللجوء إلى الوضوح الحدسي "(1).أي أن إقليدس رغم لجوئه إلى البرهنة واعتماده عليها إلا أنه سرعان ما يلجأ إلى الحدس ليضمن صدق المسلمات دون برهنة أو مسوغ منطقي على ذلك.
وهو ما نجده في مسلمة التوازي التي سلم بها إقليدس دون برهنة ليضمن برهنة القضايا اللاحقة انطلاقا من هذه المسلمة نفسها، التي اعتبرها واضحة بذاتها وذلك نظرا لعدم وجود أية مساحة في نطاق الخبرة المباشرة تثبت هذه المسلمة، ومن ثمة لا يمكن إقامة أي برهان على صحتها.
وبالتالي كانت هذه المسلمة كما وصفها بلانشيه: " كالحلقة الأجنبية في النسق وكالذريعة لسد فجوة في التسلسل المنطقي "(2)، ولعل هذا الادعاء يتأكد لنا من خلال فشل محاولات البرهنة عليها من طرف اليونانيين أنفسهم والعرب أمثال الطوسي (1201-1274)(*) وحتى المحدثين أمثال محاولات لكل من جيرولامو ساكيري(Gerolamo Saccheiri 1676-1733) ومن تبعه بمن قاموا بإنشاء هندسات لاإقليدية نتيجة لاستغنائهم عن هذه البديهية باعتبارهم لم يجدوا لها أي برهان، وتوصل هؤلاء أنها مجرد براهين مزعومة مؤسسة على افتراضات ضمنية وهو ما جعل جورج سارتون يصف بأنها مسلمات إقليدس كانت " أكثر الأجزاء جلبا للدهشة "(3)، وهنا توصل الباحثون إلى أنه بالإضافة إلى هذه المصادرات الصريحة فإن إقليدس قد سلم ببعض المصادرات ضمنيا، فجاءت مضمرة في النسق وهي كثيرة كمصادرة التجانس التي ترى أن المكان متجانس الأجزاء في جميع جهاته، وهذا الفشل في برهنة المسلمات الخاصة، أدى إلى نشوء هندسات لاإقليدية تخالف مسلماتها المسلمات الهندسية الإقليدية – كما سنرى فيما بعد – والتي أحدثت انقلابا جذريا في جميع المفاهيم الرياضية التقليدية كالحقيقة الرياضية والنسق الرياضي نفسه، والصدق الرياضي، ومن ثمة لم تعد البرهنة الرياضية جزمية وضرورية كونها تستند إلى مبادئ صادقة مطلقا، حتى أن مفهوم الضرورة نفسها قد أصبح متعلقا بالنسق الضروري والمنطقي دون القضايا والمسلمات التي كان يفترض أن يؤدي إنكارها إلى وقوع في التناقض نظرا لطابع الضرورة ولكن ذلك لم يحدث مما أدى إلى إنشاء عدة أنساق هندسية متنافرة " بتعبير بلانشيه.
1.4. التعريفات:
تتميز التعريفات الإقليدية بأنها قضايا أولية تقوم بشرح وتعريف الحدود غيرالأولية بحدود المعاني الأولية وهي نابعة عن مصدرين أساسين الحدس والمنطق،ولقد استعمل إقليدس مجموعة من اللامعرفات نقف عندها في تعريفاتنا حتى لا يقع في التراجع إلى مالا نهاية، كما استعمل مجموعة من اللامبرهنات نقف عندها في البرهنة، ومن ثمة كانت هذه اللامعرفات بمثابة"الألفباء الهندسية "(1) بتشبيه راسل، كونها تفسر العناصر الأولى والتي تكون التعريفات اللاحقة قائمة عليها، ومن ثمة فإن الخطأ المنطقي الذي وقع فيه إقليدس أنه جعل التعريفات على رأس النظرية الاستنتاجية بدل اللامعرفات، أي أنه يقر ضمنيا بضرورة البدء من اللامعرفات وصولا إلى تعريفات ولكنه في جهازه الهندسي يضع التعريفات ضمن المبادئ الأولى.فهي"أوصاف تجريبية مماثلة لتلك التي يقدمها معجم ما، القصد منها قيادة الذهن نحو المفهوم العيني، فهي على وجه الضبط تعيينات désignations"(2)، أي أنها تركيبية في حد ذاتها وليست تحليلية.
