موضوع علم الاجتماع الثقافي

الموقع: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
المقرر: موضوعات علم الاجتماع الثقافي
كتاب: موضوع علم الاجتماع الثقافي
طبع بواسطة: Visiteur anonyme
التاريخ: Thursday، 16 May 2024، 5:10 AM

الوصف

الاهداف الاجرائية :

- أن يميز الطالب علم الاجتماع الثقافي عن باقي العلوم الاجتماعية الأخرى.

- أن يميز الطالب مجالات علم الاجتماع الثقافي عن مجالات خارجه.

1. نشأة علم الاجتماع الثقافي

هو أحد فروع علم الاجتماع العام، يدرس الممارسات الثقافية، أي العلاقة بين البنى المعرفية أو الفكرية أو الثقافية أو الدينية في علاقتهابالأطرالاجتماعية، أي أن هناك علاقة جدلية بين الثقافة والايديولوجيا.- البناء الفوقي وبين الواقع المادي الاجتماعي والبناء التحتي. 

وهناك من يرى أنه يجب تحليل طبيعة العلاقة الموجودة بين أنماط الانتاج الفكري ومعطيات البنية الاجتماعية ، ومن رواد هذا الفرع الفريد فيبر الذي يرجع إليه الفضل في إنشاء فرع جديد من فروع علم الاجتماع يدرس الثقافة، أطلق عليه علم الاجتماع الثقافي .

ونظرا للأهمية التي احتلتها نظرية الفريد فيبر في ميدان تطوير علم الاجتماع الثقافي فقد حللها عدد من علماء الاجتماع وعلقوا عليها، وفي مقدمتهم بوتومور الذي ناقش موضوع التفرقة بين الحضارة والثقافة مركزا في ذلك على أعمال فيبر، على أساس أنه يعتبر من أبرز الذين قدموا تفرقة واضحة في هذا المجال ، فلقد ميز بين ثلاث عمليات في التاريخ الانساني هي : العملية الاجتماعية ، الحضارة والثقافة ، ويقول بوتمور بأن فيبر قد استخدم مصطلح الحضارة للإشارة إلى المعرفة العلمية والفنية ومدى سيطرتها على الموارد الطبيعية ، بينما استخدم مصطلح الثقافة للإشارة الى النتاج الفني والديني والفلسفي للمجتمع، ثم حاول بوتومور أن يقدم لنا تعريفين متسقين لمصطلحي الثقافة والحضارة مع ما يتسمان به من عمومية على حد تعبيره ، فالثقافة هي '' المظاهر الفكرية للحياة الاجتماعية'' وهي بذلك تتميز عن العلاقات الواقعية وأشكال العلاقات المختلفة التي تنشأ بين الأفراد ، فالثقافة إذن هي المظاهر الفكرية لمجتمع معين، ويمكننا أن نقر بالتفرقة التي حددها فيبر للتمييز بين الثقافة والحضارة وذلك كأساس للتمييز بين الجوانب المادية وغير المادية.

وظهور علم الاجتماع الثقافي جاء نتيجة لحاجة ملحة لدراسة علاقة البناء الاجتماعي بالثقافة ، خاصة بعد ظهور الدراسات الأنثربولوجية المعنية بالثقافة في ذاتها ، وبعد انتشار دراسات الانثربولوجية الاجتماعية .

2. مجال علم الاجتماع الثقافي

يهتم علم الاجتماع الثقافي بدراسة العمليات '' السوسيو – ثقافية '' كالتنافس والصراع والتفاعل الاجتماعي، وعلاقتها بالبناء الثقافي ودورها في إحداث تكامل ثقافي أو تمايز ثقافي في المجتمع، كما يهتم بدراسة دور الشخصية الفردية والاجتماعية في البناء الثقافي وتأثيرها أو تأثرها بالبناء الاجتماعي والثقافي السائدين في المجتمع. وآليات التبادل والتعاون والتطابق والالزام والصراع هي عمليات تجري في الحقل الثقافي فعلا ، لكنها لا تحصر على الاطلاق خارج منظومة معرفية نضفي عليها المعنى والجدوى وبالتالي تختلف الاستجابات حولها بين منظومـــــة وأخرى .

