2. التوافق


لم يعد التوافق مفهوما أساسيا لعلم النفس بصورة عامة، بل أصبح من المفاهيم الأساسية للصحة النفسية والبعد الأساسي الذي يفرض نفسه على الصحة النفسية.  حيث يشير مفهوم التوافق لغة إلى الاتفاق، ومعنى الاتفاق من الناحية اللغوية مطابقة فعل الإنسان القدر خيرا أو شراً  

في حين يشير المصطلح العلمي للتوافق " إلى علاقة منسجمة نسبيا بين الأفراد والجماعات  

ومن الناحية الاصطلاحية تعرض الكثير من الباحثين لموضوع التوافق حيث يعرف:  

-       عبد الحميد محمد الشاذلي: " بأنه حالة يتم فيها إشباع حاجات الفرد من جهة، ومطالب البيئة من جهة أخرى إشباعا تاما، وهو يعني الاتساق بين الفرد والهدف أو البيئة الاجتماعية".  

-       أما في تعريف مصطفى عشوي: " فإن التوافق عبارة عن عملية يقوم بها الفرد أثناءها بجهد حسب ما يتطلبه الموقف للتغلب على مختلف العوائق – التي تم التطرق لها – لتحقيق الرغبات، وإشباع الحاجات، إذ يؤدي ذلك إلى تحقيق حالة من الرضا النفسي العام".  

-       ويرى احمد عزت راجح أن :" التوافق حالة من التواؤم والانسجام بين الفرد ونفسه وبينه وبين بيئته، تبدو في قدرته على إرضاء أغلب حاجاته وتصرفاه تصرفا مرضيا إزاء مطالب البيئة المادية والاجتماعية. ويتضمن التوافق قدرة الفرد على تغيير سلوكه وعاداته عندما يواجه موقفا جديدا أو مشكلة مادية أو اجتماعية أو خلقية أو صراعا نفسيا..." .  

-       ويذكر أيزنك ( Eysenk):" أن التوافق علاقة انسجام الشخص مع البيئة المادية والاجتماعية".  

وعليه ومن خلال جملة التعاريف السابقة يعد التوافق عملية توائم وانسجام بين الفرد وبيئته وتحقيق اشباعات ذاته الداخلية، والرضا عن النفس .

يعمل الفرد دائما على تحقيق التوافق ويلجا ذلك إلى أساليب مباشرة وغير مباشرة.

-       والواقع أن موضوع التوافق بالنسبة للكائن البشري يتكون من جانبين:

أ‌.       الجانب الأول الداخلي، ويتعلق بالتكوين العضوي والنفسي للفرد ككل.

ب‌.    الجانب الثاني الخارجي، ويتعلق بالعوامل التي تتكون منها البيئة التي يعيش فيها الفرد.

-       وكل جانب من هذين الجانبين يحتوي على مجموعة من العناصر  ELEMENTS  المؤثرة في عملية التوافق الإنساني.  ومنه فالتوافق عملية ديناميكية تتناول السلوك والبيئة الاجتماعية بالتعديل ليحدث التوازن بين الفرد والبيئة

إن التوافق السليم هو مدى قدرة الإنسان على مواجهة هذه المشكلات وحلها أو تقبلها والحياة معها إذا ما الحياة إلا سلسلة من عمليات التوافق، فلا تخلو لحظة من حياتنا من عملية التوافق ، وبإمكاننا إن نقول: ما من سلوك يصدر عن الإنسان إلا وهو نوع من التكيف فإن نحج الإنسان في التكيف لبيئته العادية والاجتماعية قيل : إنه متوافق، فإن أخفق في ذلك فهو سيء التوافق.

       ولتسهيل عملية الفهم لطبيعة التوافق يمكننا وصف التوافق وتحليلها بالشكل الأتي:

الشكل التخطيطي يوضح لنا إن الإنسان يسلك سلوك مدفوعا  بدافع معين نحو الهدف الذي يشبع هذا الدافع إلا العقبة تعترضه، فإنه بهذا قد يقوم بأفعال أو استجابات مختلفة، حتى يجد أنه باستجابة معينة، يتغلب على هذه العقبة، ويصل إلى هدفه ويشبع حاجاته ... وهكذا التوافق يرجع إلى استمرار وجود الدافع، فإذا وجد عائق يحول دون الإشباع المباشر فإن الكائن يقوم بعدة استجابات مختلفة ليزيل التوتر، ويشبع حاجاته.