1. الوسائل القانونية التقليدية لحماية البيئة

تعمل الآليات القانونية التقليدية لحماية البيئة على توفير حماية استباقية للبيئة من خلال تقييد حرية الأفراد ونشاطتهم خاصة الخطرة منها ومن هذه الآليات نذكر:

1-نظام الترخيص:

يعتبر الترخيص الإداري من الأساليب الأكثر استعمالا من طرف السلطات الإدارية لحماية البيئة في نطاق ممارستها للضبط الإداري البيئي.

1-1-تعريف الترخيص الإداري:

الترخيص الإداري هو قرار صادر من الإدارة المختصة مضمونه السماح لأحد الأشخاص بمزاولة نشاط معين، ولا يمكن بأي حال من الأحوال ممارسة هذا النشاط إلا بموجب إذن صريح وارد في الترخيص. ويمنح الترخيص إذا توفرت الشروط اللازمة التي يحددها القانون لمنحه.

والترخيص الإداري إما أن يكون لممارسة نشاط غير محظور أصلا لكن مقتضيات حفظ النظام العام وحماية البيئة تقتضيه كالترخيص بإنشاء المنشآت المصنفة الملوثة للبيئة، وإما أن يكون الترخيص بممارسة نشاط محظور كالترخيص بتصريف المياه الصناعية والصحية، الترخيص بحيازة المواد المخدرة.

1-2-تطبيقات نظام الترخيص في مجال حماية البيئة:

تضمن القانون الجزائري هذه الآلية في الكثير من المجالات نذكر منها:

*رخصة البناء وعلاقتها بحماية البيئة:

تعتبر رخصة البناء من أهم إجراءات الضبطية الوقائية التي تتمتع بها الإدارة لوضع حد لمختلف التجاوزات المرتكبة ضد البيئة، سواء ما تعلق منها بحماية الوسط الطبيعي والأراضي الفلاحية الخصبة من غزو الإسمنت لها، أو التحول العشوائي لمساحات كبيرة منها إلى أراضي بناء.

ويمكن تعريف رخصة البناء بأنها '' التصرف السابق للبناء الذي تقرر بموجبه السلطة الإدارية أن أعمال البناء التي ستتم تحترم الضروريات القانونية والتنظيمية في مجال العمران. ''

وقد أكد المشرع من خلال القانون الجديد رقم 04/05 المتعلق بالتهيئة والتعمير  على ضرورة الحصول على رخصة البناء من طرف الهيئات المختصة قبل الشروع في انجاز بناء جديد أو إجراء تعديل عليه أو ترميم للبناء مع ضرورة استفاء الشروط والوثائق التي يتطلبها الحصول على رخصة البناء وهي:

*طلب رخصة البناء موقع عليها من المالك أو موكله أو مستأجر لديه المرخص له قانونا أو الهيئة أو المصلحة المخصصة لها قطعة الأرض أو البناية.

*تصميم للموقع.

*مخطط كتلة البناءات والتهيئة.

*مستندات رخصة التجزئة بالنسبة للبنايات المبرمجة على قطعة تدخل ضمن أرض مجزأة لغرض السكن أو لغرض آخر.

*مذكرة ترفق بالرسوم البيانية الترشيدية وتتضمن بيان لوسائل العمل وطاقة استقبال كل محل، وكذا طريقة بناء الهياكل بالكهرباء والغاز والتدفئة...

*قرار الوالي المرخص بإنشاء أو توسيع مؤسسات صناعية وتجارية مصنفة في فئة المؤسسات الخطيرة وغير الصحية والمزعجة.

*دراسة مدي التأثير.