حيث أن داخل كل منظومة شبكة مرجعية تلعب فيها القيم والمعتقدات الدينية ، بالإضافة إلى العادات والأعراف والتقاليد فضلا عن التراث الشعبي ، دورا وظيفيا وبنيويا في تفعيل عملية التفاعل الثقافي وجعله أكثر دينامية ، وبخاصة مع تنامي الابعاد الرمزية للثقافة ووظائفها الظاهرة والمضمرة وتنوعها ، بل تسرب هذه الأبعاد إلى مناح عديدة من العلاقات المعاشة التي يمارسها الفاعل الاجتماعي دون إدراك أو وعي في كثير من الأحيان. ولذلك فإننا نرى أنه من الأنسب التعامل مع الثقافة كمنظومة وعلى فهمها وممارستها منظوميا، ونعتقد أن المجتمع تسوده أربعة منظومات رئيسية تتمثل فيما يلـــي:

2.1. منظومة الأفكار والقيم والمعتقدات

وهي التي تنتج بقية المنظومات، ولا يقتصر مفهوم الأفكار على الجانب المعنوي منها، فالأفكار هي أولا وقبل كل شيء الطبيعة أو البيئة التي نعيش فيها، فلا يمكن إعطاء اسم للون غير موجود، فوجود اللون هو ما يوجد اسمه، وهذا يعني أن الفرد لا يخلق هذه الأفكار، وإنما يعيد ترتيبها وتسميتها بعد أن يكتشف أهميتها والأسرار المودعة فيها، ومن هنا فإن المقصود بالأفكار، ناتج تفاعل العقل مع محيطه ، أما القيم كما يراها علماء الاجتماع، فهي مقياس أو معيار، للانتقاء بين بدائل وممكنات اجتماعية متاحة أمام الشخص في الموقف الاجتماعي، ويعني المعيار وجود مقياس يضاهي به الأفراد فعالية الأشياء ودورها في تحقيق مصالحهم، أما الانتقاء فيكون عملية معرفية عقلية يقوم بها الشخص ليوازن بين الأشياء ومدى نفعها لشخصه، إلا أن عملية الانتقاء أيضا محكومة بشروط وظروف اجتماعية ، ويكون مفهوم البدائل هو مجموعة الوسائل والأهداف التي تتجه نحو حاجاتهم المتعددة والمتنوعة. وفي رأي فرويد " إن الأفكار أوهام تخدعنا بها الرغبة الإنسانية لتصل إلى هدفها، وتعرية الأوهام من صبغة الحق التي يلصقها بها العقل المخدوع هي واجب العلم ، كما أن نتاجات العقل عنده هي تبريرات خلقها الإنسان المتمدن لمعارضة دفع الرغبة الجارف وذلك استنادا إلى طبيعة الإنسان الحيوانية. " (عبد الله العروي، مفهوم الإيديولوجيا، ص 42). وحتى يتأتى للمجتمع تأدية وظيفته بشكل سليم يعمل أفراده على التوافق على قيم معينة وترتيبها، وهذا ما يشكل هوية الجماعة ووحدتها . وتلعب المعتقدات الدور الأساسي في هذه المنظومة ، ذلك لأنها العنصر المتميز بالثبات والتأثير الدائم على الاتجاهات والميول، وهي عادات العقل الفكرية، التي تدلّ على الصواب والخطأ، وهي حاكمة على القيم المولّدة لسلوك الإنسان، وبالتالي فإن المعتقدات يمكنها التسلط ليس فقط على فكر الإنسان، وإنما على مشاعره وسلوكه أيضاً ، فقد تتغير الأفكار والقيم كونها عمليات مرتبطة بحالة الإنسان الظرفية، لكن المعتقدات نادرا ما يمسها التغيير كونها عناصر مفروضة على الإنسان من محيطه عكس العناصر الثقافية الأخرى التي يكتسبها إراديا، وبعبارة أدق يمكن القول أن المعتقدات تسيطر على الفرد بينما يسيطر هو على العناصر الأخرى لهويته وثقافته، فبحسب المعتقد يضع الناس نظرتهم للحياة ويبنون منهج أفكارهم وتصوراتهم وتفسيراتهم، فأن تمحو من عقل إنسان معتقد بسيط ، يتطلب محو سلسلة من البناءات الفكرية المستغرقة في ماضيه، ويقول الدكتور أحمد بن نعمان أن " الدين هو أهم عنصر يشكل المقومات الأساسية للمجتمع، وهو الذي يولد النظم الثقافية السائدة في المجتمـــع إذ لا يوجد شيء ألصق بالثقافة من الدين. " (أحمد بن نعمان، هذي هي الثقافة ، ص 127). كما أن التراث الشعبي يلتصق بحياة الأفراد وسلوكياتهم في المحيط الاجتماعي ضمن البيئة الواحدة، كما يلتصق بحياة الإنسانية في شكلها العام عبر الزمان والمكان، ويكشف نفسية الناس من خلال العلاقات الاجتماعية وتناقضاتها المرتبطة بمصالح الأفراد.( أحمد بن نعمان، نفسية الشعب الجزائري، ص 95). على أن هذا التراث هو عرضة للتغير والزوال مع مرور الزمن ،عكس المعتقدات.

