2. مجال علم الاجتماع الثقافي

2.3. المنظومة الاقتصادية

وهي التي تهدف إلى تجسيد الأهداف، وتحقيق العناصر المادية للثقافة، فمن جهة يعمل الاقتصاد على تحسين الثقافة الاجتماعية للشعوب وتطوير دورها الإنساني خصوصا عندما تكون معتمدة على أسس سليمة ومستقلة، ومن جهة ثانية بإمكان الثقافة أن تشكل رافعة قوية للاندماج الاجتماعي للأفراد أو المجتمعات . من هنا كان العمل الثقافي من أهم الأعمال في المجتمع، فهو يمثّل الأساس الذي ترتكز عليه بقية الأعمال، ويوعز التخلف الاقتصادي في كثير من الأحيان إلى نمط الثقافة التي تسود المجتمع من حيث أنها المنبع الذي ينمي الاقتصاد، والعولمة الاقتصادية التي تمثل الثقافة الغربية الليبرالية وتتخذ من الاقتصاد وسيلة لتحقيق أهدافها وغرس قيمها مثال واضح على مدى أهمية المنظومة الاقتصادية وتأثيرها في بقية المنظومات، و على الرغم من أن دور الثقافة في التقدم الاقتصادي ليس موضع شكوك، إلا أن فهم وتفسير هذا الدور في إطار يشمل عوامل ومؤثرات أخرى وعزل تأثير دور الثقافة هو أمر يمثل تحديا، فالثقافة لا تتحرك بمعزل عن عوامل أخرى، فهي حين تؤثر على سلوك الناس، هي دائما جزء من مزيج أوسع، هذا المزيج يضم السياسات الحكومية، والقيادات الشخصية، والتغيير التقني أو الاقتصادي... الخ. وليس من السهل تحديد ما إذا كانت الثقافة ، أو عامل آخر ضمن هذا المزيج ، هو السبب وراء نتيجة معينة. من المؤكد أن الثقافة تحرك الاقتصاد أو تجعله جامدا وتوجهه أينما شاءت. ففكرتنا عن العالم ومعتقداتنا وتوجهاتنا ،تحدد لنا العمل المباح والعمل المحرم، فعدم دوران عجلة الانتاج وعدم رواج المنتجات الوطنية وعدم نهوض الاقتصاد الوطني بشكل عام يعود الى أن الثقافة الوطنية ترفض ذلك، ولا تثق ولا تقبل الانخراط في المشاريع الاقتصادية الوطنية التي لا تستند الى خلفية ومرجعية ثقافية وطنية، وهذا ما تشير إليه دراسات في الثقافات الفرعية المتعلقة بالاقتصاد ،كثقافة المستهلك، والثقافة المهنية وغيرها. بالمقابل نجد تأثير مضاد للنمط الاقتصادي على ثقافة المجتمع ،حيث يولد التعامل مع معطيات اقتصادية جديدة أنماطا ثقافية وثقافات فرعية لم تكن موجودة ،لكن يجب أن نسطر بأن هذا التأثير له وقع مختلف من ثقافة لأخرى، ذلك أن الثقافة تستقبل هذه الأنماط الاقتصادية ،وتفسرها وتتعامل معها وفق معطياتها الخاصة، مهما كانت محاولاتنا للتحكم في هذه العمليات.