*رخصة استغلال المنشآت المصنفة:

   عرف المشرع الجزائري في قانون البيئة المنشآت المصنفة بأنها '' المصانع والورشات والمشاغل ومقالع الحجارة والمناجم، وبصفة عامة المنشآت التي يستغلها أو يملكها كل شخص طبيعي أو معنوي عمومي أو خاص والتي قد تتسبب في أخطار على الصحة العامة والنظافة والأمن، الفلاحة والأنظمة البيئية والموارد الطبيعية والمواقع والمعالم والمناظر السياحية أو قد تتسبب في المساس براحة الجوار''

     والأكثر من ذلك فقد ذهب المشرع الجزائري إلى تعريف المؤسسة المصنفة بأنها: "مجموعة منظمة الإقامة والتي تتضمن منشأة واحدة أو عدة منشآت مصنفة تخضع لمسؤولية شخص طبيعي أو معنوي خاضع للقانون العام أو الخاص، يحوز المؤسسة والمنشآت التي تتكون منها أو يستغلها أو أوكل استغلالها إلى شخص آخر"

وقد قسم المشرع الجزائري المؤسسات أو المنشآت المصنفة حسب المرسوم التنفيذي 08/198 إلى4 فئات وهي:

الفئة الأولي: تتضمن على الأقل منشأة خاضعة لرخصة وزارية.

الفئة الثانية: تتضمن على الأقل منشأة خاضعة لرخصة الوالي المختص إقليميا.

الفئة الثالثة: تتضمن على الأقل منشأة خاضعة لرخصة المجلس الشعبي البلدي المختص إقليميا.

الفئة الرابعة: تتضمن على الأقل منشأة خاضعة لنظام التصريح لدي رئس المجلس الشعبي البلدي المختص إقليميا

ملف طلب رخصة استغلال المؤسسات المصنفة الخاضعة للترخيص:

تمنح رخصة استغلال المؤسىسة المصنفة إثر الإجراء المتضمن المراحل التالية:

*يسبق كل طلب رخصة استغلال مؤسسة مصنفة مايلي:

- دراسة التأثير وموجز التأثير على البيئة مصادق عليها حسب الشروط المعمول بها.

-دراسة الخطر مصادق عليها.

-إجراء تحقيق عمومي.

*المرحلة الأولية: تكون بإيداع الطلب مرفقا بالوثائق التالية: 

- اسم صاحب المشروع ولقبه وعنوانه إذا تعلق الأمر بشخص طبيعي، التسمية أو اسم الشركة والشكل القانوني، وعنوان مقر الشركة، وكذا صفة موقع الطالب إذا تعلق الأمر بشخص معنوي.

- طبيعة وحجم النشطات التي اقترح صاحب المشروع ممارستها، وكذا فئة أو فئات قائمة المنشآت المصنفة التي تصنف المؤسسة ضمنها.

- مناهج التصنيع التي ينفذها والمواد التي يستعملها و المنتوجات التي يصنعها. و عند الاقتضاء يمكن صاحب المشروع أن يقدم المعلومات في نسخة واحدة، وفي ظروف منفصلة إذا اعتقد أن ذلك قد يؤدي إلى إفشاء أسرار الصنع. 

-     تحديد موقع المؤسسة المراد انجازها في خريطة يتراوح مقياسها بين 25000/1 و 50000/1.

-     مخطط وضعية مقياسه 25000/1 على الأقل بجوار المؤسسة إلى غاية مسافة تساوي على الأقل عشر (1/10) مساحة التعليق المحددة في قائمة المنشآت المصنفة دون أن تقل عن مائة (100) متر، تحدد على هذا المخطط جميع البيانات مع تخصيصها وطرق السكة الحديدية والطرق العمومية، ونقاط الماء وقنواته وسواقيه.

- مخطط إجمالي مقياسه 200/1 على الأقل يبين الإجراءات التي تزمع المؤسسة المصنفة القيام بها إلى غاية خمسة وثلاثين مترا على الأقل من المؤسسة، تخصيص البنايات والأراضي المجاورة، وكذا رسم شبكات الطرق المختلفة الموجودة .