2.2. المنظومة التربوية والتعليمية

وهي التي تقوم بتربية وإنتاج العناصر غير المادية للثقافة من أعراف وعادات وتقاليد وقيم وأخلاق، وهي العناصر السلوكية التي يمارسها الفرد خلال حياته اليومية ، وندين لمدرسة الثقافة والشخصية لتوضيحها أهمية التربية في عملية التميّز الثقافي." فالتربية ضرورية للإنسان وحاسمة بالنسبة له لأن الكائن البشري لا يملك عمليا أي برنامج وراثي يوجه سلوكه، والبيولوجيون أنفسهم يقولون إن البرنامج "الوراثي" الوحيد للإنسان هو برنامج التقليد والتعلم، وبالتالي فإن الفروق الثقافية بين الجماعات البشرية تفسر في جزء كبير منها بالمنظومات المختلفة للتربية . " (محمد حسن غامري، المدخل الثقافي في دراسة الشخصية، ص49). ويرى بعض العلماء أنه " لا يمكن تفسير الشخصية الفردية بخواصها البيولوجية (كالجنس على سبيل المثال) بل بـ " النموذج" الثقافي الخاص بمجتمع معين يحدد تربية الطفل بدءا من اللحظات الأولى يتشبع الفرد بهذا النموذج عن طريق منظومة من المحرضات والممنوعات المصاغة بشكل صريح أو غير صريح، تقوده بعد أن يصبح راشدا، للتقيد بشكل لا واع بالمبادئ الأساسية للثقافة، هذه العملية هي التي سماها الأنثروبولوجيون بالتثقيف الداخلي أو التثاقف *enculturation.

وبما أن بنية الشخصية الراشدة تنتج عن نقل الثقافة عبر التربية فستتكيف من حيث المبدأ مع نموذج هذه الشخصية، والشذوذ النفسي الموجود والظاهر المعالم في أي مجتمع لا يمكن تفسيره بالطريقة نفسها وليس بشكل مطلق(شامل) إنما بشكل نسبي باعتباره [أي الشذوذ] نتيجة لعدم تكيف الفرد المسمى ب"الشاذ" مع التوجه الجوهري لثقافته (شعب الأرابش أناني وعدواني، وشعب الموندوغور هو شعب لطيف وغيري)، بالتالي هناك علاقة بين النموذج الثقافي ومنهج التربية ونمط الشخصية المهيمن. (محمد حسن غامري، المدخل الثقافي في دراسة الشخصية، ص44). إن التعليم المؤسسي ذو أهمية بالغة في بلورة ثقافة المجتمع، فهو الذي يعطيها صبغتها ومميزاتها عن الثقافات الأخرى، من حيث أنه يزود أفراد المجتمع بطرق التفكير والتعامل مع مشكلاتهم التي يواجهونها في حياتهم اليومية أو في مستقبلهم، فتصير هذه الطرق مثل البرنامج الذي يسطر به الأفراد أهدافهم وتوجهاتهم ،والسبل الكفيلة لتحقيقها، وأحسن دليل على ذلك ،هو التخصصات الجامعية التي تخلق في طلابها، نمطا محددا من التفكير و التوجهات، التي سيصطبغون بها في حياتهم بعد التخرج.