ومن ثمة فهي لا تؤدي الوظيفة الموكلة إليها في النسق الأقليدي وهي:" ذكر الخواص الأساسية التي نستعملها لاستخلاص جميع الخواص الأخرى منها في القضايا التي يوجد بها الحد المراد تعريفه "(3)، ومن ثمة فهي لا تعرف الحد بماهيته وصفاته وخصائصه الجوهرية بقدر ما تعطي لنا مظهر هذه الحدود ووصفها الخارجي فقط، وشتان هنا بين هاتين الوظيفتين! هو ما أدى إلى قيام إشكالية حول طبيعة هذه التعريفات في حد ذاتها هل هي مستمدة من الواقع، أم من قواعد المنطق الصوري الضرورية، فهي – تعريفات إقليدس – ليست تعريفات تامة بالمعنى الشامل لها بل هي أشباه تعاريف لا تكشف عن هوية المفهوم بقدر ما تكشف عن خصائصه ومظاهره.
2. عيوب النسق الإقليدي:
لقد ظلت الهندسة الإقليدية نموذجا للرياضيات الدقيقة واليقينية لما يربو عن ألفي عام، نظرا لاعتمادها على منهج منطقي صارم تلزم فيه النظريات والنتائج لزوما مباشرا عن مبادئ حقيقية للواقع الخارجي.
وكان الرياضيون يعترفون بهذه السمات والخصائص بدرجات متفاوتة، محاولين بذلك البرهنة على نظرياتهم الهندسية بما هو في النسق الإقليدي، وتحليل العلاقات التي تسري بينها دون أدنى مناقشة فلسفية لمبادئ هذه الهندسة وأسسها.ولكن مع تطور الأبحاث والدراسات الهندسية والرياضية، وما أحدثته مسلمة التوازي من شكوك وسط الرياضيين، انتقل هؤلاء من مرحلة تقرير نظرياتهم إلى مرحلة النقد والمناقشة لمبادئ النسق الأقليدي وقوانينه، مكتشفين بذلك أوجه النقص فيها، فلقد تعرضت مسلماته إلى نقد وتشكيك من طرف اليونانيين أنفسهم وذلك لتضمنها وانطوائها على غموض، ولأن بعضها في نظرهم من الممكن أن تشتق من غيرها.
كما انتقد كذلك المنهج الأقليدي آنذاك على كونه يفترض قضايا هندسية لم تكن موضوعة بين البديهيات أوالمسلمات، وبالتالي لم تتم البرهنة على أنها مشتقة من غيرها.وتطورت هذه الانتقادات بتطور الأزمنة والعصور، وبتطور الأبحاث الابستمولوجية المعاصرة والتي أسقطت ثوب النموذج والمثال عن هذه الهندسة انطلاقا من المناقشة الفلسفية لمبادئها، وهو ما قصده بلانشيه حين قال:" ظهر أكثر فأكثر أن الهندسة الإقليدية إذا بقيت دهرا طويلا أكمل الأمثلة التي يمكن أن تقدم على النظرية الإستنتاجية، فإن الجهاز المنطقي الذي كان يدعمها لم يكن خاليا من العيوب "(1)،وتم استخراج هذه العيوب بدءا من المنطلقات التي ينطلق منها هذا النسق كالتالي
3. ظهور الأنساق اللإقليدية:
مع تطور الأبحاث واكتشاف نقائص وعيوب الجهاز الأقليدي، بما فيه حقيقة المسلمات نفسها ظهر ما يعرف بالهندسة اللاإقليدية والتي تعرف في الأساس على أنها " كل الأنظمة الهندسية التي تختلف عن النظام الهندسي الأقليدي وعبارة الهندسة اللاإقليدية"géomètre non- Euclidienne " هي من وضع الرياضي الألماني"جوس"(Gauss 1778-1855)ويقصد بالهندسات اللاإقليدية بصفة رئيسية هندسة لوباتشفسكي وبرنارد ريمان"(1)، إلا أنه سرعان ما توسع هذا التعريف ليشمل باقي الأنساق الهندسية التي ظهرت فيما بعد.