*المرحلة الثانية: لا يستطيع صاحب المشروع أن يشرع في أشغال البناء للمنشأة إلا بعد الحصول على مقرر الموافقة ، حيث تمنح اللجنة المكلفة بمراقبة المنشأة المصنفة مقرر الموافقة المسبقة على أساس ملف الطلب في أجل لا يتعدى 3 أشهر ابتداء من تاريخ إيداع الملف .تمنح اللجنة فيما بعد وعند إتمام فحص الطلب رخصة استغلال المنشأة لمنحها الموافقة على الإنشاء، يجب أن يتضمن هذا المقرر مجموع الأحكام الناتجة عن دراسة ملف طلب رخصة الاستغلال بعد الحصول على الموافقة المسبقة لإنشاء المنشأة يشرع المستغل في تنفيذيها.

*المرحلة الثالثة: تسليم الرخصة باستغلال المنشأة المصنفة: بعد قيام صاحب المشروع بتشييد المنشأة بناءا على مقرر الموافقة المسبقة، تقوم اللجنة المكلفة بالرقابة على المنشآت المصنفة بزيارتها بغرض التحقق من مدى مطابقتها للوثائق المدرجة في ملف الطلب، ثم تقوم اللجنة بإعداد قرار رخصة استغلال المنشأة المصنفة من طرف اللجنة وإرسالها إلى السلطة المختصة والمؤهلة للتوقيع(22)، إما الوزير المكلف بالبيئة إذا كانت المنشأة من الصنف الأول، وإلى الوالي المختص إقليميا إذا كانت المنشأة من الفئة الثانية، وإلى رئيس المجلس الشعبي البلدي إذا كانت المنشأة المصنفة من الصنف الثالث.

- ملف طلب إنشاء منشأة مصنفة خاضعة للتصريح:

*المرحلة الأولى: يتطلب إنشاء منشأة مصنفة من الفئة الرابعة إرسال طلب الحصول على تصريح باستغلالها إلى رئيس المجلس الشعبي البلدي المختص إقليميا قبل 60 يوما على الأقل، ويجب أن يتضمن هذا الطلب ما يلي:

البيانات: اسم المستغل ولقبه وعنوانه إذا تعلق الأمر بشخص طبيعي،التسمية أو اسم الشركة والشكل القانوني وعنوان مقرها، وكذا صفة موقع التصريح إذا تعلق الأمر بشخص معنوي، طبيعة النشاطات التي اقترح المصرح ممارستها وحجمها، فئة أو فئات قائمة المنشآت المصنفة التي يجب أن تصنف المؤسسة ضمنها.

 الوثائق المرفقة: مخطط وضعية يظهر موقع المؤسسات والمنشآت المصنفة، مخطط الكتلة يظهر مجالات الإنتاج أو تخزين المواد، تقرير عن مناهج الصنع التي سينفذها صاحب المشروع والمواد التي يستعملها لاسيما المواد الخطيرة التي من المحتمل أن تكون بحوزته، وكذا المواد التي سيصنعها بحيث يقيّم سلبيات المؤسسة، تقرير عن طريقة وشروط إعادة استعمال وتصفية وتفريغ المياه، القدرة والانبعاث من كل نوع، وكذا إزالة النفايات وبقايا الاستغلال.

*المرحلة الثانية : ما يمكن قوله في هذا الإطار أنه لرئيس المجلس الشعبي البلدي الرد على المصرح بقبوله للتصريح بعد دراسته للملف، وفي هذه الحالة يمكن للمصرح الشروع في مزاولة نشاطه، أما في حالة الرد بالرفض وجب أن يكون رفضه مبررا ومصادق عليه من طرف اللجنة الولائية للمنشآت المصنفة ليبلغ بعد ذلك المصرح بها.

2-نظام الحظر والإلزام:

2-1-تعريف الحظر:

يقصد بالحظر بصفة عامة المنع الكامل أو الجزئي لنشاط معين من أنشطة الأفراد أو الجماعات الخاصة من جانب سلطة الضبط استثناء بهدف حماية النظام العام من التصرفات الخطرة والضارة بالبيئة.

