2. الوسائل القانونية الحديثة(الخاصة) لحماية البيئة

تعدد مشاكل البيئة وتعقدها لاسيما إذا تعلق الأمر بالتلوث الذي يتميز بخطورته وتعقده وسرعة انتشاره وصعوبة إثباته أو إصلاح الضرر الناتج عنه باعتباره أكبر مهدد لحق الإنسان في الحياة وحقه في بيئة نظيفة، وقصد القضاء على هذا المهدد أو على الأقل التقليل منه لجأ المشرع الجزائري  إلى تبني أدوات وتقنيات حديثة تتمثل أساسا في دراسة الأثر البيئي، والجباية البيئة.

1-دراسة الأثر البيئي باعتبارها آلية وقائية لحماية البيئة:                    

يعد تقييم الأثر البيئي للمشروعات من أهم الآليات المتطورة والاستراتيجيات المستحدثة في المفاهيم البيئية، والتي تعتمد عليها الجهات الفاعلة في مجال حماية البيئة وتحسينها من خلال تحقيق التوازن والتجانس بين دعائم البيئة ومقتضيات التنمية من أجل الوصول إلى تحقيق التنمية المستدامة.

1-1-مفهوم دراسة الأثر البيئي: تتعدد التعريفات الفقهية والتشريعية لدراسة الأثر البيئي لكنها تتفق في كون أن هذه الأخيرة من المفاهيم المستحدثة في قانون البيئة، وآلية وقائية تقوم على واجب التنسيق بين التنمية والبيئة عند التخطيط التنموي للبيئة.

-التعريف الفقهي:

"تقييم التأثيرات البيئية هو إجراء دراسة لتوقعات الآثار أو المردود البيئي للمشاريع التنموية الضارة والمقيدة، المباشرة وغير المباشرة، ونتائجها واحتمال وقوع الأضرار على المجتمع في منطقة المشروع، أو المناطق المجاورة سواء كانت محلية، إقليمية، أو عالمية، وذلك من أجل معالجة أو تفادي هذه الأضرار والآثار".

- التعريف التشريعي: عرف المشرع الفرنسي دراسة الأثر البيئي من خلال قانون 2004-489 الصادر في 3 يونيو 2004 في المادة 121 فقرة1 بقوله: "الأعمال والمشروعات التي تتم بواسطة المؤسسات العامة والتي تحتاج إلى موافقة أو قرار، فيجب عليها احترام المردود البيئي وإعداد الدراسات السابقة للبناء أو التوسعات لتحديد تأثيرها على الوسط البيئي ومدى احتمال تعريضه للخطر". أما المشرع الجزائري فقد عرف دراسة الأثر البيئي من خلال العديد من النصوص القانونية نذكر منها:

* قانون 83-03: "تعتبر دراسة التأثير وسيلة أساسية للنهوض بحماية البيئة وأنها تهدف إلى معرفة وتقدير الانعكاسات المباشرة للمشاريع على التوازن البيئي وكذلك على إطار ونوعية معيشة السكان". * المرسوم التنفيذي 90-78 المتعلق بدراسة التأثير: "نظام دراسة التأثير هو إجراء قبلي تخضع إليه جميع أشغال وأعمال التهيئة والمنشآت الكبرى بسبب أهميتها وأبعادها وآثارها أن تلحق ضرار مباشر أو غير مباشر بالبيئة لاسيما الصحة العمومية والفلاحة والمساحات الطبيعية والحيوان والنباتات والمحافظة على الأماكن والآثار وحسن الجوار".

* قانون 03-10 المتعلق بحماية البيئة: "تخضع مسبقا وحسب الحالة لدراسة أو موجز التأثير على البيئة، مشاريع التنمية والهياكل والمنشآت الثابتة والمصانع والأعمال وبرامج البناء التي تؤثر بصفة مباشرة أو غير مباشرة فورا أو لاحقا على البيئة، لاسيما على الأنواع والموارد والأوساط والفضاءات الطبيعية والتوازنات الايكولوجية وكذلك نوعية وإطار المعيشة"

1-2-محتوي دراسة التأثير:

وفقا للمادة 06 من المرسوم التنفيذي 07-145 الذي يحدد مجال تطبيق ومحتوى وكيفيات المصادقة على دراسة التأثير وموجز التأثير على البيئة يتضمن محتوى التأثير على الأقل ما يلي:

- تقديم صاحب المشروع أو طالب الترخيص بإنجاز المشروع المزمع إنجازه.

- تقديم مكاتب الدراسات.

- تحليل البدائل المحتملة لمختلف الخيارات للمشروع وهذا بشرح وتأسيس الخيارات المعتمدة على المستوى الاقتصادي والتكنولوجي والبيئي.

- تحديد منطقة الدراسة.

- الوصف الدقيق للحالة الأصلية للموقع وبيئته لاسيما موارده الطبيعية وتنوعه البيولوجي وكذا الفضاءات البرية والبحرية أو المائية المحتمل تأثيرها بالمشروع.