ويعتبر بروقلس) Proclusأول من حاول البرهنة على ضرورة عدم ظهور هذه المسلمة كمسلمة، لأنه من الممكن البرهنة عليها كنظرية كونها تنطوي على صعوبات، ومن هنا تصبح هذه المسلمة " مجرد فرض راجح الصدق ورجحان الصدق لا يكفي للإقناع في علم الهندسة، ولذلك لا مفر من البرهنة عليها "(2)، ولقد استمرت جهود البرهنة عليها وانتقلت إلى العالم الإسلامي -بعد ترجمة كتاب الأصول إلى اللغة العربية-حين حاول نصير الدين الطوسي البرهنة عليها، وسرعان ما انتقلت إلى العالم الأوروبي في بداية القرن 17م. وأشهر محاولة كانت لها أهمية كبيرة وأدت إلى نتائج غير متوقعة هي تلك التي قام بها الأب جيرولامو ساكيري عام 1733، فاستعمل البرهنة بالخلف لإثبات صحة المسلمة وهو مؤمن بصدقها مسبقا إلا أنه توصل أن النسق الذي أقامه على القضية التي افترضها والمخالفة للمسلمة كان خاليا من التناقض مما يترتب عليه إمكان قيام نظرية هندسية تخالف قضاياها قضايا الهندسة الإقليدية وخرج من ذلك بثلاث فروض مختلفة: فإما أن نسلم بأنه لا يوجد سوى مستقيم واحد مواز من نقطة خارج مستقيم، وإما أنه لا يوجد أي مستقيم مواز مطلقا، وإما أن توجد ما لانهاية من المستقيمات الموازية إلا أنه سرعان ما ألغى الفرضين الأخيرين واحتفظ بمسلمة التوازي وحدها.
ولعل محاولة الرياضي الروسي نيكولا لوباتشفسكي (N.Lobachevsky1743-1856م)، تعتبر أول عمل مطبوع ومؤسس في الهندسة اللاإقليدية، إذا أراد إثبات البرهان على المسلمة بواسطة البرهان بالخلف، فافترض أنه من نقطة خارج مستقيم يمكن رسم موازيين أو أكثر، وراح يستنتج ويبرهن، إلا أنه لم يصل إلى إثبات المسلمة الإقليدية بل توصل إلى نتائج مخالفة مثل أن مجموع زوايا المثلث أقل من 180°، وهذه النتائج المخالفة لا تؤدي إلى بطلان فرض الانطلاق ولا إلى تأكيد صحة المسلمة بل أنه بقي فقط -كما يقول الجابري-: " أن هناك مقدمات مختلفة أدت إلى نتائج مختلفة، وهو شيء طبيعي "(1)، إذ لم يحدث هناك أي تناقض داخلي في نظام لوباتشفسكي الجديد، ومن ثمة فإن مسلمة إقليدس هي مسلمة مستقلة تماما عن باقي المسلمات الأخرى، لأن إنكارها لم يحدث أي تناقض، عكس ما افترضه إقليدس ومن ثمة " فإن أي نظام يشيد على عكسها يمتلك نفس المقدار من المشروعية الذي يمتلكه النظام المشيد عليها هي نفسها... مما يجعل هندسة لوباتشفسكي تقف الند للند وهكذا وجدت نفسها أمام هندسات متعددة لا أمام هندسة واحدة "(2).
