الإعلام الرياضي و التنشئة الإجتماعية في المجال الرياضي :

التنشئة الاجتماعية هي طرق تقديم سلوكات فردية اختيارية ومعها جزاءات ايجابية و سلبية تؤدي إلى قبول البعض و نبذ البعض الآخر ، فهو تأكيد لتأثير الجماعات الرسمية و غير الرسمية في شخصية الفرد (1)، كما يعرفها ويرين جونسون(1974) أنها عملية التطبيع الإجتماعي و هي عملية تعلم تمكن المتعلم من آداء أدوار اجتماعية معينة (2).

فالتنشئة الإجتماعية هي نقل للحاجات و المطالب الحضارية بأساليب معينة لتحقيق نتاج معين من الشخصية هي عملية دينامية تتضمن التفاعل و التغيير ، وأيضا هي عملية معقدة تستهدف مهام كبيرة وتتصل بأساليب ووسائل متعددة لتحقيق ما تهدف إليه هي أيضا عملية نقل للقوى الحضارية الخارجية الموضوعية لتكون قوى فردية داخلية شخصية (3).

ومن خلال التعريفات السابقة نستطيع أن نستخلص أن التنشئة الإجتماعية عملية مستمرة مدى الحياة مع اختلاف في الدرجة فتعلم أفكار جديدة ومعايير جديدة و اكتساب انفعالات جديدة لا يتوقف مع فترة معينة أو مع نهاية فترة الدراسة و لكن هذا التعلم يستمر مع الإنسان طوال حياته ولا شك أن هناك أدوار جديدة يكتسبها الإنسان و يترتب عليها أنواع جديدة من السلوك تتناسب و طبيعة العصر الذي يعيش فيه هذا الإنسان و أبرز صفة يمكن أن يوصف بها هذا العصر أنع عصر الإعلام و مع التقدم التكنولوجي الهائل تضاعفت فعالية و أثر هذا الإعلام ، و الإعلام بما يملكه من امكانيات تكنولوجية متطورة يمكنه أن يقوم بدور التنشئة الإجتماعية من خلال الإخبار والتحسيس والتوعية و الإبلاغ بالأخطار و المشاكل الإجتماعية المحدقة بالمجتمع و الترفيه و التخفيف من المشاكل و الصعوبات التي يواجهها الشباب و المجتمع ككل في حياتهم اليومية ، و الإعلام الرياض بكافة وسائله هو أفضل وسائل الإتصال بالجمهور ،فهو علم يخاطب عقولهم و حقائق تحرك فيهم أسمى معاني الإنسانية و لذلك فأن تأثيره يكون أقوى و أعمق إذا عرفنا كيف نستخدم أسلوبه بطريقة فعالة و قادرة ، و الإعلام الرياضي يعمل على إيجاد رأي عام يوجه بطريق أو بآخر نحو التمسك بآراء واتجاهات اجتماعية معينة و التخلي عن آراء و اتجاهات اجتماعية أخرى.فهو يقوم بدور ثنائي فمن ناحية يتضمن عملية الضبط الإجتماعي و من ناحية أخرى فإنه يوفر الجو المناسب لإحداث التغيير الإجتماعي السلس المنسجم أي أنه يسعى دائما إلى التبشير بالقيم الرياضية التي تسود المجتمع ومعتقداته كما أنه سباق إلى إحداث التغيير الثقافي و في تكوين الثقافات حين ينشر و يشرح و يفسر ويعلق على الأفكار و الأراء (1).و لهذا نرى الإعلام الرياصي يمتد لكي يصل إلى كل زاوية من زوايا حياة المجتمع و أفراده لتشكل مصدرا رئيسيا في ملء وقت الفراغ و التسلية و تقديم معلومات رياضية ، كما يفسر الظواهر الرياضية في المجتمع الرياضي و التي تساهم في تكوين واقع رياضي جديد ، كما أن الإعلام الرياضي جزء من حركة المجتمع ككل تنعكس فيه طبيعته كما يؤثر و يتأثر بالنظم الإجتماعية و السياسية و الإقتصادية الموجودة داخل المجتمع ، وله تأثيرات هامة على الأفراد والمؤسسات الرياضية تجعل منه قوة اجتماعية حقيقية ، و يتفق العديد من الباحثين أن الأثر الأكبر للإعلام الرياضي هو تعديل المواقف أكثر من تفسيرها و يعمل على تعزيز و إعادة تثبيت القيم والمفاهيم و الأنماط السلوكية الرياضية(2) .

لقد نال الإعلام الرياضي اهتماما بالغا من طرف الباحثين في المجال الإعلامي عامة و الإعلام الرياضي خاصة نتيجة للإنتشار الكبير له و كذلك نتيجة للتوسع في استخدام أحدث الأساليب التكنولوجية المعاصرة و بالتالي ازدياد حجم دوره في المجتمع الرياضي ، فمثلا العلاقة بين الناشئين (الأطفال) و الإعلام الرياضي كانت و لا تزال محور الكثير من الدراسات التي ظهرت جراء ما تخلفه أجهزة الإعلام من آثار عليهم ، وتعد نظرية التعلم الاجتماعي للأمريكي ألبرت باندورا من أفضل الدراسات التي تفسر هذه العلاقة و الآثار التي تنجم عن العملية الإعلامية اتجاه الناشئين.

 

 

 

 

 

 

 



(1) – دافيد ماكميلان(ترجمة عبد الهادي جوهر و محمد سعيد فرج) : مجتمع الإنجاز-الدوافع الإنسانية للتنمية الإقتصادية- ، مكتبة نهضة الشرق، القاهرة،1980،ص 05

(2) – سيد احمد عثمان : علم النفس الإجتماعي التربوي( التطبيع الإجتماعي )، الجزء الأول، مكتبة الأنجلومصرية،القاهرة ،1980،ص 19.

(3) – لويس كامل مليكة : سيكولوجية الجماعات و القيادة، جزء2، الهيئة المصرية العامة للكتاب ،1989،ص 124.

(1) – نوربرت ميلر و آخرون(ترجمة أمين أنور الخولي): اللعب النظيف للجميع، سلسلة الفكر العربي في ت.ب.ر ، ط5، دار الفكر العربي ، القاهرة ،1994، ص 425.

(2) – عبد الله النوبي : الإعلام و التنمية الوطنية في دولة الإمارات العربية ، مطابع مؤسسة الإتحاد للصحافة و النشر و التوزيع ، أبو ضبي، 1981، ص 13.