والحظر قد يكون مطلقا أو قد يكون نسبيا:

*الحظر المطلق: يتمثل في منع الإتيان بأفعال معينة لمالها من آثار ضارة بالبيئة منعا باتا تاما لا استثناء فيه ولا ترخيص بشأنه.(27)

*الحظر النسبي: يتجسد في منع القيام بأعمال معينة -يمكن أن تصيب البيئة أو أحد عناصرها بالضرر- ولا يسمح بهذه الأعمال إلا بعد الحصول على إذن أو إجازة من قبل السلطات الإدارية المختصة وفق الشروط والضوابط التي تحددها القوانين والأنظمة والتعليمات

2-1-1-تطبيقات نظام الحظر في مجال حماية البيئة:

لقد أكد المشرع الجزائري على هذه الآلية القانونية الوقائية لحماية البيئة في العديد من المجالات منها:

*في مجال حماية المياه والأوساط المائية:

مقتضيات حماية المياه والأوساط المائية العذبة تمنع كل صب، أو طرح للمياه المستعملة، أو رمي للنفايات أيا كانت طبيعتها في المياه المخصصة لإعادة تزويد طبقات المياه الجوفية وفي الآبار والحفر وسراديب جذب المياه .

*في مجال تسيير النفايات ومراقبتها وإزالتها:

أكد المشرع الجزائري على أنه يحظر استعمال المنتوجات المرسكلة التي يحتمل أن تشكل خطر على الأشخاص في صناعة المغلفات المخصصة لاحتواء  مواد غذائية مباشرة، أو في صناعة الأشياء المخصصة للأطفال يحظر تصدير وعبور النفايات الخاصة الخطرة نحو البلدان التي تمنع استيرادها ونحو البلدان التي لم تمنع هذا الاستيراد في غياب مواقيتها الخاصة والمكتوبة.

2-2-تعريف الإلزام:

يقصد بهذا الإجراء الضبطي في مجال حماية البيئة إلزام الأفراد أو الأشخاص (أصحاب المنشآت) بالقيام بعمل إيجابي معين لمنع تلويث عناصر البيئة، أو حمايتها، أو إلزام من يتسبب بخطئه في تلويث البيئة بإزالة أثر التلوث وإعادة الحال إلى ما كان عليه إن أمكن ذلك.

2-2-1-تطبيقات نظام الإلزام في مجال حماية البيئة:

يظهر تأكيد المشرع الجزائري على هذه الآلية في المجالات الآتي ذكرها:

*في مجال المنشآت المصنفة:

تخضع المنشآت المصنفة حسب أهميتها وحسب الأخطار أو المضار التي تنجر عن استغلالها، لترخيص من الوزير المكلف بالبيئة والوزير المعني وعندما تكون هذه الرخصة منصوص عليها في التشريع المعمول به ، ومن الوالي أو رئيس المجلس الشعبي البلدي، وتخضع لتصريح لدي رئيس المجلس الشعبي البلدي المعني المنشآت التي لا يتطلب إقامتها دراسة تأثير ولا موجز التأثير .

وألزم المشرع كل مستغل لمنشأة مصنفة خاضعة لترخيص بتعيين مندوب للبيئة.

*في مجال حماية الهواء والجو:

مقتضيات حماية الهواء والجو يلزم بها المشرع عندما تكون الانبعاثات الملوثة للجو تشكل تهديدا للأشخاص والبيئة أو الأملاك  يتعين على المتسببين فيها اتخاذ التدابير الضرورية لإزالتها أو تقليصها، ويجب على الوحدات الصناعية اتخاذ كل التدابير اللازمة لتقليص أو الكف عن استعمال المواد المتسببة في إفقار طبقة الأوزون

أن يتعرف الطالب على الوسائل القانونية الوقائية التي توفر حماية للبيئة من خلال استخدامه