ثم سرعان ما ظهر نسق هندسي آخر على يد الألماني ريمان (Riemann1826-1866م)، فهذا الأخير تجاوز المسلمة الإقليدية واتخذ منطلقه مسلمة أخرى مخالفة لها تماما فافترض أنه من نقطة خارج مستقيم لا يمكن رسم أي مواز له وبالتالي فإن أي مستقيمين لابد أن يتقاطعا، وانطلاقا من هذا الفرض توصل ريمان إلى نتائج جديدة منها أن زوايا المثلث تساوي أكثر من 180°. ومما يجدر ذكره أن هذا النسق قد أقيم على تصور للمكان مناقض تماما لتصور إقليدس، فمكان ريمان مكان محدب، ومكان لوباتشفسكي هو مكان مقعر بينما مكان إقليدس فإن المكان مسطح ذو 3 أبعاد، وتوصل النسق الريماني بدوره إلى تأكيد صفة استقلال المسلمة الإقليدية عن باقي المسلمات تماما، وفكرة الاستقلال هذه هي من فتحت الباب واسعا لاستبدال هذه المسلمة بفروض أخرى إما أن تكون مختلفة عنها (مثل فرض لوباتشفسكي) أو مناقضة ونافية لها تماما (كما هو الشأن لفرض ريمان)، وبتعدد الفروض البديلة لها نقف أمام تعدد للأنساق الهندسية وهو تغيير جوهري في أسس الهندسة " غير مسبوق، ملئ باحتمالات أخرى للتغيير، ذلك لأنه نشأ سؤال جديد وهو هل يمكن إحداث تغيرات أخرى في أسس الهندسة بحيث تنشأ مزيد من الهندسات المنتظمة القضايا؟"(1).
صورة تمثل أنواع الأسطح الهندسية
فالباحث في خصائص الهندسات الثلاثة السابقة (الإقليدية، هندسة لوباتشفسكي، وهندسة ريمان) يجد أنها كلها هندسات تفترض إشكالية انتقال الأشكال الهندسية في العوالم الممكنة دون أن يحصل فيها أدنى انحراف أو تشويه لشكلها، وهو ما سهل قياس شكل على آخر مختلف عنه من خلال المطابقةCongruence،الاستدارة حول نقطة أو ساق rotation، المساواةégalité ، التحويل transfèration أو الانعكاس Réflexion...إلخ، ومن ثمة أصبحت تعرف الهندسات الثلاثة بأنها هندسات قياسية، مما فتح المجال لتساؤل حول إمكانية وجود هندسات لا قياسية، وهو ما حدث بالفعل إذ تم اكتشاف الهندسة الكيفية(*) التي تقوم على الكيف الشكلي أولا ثم الكم، وهندسة الوضع التي يتعادل فيها شكلان هندسيان بواسطة مستويين مستمر ومتواصل وبالتالي فإن إحلال فكرة التعادل بدل المساواة في هاتين الهندستين جعلاهما تنتميان إلى مجال الهندسة اللاقياسية.
وبتعدد هذه الهندسات المختلفة، بحيث أن لكل واحدة منها خواصها ومميزاتها ومجالات استخدامها مع استبعاد دائم لفكرة واقعية المكان، وبالتالي فمجرد القيام بتحويلات مناسبة للمسلمات أو البديهيات نحصل على عدد لا متناه من الأنساق الممكنة منطقيا وهنا وقف الرياضيون أمام سؤال هام مفاده " كيف نتمكن من تركيب هذه الأنساق؟ - أو بعبارة أخرى – أي هذه الأنساق أسبق من غيره أو أساسي أكثر من غيره"(1)، وهنا جاءت محاولة الرياضي الألماني كلاين( F.Klein 1849- 1925م) الذي كان أول من قدم اقتراحا بهذا الشأن عام 1872 وكان اقتراحه يقوم على أن كل هندسة (هـ) تتميز بعائلة واحدة من التحويلات (ت)، وتتعامل مع ما للأشكال الهندسية من خواص وعلاقات لا تتغير بتغير تلك التحويلات "(2).
أي أن كلاين قد صاغ مبدأ عاما مفاده " أن نصف الهندسة (هـ1) بأنها أساسية أكثر من الهندسة (هـ2)، إذا كانت العائلة (ت1) هي جزء أصلي من (ت2))" بحيث أن ت1 وت2 هي عائلة التحويلات للهندستين هـ1 وهـ2 ومن هنا نجد أن كلاين قد عرف الهندسة من خلال مجموعة من الخصائص الصورية: يكون فيها هذا التعريف شاملا لجميع الأنساق الهندسية المتعددة(3).