2.3. المنظومة الاقتصادية

وهي التي تهدف إلى تجسيد الأهداف، وتحقيق العناصر المادية للثقافة، فمن جهة يعمل الاقتصاد على تحسين الثقافة الاجتماعية للشعوب وتطوير دورها الإنساني خصوصا عندما تكون معتمدة على أسس سليمة ومستقلة، ومن جهة ثانية بإمكان الثقافة أن تشكل رافعة قوية للاندماج الاجتماعي للأفراد أو المجتمعات . من هنا كان العمل الثقافي من أهم الأعمال في المجتمع، فهو يمثّل الأساس الذي ترتكز عليه بقية الأعمال، ويوعز التخلف الاقتصادي في كثير من الأحيان إلى نمط الثقافة التي تسود المجتمع من حيث أنها المنبع الذي ينمي الاقتصاد، والعولمة الاقتصادية التي تمثل الثقافة الغربية الليبرالية وتتخذ من الاقتصاد وسيلة لتحقيق أهدافها وغرس قيمها مثال واضح على مدى أهمية المنظومة الاقتصادية وتأثيرها في بقية المنظومات، و على الرغم من أن دور الثقافة في التقدم الاقتصادي ليس موضع شكوك، إلا أن فهم وتفسير هذا الدور في إطار يشمل عوامل ومؤثرات أخرى وعزل تأثير دور الثقافة هو أمر يمثل تحديا، فالثقافة لا تتحرك بمعزل عن عوامل أخرى، فهي حين تؤثر على سلوك الناس، هي دائما جزء من مزيج أوسع، هذا المزيج يضم السياسات الحكومية، والقيادات الشخصية، والتغيير التقني أو الاقتصادي... الخ. وليس من السهل تحديد ما إذا كانت الثقافة ، أو عامل آخر ضمن هذا المزيج ، هو السبب وراء نتيجة معينة. من المؤكد أن الثقافة تحرك الاقتصاد أو تجعله جامدا وتوجهه أينما شاءت. ففكرتنا عن العالم ومعتقداتنا وتوجهاتنا ،تحدد لنا العمل المباح والعمل المحرم، فعدم دوران عجلة الانتاج وعدم رواج المنتجات الوطنية وعدم نهوض الاقتصاد الوطني بشكل عام يعود الى أن الثقافة الوطنية ترفض ذلك، ولا تثق ولا تقبل الانخراط في المشاريع الاقتصادية الوطنية التي لا تستند الى خلفية ومرجعية ثقافية وطنية، وهذا ما تشير إليه دراسات في الثقافات الفرعية المتعلقة بالاقتصاد ،كثقافة المستهلك، والثقافة المهنية وغيرها. بالمقابل نجد تأثير مضاد للنمط الاقتصادي على ثقافة المجتمع ،حيث يولد التعامل مع معطيات اقتصادية جديدة أنماطا ثقافية وثقافات فرعية لم تكن موجودة ،لكن يجب أن نسطر بأن هذا التأثير له وقع مختلف من ثقافة لأخرى، ذلك أن الثقافة تستقبل هذه الأنماط الاقتصادية ،وتفسرها وتتعامل معها وفق معطياتها الخاصة، مهما كانت محاولاتنا للتحكم في هذه العمليات.

2.4. المنظومة السياسية

وهي التي تهدف إلى تسطير أهداف وتوجهات بقية المنظومات وتقدم القواعد المستقرة التي تحكم تصرفات الأفراد داخل النظام السياسي، وبذلك فهي تنصب على المثل والمعايير السياسية التي يلتزم بها أعضاء المجتمع ، والتي تحدد الإطار الذي يحدث التصرف السياسي في نطاقه، أي أن ما يسود المجتمع من قيم ومعتقدات يحدد السلوك السياسي لأعضائه حكاما ومحكومين. ونظرا لأن الأمم المعاصرة تشهد تعددية في نماذج القيم التي توجه المواقف و السلوكيات السياسية، فقد ازداد اهتمام علماء الاجتماع بمختلف الثقافات الثانوية السياسية الموجودة في كنف المجتمع، هذه التعددية التي تولد الخلافات والصراعات داخل المجتمع الواحد إن لم تخضع للثقافة الأم إن صح التعبير.

3. خلاصة

ومن خلال مقاربتنا لمفهوم الثقافة ووظيفتها، نلاحظ أن بعض السمات الثقافية تتوزع على المنظومات الأربعة لكنها تتخذ في كل منظومة شكل متطور عن نظيرتها في الأخرى، من حيث إنتاجها ومنتوجها، فاللغة مثلا في منظومة القيم والأفكار هي نتيجة الرغبة في التعامل مع المحيط ،أما في المنظومة التربوية والتعليمية فنجدها تعمل على نقل وحفظ الأفكار والقيم، أما في المنظومة السياسية فهي وسيلة توجيه لبلوغ أهداف محددة، أمافي المنظومة الاقتصادية فهي تمثل جزء من رأس المال البشري الذي يزداد وينمو بالممارسة والاستعمال