- تقدير أصناف وكميات الرواسب والانبعاثات والأضرار التي قد تتولد خلال مختلف مراحل انجاز المشروع واستغلاله (لاسيما النفايات والحرارة والضجيج والإشعاع و الاهتزازات والروائح والدخان...)

- تقييم التأثيرات المتوقعة المباشرة وغير مباشرة على المدى القصير والمتوسط والطويل للمشروع على البيئة (الهواء، الماء، التربة والوسط البيولوجي والصحة...)

- الآثار المتراكمة التي يمكن أن تتولد خلال مختلف مراحل المشروع .

- وصف التدابير المزمع اتخاذها من طرف صاحب المشروع للقضاء على الضرار المترتبة على انجاز مختلف مراحل المشروع أو تقليصها و/ أو تعويضها.

- مخطط تسيير البيئة الذي يعتبر برنامج متابعة تدابير التخفيف و/أو التعويض المنفذة من قبل صاحب المشروع.

- الآثار المالية الممنوحة لتنفيذ التدابير الموصى بها.

ويتم إعداد الدراسة من طرف مكاتب الدراسات المعتمدة من طرف الوزير المكلف بالبيئة على نفقة صاحب المشروع

2-الجباية البيئية:

تعرف الجباية البيئة حسب منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية O.C.D.E)) أنها جملة من الإجراءات الجبائية التي يتسم وعاؤها (منتجات، خدمات، تجهيزات، انبعاثات) بكونه ذا تأثير سلبي على البيئة. ويهدف المشرع من خلال فرضه للجباية البيئية إلى تحسين وضعية البيئة مع اشتراط أن يكون هذا الإجراء مدون في نصوص قانونية، حيث أن مثل هذا الإجراء يولد تحفيزا اقتصاديا لتحسين البيئة والحد من التلوث أو إزالته

2-1-خصائص الجباية البيئية:

الخصائص التي تتميز بها الجباية البيئية جعلتها أداة تظهر فعاليتها كونها جباية موجهة ومتدخلة.

*الجباية البيئية جباية موجهة: الجباية بصفة عامة غير موجهة نظرا لكون اقتطاعاتها محصلة لصالح الخزينة العامة للدولة، غير أن الجباية البيئية اقتطاعات نقدية تفرض على الأشخاص لقاء ما قاموا به من نشاطات ملوثة للبيئة، وبخصوص حصيلتها لفائدة الصندوق الوطني لإزالة التلوث والصناديق المتعلقة بحماية البيئة.

*الجباية البيئية جباية متدخلة: تقتضي حماية البيئة تدخل المشرع من خلال فرض بعض الجبايات ردعا أو تحفيزا لتوجيه النشاط الاقتصادي والاجتماعي نحو ما يضمن حماية مستدامة للبيئة بزيادة عبء الضريبة أو إنقاصها

2-3-أنواع الجباية البيئية:

تتخذ الجباية البيئية شكل :

    • Ø     الرسوم الردعية:

الجباية البيئة المفروضة على الأنشطة الملوثة تتمثل في الرسوم البيئية وهي:

* الرسوم المفروضة على الانبعاثات الملوثة: وتتمثل هذه الرسوم فيما يلي:

- الرسم على الأنشطة الملوثة والخطرة على البيئة

-الرسم التكميلي على التلوث الجوي بفعل المنشأة المصنفة

*الرسوم المفروضة على المنتوجات:  وتتمثل هذه الرسوم فيما يلي:

-الرسم على الأكياس البلاستيكية

- الرسم على الزيوت والشحوم المصنعة محليًا أو المستوردة

*الرسوم المفروضة لحماية جودة الحق في الحياة: وسوف نذكر منها: الرسم التحفيزي للتشجيع على عدم تخزين النفايات الصناعية الخاصة أو الخطرة:

    • Ø     الرسوم التحفيزية: ومنها: الرسم التحفيزي المتعلق بتخفيض الضغط على الساحل
    • Ø     لإعانات البيئية:

         هي نوع من المساعدة المالية المقدمة من طرف الصناديق المكرسة في قانون المالية كالهبات أو القروض الميسرة، تحفز المتسبب في التلوث من أجل تغيير سلوكياته الملوثة والتصالح مع البيئة بجعلها صديقة للبيئة، أو تقدم للمؤسسات التي تواجه صعوبات للالتزام بالمعايير المفروضة. تهدف هذه الصناديق لحماية البيئة من خلال رفع معدلات الوقاية التي يجب مراعاتها من قبل مستغلي المنشآت عن طريق ربط مساهماتها في تمويل الصندوق حسب المعايير.

    • الإعفاء البيئي:

     هو تنازل الدولة عن حقها في قيمة الرسوم والضرائب المستحقة على الاستثمارات التي تساهم في دفع عجلة التنمية الاقتصادية بالموازنة مع مقتضيات حماية البيئة. والإعفاء قد يكون كلي أو جزئي كأن يتم إعفاء مؤسسة  في الخمس سنوات الأولى من بداية ممارسة نشاطها لتحفيزها وتعويضها عن اكتساب تكنولوجيات صديقة للبيئة