ومن هنا أصبح الهندسيون يتحدثون عن خواص هندسية دون أدنى اكتراث بانطباقها أو مطابقتها للواقع ومن هنا أصبحت الهندسة " علما بتلك الخواص الهندسية الممكنة لا علما بخواص لموجودات حقيقية "(
1) محمد فتحي عبد الله: مرجع سابق، ص 343.
2) كامل محمد عويضة، مرجع سابق، ص 93.
1) الجابري: مرجع سابق، ص 76.
2) المرجع نفسه، الصفحة نفسها
(1) ثابت الفندي: مرجع سابق، ص 59.
(*) وتسمى أيضا بالهندسة الاسقاطية projective تتصل فيها من شكل إلى آخر بالتحويل الاسقاطي.
(1) صلاح عثمان: مرجع سابق، ص 90.
(2) المرجع نفسه، ص ص 94-95.
(4) ثابت الفندي: مرجع سابق، ص 62.
4. التأثير الابستمولوجي لظهور الأنساق اللا إقليدية:
وانطلاقا من هذا التصور انقلبت المفاهيم الهندسية، فلم تعد الحقيقة الهندسية تعني المطابقة مع العالم الواقعي، بل انحصرت فقط في فكرة عدم التناقض بين قضايا النسق الهندسي الواحد، كون هذه الأخيرة تقوم على افتراضات لا علاقة لها بالواقع، وهذا التحول في فكرة الحقيقة الهندسية خصوصا والرياضية على العموم بل وحتى العلمية جعل أحد الرياضيين يعتبر عن هذا بقوله: " توجد في الهندسة حقيقة باطنة Vérité interne وحقيقة خارجةexterne، والحقيقة الباطنة هي أن كل هندسة تؤلف نسقا مقفلا على نفسه منسجم القضايا ولا تناقض بينها بحيث لا تتساءل حينئذ عن إمكان تطبيقها على الظواهر الخارجية [...]، ولكن إذا كان لابد أن نتساءل عن هذا السؤال الأخير فحينئذ تنشأ مسألة الحقيقة الخارجية التي يصح أن تضاف إلى هندسة ما، وتلك مسألة غير رياضية، وتتجاوز حدود الرياضة "(1).
وبالتالي فإن هذا التصور الجديد للحقيقة الهندسية ولطبيعة المكان نفسه يعتبر في نظر العديد من المفكرين طعنة نجلاء لنظرية كانط ونسقه الفلسفي القائم على حدس المكان، والتي – النظرية – سيطرت مدة طويلة على الفكر الرياضي والفلسفي، ومن هنا انزاحت فكرة واقعية المكان وكذا قبليته الكانطية، وأصبحت الهندسة تتحدث عن فكرة استقلال قضاياها من المكان أيما كان، فالحقيقة الهندسية لا تقاس بمدى صلتها بالمكان أو مطابقتها له، وإنما تقاس بميزان منطقي صرف هو عدم تناقضها فيما بينها مما أدى إلى نشأة عدة هندسات لاأقليدية تختلف باختلاف مسلماتها، ولم تعد تهم الرياضيين أية مجموعة من المسلمات الحقيقية بالمعنى السابق لها، وأيها أوضح من سابقتها بل أصبحت تعرف بمدى قدرتها على تحمل عبء البرهان دون أن تحدث تناقضا فيما بينها.
ولقد عبر أنشتاين ( A.Einstein1898-1955)(*) عن هذا التطور في الهندسة بقوله:" إن التقدم الذي حققته الهندسة البديهية يتمثل في التفرقة الواضحة بين الشكل المنطقي وبين المضمون الواقعي والحدس، والهدف الوحيد للرياضيات في الهندسة البرهانية هو الهدف المنطقي الشكلي "(2)، وانطلاقا من هذا التحول أصبحت قضايا الهندسة تتخذ صورة، إذا كانت البديهيات صحيحة كانت النظريات الصحيحة مع اعتبار أن العلاقات القائمة بينها علاقات تحليلية تتحقق صحتها بواسطة المنطق الاستنباطي.