وتشير إحدى النظريات إلى "أن بقاء اللغة مرهون بما يُتداول فيها من إبداع وابتكار علمي وتقاني وثقافي. " ( دوني كوش، مفهوم الثقافة فـي العلــوم الاجتماعـــية، ص99)، وينبع تركيزنا على اللغة في المنظومة السياسية، كونها أداة التواصل التي من شأنها جمع أفراد المجتمع ،وإقناعهم بتبني مشروع الدولة الذي يتوافق عليه الجميع ،ويسعون لتحقيقه، فخطاب الشرعية الثورية ، والقومية العربية، استنفذ وقوده في ظل العولمة، حيث اكتشفت الشعوب ما يجمعها ، وما يفرقها، ولم تعد ترضى بالولاء الأعمى ،في ظل الخيارات الموجودة أمامها، والتي أحدثت خلافات حولها ، وصرنا نلحظ هذه الخلافات في كنف الأسرة وكل المؤسسات والطبقات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، كما يحدث في مصر الثورة، وكما يحدث في الجزائر مع اختلاف في الشدة والأبعاد. من هنا وجب وضع قواعد حوار بناء تتفق عليها المؤسسات الفاعلة في الحقل السياسي ،قواعد تبلور مشروع المجتمع، و تسطر ما هو مباح وما هو واجب ،وتمنع وتحارب ما هو خيانة وتعدي على هذا المشروع ، وينبني المشروع بآليات علمية تقوم بتشريح واقع المجتمع في مختلف المجالات بواسطة مراكز الدراسات والمراصد الاجتماعية وغيرها، التي تقدم النتائج والاقتراحات للعمل بها في شتى الميادين. إن اكتشاف أسلوب الثقافة في التخلي عن عناصرها، وأسلوبها في اكتساب عناصر جديدة، وتوليد قيم جديدة ودوافع جديدة، هو من الأدوار الرئيسية للباحث الاجتماعي وعلم الاجتماع الثقافي من أجل خدمة مصالح المؤسسات الاقتصادية والإدارية التي تقود المجتمع

: ملاحظــــــة

لا شك أن المجتمع هو نتاج ثقافته السائدة وقد ورثها عن الأجيال السابقة ولا يمكنه التنصل منها وسيظل محكوما بهذا العقل الثقافي الذي لم يكن له دور في تكوينه ، ما لم تحصل ثورة فكرية تنقل الثقافة من الجمود إلى الحركة ومن الدوران الأفقي إلى الصعود الدائم ولا يمكن أن تتحقق نهضة الفكر إلا بالحراك الثقافي القائم على تكافؤ فرص التعبير لكل الاتجاهات والتفاعل بين الرؤى، وتعبئة الأفراد والمجتمع بالأفكار والاهتمامات البانية وبالمعارف والمهارات الطارئة ، ومن المفكرين من يرى أن كل فرد وكل جيل يجد نفسه في بيئة ثقافية ليست من اختياره وإنما هو يتقولب بها كنتاج حتمي لا سبيل إلى تجاوزه فيمتص تلقائيا لغة قومه ويتشبع بكل ما تحمله اللغة من تصورات رديئة أو جيدة، صحيحة أو خرافية ومع ذلك يرى فيها ذاته فيستميت في تأكيد هذه القوالب وفي الدفاع عنها، وبهذه الرؤية تصبح الأمم محكومة بقوالبها الثقافية

ومن هنا كان من الاهمية بما كان إخضاع علم الاجتماع الثقافي للمناقشة والتحليل في الوقت الراهن.، خاصة في اهتمامه الأول والأساسي بدراسة الثقافة ، إضافة إلى دراسة المعرفة والفن والدين والأدب والأخلاق والقيم، وحديثا أصبح يعني بعلاقة الثقافة بالسينما والدراما، وعلاقة الثقافة بوسائل الاتصال ومدى ارتباط ذلك بالبناء الاجتماعي، ومن ثم ظهرت فروع عديدة من علم الاجتماع الثقافي ، كعلم اجتماع الثقافة والشخصية، وعلم اجتماع القيم ، وعلم اجتماع الدين، وعلم اجتماع المعرفة وعلم اجتماع الفن، وعلم اجتماع الأدب ، وعلم اجتماع السينما، وعلم اجتماع الدراما، وعلم اجتماع الاتصال، وكل من تلك الفروع يرتبط بالفرع الرئيسي من العلم وهو علم الاجتماع الثقافي في بعض المحاور الأساسية ، ويختلف عنه في استغراقه في تحليل محور دراسته الفرعية