ومن هنا أصبحت الرياضيات تنقسم إلى فرعين: رياضيات بحتة تهتم بعلاقة اللزوم الكائنة بين البديهيات والنظريات. وتطبيقية إلى تقرير ما توصلت إليه الرياضيات البحتة على عالم التجربة وهو ما قصده راسل في قوله:" نمو الهندسة الأقليدية وضح أن الرياضة البحتة لا شأن لها بما إذا كانت بديهيات ونظريات إقليدس صحيحة بالنسبة للمكان الفعلي أم لا، فهذا من شأن الرياضة التطبيقية أن تقرره كلما أمكن ذلك "(1).
ولقد عبر أحد الرياضيين وهو"بوفون"Buffon 1707-1788 )عما وصلت إليه الرياضيات قائلا:"أننا نفترض وتنظر في افتراضاتنا ونخلص لوازم فنستنتج: فتكون النتيجة أو اللازم الأخير قضية صادقة بالبنية إلى افتراضنا، لكن هذا الصدق ليس أكثر واقعية من الافتراض نفسه "(2)، ومن هنا تم " سلخ الصفة المشخصة – بتعبير غاستون باشلار – عن المفاهيم الأساسية وتنتج هذه الصفة المشخصة علاقات تقوم بين هذه المفاهيم "(3).
ولقد عبر روبير بلانشيه عن هذا التطور والتحول الجذري في الهندسة خصوصا والرياضيات على وجه العموم قائلا:إن التأثير الابستمولوجي لهذه النظريات الجديدة(*) تأثير كبير، فهي على وجه الخصوص قد ساهمت في تغيير موقع مركز الاهتمام في الهندسة النظرية، وذلك بنقله من المحتوى إلى البنية، وعن الصدق الخارجي في القضايا المنعزلة إلى الاتساق الداخلي للنسق كله [...] وعندئذ نرى انفصال وجهي الحقيقة الهندسية الدين بقيا حتى الآن مختلطين في اتحاد يثير الدهشة "(4)، وبالتالي فإن نمو الهندسة كان أحد الأسباب الرئيسية لتغير موضوع الرياضيات من دراسة الكائن الرياضي الذي يطابق الواقع إلى دراسة البينة وخصائصها وعلاقاتها المنطقية دون ربطها بالواقع، ومن هنا لم تعد الرياضيات، والهندسة على وجه الخصوص تجمع بين الحدس والعقل في موضوع واحد. وبتغير الموضوع تغير المنهج وأصبح عبارة عن مجموعة من الإجراءات والتحويلات التي تجري على تلك البنيات، كما سقطت صفة البداهة واليقين المطلق عن مبادئ النسق الاستنباطي،فلم تعد سوى مجموعة من الفروض التي يختارها الرياضي في نسقه ولهذا اعتبرها البعض مجرد مواضعات أو قضايا متفق عليها،وهنا ظهرت فكرة الملاءمة وأصبحنا نتحدث عن أي الهندسات أكثر ملاءمة،وهذا ما جعل الهندسة الإقليدية -في نظر بوانكاريه- أكثر ملاءمة لنا لأنها أكثر بساطة من جهة ولأنها من جهة ثانية تنطبق على خصائص الأجسام الصلبة الطبيعية.
ومن هنا أصبحت الحقيقة الرياضية حقيقة ملاءمة، مما كان له انعكاس كبير على الميدان الفلسفي، واستغلت بعض المذاهب الفلسفية هذه الحقيقة فيما ذهبت إليه من آراء مثلما نجده خاصة في الفلسفة البراغماتية النفعية، ومن هنا أصبحت الرياضة بذلك علما ذات منهج فرضي استنتاجي .
ولعل هذا التطور الذي عرفته الرياضيات، لم ينحصر فقط في ميدان العلوم الرياضية، بل تعداها إلى ميادين عديدة ومن بينها المنطق، هذا الأخير الذي يقوم على المنهج الاستنباطي ومبادئه، منذ أن أقامه أرسطو، إلا أن هذا المنطق التقليدي كان -على حد تعبير كارناب (Carnap)- عاجزا عجزا تاما عن استبقاء ما يتطلبه الدور الجديد الذي يجب أن يلعبه في الفكر من ثراء في الفكر ودقة صورية وفائدة تنتج عن طريقة استخدامه "(1).
فما بلغته الرياضيات من صورية تامة في مفاهيمها ومنهجها وابتعادها عن الواقع وحتى عن اللغة العادية واستبدالها باللغة الرمزية، جعل المناطقة يسعون إلى إقامة منطق جديد يتوافق مع هذه الرياضة، محاولين بذلك اصطناع منهج أشبه دقة بالمنهج الرياضي، ويجعل – المنطق الجديد – العلماء يتمكنون من حل كثير من المشكلات الرياضية، خاصة بعد ظهور الهندسات اللاأقليدية وهو ما عبر عنه دافيد هلبرت (D.Hilbert) (1862-1943)(*) في كتابه أسس المنطق الرياضي قائلا: " أن هناك باعثا قويا أدى إلى تطور المنطق الجديد، وكان ذلك الباعث ناتجا عن حاجة الرياضيات إلى أساس دقيق يقوم عليه، وإلى طريقة دقيقة منهجية تبحث فيها وتجلى ذلك في كتاب " سجل الصيغ الرياضية " الذي أخرجه بيانو ومعاونوه ابتداء 1884 والذي أوضحوا فيه ضرورة التعبير عن جميع المبادئ الرياضية في عبارات خاصة بالحساب المنطقي "(1).
1) المرجع نفسه ، ص 63.
(*) عالم فيزياء ألماني، صاحب نظرية النسبية.
2) انظر عن فيليب فرانك: فلسفة العلم، الصلة بين العلم والفلسفة، ترجمة: علي ناصف، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، لبنان، ط1، 1983، ص 18.
(1) برتراند راسل: مرجع سابق، ص 25.
(2) روبيربلانشيه: نظرية العلم، مصدر سابق، ص ص74-75.
(3) غاستون باشلار: مرجع سابق، ص ص 28-29.
(*)يقصد الهندسات اللاإقليدية.
(4) روبير بلانشيه: الأكسيوماتيك، مصدر سابق ، ص 111.
(1) انظر تارسكي: مرجع سابق، ص 06.
(*) دافيد هلبرت: عالم رياضة ومنطق ألماني أول من صاغ الهندسة الإقليدية صياغة أكسيومية من مؤلفاته أسس الهندسة 1899.
(1) انظر المرجع السابق، ص ص88-89.
5. نتائج المحاضرة
-انطواء العرض الأقليدي ومبادئه على بعض النقائص والعيوب أدى إلى قيام هندسات لاإقليدية مخالفة في مبادئها ونتائجها للهندسة الإقليدية.
- تجاوز جملة البديهيات الإقليدية المستوحاة من الواقع المادي وتعويضها بجملة من الفروض أو المواصفات المختارة
- قيام أنساق هندسية متعددة مشتقة منطقيا، تقوم على الصدق الصوري بين المسلمات والابتعاد تماما عن الواقع والمكان كونها تقوم على الفروض التي ينشؤها العقل لا الواقع.
- نسبية الحقيقة الهندسية والرياضية عموما، كونها تقوم على مبدأ عدم التناقض بين مسلمات كل هندسة، فهي تختلف من نسق إلى آخر.
- الهندسات اللاإقليدية قد فرقت بين الشكل أي الصورة المنطقية والمضمون الواقعي، فتفرعت الهندسة إلى هندسة رياضية بحتة وهندسة فيزيائية.
- قيام حركة تأسيس المسلمات لضبط شروط النسق الاستنتاجي الفرضي.
- انتقال العرض المصادرياتي القائم على صورية المسلمات إلى مجال المنطق الأرسطي، فظهر المنطق الرياضي وتعددت الأنساق المنطقية.
- تحوّل منهج الرياضيات خصوصا والعلوم الصورية بصفة عامة من المنهج اليقيني الاستنباطي إلى المنهج الفرضي الاستنتاجي وظهور الأكسيوماتيك .